انطولوجيا القصة الايرانية الحديثة

10:33 صباحًا الإثنين 13 مايو 2013
  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

انطلاقا من ايمان الكويت بضرورة الانفتاح على الآخر كشرط اساسي لاثراء الابداع و تعزيز التلاقح الأدبي بين الشعوب و توسيع آفاقه اصدرت سلسلة ابداعات عالمية (انطولوجيا القصة الايرانية الحديثة) التي تجمع اعمال كوكبة مختارة من خيرة القاصين الايرانيين المعاصرين بمختلف اتجاهاتهم و مدارسهم الأدبية ليسد فراغاً في المكتبة العربية التي مابرحت تفتقر لنماذج من الآداب الشرقية مع حرصها على التواصل من خلال الندوات والمؤتمرات الفكرية و ليس آخرها الندوة الهامة التي اقامتها مجلة العربي تحت عنوان ( العرب يتجهون شرقاً ).

تضم المجموعة قصصاً لثلاثين قاصاً ايرانياً من أهم ادباء ايران خلال القرن العشرين و هم : بهرام صادقي ، اسماعيل فصيح ، حسن فرهنكي ، ايرج بزشك زاد ، غلام حسين ساعدي ، رسول برويزي ، محمد ايوبي ، شهريار مندني ، علي مؤذني ، كامران سحرخيز ، ابوالقاسم فقيري ، ابوتراب خسروي ، هوشنك كلشيري ، محمود دولت آبادي ، بلقيس سليماني ، علي اصغر شيرزادي ، جيستا يثربي ، سيمين دانشور ، كيومرث صابري ، جمال مير صادقي ، بيجن نجدي ، برويز دوائي ، مصطفى مستور ،منصورة شريف زاده ، محمد شريفي ،خسرو شاهاني ، جلال آل احمد ، نادر ابراهيمي  و محبوبه ميرقديري .

ولا شك بان حكايا الأدب القصصي الايراني الحديث طويلة قد لا تسعها صفحات هذا الكتاب حيث يفتتح المترجم عمله بنبذة بانورامية عن تاريخ تبلور القصة الحديثة في ايران ، ففي سنة 1921 صدرت مجموعة قصصية للأديب محمد علي جمال زاده بعنوان “كان يا ماكان” تميزت بمنهج منطقي دقيق و رؤية نقدية و أسلوب بديع و حبكة جديدة. كانت هذه المجموعة أهم موروث تركه جمال زاده للأجيال اللاحقة، حيث أسست البنية التحتية للقصة الايرانية القصيرة و رسمت لها خارطة الطريق الذي إنتهجته.

اما صادق هدايت فقد صور في بعض قصصه شطراً من طموحات جيله بشكل رمزي و رسمت روايته “البومة العمياء” (1936) بريشة سريالية غير مألوفة ظروف الطبقة المخملية في عصر رضا شاه بهلوي .

وشهد فنّ الكتابة القصصية في ايران، خلال و بعيد الحرب العالمية الثانية ، تياراتٍ ومناحٍ متنوعة، فتواصلت كتابة الروايات المسلسلة في المجلات، وكانت المضامين الرئيسة اجتماعية وتاريخية قبل كل شيء، وقد تتشكل أحياناً بأساليب تنم عن درجة شديدة من الفجاجة وعدم التمرس. وتداولت الساحة الأدبية أسماء كُتّاب جدد افتقر معظمهم للموهبة الحقيقية والإبداع الرصين رغم الكم الكبير الذي أنتجوه من القصص القصيرة والروايات والمقطوعات الأدبية التي سادها المناخ العاطفي والرومانسي في معظم الأحيان، مضافاً إلى إستلهام سطحي للأحداث الاجتماعية، وتشكيل فضاءات ذهنية غير ملموسة وغير موثقة.

ولکن ينبغي الاشارة الی أن الموجة هذه قابلتها موجة لقاصين آخرين كرسوا فنهم ليكون مرآةً تعكس واقع و تحديات الانسان في عصرهم. لقد صوّر هؤلاء مجتمعهم بأسلوب فريد وأفكار ناضجة واستطاعوا بأفكارهم وأذواقهم الوصول الى نمط خاص من الرؤى النقدية والتفكير الاجتماعي الفاعل. والحقيقة أن أعمالهم كانت صرخة معارضة في وجه الاستغلال والإجحاف الذي عانى منه مجتمعهم.

الأول هو صادق جوبك حينما نشر أولى مجاميعه الشعرية “لعبة العرائس” سنة 1945 بشّر في الواقع بظهور كاتب ذو موهبة أصيلة.

اما الثاني القاص المعروف جلال آل احمد فقد جرّب منعطفات حادة في حياته، فقد كانت جذوره دينية باعتباره وليد وربيب عائلة ملتزمة دينياً، إذ كان والده رجل دين معروف. ولم يمنعه ذلك من الانخراط إبان شبابه في صفوف الحزب الشيوعي الإيراني (توده) الذي إنشق عنه بعد ذلك ، ووجّه آل أحمد حراب نقده اللاذع إلى الثقافة الغربية المستوردة التي تفتحت لها على مصراعيها كل بوابات البلاد ، وأصدر في هذا الباب كتابه المشهور “نزعة التغريب” عام 1962م. وفي أواخر عمره غير الطويل عاد إلى بعض جذوره الثقافية مبدياً ميولاً إلى شيء من التقاليد العقلانية والموروث الإيراني، ويمكن ملاحظة هذه “العودة إلى الذات” في غالبية نتاجاته المتأخرة.

كانت الستينيات عقد تطورات سياسية‌ واجتماعية‌ واضحة‌ و مؤثرة في ايران، و قد شهدت خلالها ظواهر جديدة في مضمار الكتابة‌ القصصية أيضا، فازدادت أعداد المجلات و المطبوعات الأدبية‌،‌ التي أولت إهتماماً خاصاً‌ بفن القصة، و نقلت أعمال كثير من الكتاب الغربيين الی‌ الفارسية و نشرتها.

السيدة سيمين دانشور استاذة‌ الفن وعلم الجمال في الجامعات الايرانية و زوجة‌ الأديب الراحل جلال آل احمد دخلت عالم القصة باصدارها «النار المُطفأة» (1948)‌ التي ينبغي ان تعد من محاولاتها الاولی‌ في مضمار الكتابة‌ القصصية‌. الّا ان مجموعتها القصصية «مدينة‌ كالجنة‌»‌ (1961) بشرت بكاتبة سافر قلمها من طور التجربة الی‌ مرحلة النضج، و ازداد هذا القلم نضجاً في رواية «سووشون» (بوح النواح) عام(1969)‌ التي اضافت للادب القصصي الايراني عملاً لايبارح الذاكرة‌. رواد القصة الايرانية يستعرضها الكتاب برؤية نقدية و فنية مع ترجمة لنموذج من كل قاص و قاصة تاركاً للقارئ الحكم على مستوى رقي الأدب القصصي الأيراني .

يعتبر الكتاب مرجعاً هاماً يسلط الضوء على نتاج الأدب القصصي الايراني المعاصر بكل اساليبه وملامحه التي ترصد عادات و تقاليد المجتمع الايراني وتعكس صور الحياة الاجتماعية و السياسية لدى انماط و شرائح المجتمع قبل و بعد الثورة الايرانية حيث ان اغلب الاعمال ترصد مضامين الأدب الشعبي الفولكلوري و تتميز بسرد نثري زاخر بالحركة و التكوين الفني و الحبكة الجمالية .

المجموعة من ترجمة الأديب موسى بيدج ومراجعة الكاتب والمترجم سمير ارشدي وصدرت عن المجلس الوطني للثقافة و الفنون و الآداب ضمن سلسلة ابداعات عالمية

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات