لغة الأشياء / سكاكين خالد خليفة

06:18 صباحًا الإثنين 6 يناير 2014
باسمة العنزي

باسمة العنزي

روائية وقاصة من الكويت، فازت بجائزة الدولة التشجيعية، لها عمود أسبوعي في جريدة (الراي) الكويتية.

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

خالد خليفة

بعض الروايات يصلك صداها قبل قراءتها، مجرد عنوانها بإمكانه إخبارك الكثير عنها (لا سكاكين في مطابخ هذه المدينة) لخالد خليفة احد هذه الأعمال، رواية بحثت عنها في معرض الكتاب الأخير، وقبل أن انهيها حصلت على جائزة نجيب محفوظ للرواية.
يأتي خالد خليفة ليدشن نمطا جديدا في كتابة الرواية السورية الحديثة بعد انهيار جدار الخوف وسقوط صنم الرئيس، مدونا تاريخ مدينة حلب عبر حكاية عائلة سورية عادية كل ما حولها من أحداث وفوضى ورعب انعكس عليها بشكل عبثي.
«لم تعد تعنيه الحياة ليرى عار شعب بأكمله ينمو ببطء، كقطار البضائع الذي مات جده تحت عجلاته*».
رواية عن الفقر والحزب والفساد والعجز والشيخوخة والعهر والشذوذ والكثير من الصرخات المكبوتة، أبطال مهمشين مضت أعمارهم في وهن، لوثت السياسة ملامح مدينتهم الجميلة، اغتيلت أحلامهم برصاص الحزب.
«تخيلت أننا جموع غفيرة، تقاسمنا الهواء مع من حكمونا أربعين عاما لكننا لم نلتق*».
الرواية تتناول بعمق و مهارة حياة معلمة هجرها زوجها، وشقيقها الموسيقي الشاذ وأبناءُهاالأربعة (سوسن ورشيد و سعاد والراوي)، لكل شخصية امتداد زمني خاص بها وآخر تشتبك فيه مع بقية الشخوص، كما لكل منهم خط روائي واضح مطعم بالأحداث والمحطات المهمة، باستثناء الراوي الصوت الثالث- الذي تسرد الرواية على لسانه كأحد أبناء المعلمة، وجد في السياق بلا اسم أو ملامح خاصة، تولى سرد العمل كفرد من العائلة دون أن يسلط الكاتب الضوء عليه. وجود البطل/ الظل أعطى للنص بعدا جماليا خاصا وهو أمر غير مطروق كثيرا في الروايات العربية.
جاءت بداية الرواية مذهلة في فصل (حقول الخس) كقارئة توقعت أن تحظى الأم الغامضة بمساحة أكبر في العمل. أيضا وجدت أن شخصية الخال الموسيقي (نزار) أخذت الكثير من المساحة بالإضافة لصديقه مدحت، كلاهما أحالني لرواية (عمارة يعقوبيان) لعلاء الأسواني وتناولها للعلاقة المثلية.
خليفة شرع في كتابة عمله قبل الربيع العربي عام 2007 وانتهى منه ربيع 2013، لم يتناول الثورة السورية كون زمن الرواية ينتهي عام 2005. هل أثر ذلك على حجم المكاشفة والجرأة المخطط لها قبل الثورة؟!
الرواية تحاول تفكيك الذاكرة، غاصت في قاع المدينة، كشفت عن عوالم الفقراء والمقموعين، الجهلة والمتعلمين، القتلة والحزبيين، عن الأقدام الغائصة في الوحل، والعجائز الذين ينتظرون الموت على أسرة باردة، هي رواية أسى عن الذين ضاعوا وسط الزحام، عنيت بتتبع مصائر أبطال لا سلطة لهم حتى على قراراتهم الشخصية، المرض والسجن و الفقر وانعدام الحرية أشياء لا يملكون لها دفعا، إنهم يشيخون من دون أن يلتقطوا السعادة.
(لا سكاكين في مطابخ هذه المدينة) رواية يجذبك عنوانها المغاير وغلافها الجميل، تحاول فك رموزها المشغولة بحرفنة فتغرق في حزنها الممتد كواقعنا العربي ولا يمكنك سوى أن تتعاطف مع أبطالها الذين انتهت الرواية من دون ميلاد جيل جديد موعود بغد أفضل!
* المقاطع من رواية (لا سكاكين في مطابخ المدينة) لخالد خليفة، دار العين 2013، حازت أخيرا على جائزة نجيب محفوظ للرواية.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات