التَّاريخ ينحَني إجلالا لمِصْر

08:32 صباحًا الإثنين 1 يوليو 2013
  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

ميدان التحرير استعاد روحه الثورية

الأعداد بالملايين!

تلك هي العبارة التي تكررت من أكثر من مصدر راصدة حجم مظاهرات ثورة 30 يونيو التي دعت إليها حركة تمرد.

فعلى لسان مصدر عسكري مصري، صرح لإحدى القنوات التلفزيونية العربية، قدَرالجيش المصري عدد المشاركين في مظاهرات 30 يونيو ببضعة ملايين.واستعرض تيار الاستقلال البيان الصادر عن موقع  جوجل العالمي، والذي أكد خروج ما يتراوح بين 15 إلى 20 مليون مصري في الشوارع والميادين المصرية، منذ صباح الأحد 30 يونيو.

مرة أخرى ينحني التاريخ لمصر، التي أعلنت عن موعد ثورتها، في سابقة تاريخية، فقد كانت الدعوة إلى 25 يناير خلال الثورة الأولى احتجاجا صعدت سقف مطالباته بعد جمعة الغضب، ولكن هذه المرة كان الجميع يدركون أن 30 يونيو موعد مع الثورة، وأن بروفات الاستعداد فيما سبقها جعل الكل يؤكد أن الأيام السابقة كانت وقفة للعيد الكبير الذي بدأت أيامه الأحد.

المتظاهرون لم تكن وجهتهم ميدان التحرير في قلب القاهرة وحسب، بل اكتظت شوارع وميادين القاهرة وكبريات المدن المصرية يوم الاحد 30 يونيو/ حزيران 2013 بمظاهرات حاشدة، هي الأكبر من نوعها منذ الاطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك، وهي أيضا الأكبر في تاريخ البشرية حسب وصف بي بي سي.

رفعت المظاهرات المناهضة للرئيس مرسي شعار “ارحل” استجابة لدعوة حملة “تمرد” التي اعلنت انها جمعت 22 مليون توقيع لسحب الثقة منه واجراء انتخابات رئاسية مبكرة. ودعت جبهة الانقاذ الوطني (ائتلاف المعارضة الرئيسي في مصر) مساء الاحد المصريين إلى “البقاء في الميادين” حتى يتم الانتقال السلمي للسلطة.

وقالت الجبهة في بيان بعنوان “بيان الثورة رقم 1” إن “الجماهير صدقت” بنزولها إلى الشوارع الاحد على “سقوط نظام محمد مرسي وجماعة الاخوان المسلمين”. واضاف البيان ان “الشعب المصري مستمر في استكمال ثورته, وسوف يفرض إرادته التي وضحت بجلاء في جميع ميادين تحرير مصر”.

ومن جهته أصر المتحدث باسم الرئاسة المصرية ايهاب فهمي في مؤتمر صحافي مساء الأحد على أن الحوار هو “الوسيلة الوحيدة” لحل الأزمة الراهنة في البلاد، وهو حوار فات أوانه بعد أن وقفت مؤسسة الرائاسة عاما تتفرج على الأزمات التي طحنت مصر، وقتلت أبناءها، واغتالت شهداءها مدنيين وعسكريين، دون أن تقدم حلا.

ساعة الثورة بمدينة المحلة الكبرى في دلتا مصر

وبجانب شوارع العاصمة المصرية شهدت المحافظات الأخرى وخاصة الإسكندرية والمنصورة مئات الآلاف من المتظاهرين الذين يطالبون باستقالة الرئيس المصري وبإجراء انتخابات رئاسية مبكرة. وغصت عدة شوارع وميادين بالآلاف عشرة مدن أخرى على الأقل في الدلتا وفي صعيد مصر هي منوف والمحلة وطنطا والمنصورة والسويس وبورسعيد واسوان والزقازيق والفيوم واسيوط وسوهاج. وانضم اثنان من قادة جبهة الإنقاذ الوطني هما محمد البرادعي وحمدين صباحي إلى مسيرتين متجهتين إلى ميدان التحرير.

ونظمت مجموعة من ضباط الشرطة مسيرة في اتجاه ميدان التحرير بمشاركة وزير الداخلية السابق احمد جمال الدين. وانتشرت قوات الجيش والشرطة لحماية التظاهرات والمنشآت الحيوية ومؤسسات الدولة، كما كانت مروحيات عسكرية تحلق فوق مناطق التظاهر عصرا في اطار تأمين أسطح البنايات تحسبا لوجود اي قناصة، بحسب قنوات التلفزيون المحلية.

أما الذين تحاول جماعة الإخوان المسلمين حشدهم من كافة المحافظات، وعلى نفقة الدولة، كما اتهمهم القيادي المنشق عن الجماعة ثروت الخرباوي، وتضعهم أمام مسجد رابعة العدوية بمنطقة مدينة نصر بشرق القاهرة ، فلازالوا يعلنون إصرارهم على الدفاع عن “شرعية مرسي” وهو اعتصام توارى خلف الأعداد الكبيرة للمعارضين واتساع النطاق الجغرافي لتظاهراتهم. وأعلنت الشرطة المصرية بعد ظهر الأحد القبض على عدة أشخاص من الاتجاعات الإسلامية وبحوزتهم أسلحة في القاهرة والاسكندرية والسويس والسلوم.

 وفيما أدت الاشتباكات بين من نجحوا في تهريب الأسلحة، ومتظاهري الثورة، إلى وفاة تسعة أشخاص من بينهم مواطن أميركي الأسبوع الماضي، أكد الجيش انه يبقى ضامنا للاستقرار في البلاد وحذر وزير الدفاع الفريق اول عبد الفتاح السيسي في بيان ألقاه الأحد الماضي من ان القوات المسلحة قد تضطر للتدخل “لمنع اقتتال داخلي”.

وتتهم المعارضة الرئيس مرسي بأنه “فشل” في ادارة الدولة وبأنه يسعى إلى “اخونة” كل مفاصلها كما تتهمه بـ”الاستبداد” منذ اصدر في وفمبر 2012 اعلانا دستوريا أثار أزمة سياسية كبيرة في البلاد.

وخلال مظاهرة إخوانية يوم الجمعة الماضي في القاهرة تحت شعار “الشرعية خط احمر”، قال القيادي في جماعة الإخوان المسلمين محمد البلتاجي ان المعارضة ممثلة بحملة تمرد وجبهة الإنقاذ الوطني تهدد بأنها “ستلقي القبض في 30 يونيو على محمد مرسي وتحاكمه وبأنها ستعطي بعد ذلك الرئاسة الشرفية إلى رئيس المحكمة الدستورية العليا وتشكل حكومة وانها ستقوم بحل مجلس الشورى (الذي يتولى حاليا السلطة التشريعية) وتعطل الدستور”. وأضاف “هذا اسمه انقلاب ولن نسمح به ولو على رقابنا”.

واصيب 50 شخصا بطلقات خرطوش خلال مسيرة لمعارضي الرئيس المصري أمام مقر حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين بمدينة حوش عيسى بمحافظة البحيرة.  وقامت الولايات المتحدة بإجلاء الدبلوماسيين غير الأساسيين وعائلاتهم. وقال أوباما إن حماية البعثات الامريكية إحدى الاولويات. وقال الجيش المصري انه انتشر لحماية المنشآت الحيوية ومن بينها قناة السويس. وقتلت عبوة ناسفة محتجا في بورسعيد يوم الجمعة وأصابت 22 آخرين وقالت جماعة الإخوان المسلمين إن مقرها الرئيسي في القاهرة تعرض للهجوم اليوم بأيدي عشرات المحتجين المناوئين لمرسي الذين أطلقوا بنادق الخرطوش وألقوا قنابل حارقة وحجارة على المبنى المكون من عدة طوابق. كما تعرضت عدة مقرات للجماعة في المحافظات للهجوم اليوم وفي الأيام الماضية. وقتل رجلان أحدهما أمريكي كان يشاهد الأحداث اثناء تعرض المقر الرئيسي للإخوان المسلمين في الاسكندرية للهجوم يوم الجمعة وأصيب العشرات وألقيت محتويات المقر في الشارع وأحرقت ونهب أشخاص بعضها.

تمرد تمهل مرسي حتى الساعة الخامسة من مساء الغد لتسليم السلطة

وقالت جبهة الانقاذ الوطني التي تقود المعارضة المصرية في بيان ان ‘النظام الحالي قد سقطت شرعيته وانه لا يوجد امامه خيار سوى الرحيل فورا، وطالبت الجبهة ‘المصريين بالاستمرار في الاعتصام السلمي في الميادين والى اعلان الاضراب العام حتى تتحقق مطالب الشعب من دون تأخير.’ وقال المعارض البارز البرادعي الفائز بجائرة نوبل للسلام في رسالة بثها على موقع يوتيوب إن حكومة مرسي فشلت. وأضاف: كلنا حسينا أن احنا ماشيين فى طريق مسدود وان البلد هتقع.

ومع انتهاء يوم العمل وانحسار حرارة الشمس انضم المزيد من الناس للمحتجين في شوارع العاصمة. وغضب كثيرون من جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي اليها مرسي قائلين انها خطفت الثورة من خلال سلسلة من الانتصارات الانتخابية لاحتكار السلطة وفرض الشريعة. ويشعر آخرون ببساطة بالإحباط بسبب الأزمة الاقتصادية التي فاقمها المأزق السياسي تحت قيادة مرسي.

القاهرة الثائرة كما تبدو من أعلى البرج

وفي مقابلة مع صحيفة الجارديان البريطانية أبدى مرسي تصميما على دحر ما يراه هجوما على شرعية رئاسته التي وصل إليها في انتخابات حرة. لكنه جدد أيضا عرضه بتعديل مواد في الدستور أثارت غضب المعارضين كونها تؤسس لسلطة دينية وقال إن هذه المواد لم تكن من اختياره. وكرر مرسي مثل هذا العرض الأسبوع الماضي لكن معارضيه قالوا إنهم لم يعودوا يثقون بوعوده التي لم يتحقق الكثير منها على حد قولهم.
ويبدو أن البعض يعتقد أيضا أن الجيش قد يتدخل لتقييد يد الرئيس. وفي القاهرة توقف متظاهرون لمصافحة جنود يحرسون المباني المهمة والتقاط صور معهم. كما تضامن ضباط شرطة عددهم قليل مع المتظاهرين.

ويأمل مرسي وجماعة الاخوان المسلمين ان تخبو جذوة الاحتجاجات تدريجيا مثلما حدث في مرات سابقة. واذا لم يحدث ذلك فربما يكون مطروحا على المائدة تسوية ما من خلال الجيش.
وتحلق طائرات هليكوبتر في سماء القاهرة. ورغم ان الجيش الذي يتلقى مساعدات عسكرية من الولايات المتحدة لم يظهر علامة تذكر على رغبته في السلطة الا انه حذر من انه قد يتدخل اذا ترك السياسيون المتخاصمون العنف يخرج عن السيطرة.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات