نهاية الإخوان … الآن!

08:18 صباحًا الخميس 15 أغسطس 2013
  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

معتصمو رابعة العدوية يضرمون النار في السيارات والمواقع التي هربوا منها في ضاحية مدينة نصر شرق القاهرة، يرتدون أقنعة لمقاومة الغاز الذي ألقته الشرطو المصرية، (أ.ب / مانو برابو)

أعلن وزير الداخلية المصري، محمد إبراهيم، عن سقوط 43 شهيدًا من أبناء الشرطة في مختلف بقاع مصر، ووفاة 235 شخصا عندما فضت قوات الأمن المصرية اعتصامي مؤيدي الرئيس المعزول محمد مرسي، بالقاهرة، بميداني رابعة العدوية والنهضة.

ويرجع ارتفاع أعداد القتلى، إلى أعمال عنف اندلعت بعدة محافظات كردة فعل من المنتمين لتنظيم الإخوان المسلمين، ومن والاهم، وهو ما دفع رئيس الجمهورية المؤقت المستشار عدلي منصور إلى فرض حظر تجول وإعلان حالة الطوارئ في البلاد.

وفي خضم هذه الأحداث الدامية أعلن نائب الرئيس المصري للعلاقات الدولية محمد البرادعي، استقالته من منصبه، بينما أعلن التلفزيون الرسمي أن الاستقالة غير نهائية ولم يتم البت بها.

وقال رئيس هيئة الاسعاف المصرية محمد سلطان، في تصريحات نقلتها وكالة أنباء (الشرق الأوسط) الرسمية إن ” حصيلة اشتباكات اليوم على مستوى الجمهورية كنتيجة لفض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة بلغت 235 قتيلا و2001 مصاب “.

وفي خطوات لاحتواء أعمال العنف التي اندلعت في البلاد، أعلنت الرئاسة المصرية في بيان أن ” الرئيس عدلي منصور أصدر قرارا بعد موافقة مجلس الوزراء بإعلان حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد لمدة شهر”.

ودخل القرار حيز التنفيذ في تمام الساعة الرابعة بعد الظهر بالتوقيت المحلي (2:00 بتوقيت جرينتش)، كما كلف الرئيس المصري قوات الجيش بـ ” معاونة الشرطة في اتخاذ كل ما يلزم لحفظ الأمن والنظام وحماية الممتلكات العامة والخاصة وأرواح المواطنين “.

وأوضحت الرئاسة أن القرار جاء ” نظرا لتعرض الأمن والنظام في أراضي الجمهورية للخطر بسبب أعمال التخريب المتعمدة ، والاعتداء على المنشآت العامة والخاصة ، وإزهاق أرواح المواطنين من قبل عناصر التنظيمات والجماعات المتطرفة”.

كما أصدر رئيس الوزراء حازم الببلاوي، قرارا بفض حظر للتجوال في القاهرة و13 محافظة أخرى “نظراً للظروف الأمنية الخطيرة التي تمر بها البلاد”.

وشمل القرار محافظات القاهرة ـ الجيزة ـ الاسكندرية ـ بنى سويف ـ المنيا ـ اسيوط ـ سوهاج ـ البحيرة ـ شمال سيناء ـ جنوب سيناء ـ السويس – الاسماعيلية – الفيوم – قنا، وذلك طوال مدة إعلان حالة الطوارئ أو لحين إشعار آخر.

وبدأ حظر التجوال في مصر ” من الساعة التاسعة مساء (19:00 بتوقيت جرينتش) وحتى الساعة السادسة من صباح اليوم التالي (4:00 بتوقيت جرينتش) على أن يُعاقب بالسجن كل من يُخالف تلك الأوامر”.

ووعد الببلاوي في كلمة بثها التلفزيون الرسمي بأن تكون فترة الطوارىء “أقصر فترة ممكنة” بعد إعادة الهدوء، مجددا التأكيد على التزام حكومته بخارطة الطريق من إعداد دستور توافقي ليس فيه إقصاء لأحد ودون أي تمييز.

وقال ” إننا نبني ديمقراطية تقوم على العدالة الاجتماعية والبناء الاقتصادي الذي يحتاج إلى أكبر قدر من الحوافز ونريد دولة مدنية لا دينية ولا عسكرية مفتوحة على العالم بجهود أبنائها “، معربا عن أسفه للدماء التي سالت ووصفها بأنها “شىء محزن أدمى قلوب المصريين”.

وقال نائب الرئيس المصري للعلاقات الدولية محمد البرادعي في خطاب أرسله للرئيس المؤقت عدلي منصور ، ” لقد أصبح من الصعب علي أن أستمر في حمل مسؤولية قرارات لا أتفق معها وأخشى عواقبها ولا أستطيع تحمل مسؤولية قطرة واحدة من الدماء أمام الله ثم أمام ضميري ومواطني خاصة مع إيماني بأنه كان يمكن تجنب إراقتها”. واعتبر البرادعي أن المستفيدين مما حدث اليوم هم “دعاة العنف والإرهاب والجماعات الأشد تطرفا”.

وكانت قوات الأمن المصرية قد بدأت صباح اليوم عملية فض اعتصامي مؤيدي مرسي في ميداني رابعة العدوية بحي مدينة نصر شرقي القاهرة ونهضة مصر بالجيزة، المستمرين منذ نحو شهر ونصف.

وفي بداية العملية قامت قوات الأمن بإلقاء قنابل الغاز المسيل للدموع صوب المعتصمين بهدف تفريقهم ثم اقتحمتهما، وقامت بإزالة أغلب الخيام الموجودة، فيما تصدى لها بعض أنصار الرئيس المعزول إلا أن القوات اعتقلت بعضهم. وبثت قنوات محلية لقطات لفض الاعتصامين، وعرضت مشاهد لعثور قوات الشرطة على أسلحة وذخائر بحوزة المعتصمين.

ونجحت قوات الأمن في فض اعتصام ميدان النهضة أولا، ثم تمكنت مساء الاربعاء من السيطرة بشكل كامل على رابعة العدوية.وبث التلفزيون مساء اليوم لقطات مصورة لانسحاب مجموعات من مؤيدي الرئيس المعزول المعتصمين في رابعة العدوية. وأعلنت وزارة الداخلية ضبط 543 شخصا من المتورطين في أحداث العنف التي تشهدها البلاد منذ صباح اليوم بحوزة بعضهم اسلحة ثقيلة وخرطوش. وقالت أجهزة الأمن  أنها ألقت القبض على العديد من قيادات جماعة الاخوان المسلمين.

وعقب قيام قوات الأمن بفض اعتصامي رابعة والنهضة، انتشرت حالة من الفوضى في مصر ووقعت اشتباكات دامية في عدة محافظات. وتعرضت مؤسسات حكومية ومنشآت شرطية وكنائس للمسيحيين ومقرات لجمعيات أهلية لاعتداءات اليوم من جانب أنصار الرئيس المعزول ووقعت مصادمات بينهم وبين قوات الأمن.

وأعلن وزير الداخلية المصري محمد إبراهيم في مؤتمر صحفي إن مؤيدي الرئيس المعزول تمكنوا من اقتحام 21 قسما ومركزا للشرطة، وقال إنهم ” قاموا (مؤيدو مرسي) كذلك باقتحام الدور الارضي بوزارة المالية وأتلفوا محتوياته، بالإضافة إلى مجمع محاكم الاسماعيلية وقاموا بسرقة 14 سيارة نقل أموال”. وأعلن إبراهيم أيضا مقتل 43 من رجال الشرطة، بينهم 18 ضابطا، وإصابة 211 اخرين، منهم 55 ضابطا و156 فردا ومجندا.

خريطة توضيحية لشبكة أخبار مصر عن الاعتداءات الإخوانية على كنائس مصر

ولم يكن المعتدون يكتفون بقتل الضباط بل كانوا يقومون بالتمثيل بجثثهم، كما ألقوا بعربة مدرعة بجنودها من فوق أحد الجسور. كما قام مؤيدو المعزول بالتعدي على كنائس بأنحاء مصر بالاتلاف والحرق، بينما أنكر الإخوان اتهامهم بذلك واتهموا أعضاء الجماعة الإسلامية بهذا العنف المسلح.

وتقوم وزارة الداخلية بتمشيط المناطق المحيطة بميدان رابعة بخثا عن القيادات الهاربة للتنظيم الإخواني، الأمر الذي يسدل ستار النهاية على جماعة الإخوان المسلمين، كفصيل سياسي، بعد ارتكابه لجرائم بحق البلاد. وقد عثرت قوات الأمن على أكثر من 24 جثة دفنها معتصمو رابعة العدوية أسفل المنصة التي كانوا يقفون عليها يوميا للتنديد بعزل رئيسهم.

واعتبر محللون مصريون يوم الأربعاء أن جماعة الاخوان المسلمين، التي ينتمي إليها الرئيس المعزول محمد مرسي، تقود حاليا “معركتها الأخيرة” بعد أن “قطعت خط الرجعة إلى الكيان الوطني”, وتوقعوا فشلها في ظل إصرار الدولة على إنهاء كافة المظاهر الاحتجاجية غير السلمية في الشارع .

وفي هذا الصدد, قال الدكتور محمد منصور مدير مركز دراسات المستقبل بجامعة أسيوط، إن فض اعتصام أنصار مرسي كان متوقعا في ظل انتهاك المعتصمين لحقوق المواطنين العاديين ولسيادة القانون والدولة.

وأضاف منصور لوكالة أنباء ((شينخوا)) أن عملية فض الاعتصام تأخرت بعض الوقت لحرص النظام الجديد في البلاد على مراعاة المعايير الدولية في فض الاعتصامات, والخروج بأقل قدر من الخسائر بين المعتصمين.

وأشار منصور إلى أن جماعة الاخوان وحلفاءها “ركبوا رؤوسهم”, أى أصروا بعناد, عندما رفضوا الاستجابة للنداءات المتكررة بفض الاعتصامات والانخراط في العملية السياسية.

ورأى منصور أن الشرطة لن تسمح للاخوان ببدء اعتصام في ميدان آخر, وعزا إعلان الرئيس منصور حالة الطوارئ إلى الرغبة في منع تكرار الاعتصامات في ميادين أخرى.

وتابع منصور قائلا إن جماعة الاخوان المسلمين “لن تستسلم بسهولة, وستلجأ لأعمال إرهابية, وقد تنسحب للعمل السري, وتمارس أعمالا منافية للقانون”.

وواصل منصور قائلا “كان هناك باب موارب لعودة الاخوان للحياة السياسية لكنهم رفضوا الانخراط في العملية السياسية وقطعوا بالصدام مع الدولة خط الرجعة إلى العمل السياسي وقبولهم في الكيان الوطني”.

ولفت منصور إلى أن ” الجماعة خسرت كثيرا, وأقدمت على انتحار سياسي سريع” بعد الاشتباكات التي جرت الأربعاء في القاهرة والمحافظات.

وحول إعلان حالة الطوارئ وحظر التجوال لمدة شهر، قال منصور إنه “إجراء استثنائي اضطراري, كان لابد منه, وأعتقد أنه لن يستمر طويلا ولا حتى شهر”.

وأشار إلى أن الدول الكبرى تلجأ إلى هذا الإجراء لحماية مواطنيها وبالتالي فهو”إجراء طبيعي لن يخيف طالما محدد لأمر معين”.

وحول استقالة الدكتور محمد البرادعي، نائب رئيس الجمهورية للعلاقات الخارجية, قال منصور “لا ننكر دور البرادعي في الثورة، فهو من أشعل شرارتها لكن هناك فرق بين أن تكون مصدر إلهام للثورة وبين إدارة الدولة في الظروف الصعبة” مضيفا “أن البرادعي ليس برجل الدولة الذي يتخذ قرارات صعبة”.

واستطرد منصور أن استقالة البرادعي “قرار خاطئ في وقت خاطئ” , لكني أستبعد أن تؤدى الاستقالة إلى انفراط عقد الفريق الرئاسي أو الحكومي.

وقال المحلل السياسي أسامة الدليل إن جماعة الاخوان بعد الصدام المسلح الذي دخلته الأربعاء مع الدولة ” تقود المعركة الأخيرة”, وتوقع خسارتها بعد أن فقدت تعاطف الشعب.

وأوضح الدليل لـ((شينخوا)) أن الاخوان دخلت منذ البداية “المعادلة الصفرية”, أي الحصول على كل شئ أو العودة إلى نقطة الصفر, وهذا يثبت أنه ليس لهم علاقة بأية ممارسات ديمقراطية.

وأشار الدليل إلى أن “المعركة التي تدور في القاهرة سوف تحسم مصير الإسلام السياسي في المنطقة كلها” مضيفا “أتوقع خسارة الاخوان”.

واعتبر الدليل فض الاعتصامات ليس عملية سياسية فقط لكنها اجتماعية أيضا لأنها تعطل مصالح المواطنين, مشيرا إلى أن الاخوان فقدوا تعاطف الشعب بسبب طول مدة الاعتصامات, لأنهم ربطوا مشروعهم السياسي بالإسلام ، ما أدى إلى شعور المجتمع, الذي هو متدين بطبيعته ويعرف الإسلام, بكذبهم.

واعتبر الخبير الأمني محمد عبد الفتاح عمر أن جماعة الاخوان خرجت بعد اشتباكات الأربعاء من العملية السياسية لعقود طويلة, مشيرا إلى أن “تاريخ الجماعة دموي”.

وأضاف عمر , وهو لواء شرطة سابق, لـ((شينخوا)), قائلا إن “الاخوان انتهوا”, وسيعودون إلى العمل السري, كما كان عليه الحال بالنسبة لهم قبل ثورة 25 يناير2011, لأن “اتصالاتهم مشبوهة وتمويلهم سري”.

وعد عمر فض الاعتصام “تجفيفا لبؤر إرهابية” لاسيما أن “المعتصمين كان يملكون أسلحة لمواجهة الشرطة”.

وتابع عمر قائلا إن “الشعب كان يطالب بالإسراع في فض الاعتصام ويأخذ على الحكومة التباطؤ لأن الاعتصامات تعطل مصالح المواطنين ومسيرة الدولة”.

وعن ارتفاع ضحايا فض الاعتصام ، قال عمر إنه كان يتوقع سقوط ضحايا أكثر من العدد المعلن، مضيفا “ماحدث بالمقاييس الدولية لا يعتبر خسارة … الحكومة نفذت الخطة بأقل الخسائر” خاصة أن الاخوان واجهوا بالمولوتوف والأسلحة الشرطة التي لو ردت بالقوة المناسبة لمات المئات.

ورأى عمر أن الأوضاع سوف تستقر قريبا, وأنه لو طبق قرار حظر التجوال بحسم فإن الحياة سوف تعود طبيعية جدا مستبعدا انتقال الاعتصامات إلى ميادين أخرى لأن “الدولة أظهرت العين الحمراء لأنصار مرسي”.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات