تمرد 30 يونيو: الفرص..الاحتمالات .. سيناريو المواجهة

01:19 مساءً الجمعة 28 يونيو 2013
  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

مؤتمر إعلان (تمرد) عن جبهة 30 يونيو

المحرر: بعد تخرجه في كلية الاقتصاد والعلوم السياسة بجامعة القاهرة، وحصوله على بكالوريوس العلوم السياسية عام 1971، بدأت رحلة الخبير جمال طه بعدد من الدراسات التخصصية مهدت له العمل في رئاسة الجمهورية كباحث متخصص بهيئة المعلومات والتقديرات، حتى يناير 1982 ؛ حين انتدب بعدها مباشرة للعمل دبلوماسيا بوزارة الخارجية حتى  ديسمبر  1994  شغل خلالها عدة مناصب كقنصل مصر بالعراق، والجزائر، فضلا عن مهام وزيارات عمل للهند والسعودية وتونس والكويت. وفي وزارة السياحة استكمل جمال طه مسيرته المهنية مستشار إعلام ومعلومات لوزير السياحة ومنسقًا عامًا بين مراكز  المعلومات  التابعة للوزارة وهيئاتها (يناير ـ ديسمبر 1995). وفي المجلس القومى لحقوق الإنسان بين 2006 و2009 : كمستشار إعلامى للمجلس، ومدير تنفيذى للمشروع القومى لنشر ثقافة حقوق الإنسان.

وقد كتب الباحثُ الكبير جمال طه هذا المقال في الخامس عشر من يونيو، وخلال أسبوعين تحقق كثير مما استشرفه، فقد حاول فيه استخدام طرف من خبرات اكتسبتها عبر تاريخ مهنى طويل، يلقي فيه الضوء على السيناريوهات المتوقعة لواحد من اخطر الأحداث، كما يراها ربما فى تاريخنا المعاصر- وهو تمرد 30 يونيو 2013 ، “الذى يهدف لتحرير مصرنا – التى نعرفها ونعشقها – من إحتلال القوى الظلامية المتمسحة بالدين ، وذلك على النحو الذى يسمح لكل القوى والجهات الوطنية شعبية ورسمية بالتحسب لما يتم إعداده من مؤامرات لإجهاضه”، على حد قوله.

بدأ موقع wordpress.com  مدونة الكاتب gamaltaha.wordpress.com فى المرتبة الخامسة من بين أهم مائة مدونة عربية على مستوى العالم، وهو الترتيب الذى يعتمد على عدد القراء ومدى تجاوبهم من خلال ما يسجلونه من تعليقات ووجهات نظر، وفى وسط النهار كان ترتيب المقال قد تقدم الى المركز الثالث نتيجة لاستمرار الإقبال على المقال والمدونة ، وقبل انتهاء اليوم وصلت الى المرتبة الثانية بعد إقتراب قراء المقال خلال ذلك اليوم من الألف قارىء إضافة الى عشرات التعليقات الإيجابية . تنشر (آسيا إن) المقال لأهميته، مستلهمين روحه مددا للتمرد والحرية والمستقبل.

نعيش حالياً اجواء كالسابقة على 25 يناير2011 بفارق رئيسى هو اتساع نطاق الإتفاق الشعبى على اسقاط حكم الإخوان نتيجة لفشلهم فى إدارة الدولة ، والشكوك المتزايدة حول مدى حرصهم على مصالح الوطن ، وهذا الإتفاق الشعبى لم يكن متوافراً بنفس الدرجة عام 2011 ، وهو ماإنعكس فى مظهر الشعور بالثقة الذى يسود لدى الرأى العام المصرى حالياً فى قدرته على التغيير .

      وإذا كان نظام مبارك قد فوجىء باتساع دائرة الرفض الشعبى له الى الحد الذى عجزت امامه كل أدوات الردع والمساومة المتاحة ، فإن النظام الراهن يدرك جيداً حجم ماهو قادم من أحداث ، ومن المؤكد انه يتحسب له ، ويعد عدته أملاً فى إفشاله .

وفى ظل ذلك الموقف الحساس فإن محاولة استشراف الفرص والإحتمالات والتعرف على سيناريو المواجهة ربما يساعد فى تعزيز فرص نجاح التمرد الشعبى ، وإجهاض المخططات المضادة ، الأمر الذى قد يجنب الوطن مزيداً من نزيف دماء ابناؤه .

***

تشير حالة القلق التى تنتاب الإخوان المسلمين حالياً الى إدراكهم لجدية المخاطر التى يتعرضون لها نتيجة لإتساع نطاق الرفض الشعبى . الأمر الذى يفسر إتجاههم للتنسيق مع المنظمات والجماعات التى نشأت من داخل الجماعة خلال الستينات والسبعينات ، خاصة الجهاد والجماعة الإسلامية .. بل ان هذا التنسيق قد شمل منظمات تنتمى الى السلفية الجهادية ، واخرى “منظمة التحرير الاسلامى” سبق لها التورط فى الهجوم على الفنية العسكرية عام 1974والتى ينتمى قائدها “صالح سرية” فى الأصل الى الإخوان المسلمين ، وقد تجسد هذا بشكل واضح فى المؤتمر والذى أطلق عليه “مؤتمر مياه النيل” الذى عقدته الرئاسة يوم 10/6 بمركز المؤتمرات.

ونشير هنا الى محاولة الإخوان توظيف دور هذه المنظمات فى مواجهة 30 يونيو المقبل على النحو التالى :

   *  ان يمثل حشد هذه التنظيمات المعروفة بتشددها وامتلاكها ميليشيات مسلحة نوعاً من التهديد والتلويح بالقوة لإرهاب المدنيين ومحاولة ردعهم عن النزول فى 30 يونيو .

   *  صدور عدد كبير من التصريحات المتزامنة من قاده هذه التنظيمات “ابوسمرة – الظواهرى – ابواسماعيل …” تتفق فى مجملها على انه فى حالة نجاح المظاهرات فى الإطاحة بالرئيس مرسى فسوف يقومون بثورة اسلامية للسيطرة على الحكم ، وتلك رسالة ترهيب ليست موجهة للداخل فقط بل ايضاً الى الخارج ، على النحو الذى قد يدفع فى تصورهم لتبنى فكرة الإبقاء على مرسى فى الرئاسة باعتباره نموذجاَ أقل تشدداَ واكثر اعتدالاً من البدائل الإسلامية الأخرى المطروحة على الساحة .

  *  التهديد باحتلال الميادين ومحاصرة الإتحادية “بدعوى حمايتها” إعتباراً من 28 يونيو ، والإعتصام حتى 30 يونيو لمنع نزول المتظاهرين .

والسؤال المطروح هنا .. ماحجم تأثير تلك العوامل على حركة الشارع المصرى وحشوده المعارضة للإخوان يوم 30 يونيو القادم ؟

أولاً :    بداية فإنه من المؤكد انه بإفتراض نجاح جماعة الإخوان المسلمين فى حشد كل أعضائها ومنتسبيها ، فإن العدد الإجمالى لن يتجاوز وفق اكثر التقديرات مبالغة الـ 600 الف ، أما باقى أعضاء ومريدى التنظيمات والجماعات الدينية الأخرى المتحالفة معهم فهم يقدرون بالمئات ، خاصة مع تخلى حزبى النور والوطن والسلفيين عن المشاركة فى اية فعاليات تتعلق بدعم الرئيس الإخوانى ، أما ماكان يحدث من حشد يعتمد على مواطنين بسطاء مقابل بعض المواد التموينية او ببدل نقدى محدود فذلك لم يعد واردا على نطاق مؤثر لابسبب فقدان الإخوان لشعبيتهم حتى فى المناطق العشوائية والريف ، بل ايضا لإدراك هؤلاء البسطاء ان الأمر لم يعد مجرد تظاهرة وحشد فى صورة احتفالية ، بل اصبحت المشاركة فيه تعرض صاحبها لإشكاليات وربما اعتداءات لاتتناسب واستفادته المحدودة . وبالطبع فإنه لاموضع للمقارنة بين أقصى مايمكن ان يحققه الإخوان من حشد وحجم التظاهرات الشعبية المتوقعة ضد الرئيس والذى قد يتجاوز وفق تقديرات الجهات السيادية الـ 10 ملايين مواطن .. كل هذا دون ان نضع فى الإعتبار ان الإخوان لايمكن ان يخاطروا بحشد أعضائهم بالمحافظات وتسفيرهم للقاهرة كالمعتاد وسط اجواء الشحن الراهنة التى تعرضهم لإعتداءات خلال انتقالهم ، وتعريض سياراتهم للحريق ، فضلا عن تعريض مقراتهم بالمحافظات لإعتداءات مماثلة ، ولذلك فإن قرار حشد الإعضاء والأنصار من المحافظات وتوجيههم للقاهرة قرار خاطىء لاأتصور ان يقدم الإخوان على إتخاذه ، إلا لو كان إختيارهم “الإنتحار السياسى والتنظيمى”. إذن مواجهة الحشود المعارضة بالحشود المؤيدة آلية لم يعد ممكنا للإخوان الإعتماد عليها .

كاريكاتير يؤكد الصورة الحقيقية للمشهد الذي يحاول المتأسلمون إخفاءه

ثانياً :  البديل الآخر أمام الإخوان لمواجهة الحشود هو العنف الجماعى الموجه لجمهور المتظاهرين إعتماداً على الميليشيات التابعة لهم وللجماعات المؤيدة ، واستخدام هذا البديل فى الواقع أمر محفوف بالمخاطر .. فهو يشكل تحفيزاً لزيادة الأعداد المشاركة فى التظاهرات من الشباب تحديداً ، ولجوئهم للعنف المضاد ، لاضد من يواجهونهم فقط ، وانما ضد المقرات والمنشآت والممتلكات التابعة لهم ، فضلاً عن ان تجاوز حدوداً معينة فى التصعيد قد يوجد مبرراً لتدخل القوات المسلحة وانقلابها على النظام القائم..إذن فإن مواجهة الحشود المعارضة باستخدام العنف اعتماداً على الميليشيات يصعب للإخوان أيضاً الإعتماد عليه.

ثالثاً :    أما مصدر الخطورة الحقيقى فهو عمليات العنف الإنتقائى او الفردى ، المتوقع انتشارها على نطاق واسع بالقاهرة والمحافظات التى ستغطيها المظاهرات ، ومن المتوقع ان يبدأ حال وضوح جدية المتظاهرين فى استمرار إعتصامهم الى ان يرحل الرئيس ، ويمكن ان يتخذ هذا العنف صوراً متعددة أبرزها :

*  عمليات إغتيال وقنص موجهة لبعض القيادات الحركية والميدانية والإعلامية بالتظاهرات

*  عمليات تفجير سواء بمناطق تجمع المتظاهرين او ضد أهداف حيوية بالدولة

*  استدراج المتظاهرين للتعرض للمساجد سواء بالحصار او الإقتحام بارتكاب أعمال عنف والإحتماء بها .

*  استهداف بعض المساجد بالتخريب وتوجيه الإتهامات للمسيحيين

*  تخريب بعض المرافق والشبكات بمايؤثر على انتظام الخدمات الأساسية للمواطنين (المواصلات العامة – المياه – الكهرباء – الغاز..)

*  وقف إمداد محطات الخدمة بالوقود (بنزين – سولار ..)

*  القيام بعمليات تخريب او تعرض ضد أهداف عسكرية وشرطية (كمائن – مركبات – منشآت –  أفراد ..)

هذه العمليات سيقوم بتنفيذها عناصر ومجموعات تنتمى الى التنظيمات التالية :

*  الذين استفادوا من القرارات الرئاسية الخاصة بالإفراج او العفو فى قضايا “الإرهاب”

*  من صدرت توجيهات رئاسية بحفظ التحقيقات المتعلقة بارتكابهم لبعض الجرائم وعلى رأسها إغتيال 16 جندى مصرى فى رفح رمضان الماضى

*  خاطفى الجنود المصريين السبعة الذين حرصت الرئاسة على تأمين سلامتهم أسوة بمن خطفوهم

*  التنظيمات والجماعات المسلحة التى تقطن وتتدرب بسيناء دون التعرض لهم بتعليمات رئاسية

*  المنتمين الى حماس ويحملون الجنسية المصرية بحكم جنسية والدتهم او بتزوير بطاقات رقم قومى

 ومن المؤكد ان من تم تكليفهم بمهام خلال أحداث 30 يونيو المقبل لن ينتظروا الى ماقبل ذلك الموعد بثلاثة أيام ليعبروا من سيناء الى الوادى التزاماً بخطة التأمين التى أعلنت عنها سلطات الأمن المصرية ، ولكن المؤكد انهم يتمركزون حالياً بالقرب من الأهداف المكلفين بالتعرض لها .. يخططون ويرتبون لتوفير أدوات الجريمة ، وتسهيلات تنفيذها .

وتستهدف هذه العمليات :

*  إحداث حالة من الإرتباك بين صفوف وعناصر القوات المسلحة والشرطة تنتهى بتحييد دورهما فى فرض الأمن وحماية المتظاهرين والتأثير على التوازن السياسى فى غير صالح الرئيس

*  الوقيعة بين المسلمين والمسيحيين وتوسيع حالة العداء ضدهم

*  إرهاب المدنيين ودفعهم للإنسحاب من الميادين ، وردع غيرهم عن النزول

*  ايجاد مبرر لإتخاذ إجراءات استثنائية يمكن من خلالها السيطرة على الأوضاع فى البلاد (أحكام عرفية – حظر تجوال – فرض قيود صارمة على الإعلام …)

رابعاً :   غير ان المشكلة التى قد تواجه تحقيق تلك المظاهرات الحاشدة لأهدافها هو سوء حسابات الرئاسة ، وضعف قدرتها على اتخاذ القرار المناسب فى الوقت المناسب ، مما يؤدى الى غياب الرئاسة عن المشهد ، وعجزها عن اتخاذ أى قرارات او طرح أية مبادرات للتعامل مع الموقف سواء بالتهدئة ، او التصعيد ، او الإنسحاب تماما من السلطة ، وهذا الفراغ قد يدفع مكتب الإرشاد للتضحية بالرئيس ، وتسليم السلطة للجيش ، مقابل تعهده بضمان إنسحاب آمن من السلطة ، وعدم الملاحقة القضائية ، مع احتفاظهم بحق المشاركة والتنافس السياسى مستقبلاً ، لكن حدوث ذلك لايمثل – فى تقديرنا – سوى خطوة لنزع فتيل الأزمة ، تعقبه تعديلات جذرية ولازمة  ، أبرزها حل الأحزاب السياسية التى قامت على أسس دينية او طائفية ، لكن ذلك موضوع آخر ربما عدنا لتناوله لاحقاً .

واخيراً .. دورس مستفادة ينبغى الا نغفلها

   لاشك فى ان الحرص على تحقيق أهداف التحرك الوطنى بأقل قدر من الدماء ينبغى ان يكون على رأس اولوياتنا خلال المرحلة المقبلة الأمر الذى ينبغى معه ان نعيد التذكير بدرسين تعلمهما الشعب المصرى خلال أحداث ثورة 25 يناير

الدرس الأول هو ان من بالسلطة لايسلمها قبل ان يستنفذ كل المحاولات والمناورات الممكنة فى محاولة منه لإجهاض الثورة والإستمرار فى الحكم ، لذلك لاينبغى استعجال النتائج خاصة وان الإخوان يصفون انفسهم بـ”ذوى الجلود السميكة”

الدرس الثانى والأهم هو ان حشود المتظاهرين بميدان التحرير خلال الثورة قد أسقطت مبارك بالفعل قبل ان يصل متظاهر واحد الى قصر العروبة ، ولذلك لاينبغى التوجه للإتحادية ، او محاولة إقتحام أياً من المقرات الرئاسية ، لأن ذلك سيكون مبرراً للصدام مع الجهات المسئولة عن تأمين هذه المقرات ، كما سوف يشكل مبرراً للموالاة للنزول الى الشارع فى مواجهة المتظاهرين ، بما يحول الموقف الى صدام يوقع من الخسائر ما قد يحد من مشاركة المزيد من المدنيين فى التظاهرات .

                            ألا هل بلغت .. اللهم فاشهد

2 Responses to تمرد 30 يونيو: الفرص..الاحتمالات .. سيناريو المواجهة

  1. شريف بكرى رد

    28 يونيو, 2013 at 6:32 م

    استاذ ورئيس قسم يا جمال بك واتمنى لو يجد هذا المقال طريقا للنشر عبر وسائط اتصال واسعة الانتشار لانه تحليل متعمق ودقيق وشامل ويجيب على الاسئلة المطروحة حاليا بمنتهى الموضوعية والصدق والامانة العلمية كما عهدنها فيك دائما

  2. مصطفى الحلوان رد

    29 يونيو, 2013 at 1:39 ص

    عفارم ياسيادة اللواء..تحليل دقيق ودروس تحمل رسائل واضحة لعلها تفيد الشباب فى مواجهة الموقف الخطير الذى نمر به.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات