لم تتوقف وسائل الإعلام في ولاية نيوجيرسي عن نعي بطلها الوطني الشاعر الثائر أميري بركة، عن عمر يناهز 79 عامًا. بدأت الإذاعات الأمريكية المحلية تعيد بث تسجيلات له، وأخذت الصحف تنشر صوره، وهو الشاعر والكاتب والناشط السياسي الذي أشعل الجدل كثيرًا بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 على الولايات المتحدة.
دخل أميري إلى المستشفى وظل بها لمدة شهر حتى نقل إلى العناية المركزة لسبب غير معروف ، ولكن متحدثا باسم البلدية قال في وقت متأخر من ديسمبر/ كانون الاول. إن حالته تتحسن . بعد رحيله قال عمدة نيوارك لويس كوينتانا: “سنفتقد بشدة بركة .. لقد ذهبت لزيارته في المستشفى قبل نحو اسبوعين.. وكان ذلك الشاعر زعيما في حياته له طقوسه الخاصة”. وذكر العمدة كوينتانا دور بركة في اتفاقية السود وبورتوريكو عام 1970، واللقاء السياسي الذي أسفر عن انتخاب كين جيبسون ، أول عمدة أسود في نيوارك . وأضاف في حديث هاتفي إلى “اننا سذكره دائما لإسهاماته في نيوارك بولاية نيو جيرسي وأمريكا “. عانى بركة طويلا من مرض السكري ، ولكن لم يتضح على الفور سبب الوفاة.
أميري بركة هو اسمٌ مستعار لايفرت لروي جونس، المولود في 7 أكتوبر 1934 ، ورغم ما صاحب حياته الثائرة من جدل تبقى قصيدته (شخص ما فجَّر أمريكا) بعد أحداث 9/11 هي التي أشعلت الضجة الأكبر حتى أن محافظ نيوجيرسي ماكجريفي حاول أن يجرد بركة من منصبه الفخري ، لولا أنه لا يوجد نص في القانون يسمح له للقيام بذلك. وكان اسم بركة يطلق على الشاعر الحائز على جائزة نيوارك للمدارس الحكومية.
لكن ذلك لم يكن التكريم الوحيد الذي ناله بركة، فقد حاز ميدالية جيمس ويلدون جونسون للمساهمات في الفنون ، وجائزة أكاديمية الأمريكية للفنون والآداب ، وهو الشاعر الحائز على جائزة نيو جيرسي و الأستاذ الفخري في جامعة ولاية نيويورك في ستوني بروك. وكان من الشخصيات البارزة في عالم الأدب التي تم تضمينها في قائمة عالم مولفي كيتي اشانتي كأعظم 100 أمريكي من أصل أفريقي “
هنا نستمع إلى الشاب أميري بركة يقرأ في 1965 مقالا له بعنوان (المسرح الثوري)، قبل أيام فقط من اغتيال مالكوم إكس:
أميري يقرأ (الشاعر الثوري) وحوار ساخن معه بعد المقال
بحلول نهاية العام 1965، طلق أميري بركة زوجته البيضاء هيتي جونز (ني كوهين) وغير اسمه ؛ واعتنق الإسلام، وتزوج الشاعرة سيلفيا روبنسون (عرفت فيما بعد باسم أمينة البركة)، وأسس مدرسة لفنون السود المسرحية، وهو ما يدور حولها البرنامج المسجل في الرابط أعلاه .
في ذلك الوقت الذي أجري به هذا التسجيل ، اعتبر بركة بالفعل واحدا من الكتاب المسرحيين الجدد الواعدين في الولايات المتحدة، وكان صوتا بليغا ضد السياسة العنصرية؛ وفازت إحدى مسرحياته بجائزة أوبي الهولندية.
بعد تكليفه بكتابة مقال ” المسرح الثوري رفضت صحيفة نيويورك تايمز نشره، مما دفع نادي الصحافة لما وراء البحار إلى دعوته لقراءة المقال والحوار حوله، وتبع ذلك مناقشة مثيرة للجدل في بعض الأحيان.
بركة هو مؤلف لأكثر من 40 كتابا من القصائد والمسرحيات ، والمقالات ، والروايات، والنقد الموسيقى. وهو ناشط عنيد ، و مؤسس للعديد من الفنون والمشاريع السياسية. وقد خدم البركة في هيئة التدريس في العديد من الكليات و الجامعات ، بما في ذلك جامعة ولاية نيويورك ستوني بروك ، حيث كان يدرس لسنوات عديدة. وهو عضو في الأكاديمية الأمريكية للفنون والآداب و حاصل على عدد لا يحصى من الجوائز و المنح. شارك في تأليف السيرة الذاتية كوينسي جونز ، وظهر (عادة يمثل شخصيته الحقيقية ) في أكثر من عشرة أفلام ، بما في ذلك ” Bulworth . ” ، وعلى مدى السنوات العشرين الماضية كان هو وزوجته يديران Kimako البلوز الشعبية ، كمساحة لفضاء الفنون المجتمعية في نيوارك.
من صفحة الشاعر فخري رطروط، قصيدة الشاعر الثائر أميري بركة (من فجَّر أمريكا) بترجمة خلود سليمان:
يقولون إنهم بعض الإرهابيين
بعض البربر
ع.. ر.. ب
في أفغانستان
لم يكونوا إرهابييننا من أمريكا
لم يكونوا عصابات “الكلان”
أو “السكن هد” العنصرية
أو أولئك الذين فجروا الزنوج والكنائس
أو استنسخونا لنوضع في قائمة الإعلام
لم يكن “ترنت لوك”
أو “ديفيد ديوك” أو “جولياني” أو “شندلر”
ويستقيل هلمز
لم يكن السيلان متخفيا
أمراض الملاءات البيضاء تقتل السود
وترهب منطق وعقل الإنسانية كما تشاء
هم يقولون..
من يقول؟!
من يقول الكلام؟!
من يدفع لهم؟!
من يروي الأكاذيب؟!
من يتخفى؟
من يملك العبيد؟
من أخذ خيرات الدولارات؟!
من أصبح سميناً من عرق فلاحي المزارع؟!
من قام بتصفية الهنود؟!
وحاول أن يدمِّر السود؟!
من يعيش في شارع “وال ستريت”؟!
المزرعة الأولى؟!
من أفقدك رجولتك؟!
من اغتصب أمَّك؟!
من أعدم أباك بلا محاكمة؟!
من يسرق النفط.. من لديه الريش؟!
من لديه أعواد الكبريت.. من أشعل النار؟!
من قتل ومن دفع؟!
من الأكبر؟!
من الأكثر طيبة؟!
من أخلاقه تشبه أخلاق عيسى عليه السلام؟!
من اخترع كل الأشياء؟!
من الأذكى؟!
من الأفضل؟!
من الأكثر ثراء؟!
من يقول: إنك دميم، وإنه الأجمل؟!
من حدد الفنون؟!
من حدد العلوم؟!
من صنع القنابل؟!
من صنع الأسلحة؟!
من قهرالعبيد ومن باعهم؟!
من سمَّاهم بتلك الأسماء؟!
من قال: إنَّ السفاح “دامر” لم يكن مخبولاً؟!
من.. من.. من؟!
من سرق بورتوريكو؟!
من احتل الإنديز، الفلبين، مانهاتن، استراليا؟!
من دفع بالأفيون في أيدي الصينيين؟!
من يملك كل تلك البنايات؟!
من لديه المال؟!
من يظن أنك مضحك؟!
من سجنك؟!
من يملك الجرائد؟!
من يملك سفن العبيد؟!
من يقود الجيش؟!
من هو الرئيس الزائف؟!
من يحكم؟!
من يملك البنوك؟!
من.. من.. من؟!
من يملك المناجم؟!
من يقودك للجنون؟!
من لديه الخبز؟!
من يريد السلام؟!
من تظنه يريد الحرب؟!
من يستعمر النفط؟!
من الذي لا يتعرَّض للشقاء؟!
من يملك الأرض؟!
من الذي ليس زنجياً؟!
من هو الأفضل ؟!
من يملك هذه المدينة؟!
من يملك الهواء؟!
من يملك الماء؟!
من يسرق ويغش ويقتل الحقائق بالأكاذيب؟!
من يسكن أضخم البيوت؟!
من يرتكب أفظع الجرائم؟!
من يعطي لنفسه استراحة أينما شاء؟!
من قتل معظم الزنوج؟!
من قتل معظم الإيطاليين؟!
من قتل معظم الإيرلنديين؟!
من قتل معظم الأفارقة؟!
من قتل معظم اليابانيين؟!
من قتل معظم اللاتينيين؟!
من.. من.. من؟!
من يملك المحيط؟!
من يملك الطائرات؟!
من يملك المراكز التجارية؟!
من يملك التلفزيون؟!
من يملك الإذاعة؟!
من يملك الأشياء التي لا تملك؟!
من يملك أصحاب الأشياء؟!
الذين هم ليسوا أصحابها؟!
من يملك الضواحي؟!
من يمتص المدن؟!
من يضع القوانين؟!
من جعل من “بوش” رئيساً؟!
من آمن بأنَّ عَلَم الاتحاد
لا بدَّ أن يظلّ مرفوعاً؟!
من يتحدث عن الديمقراطية كذباً؟!
من يعرف؟!
من الشيطان في حقيقته؟!
من أصبح ثرياً من الحرب العرقية في أرمينياً؟
من أكبر الإرهابيين؟!
من حرَّف الإنجيل؟!
من قتل أغلب الناس؟!
من يرتكب أكثر الشرور؟!
من الذي لا يعنيه السلام؟!
من يملك المستعمرات؟!
من سرق أكثر الأرض؟!
من يحكم العالم؟!
من يقول: إنه خيِّر ويفعل الشر؟!
من أكبر الجلادين؟!
من علَّمك كلّ ما تعرف،
ثم اكتشف أنَّ كل ما تعلمته زيف؟!
من.. من..؟!
ربما الشياطين؟!
من دفع للسي آي إيه؟!
من كان يعرف أنَّ القنبلة ستنفجر؟!
من يعرف لماذا كان خمسة إسرائيليين يصورون الانفجار ويقهقهون على الموقف؟!
من اخترع بطاقات الائتمان؟!
من يحصل على أعلى الضرائب؟!
من غادر معارضاً مؤتمر مناهضة العنصرية؟!
من قتل مالكوم، كينيدي، وأخاه؟!
من قتل الدكتور كينغ؟!
من يريد شيئاً كهذا؟!
هل لهم علاقة بقاتل لينكولن؟!
من قام بغزو جرينادا؟!
من صنع ثروة من وراء العنصرية؟!
من أبقى ايرلندا مستعمرة؟!
من أسقط شيلي؟!
وبعدها نيكاراجوا؟!
من قتل ديفيد، سيبكو، كريس هاني؟!
هل هم أنفسهم قتلة بيكو، كابرال، نيرودا؟!
اليندا، تشي جيفارا، ساندينو؟!
من قتل كابيلا؟!
هم نفس الذين ضيعوا لومومبا
وموند لاين، بيتي شاباز،
فيذرستون، ليت بوبي؟!
من حبس مانديلا، دوروبا،
جيرانيمو,
اساتا، مومبا، جارفي؟!
أليسوا هم نفس الأشخاص
الذين حاولوا تسميم “فيديل”،
والذين حاولوا إبقاء فيتنام تحت القهر،
ووضع ثمناً لرأس لينين؟!
ومن ساعدهم على ذلك؟!
من قال: أمريكا أولا؟!
من قتل “روز لوكسمبورج لينبيكيت”
وكل الناس الطيبين؟!
جمدوا، عذبوا، اغتيلوا، اختفوا
من قطع أيدي الناس في الكونغو؟!
من جلب الإيدز؟!
من وضع الجراثيم في ملاءات الهنود؟!
من صنع طريق الدموع؟!(1)
من بدأ الحرب الاسبانية الأمريكية؟!
من دعم باتسيتا، هتلر، بيبلو، شيانغ كاي شيك؟!
لحساب من يعمل توم كليرنس؟! (2)
ما هي القذارة التي تخرج من فم كولون؟! (3)
أي نوع من السخافات هي الـ”كونداليزا”؟! (4)
من دفع لكونيللي ليصبح زنجياً من خشب؟!
من اشترى جميل الأمين؟!
من أشعل حريق الرايخ ستيج؟!
من أبلغ أربعة آلاف اسرائيلي أن لا يذهبوا ذلك اليوم لمكاتبهم في البرجين؟!
لماذا بقى شارون بعيداً؟!
من.. من.. من..؟!
الجرائد تقول: إنه انفجار البومة!
يمكن أن نرى وجه الشيطان
من يريد العالم أن يبقى كما هو؟!
من يريد العالم أن يظل تحت حكم الامبريالية؟!
والعنف والارهاب والجوع والفقر
وتحت وطأة الظلم؟!
من هو حاكم الجحيم؟!
من الأقوى؟!
ولكن من المؤكد أنَّ الجميع قد رأوا الشيطان
مثل البومة
تنفجر
في حياتك، في دماغك، في قلبك
مثل البومة تعرف الشيطان
تصرخ طوال الليل والنهار
أنصت
مثل البومة تنفجر في النار
ونسمع الأسئلة تطرح في اللهب المستعر
مثل نباح *ممنوع**ممنوع**ممنوع* مجنون
مثل القذائف الحارقة تندفع من الجحيم
من..
من..
من..؟!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــ
هوامش:
1ـ طريق الدموع هو الطريق الذي سلكه الهنود الأمريكيون قهراً من فلوريدا إلى اوكلاهوما.
2 ـ توم كليزنس قاضي من الأمريكيين الأفارقة وكان موالياً للبيض ضد السود.
3 ـ “كولون” معناها المسخ وكتابتها قريبة من اسم “كولن” ويقصد هنا كولن باول وزير الخارجية الأمريكي.
4 ـ يقصد بـ”الكونداليزا” كونداليزا رايس كبيرة مستشاري الأمن القومي.
مؤسس جمعية الصحفيين الآسيويين، ناشر (آسيا إن)، كوريا الجنوبية
الرئيس الشرفي لجمعية الصحفيين الآسيويين، صحفي مخضرم من سنغافورة
روائية وقاصة من الكويت، فازت بجائزة الدولة التشجيعية، لها عمود أسبوعي في جريدة (الراي) الكويتية.
آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov
كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.