أوبرا فاوست : رحلة البحث عن الحقيقة

01:24 مساءً الأربعاء 27 نوفمبر 2013

فاطمة الزهراء حسن

مخرجة تليفزيونية، وكاتبة من مصر، مستشار شبكة أخبار المستقبل (آسيا إن)

أوبرا فاوست للموسيقار العالمي الفرنسي (تشارلز جونوه) 1818-1893 هي واحدة من أعظم الأوبرات العالمية في تاريخ الإنسانية, تدورأوبرا فاوست في خمسة فصول وهي مستلهمة من رائعة(Wolfgang von Goethe) (يوهان فولفجانج جوته) التي تحمل نفس الاسم.

كتب (جونوه) أوبرا فاوست أشهروأهم أعماله عام 1859, وكان قد حصل على جائزة روما1839 عن الأغنية المسرحية (فرديناند),كما كتب أوبرا (فيليمون)الخالدة,وتنوعت أعماله بين السيمفونيات والمسرحيات الغنايئة والأوبرات الرائعة.

صراع أبدي بين المادي والمعنوي

تعرض الأوبرا للكيميائي والساحر (فاوست) الباحث عن المعرفة اللانهائية سعيا وراء اكتشاف جوهر الحياة وأسرار الخلود وفي سعيه هذا وفي طور من أطوار المعرفة يصل إلى مرحلة اليأس فيلجأ إلى الشيطان الذي جسد شخصيته (ميفيستوفيليس) ليمنحه المزيد من القوى السحرية التي تمكنه من الوصول إلى الحقيقة , فيبرم معه عقدا يقضي بأن يقوم الشيطان بخدمته طوال حياته ويعيد إليه شبابه ونضارته ويحقق له رغباته غير المشروعة مقابل أن يمنح روحه للشيطان ويكون عبدا له الأمر الذي يجعله يهلك في النهاية ويسوقه إلى نهايته المحتومة.

الحب العُذري في مواجهة الحب الحسّي

مرجريت بطلة العرض, فتاة جميلة تمثل الحب البرئ الطاهر في علاقتها بالشاب الخجول الوسيم (سيبيل) مقابل المشاعر الحسية والرغبات الشريرة التي يحملها نحوها (فاوست), وقد تمكن من خلال صفقته مع الشيطان أن يستميلها له ويجعلها تنجذب إليه عندما قدم لها صندوقا مليئا بالمجوهرات, في حين يقدم لها (سيبيل) باقة ورد قطفها من شجرة الورود حينما غنى لها :

May these flowers convoy

What I would say

إلا أن (مرجريت) تتخلص من تأثير (فاوست) السئ عليها وتفضل الموت على الرجوع إليه بعدما عرفت عن علاقته الشاذة مع الشيطان وراحت تدعو الله أن يخلصها من هذا الكابوس وأن يرفع الله روحها في الأعالي:

Angel host, shining in the sky

Lift up my soul to God on high.

الإغواء لايمكنه أن يستمر طويلا

لا يتوقف الشيطان(ميفيستوفيليس) عن محاولاته المستميتة أن يغوي البشر وأن يستميلهم إلى طريق الخطأ والمعصية , فقد أغوى أهل القرية البسطاء وجعلهم يطوفون من دون وعي حول العجل الذهبي في إشارة إلى قوم سيدنا موسى عليه السلام عندما أضلهم السامري وجعلهم يرتدوا بعدما أنقذهم الله ,إلا أنهم سرعان ما يدركوا خطيئتهم ويكتشفوا أن هذا الشخص المتخفي هو الشيطان ويرفعوا مقابض السيوف في وجهه ويغنوا (أغنية السيوف) وينتصروا في النهاية على الشيطان بفضل صدق إيمانهم وثباتهم على الحق.

أوبرا فاوست مزيج بين الفلسفة والفن

حينما كتب الفيلسوف الموسوعي جوته1749-1832 الملحمة الشعرية الخالدة (فاوست) مستلهما إياها من حكاية شعبية في الموروث الألماني حول كيميائي وساحر يعقد صفقة مع الشيطان , كتبها في جزأين منفصلين بينهما نحو 25 عاما , كان يطرح فكرة ولع الإنسان بالمعرفة وصراعه الداخلي بين الخير والشر, بين اللذة والفضيلة, كان فاوست يسعى للشباب الدائم وللنشوة وقدم روحه للشيطان ثمنا لهذه الرغبة الشيطانية:أن يُسلّم فاوست روحه للشيطان مقابل أن يهبه الشيطان بدوره ملذات لا حدود لهاوشباب لايزول .

كان هذا العقد في ظاهره يحقق الرضا للطرفين ,إلا أن فاوست وبعد أن زال أثر ديمومة الصبا والشباب عن روحه عاد مجددا يبحث عن الحقيقة التي لا يمتلكها إلا الله الخالق, فيبدأ الصراع مجددا بين فاوست والشيطان في رحلة المعرفة ويحاول فاوست أن يعتق نفسه من هذا العقد اللعين.

أوبرا فاوست هي مستوحاة من الملحمة الشعرية الرائعة التي تحمل ذات الاسم والتي جسدت واحدة من أعظم الأوبرات التي عرفتها البشرية