أوبرا (لابوهيم) للموسيقار بوتشيني: عودة لأجواء ميلانو

08:30 صباحًا الأحد 12 مايو 2013
فاطمة الزهراء حسن

فاطمة الزهراء حسن

مخرجة تليفزيونية، وكاتبة من مصر، مستشار شبكة أخبار المستقبل (آسيا إن)

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

 

 الموسيقار الإيطالي (جاكومو بوتشيني) Giacomo Puccini

يبدو أن الحياة الصاخبة التي عاشها الموسيقار الإيطالي الأشهر(جاكومو بوتشيني) Giacomo Puccini في مدينة (ميلانو ) دارسا بالكونسرفتوار قد انعكست على اختياره لأوبرا( لابوهيم ) LA BOHEME  ليضع لها الموسيقى حيث كانت الأجواء البوهيمية مسيطرة على الحياة وقتئذ, فقدم واحدة من أروع الأعمال الدرامية الموسيقية ..

لم يقتنع بوتشيني 1858-1924 كعادته بالصيغة الشعرية للعمل مباشرة ,إذ تدخل بالإضافة والحذف على النص الدرامي الذي كتبه الشاعر الفرنسي هنري مورجر Heneri Murger, لذا تعتبر أوبرا  لابوهيم  واحدة من أكثر أوبرات العالم التي اختلفت فيها تماما روح الصياغة الشعرية عن نص القصة الأصلي , مما جعل بوتشيني وفريق من الشعراء: وهم (إليكا, جياكوزا , ريكوردي)  يعملون على إعادة الصياغة الشعرية لمدة عامين حتى اقتنع بها بوتشيني في النهاية , في حين استغرق التأليف الموسيقي 8 اشهر فقط !!

أوبرا لابوهيم ترجمة لأفكار البوهيمين في القرن19 :

تقع أحداث أوبرا لابوهيم في العاصمة الفرنسية باريس في القرن التاسع عشر … حيث تعرض لنا تفاصيل الحياة اليومية للمبدعين والفنانين الذين يلتقون في المقاهي ليتبادلوا الآراء السياسية  والأفكار ..

عادة ما ينظر للفنان البوهيمي على أنه لايهتم بمظهره الخارجي ولايعبأ كثيرا بآراء المحيطين به عنه بل يخلق لنفسه عالما خاصا يعيش فيه .. وقد نجح بوتشيني بامتياز في ترجمة هذه الأفكار والمعتقدات لحياة البوهميين والمهمشين في العاصمة الفرنسية في مؤلف موسيقي ساحر.

الفصل الأول :

يجتمع الأصدقاء البوهيميون : رودلفو الشاعر Rodolfo , مارشيللو الرسام  Marcello, شونارد الموسيقي Schaunard , كولين الفيلسوف Colline, معبرين عن سعادتهم رغم حالة الفقر الشديد التي يعانون منها في باريس العاصمة الفرنسية .
يشكو رودلفو و مارشللو من البرد الشديد مما يدفعهم للتفكير في الإستغناء عن إحدى اللوحات أو أحد الكراسي لإشعال النار فيه من أجل التدفئة . ,يقرر الأصدقاء البوهيميون الإحتفال بالكريسماس في الحي اللاتيني لكن صاحب العقار الذي يسكنون فيه يظهر فجأة ليطالبهم بالإيجار المتأخر عليهم , ولكنهم يدعونه لإحتساء الخمر معهم مما يجعله يروي لهم حكاياته الغرامية الفاضحة فيدفعونه خارج المنزل متظاهرين بالخجل من قصصه الرومانسية. يظل رودلفو وحيدا في المنزل عندما تظهر له جارتهم الجميلة الممثلة ميمي التي تفقد مفتاح شقتها بسبب الظلام الحالك الذي خلفته الرياح التي أطفأت شمعتها , ولما يجد رودلفو المفتاح لا يخبرها حتى يظل معها مدة أطول .. تتولد بينهما مشاعر جميلة ويدعوها للخروج معه ومع أصدقائه البوهيمين في مقهى (موموس) بعدما شعر كلاهما بميلاد حب جديد.

الفصل الثاني

يحتفل الجميع في جو يسوده البهجة والمرح بأعياد الكريسماس في مقهى موموس وأمام المقهى يحتفل الأطفال بالعيد , في داخل المقهى يجلس رودلفو مع ميمي وأصدقائه البوهيميين لتناول العشاء , لكن مزاج مارشيللو الرسام يتعكر عندما يلتقي حبيبته السابقة (مويستا) مع رجل تبدو عليه ملامح الثراء في المقهى نفسه, تبتكر مويستا حيلة للتخلص من صديقها الثري العجوز لتتمكن من الإحتفال مع مارشيللو والأصدقاء فتخبره أنها لاتستطيع أن تتحمل آلآم قدميها  بسبب الحذاء وتعطيهما له ليبحث عن رجل يصلحهما لها , وبالفعل تتمكن من السهر مع حبيبيها مارشيللو , يغير الحراس من العساكر وردياتهم وينهي الأصدقاء البوهيمون إحتفالهم وعشاءهم ويرحلون دون أن يدفعوا الفاتورة تاركين إياها للرجل العجوز الثري الذي يصل فيما بعد ليكتشف الخدعة التي تعرض لها.

الفصل الثالث

في جو شديد البرودة تظهر ميمي في حالة من الإعياء الشديد باحثة عن حبيبها الشاعر رودلفو الذي تركها وتسأل عنه صديقهما المشترك مارشيللو , وتخبره أن رودلفو لم يعد يحبها وأنه لم يعد يرغب في استمرار علاقتهما رغم حبها الشديد له . يخبرها مارشيللو أن رودلفو يعيش معه في نفس المكان ويطلب منها أن تختبئ خلف الأشجار لتسمع الحوار الذي سيدور بينه وبين رودلفو , ولما يظهر الشاعر يخبر مارشيللو أنه وبالرغم من حبه الجارف لميمي إلا أنه سيتركها بسبب ارتيابه في تصرفاتها خاصة أنه يراها في الأحلام وهي تخونه مع غيره, ينفعل مارشيللو ويبدو عليه الضيق والإنزعاج من كلام رودلفو القاسي , هنا يعلن رودلفو أن ميمي مريضة بداء لاشفاء منه , تسمع ميمي ماقاله حبيبيها وتنفجر في نوبة بكاء شديدة من هول ماسمعت فيعرف رودلفو أنها سمعت حواره مع مارشيللو , ويندم أشد الندم على ماقاله في حقها ..يسمع مارشيللو صوت شجار من الحانة القريبة ويجد حبيبته موسيتا خارجة منها فيتبادل الإثنان الشتائم والإهانات. يظل رودلفو وميمي يتبادلان النظرات في صمت وكأنهما يكتشفان ملامح أحدهما للآخر للمرة الأولى.

الفصل الرابع

يلتقي الصديقان مارشيللو ورودلفو ليتذكرا آلآم العشق التي مرا بها ويواسي كل منهما الآخر , فهما لا يستطيعان نسيان ميمي وموسيتا حبيبتيهما , هنايحضر صديقاهما شونارد و كولين للترويح عنهم , ولكن فجأة تظهر موسيتا لتعلن لهم أن ميمي قادمة معها في حالة صحية ميئوس منها لتودع الحياة بين أصدقائها ومع حبيبها الوحيد الذي تركها دون ذنب ولاخطيئة , تساندها موسيتا لتجلس على السرير , هنا تنتفض موسيتا طالبة من مارشيللو شراء الدواء واستدعاء الطبيب فالجو شديد البرودة ويدي ميمي تحتاجان لقفاز لتدفئتهما … يقوم كولين الصديق الطيب بإحراق معطفه القديم في محاولة منه لتدفئة المكان الموحش ..

يشعر رودلفو بألم وحسرة شديدين لأنه لم يقدر قيمة الحب الكبير الذي أضاعه من بين يديه .. إنه يرى حبيبته تحتضر ولكنه لايستطيع أن يقدم لها شيئا لإنقاذها .. يعود الأصدقاء ومعهم القفاز الجديد الذي تضعه ميمي في يديها وهي خائرة القوى .. هنا يتفحص رودلفو وجه ميمي الحزين معتقدا أنها نامت لكنه لما يرى انفعالات أصدقائه يدرك أنها فارقت الحياة وفارقت معها الحزن والشقاء والهجر والمرض والحب المستحيل ..

يصرخ رودلفو في مشهد النهاية : ميمي … ميمي .. ميمي .

كان الموسيقار الكبير جاكومو بوتشيني هو أول من ذرفت دموعه تأثرا برحيل بطلة الأوبرا ميمي الجميلة التعسة …وكانت النهايات الحزينة بوفاة البطلة قاسما مشتركا في أعمال بوتشيني مثل : مدام بترفلاي , لابوهيم ,  وأوبرا توسكا. توفى بوتشيني قبل أن يكمل الأوبرا التي ألفها تحت عنوان (توراندوت) وهي من ثلاثة فصول , وتم الإنتهاء منها بعد وفاته بعامين 1926 عندما أتم مؤلف آخر المقطع الأخير منها والذي لم يكن قد اكتمل . أوبرا توراندوت مبنية على مسرحية (كارلو جوتسي) والتي تحمل نفس الإسم والتي كانت بدورها مقتبسة من كتاب (ألف ليلة وليلة).

One Response to أوبرا (لابوهيم) للموسيقار بوتشيني: عودة لأجواء ميلانو

  1. أحمد محمد حسن رد

    12 مايو, 2013 at 12:29 م

    عرض مميز لأوبرا عالمية .. وخلفيات شيقة عن الموسيقار الكبير بوتشيني.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات