الفنانة التشكيلية اللبنانية ناتالي جبيلي: الألوان تجري في عروقي

08:08 صباحًا الأربعاء 24 أبريل 2013
غنى حليق

غنى حليق

كاتبة وصحفية من لبنان

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

حبها للفن والرسم رافقها وأسرها منذ طفولتها، فكانت تمارسه وتتلقى جرعات منه كلما سمحت لها الفرصة عبر دورات خاصة، إذ تعرّفت من خلالها على مختلف الفنون التشكيلية. تخصصت في علم النفس العيادي ، واتخذت مهنة تعليم اللغة الفرنسية مهنتها ، وبالرغم من ذلك لم تستطع التحرر والابتعاد عن سجن الريشة واللّون وسحرهما، فعادت اليهما بقوة وغاصت هذه المرة في أعماقهما واحترفت قواعد الإبحار وركوب أمواجهما، ووصلت معهما إلى شاطيء الفن والابداع والقلق الدائم بحثاًعن كل جديد اخآذ. انها الفنانة التشكيلية ناتالي جبيلي التي تعرض أعمالها منذ أكثر من عشر سنوات في أبرز صالات العرض اللبنانية والعربية.التقينا جبيلي أثر معرضها الأخير ، وتحدثنا معها عن هواجسها الفنية وكان هذا الحوار:

منْ هي الفنانة ناتالي جبيلي، عرّفينا عن نفسك أكثر؟

أنا فنانة تشكيلية درست علم النفس العيادي” psychology clinic” وتخصصت فيه، وأدرّس حاليا مادة اللغة الفرنسية في أحدى المدارس، ولكن حبي للفن والرسم بالذات دفعني بمعدما أنهيت دراستي الأكاديمية إلى الاهتمام بالفن، فدرست في محترف “الشرق للفن” الذي يديره ويشرف عليه الاستاذ والفنان برنار رنّو. بداية درست مختلف أنواع الفنون من تصميم أزياء وغيرها وجربت كل مجالاتها، إلا أنني وجدت نفسي مؤخراً مع الفن التشكيلي لأن معه يستطيع الفنان أن يبدع ويعطي أكثر.

لماذا لم تتخصصي منذ البداية في مجال الفن التشكيلي، وهل صحيح أن على الفنان التشكيلي دائماً أن يمتهن مهنة أخرى كي يكفي متطلباته وحاجات فنه؟

أوافقك الرأي، هذا المفهوم أو وجهة النظر كانت ومازلت موجودة إلى حد ما حتى اليوم، إلا انها بدأت تتغير شيئاً فشيئاً وبات اهتمام الناس بالفنون عامة وبالفن التشكيلي خاصة يزداد، وباتوا يقدّرون هذا الفن العريق ويتابعونه. الفن التشكيلي هواية مكلفة على جميع الأصعدة، ان من حيث المواد أو إيجار صالات العرض، وما يشجعني على الاستمرار هو اقبال الناس وتقديرهم للاعمال الفنية التي أقدمها ، اللبناني بطبعه ذواق ويحب الفن ويقدره ويتابع كل جديد على صعيده، وحتى لو لم يستطع اقتناء اللوحات الفنية .

ماذا تخبرينا عن مسيرتك الفنية؟

منذ طفولتي وأنا أحب الفن على أنواعه، إذ كنت امارس هواياتي هذه عبر متابعة دورات خاصة في الرسم على الحرير وتنسيق الأزهار… وحتى فن “البالية جاز”، ولما أنهيت دراستي الأكاديمية وتخرجت، وجدت نفسي أحن إلى الريشة واللون والفن التشكيلي بشكل خاص، فتوجهت إلى معهد الشرق للفن وتمرّست على يديّ الاستاذ رنّون فقد كنت أشعر بالحاجة للتمكن من هذا الفن ودراسة جميع قواعده، كي أصقل موهبتي وأنطلق من أسس متينة.

كم عمرك الفني؟

بدأت ممارسة الفن التشكيلي وعرض أعمالي منذ العشر سنوات، ورغم هذه السنوات القليلة أجد نفسي أكتسب خبرة بالعمل توازي مسافة زمنية كبيرة، إذ مشاركاتي في المعارض الفنية الكثيفة، ولقائي الدائم مع النقاد والجمهور والاهتمام بآرائهم البناءة كانا يدفعاني لتطوير نفسي وبذل أقصى ما بوسعي للبحث والتجديد .

ماذا عن أسلوبك الفني؟

ككل فنان تشكيلي، في بداية مسيرتي الفنية أختبرت مختلف الأساليب والتقنيات وتمرست فيها ، من الرسم بقلم الرصاص، والفحم ، والألوان المائية …وصولاً إلى الرسم بمادة الاكريليك والزيت. درست جميع الأساليب بطريقة معمقة، ومع مرور الوقت أكتشفت أسلوبي الخاص والذي يعرف بـ”النيو كلاسيك”، أنا لست فنانة تجريدية ولا انطباعية ، علماً أنني استمتع بمشاهدة هذين الفنين ، إلا أنني لا أشعر بالميل لممارسة أحدهما، فأنا لا أحب التقيد برسم التفاصيل الدقيقة كالاسلوب الكلاسيكي، كما أحب أن تكون لوحتي مقروءة من قبل الجمهور خلافاً للأعمال التجريدية.

هل تتّبعين تقنيات معينة في أعمالك؟

أرتاح للعمل بمادة الاكريليك لان معها يمكنني التحكم بكثافة اللون وتدرجاته وانهاء العمل بسرعة أكبر، اعتدت على هذه المادة واكتسبت فيها خبرة تضاهي خبرتي بالعمل بالألوان الزيتيه وأجوائها. تقنيّتي بالرسم تتأرجح ما بين الليونة والانسيابية في التلوين وما بين استعمال الضربات اللونية القوية والعنيفة التي تترك أثراً لدى المشاهد، لا أحب استعمال الألوان المتعددة في اللوحة الواحدة، وأميل إلى أن تكون لوحتي ذات تدرج لوني ثنائي أو ثلاثي لا أكثر ، أميل إلى التناقض والغرابة في التأليف اللوني وأستعمل اللون الأحمر والأبيض والاسود بجرأة .

كيف تختارين موضوعات لوحاتك؟

أستوحيها من المحيط والبيئة التي أعيش فيها، كما أستلهمها من قراءاتي، فكر الفنان وعينة تسرقا المشاهد والأفكار التي تمر أمامه، فهو أينما توجه يحفظ المشاهد المحيطة به ويخزّنها ليستحضرها لاحقاً في أعماله. بالنسبة لي تشدني مشاهد الطبيعة التي تتداخل فيها الماء، كما تشدني القصص التاريخية الواقعية القديمة، ولذلك أغلب رسوماتي تتناول الرموز “الفينيقية” ومشاهد الطبيعة البحرية التي تحضر فيها المراكب والاشرعة بقوة . أنا أحب لبنان ومرتبطة بجذوره كثيراً ، وأشعر بالحاجة الدائمة لرسم أشياء ترمز لثقافته وتاريخه وطبيعته.

إلى أي مدى تؤثر بيئة الفنان على توجهاته الفنية ؟

الإنسان إبن بيئته ، والفنان بشكل خاص يتأثر بالبيئة التي تربى فيها أكثر من غيره. بالنسبة لي بيئتي تحضر في أغلب لوحاتي من مشاهد الازهار المنتشرة على طرقات مديني إلى مشاهد البيوت اللبنانية القديمة في منطقة الجميزة في بيروت والمتداخلة مع الابنية الحديثة، إلى أشكال الأشجار المتعددة فيها … أنا أعيش في المدينة وأتأثر بكل ما فيها وأرسمه بشغف.

ماذا عن القراءات الأدبية ؟

القراءات الأدبية توسع خيال الفنان وتغذي أفكاره ، في الماضي كنت أقرأ كثيراً ، وهذا ما ولّد لدي مخزون كبير من الصور والأفكار، ولكن اليوم وبسبب مهنتي وهوايتي لم يعد باستطاعتي ايجاد الوقت الكافي للقراءة .

أيّ نوع من الكتب تفضلين؟

القصص الواقعية والروايات التاريخية .

بمَنْ تأثرت ناتالي فنياً؟

في الواقع أنا اضطلعت على ثقافات فنية متعددة ، وقرأت عن فنانين عالميين كثر وتأثرت بمعظمهم، ولكن بقي أسلوبي حراً غير مطبوع بأسلوبهم أو نسخة عنه. ما أثر بي في حياة هؤلاء الفنانين الكبار هو قصص حياتهم، والمأساة التي عاشها أغلبهم ، من دالي إلى بيكاسو إلى فان غوغ ألخ …. لا أحد منهم عاش حياة طبيعية .

ألم تتأثري بأستاذك برنار رنوّ؟

في الحقيقة لم أتاثر بأسلوبه بقدر ما تأثرت بضربة ريشته ، وجرأته ونفسيته الطامحة والمتحررة . علمني الجرأة والاندفاع والتفكير على مستوى كبير ومتقدم كي أتقدم وأصل . وأنا اليوم بدوري أعلّم تلاميذي في محترفي بنفس الأسلوب .

ماذا تخبرينا عن محترفك؟

منذ سنوات فتحت محترفي أمام الأولاد من عمر أربع سنوات وحتى عمر ستة عشرة سنة، وبدأت تعليمهم الرسم على أنواعه في جو مليء بالحب والفرح.

إلى أين تريد ناتالي جبيلي الوصول مع الرسم والتعليم؟

بالواقع، في بداية مسيرتي لم أكن أسعى لأكون رسامة محترفة ، ولكن مع مرور الوقت شعرت بأن الناس بدأت تتابعني، وأن أعمالي تلقى استحسانهم فتشجعت وشعرت بحافز يدفعني للإحتراف أكثر فأكثر . بت اشعر بالقلق يرافقني دائما نحو الرسم والفن والابداع ، وأصبحت في بحث دائم عن التجديد والاستمرارية. اليوم أنا أطمح للتوسع والانتشار والعرض خارج لبنان لأعيد صورة لبنان الثقافية الحقيقية التي شوّهتها الحرب. كما أطمح لتنظيم معرض فردي خاص .  الفن بات هاجسي الأول، أشعر أنني أتنفس الألوان ، وأنها تجري في عروقي ، لا احب الابتعاد عن هذا المتنفس والهواية وأحب أن أذهب معها إلى أبعد الحدود.

إلى ماذا تطمحين ؟

أطمح لأن يبرز أسمي أكثر وأصبح مشهورة ومتفرغة للرسم والفن فقط ، لأن في التفرغ ابداعا .

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات