سينما الباكستان … عودة الروح

03:38 مساءً الإثنين 4 نوفمبر 2013
فاطمة الزهراء حسن

فاطمة الزهراء حسن

مخرجة تليفزيونية، وكاتبة من مصر، مستشار شبكة أخبار المستقبل (آسيا إن)

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

الباكستان وأول فيلم حركة بميزانية ضخمة(واار)

مشهد من فيلم واار

فيلم (واار) للمخرج الباكستاني (بلال لاشاري) استغرق تصويره ثلاث سنوات بميزانية قدرها أكثر من 2 مليون دولار,وقد حقق نجاحا ساحقا في الأسبوع الأول لعرضه في شهر أكتوبر(تشرين أول) الماضي, إذ بلغت إيرادته 900 ألف دولار وهو مؤشر خطير على نقلة نوعية وتقنية في مجال صناعة السينما الباكستانية التي لا تتجاوز فيها ميزانية انتاج فيلم متوسط 25 ألف دولار, يناقش الفيلم قضية تاريخية مستمرةللصراع بين الدولتين الجارتين الهند والباكستان , حيث يقوم مجموعة من الرجال الهنود النافذين بالإتفاق مع عناصر إسلاميةباكستانية متشددة لتنفيذ هجوم مسلح على الآراضي الباكستانية,وهو المخطط الذي يبوء بالفشل, وقد أثار هذا الفيلم جدلا واسعا واعتبره بعض القائمين على صناعة السينما في بوليود فيلما دعائيا يهدف إلى النيل من صورة الهند ودورها في تأجيج الصراع بين الدولتين, ومن المنتظر أن يتم عرض هذا الفيلم  تجاريا في دبي وكندا والولايات المتحدة .

شارع في بي شاور مزدان لملصقات الأفلام

خلفية تاريخية وثقافية عن الباكستان

في مجتمعاتنا النامية اقتصاديا وثقافيا يتعاظم دور الدولة في التوجيه والتعليم للنهوض بشعوبها ويعتبر الفن السابع من المؤسسات الثقافية الفارقة في إحداث تغيير إيجابي في سلوكيات وتوجهات المواطنين من ناحية وفي خلق صورة ذهنية عظيمة لتلك الدول لدى أبنائها عن أوطانهم ونقل هذه الصورة للخارج … ولكن كيف يكون الحال حينما تتخلى هذه الدول وتلك الحكومات عن مسئولياتها وتترك دورها لمن يملك المال والنفوذ ؟؟ دولة الباكستان التي خلقها الاستعمار البريطاني عام 1947 هي خير نموذج لهذه الفرضية .

بعد انسحاب بريطانيا من مستعمراتها الشاسعة المعروفة بالهند البريطانية وقتئذ قامت بتقسيمها على أساس مذهبي ديني,فكانت دولة الباكستان المسلمة ودولة الهند الهندوسية ,ومنذ ذلك الحين حاولت الحكومات المتعاقبة على الباكستان النهوض بالدولة الحديثة ومن ضمن اختصاصات الحكومة متمثلة في وزارة الثقافة كان الإشراف على  صناعة السينما متناولة القضايا الإجتماعية والسياسية للمجتمع الباكستاني بصورة متعمقة واستمر ذلك حتى أواخر السبعينيات من القرن الماضي حينما سحبت وزارة الثقافة الباكستانية دعمها وتمويلها بل وتمادت في فرض قيود تقنية وأدبية صارمة على صناعة السينما في الثمانينيات,ويمكننا أن نرصد هذا التراجع الكبير حينما نعرف أن عدد دور العرض السينمائي انخفض من 1400 دار عرض في الثمانينيات ليصل إلى 250 دار فقط مع أوائل التسعينيات .

في عام 2009 توقفت السينما تماما عندما قامت حركة طالبان بالهجوم المنظم على دور العرض . 2010 يعتبره النقاد الباكستانيون أنه الأسوأ إذ تم انتاج سبعة أفلام فقط وكان الفشل الذريع مصير ستة منهم.

أزمة السينما الباكستانية وعلاقتها بمثيلتها الهندية  

كانت السينما الهندية قد غزت الأسواق الباكستانية في الثمانينيات من القرن الماضي بفضل شرائط الفيديو كاسيت والتي كانت شائعة وقتئذ, تزامن هذا الغزو مع تراجع الإنتاج السينمائي الباكستاني بسبب نقص التمويل بعد تراجع مؤسسة السينما عن دعم هذا القطاع الحيوي , ومن ناحية أخرى عدم توافر فنيين مؤهلين يمكنهم منافسة نظرائهم في بوليود.

تصوير فيلم نور

ورغم الشعبية الكبيرة للسينما الهندية في باكستان إلا أنها تخضع لرقابة شديدة قبل السماح بعرضها , وكانت الحكومة الباكستانية قد اتخذت قرارا بحظر عرض الأفلام الهندية عام 1965 عندما اندلعت الحرب بين الدولتين على خلفية الصراع حول اقليم كشمير الحدودي.

تم تخفيف هذا الحظر عام 2006 عندما شهدت العلاقات بين البلدين تحسنا تدريجيا , وكان أول فيلم هندي  يتم عرضه في الباكستان بعد رفع الحظر هو (تاج محل) وهو مأخوذ عن قصة حقيقية للإمبراطور المغولي شاه جيهان .

إلا أن تفجيرات مدينة بومباي الهندية 2008 واتهام جماعات باكستانية مسلحة بالوقوف وراء هذا الإعتداء تسببت في تدهور العلاقات مجددا بين الجارتين .

الأفلام الباكستانية تغزو دورالعرض الهندية

الإزدواجية والعنصرية التي تمارسها المجتمعات النامية بصور مختلفة وسبل شتى تجاه المرأة والقمع الذي تتعرض له النساء في المجتمعات الفقيرة هي قضية مشتركة بين الهند والباكستان طرحها المخرج الباكستاني ( شعيب منصور) في فيلمه (بول ) سبتمبر 2011 والذي لاقى حفاوة بالغة في دور العرض الهندية ,إنه يتعرض لنفس المشكلات التي تعاني منها النساء في كلتا الدولتين وعرف المدخل للوصول إلى الجماهير الهندية التي ظلت عقودا طويلة لا تلقي بالا للسينما في لاهور معقل صناعة السينما في باكستان , ولم يكن هذا هو فيلمه الأول الذي يغزو به دور العرض السينمائي في نيودلهي إذ قدم قبل ذلك فيلم (في سبيل الله ) (خودا كه ييه) عام 2007 والذي تطرق فيه إلى قضية التداخل بين الدين والسياسة وتأثير الإسلام المعاصر على رؤية العالم للمسلمين بصفة عامة.

أما بطلة فيلم (بول) النجمة (هميما مالك) والتي كانت تعمل كعارضة أزياء قبل دخولها عالم السينما تواجدت في الهند للترويج لفيلمها الجديد , فقد عبرت عن الطفرة الكبيرة التي تحققها السينما الباكستانية ودخولها مجال المنافسة مع بوليود قائلة: “إن السينما الباكستانية تقدم مشاريع ورؤى جديدة , وقد خرجت أخيرا من عباءة السينما الهندية”.

 

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات