الصهد

08:26 صباحًا الإثنين 9 ديسمبر 2013
باسمة العنزي

باسمة العنزي

روائية وقاصة من الكويت، فازت بجائزة الدولة التشجيعية، لها عمود أسبوعي في جريدة (الراي) الكويتية.

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

بعد روايته (أغرار) الصادرة عام 2008 تلقف القراء المهتمون بالأدب الجيد رواية (الصهد) لناصر الظفيري عن دار مسعى في معرض الكتاب، حتى أن الأديبة ليلى العثمان كعهدها في تشجيع الأدب المحلي كانت تهدي ضيوف المعرض من أصدقائها نسخا من تل كونته على طاولة منزلها.
(الصهد)… رواية يكملها القارئ في يومين رغم عدد صفحاتها المقارب للأربعمئة، بدايتها كانت مؤهلة لأن تكون رواية تاريخية لولا منعطف الثلث الثاني من العمل. تمنيت كقارئة لو توقف الظفيري عند زمن (ابن فضل) و(شومان) ولم يتخلص من تلك الشخصيات الجذابة والمتدفقة روائيا لصالح (ليال) و(علي شومان) و(ريما) و غيرهم من الشخصيات التي لم تكن بقوة وبريق أبطال الثلث الأول. ليته أكمل رحلته الباعثة على الفضول مع سراب الصحراء والحائط الوهمي وسفن البحارة، وحكايات الجن وتل الفضيحة وكائن الخرافة، والحدود التي تعبرها الجمال والبضائع المهربة، بدلا من نقلنا لنيويورك وكندا والفروانية وبث الكثير من الشخصيات في فضاء النص المزدحم.
جاءت الرواية لتتناول قضية البدون في الكويت بمحاولة تتبع أثرها تاريخيا والإحاطة بها، بدايات اكتشاف النفط، تحولات المدينة السريعة، عودة الكويتيين من المهاجرين للبصرة، استقرار القبائل التي نزحت من الصحراء للعمل في مجال الجيش والشرطة، الانتقائية في التجنيس، وغيرها، صاحب ذلك تعدد الشخصيات على امتداد جيلين مع الكثيرمن القفزات الزمنية.
الرواية جاءت بصوت الراوي العليم، مستوى السرد بدا أشد تماسكا في الثلث الأول، شخصية (ليال) حملت العديد من التناقضات، كقارئة لم تقنعني، شخصية لامبالية ومستهترة جافة جدا مع والدتها بدا غريبا كيف تحمل ولاء والتزاما عاليا للوطن الذي لم يمنحها صك المواطنة بحيث تنخرط في المقاومة وتحمل السلاح. وكيف تعرضت للاغتصاب وفي نفس الوقت بدت شبقة ومتهافتة على رجل لم يحبها وهي المرأة المعتزة باستقلاليتها! أيضا لم أقتنع كقارئة بموقف (شريف) و(شاكر) الأول كويتي أصيل والآخر بالتجنس وكلاهما ثري بموقفهما أثناء الغزو، حيث تعاون كلاهما مع البعث والغزاة! وهو أمر لم يحدث على أرض الواقع.
شخصية (ريما) الفلسطينية بدت سلبية وكئيبة كمارش جنائزي، بلا ملامح روائية مقنعة فهي المتفوقة دراسيا المتمردة لاحقا، عكس والدها (أبو ليلى) الذي حمل هم القضية الفلسطينية عبر صوته المتفرد في العمل، قصة هروب شقيقتها (مها) وجدتها مقحمة لم تخدم الخط الدرامي. على جانب آخر جاءت شخصية البطل (علي شومان) موازية لريما في السلبية و التقوقع على ذاته المحبطة، رجل مهزوم تحركه الأقدار وتعبث به. يصبح هدفا لحب غريب من امرأتين احدهما عكس الأخرى في كل شيء!

الروائي الكبير إسماعيل فهد إسماعيل يقدم ناصر الظفيري (يسارًا) في إحدى الندوات

لغة الرواية جاءت بسيطة ومباشرة، أجمل ما في العمل رصده حالات الغربة والتغلغل في شخصيات بدت منشطرة ومتماهية مع حزنها الخاص في عالم لا يلتفت لهم. عنصر التشويق كان حاضرا رغم الإطالة في أجزاء كثيرة من العمل خصوصا الصفحات التي تناولت هجرة البطل لكندا وما بعدها.
المتابع لإنتاج الظفيري الروائي يلمح نقاط التقاء بين أبطال رواياته الثلاث الأخيرة، الرجل المستلب (علي شومان) والمرأة الجريئة (ليال) وجدا بشكل آخر في (سماء مقلوبة) و(أغرار) وبعض قصص ناصر القصيرة.
(صهد) هي الرواية المحلية التي تتحدث عن مشكلة (البدون) بتركيز شديد كما تحدثت عنها رواية (سلالم النهار) لفوزية شويش مع أن كلايهما على طرفي نقيض في رؤيتهما للموضوع.
ناصر الظفيري روائي مجتهد يعمل بصبر وأناة، أمضى عشر سنوات في كتابة (الصهد) التي يمسكها القارئ بسقف توقعات عال خاصة أنها لمؤلف (سماء مقلوبة) الرائعة الروائية التي من الصعب تجاوزها حتى من ناصر نفسه!

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات