الروائي المصري خالد إسماعيل: عندما تخطو الثورة للأمام سنرى صابرعرب، خلف القضبان

08:23 مساءً الأربعاء 29 يناير 2014
  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

 

خالد إسماعيل أحد أبرز الروائيين الشباب وصوت روائى مصري صميم ينطلق من واقعه ولا يسبح في عوالم افتراضية حتى إن بعض رواياته اتسمت بطابع تسجيلى، لا يسقط على واقعه مقولات تم تصنيعها فى معامل الغرب، ولا يعنيه نقاد النظريات الحديثة الذين أسهموا فى غربة الأدب المصري وحولوه إلى معادلات كيميائية، هو روائى يكتب نصه وبيئته وفقط، غير راغب فى جائزة تحرفه عن مساره أو شهرة تغربه عن واقعه، خالد إسماعيل لا يمد بصره إلى الخارج وهو يكتب بل ينظر فى الداخل، لذلك هو غير مندمج فى الشلل الثقافية ولا يعترف بها ولا يرجو منها شيئا، فى هذا الحوار يقول خالد ما يعتقده بصراحة جارحة ووضوح لا يخاف الخسران. فى هذا الحوار نتعرف على عالم وقضايا خالد إسماعيل فإلى التفاصيل في حوار مصطفى عبادة معه ، والذي نشرته مجلة الأهرام العربي في القاهرة:

 

> اهتمت الرواية الجديدة ورواياتك على وجه الخصوص بواقع ما قبل 25 يناير وانغمست فيه هل كانت الثورة على قدر توقعاتكم؟
فى جميع رواياتى وقصصى كنت أحاول تحقيق عدة أمور، منها أن أحافظ على مشروعى الإبداعى القائم على مصرية الأسلوب والبحث عن طريق إبداعى يجمع بين خصوصية ثقافية والتزام بما اتفق عليه الناس بخصوص البناء الفنى للرواية وأن تكون الكتابة واقعة ضمن مايسمى بـ»الأدب الثورى «وهوالأدب الذى له مهمة وحيدة هى جعل وعى المتلقى فى حالة ثورة دائمة تجعله يسعى لمقاومة كل مايسلب الإنسان حريته وإنسانيته، وكانت السنوات التى بدأت فيها مشروعى الإبداعى سنوات صعبة بجميع المقاييس فهى السنوات التى شهدت سقوط تجربة الاشتراكية فى الاتحاد السوفيتى وانفراد أمريكا بمقدرات العالم وسيطرة طبقة فاسدة وعميلة لأمريكا على مقدرات مصر وتخصيص مليارات الدولارات لمحوالثقافات القديمة والحضارات لكى يصبح الكوكب الأرضى كوكبا أمريكيا، وعلى المستوى الشخصى عانيت من العصابة أمريكية الهوى التى سيطرت على الساحة الثقافية والنقدية فى مصر، ولكن لم أستسلم لأننى كنت مؤمنا بأن الثورة قادمة وها هى قد تفجرت وسوف تظل متوهجة حتى تحقق أهدافها وهذا ليس كلاما نظريا بل هى حقائق التاريخ وللعلم، سوف تنعكس آثار الثورة المصرية على العالم كله برغم المشهد الذى يبدو محبطا على مستوى الداخل أوالمجتمع المصرى، هناك موجة ثورية عاتية قادمة لكنس أذناب واشنطن وعصابات الفساد فى كل القطاعات ومن ضمنها قطاع الثقافة.

الروائي المصري خالد إسماعيل

> اتسمت رواياتك بالواقعية التسجيلية، إن صح التعبير، لفضح بعض النماذج البشرية التى ثار الكتاب عليها لكننا وجدناهم يتصدرون المشهد بعد الثورة خصوصا عندما جاء علاء عبد العزيز وزيرا كيف ترى دور هؤلاء؟
بداية ليست كل رواياتى قائمة على ما أسميته «الواقعية التسجيلية»، الرواية الوحيدة التى توافرت فيها هذه التسجيلية هى رواية 26 إبريل وقد حرصت على فضح أطراف مؤامرة تزعمها صحفيون من بينهم صحفى سلم خاله ـ شقيق والدته ـ لحبل المشنقة مقابل العفو عنه فى قضية مشهورة، وهذا الصحفى كان ومازال يعمل مع أجهزة الأمن المحلية والدولية وهذا الصحفى قصد اغتيالى معنويا على مستوى مهنى وإنسانى، ولم أكن رائدا فى هذا اللون الإبداعى فقدسبقنى يوسف إدريس بروايته «البيضاء « وفتحى غانم بروايته «زينب والعرش «و»الرجل الذى فقد ظله «، وكما ذكرت لك أننى أعمل داخل إطار»الأدب الثورى «ومن بديهيات هذا التوجه فضح القوانين التى تعمل منظومة الفساد التى تحكم مجتمعنا ولهذا كنت حريصا على كتابة شخصيات من الواقع وليس سرد وقائع وكنت حريصا على فضح نموذج المثقف العميل والمرتزق والخائن لطبقته وبدأت ذلك فى روايات «كحل حجر»و»العباية السودا «واكتملت الصورة فى رواية «زهرة البستان «التى اشتملت على نماذج مازالت تمارس دورها فى تغييب الوعى وترويج الأكاذيب والعمالة الصريحة للأمريكان، ولما حكم الإخوان مصر وقرروا السيطرة على العقل المصرى اختاروا السيد علاء عبدالعزيز المدرس بأكاديمية الفنون ليكون وزيرا للثقافة، وكان هذا الوزير بمثابة قطعة الجبن التى توضع فى المصيدة لإغراء الفئران وصيدها بسهولة ،وبالفعل استطاع هذا الوزير أن يثبت لنا أن الذين صدعونا بالكلام عن التنويركانوا كذابين بدليل أنهم ذهبوا للوزيرالإخوانى وعقدوا معه الصفقات وكان الشاعراليسارى الذى قضى 30عاما وهو يردد مقولات ماركس ولينين فى ورشة الزيتون دليلا على زيف هذا النوع من المثقفين المرتزقة، فقد تخلى هذا الشاعر عن ماركسيته وكتب مقدمة رواية مجهولة للإرهابى سيدقطب وقال فى هذه المقدمة ما معناه إن سيد قطب ثائر ومناضل وغيرذلك من الكلام الرخيص، وبالنسبة لما قام به المثقفون المستفيدون من «الحظيرة «التى أرسى دعائمها فاروق حسنى وجابرعصفور، لم يكن عودة للشارع وقضية الثورة بل كان تعبيرا عن رفض هؤلاء للصيغة التى طرحها وزير الثقافة الإخوانى، وعلى سبيل تأكيدهذا الرأى أقول لك، لقد رحب ناشر معروف بالوزير على أمل بقاء مصالحه ومكاسبه المالية التى يحققها من «مهرجان القراءة للجميع»، ولكن عندما قرر الوزير استبعاد أحمد مجاهد رئيس هيئة الكتاب وضامن مصالح الناشر، هاج الناشر وهاج مقاولو الثقافة، وكبارالسوق المتحكمون فى المشهدالثقافى وقرروا ركوب موجة الثورة، وبالفعل سقط حكم الإخوان وها هى الوجوه التى عاشت واستفادت من عصرفاروق حسنى تعود من جديد للمجلس الأعلى للثقافة وهيئة الكتاب وهيئة قصورالثقافة لتتواصل عملية نهب مواردالوزارة وتدمير الثقافة الوطنية المصرية وتتواصل العمالة للأمريكان والرطانة التنويرية!
> أنت غير منخرط فى الحياة الثقافية ولك عليها ملاحظات كثيرة هل تغير الأمر بعد الثورة؟
مقاطعتى للدوائر الثقافية، مقاطعة وقائية واجبة، بدأتها منذالعام 2005وذلك بعد أن قضيت سنوات كثيرة مرتبطا بالمثقفين بجميع أعمارهم وأطيافهم، ولكننى اكتشفت أن المثقفين انقسموا إلى فرقتين، فرقة تقدم نفسها للمراكز الثقافية الأجنبية طمعا فى ترجمة أعمالهم وطمعا فى الفلوس، وفرقة انخرطت فى وزارة الثقافة التى نجحت فى تجريد المثقفين من الاستقلال والكرامة مستغلة الظروف الاقتصادية الصعبة التى يعيش المبدعون الشبان تحت وطأتها فحولت «منح التفرغ» و«جوائزالدولة» إلى وسائل لشراء رضا المثقفين عن النظام والتحالف معه وارتضى هؤلاء المثقفون الخيانة والسقوط والتنازل عن دورالطليعة والقبول بدور المرتزقة ولم يكن أمامى سوى الانسحاب والتفرغ للكتابة ولعلك لاحظت موقف المثقفين العواجيز من أمثال عبدالمعطى حجازى، وجابر عصفور، ويوسف القعيد، فهؤلاء كانوا آخر من جلس مع مبارك والتقطت لهم آخر صورة معه قبل تفجر الثورة بأيام قليلة، والمدهش أن هؤلاء وغيرهم من الأتباع والتلاميذ قضوا عشرين عاما يقبضون الأموال ويكتبون فى قضية التنوير، ولما وصل الإخوان إلى الحكم، اختفوا، وهربوا من الساحة ومنهم من بحث عن وسطاء لدى السلطة الإخوانية ومنهم من كتب مشيدا بالروح الثورية التى تفيض بها كتب سيد قطب وحسن البنا.
> كيف ترى تجليات الثورة على الرواية مستقبلا؟
الثورة الشعبية عبارة عن موجات متوالية وبالنسبة للنخبة الثورية الحقيقية هى الآن فى طور التشكل، من خلال تيار الثقافة الوطنية الذى بدأ يمارس حضوره بالتوازى مع رغبة الجماهير صانعة الثورة فى الاستقلال الوطنى والخروج عن الطوق الأمريكى، لكن الدولة المصرية وهياكلها القديمة مسكونة بالخونة والفاسدين والعملاء وهؤلاء هم من زرعتهم إسرائيل بداية من العام 1979حسب اعتراف رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلى الذى قال بالنص إنه زرع عناصر تابعة لإسرائيل فى جميع الهيئات والإدارات المصرية وتكلم عن الفتنة الطائفية بين المسلمين والأقباط، وقال إنه ضالع فيها وهناك مبدعون ترجمت أعمالهم للعبرية بموافقتهم وهناك من التحق باللوبى الصهيونى «فرع لبنان «ولذلك فإن «تيارالثقافة الوطنية «يخوض معركة طاحنة ضد أذناب وأبواق العولمة الثقافية الأمريكية وسوف ينتصر لأنه وفىّ للثورة ويقع فى القلب منها وقد سقطت ورقة التوت عن المثقفين المرتزقة وأفلسوا تماما وقريبا جدا سوف يهال التراب عليهم ويصبحون ذكرى وعبرة.
> برغم أن رواياتك نجحت جماهيريا بشكل واسع لكن حظها من النقد قليل ما تفسيرك لهذا الأمر؟
عدم الاهتمام النقدى بأعمالى مرجعه عدم انضمامى للشلل والجماعات التى يحركها جابر عصفور وتلاميذه، ولكن مع ظهور الدكتورالناقد النزيه يسرى عبدالله لم نعد نهتم بما يدورفى الشقق الخمس التى تتحكم فى صياغة المشهد الثقافى المصرى ومن حسن الحظ أن الدكتور يسرى ناقد موهوب ومتخصص ومتابع ودارس لأحدث النظريات النقدية على مستوى العالم.

د. محمد صابر عرب، وزير الثقافة المصري

> كيف رأيت عودة صابر عرب إلى الثقافة مرة ثالثة وأين حق المثقفين فى التغيير؟
صابر عرب يجب أن يقدم للمحاكمة لأنه تحايل على القانون واستقال ليحصل على من جوائز الدولة والجريمة هنا تتمثل فى أنه استغل نفوذه ومنح نفسه جائزة وهو فى منصب الوزير برغم أنه بحكم موقعه هو المسئول عن اللجان التى تختار الفائزين بهذه الجوائز ، والجريمة الثانية تتمثل فى سرقة 4000 وثيقة من دار الوثائق القومية عندما كان يتولى مسئوليتها فى وزارة فاروق حسنى، والجريمة الثالثة هى قبوله البقاء فى منصب وزير الثقافة فى ظل حكم الإخوان وهذا يؤكد أن صابر عرب موظف وليس مثقفا وفى اعتقادى أن بقاءه فى منصب وزير الثقافة مرتبط بالظروف السياسية الراهنة فهو موظف مطيع، بيروقراطى، له علاقة وثيقة بالأشقاء فى دول الخليج خصوصا الإمارات العربية ومتعاون مع أجهزة الأمن منذزمن بعيد ولا يشكل خطرا على شبكات الفساد الموجودة فى وزارته والحكومة كلها وعندما تخطو الثورة خطوة للأمام فسوف نرى صابرعرب، خلف القضبان.
> ولماذا لم يفرز الحراك الثورى العارم فى مصر نخبه الثقافية حتى الآن؟
فى اعتقادى أن حقبة الأمريكان انتهت، وبالتالى انتهت المقولات النقدية والسياسية التى ظهرت منذ ما يزيد على العشرين عاما وهى مقولات استهدفت تمهيد وحرث الأرض لزراعة الثقافة الأمريكية، ولكن ثورة مصر التى مازالت مستمرة استطاعت كسر الذراع الثقافية الأمريكية وفضح المثقفين الذين يعملون بشكل مباشر مع المخابرات الأمريكية فى جميع إدارات وهيئات الجامعات ووزارة الثقافة وأيضا كشفت الثورة عورات هؤلاء المرتزقة وهم من ناحيتهم أفلسوا تماما، ويحاول عدد من مقاولى الثقافة وصبيانهم إعادة إنتاج المشهد البائس الذى أنتجه جابر عصفور وتلاميذه فى ظل رعاية سادته الأمريكان، ولكن هيهات، وسوف تشهدالأيام المقبلة ازدهارا وتوهجا للأدب الثورى والرواية الواقعية وسوف يعود مصطلح «الثقافة الوطنية «بقوة، وسوف يزدهر الأدب الذى يحترم الإنسان ويهتم به ويعتبره مركز الكون وسوف تختفى الروايات التى كتبت على مقاس المترجم الغربى ومانح الجائزة، بصيغة أخرى يمكن القول إن حقبة العولمة الثقافية الأمريكية سقطت وحقبة الثقافة الوطنية والإبداع المنحاز للناس قد بدأت، وسوف ترى مشهدا مغايرا للمشهد القديم تماما.
> كل الوزارات عين فيها نائب شاب ما عدا الثقافة لماذا فى رأيك أليس هناك شباب مثقفون؟
تعيين نائب شاب لوزير الثقافة لن يعبرعن انتقال الثورة إليها، المطلوب تغيير جذرى فى هيكل ووظيفة وفلسفة الوزارة تحت رعاية الأجهزة الرقابية لأن لصوص وزارة الثقافة تكمن خطورتهم فى أنهم لصوص وعملاء لأجهزة مخابرات معادية للثقافة الوطنية المصرية، بمعنى أن الثورة مطالبة بتخليص وزارة الثقافة من أساتذة الجامعات الذين زرعهم جابر عصفور فى لجان المجلس الأعلى للثقافة وتخليص هيئة الكتاب وهيئة قصور الثقافة من طاقم المثقفين الذين تربوا فى أحضان أجهزة الأمن فى عصر مبارك والذين يمثلون «الخلايا النائمة «لجماعة الإخوان، وإعادة تمليك الوزارة للشعب المصرى وليس تمليكها لمقاولى النضال المزيف.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات