الشيطان.. والحياة بعد الموت

09:32 مساءً الأربعاء 29 يناير 2014
محمد البرقي

محمد البرقي

كاتب و مدون من مصر .. له العديد من الأعمال المنشورة و الإلكترونية

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

الطامة مرّت..

و الموتى لم يفرّوا من الأجداث, بل فرّوا إليها.. وإلتحفوا التراب, وصار اللحد الذي عصر نور عيونهم عنها أحب إليهم من نور الشمس , والقيامة أزعجت الرفات المرصوص , وترددت في جنبات القبور بحثا عن متلقن لم يولد بعد, و أبانا يريح ظهره على عرش العظام و الجماجم, تلك الهياكل التي سوّس الغدر بنيانها..كانت خير مادة تحمل جسدا عظيما كجسد الإله.

– لمن الملك اليوم؟!

صاح أبانا , لكنه لم يرد أحد, كل الجثث إرتعشت , لا ندري من الصوت أو من إستشعار الخطر,أو عله إستشعار الحرج, فالنبرة حانية على أذن قاسمة على الظهر. لم يرد على نفسه حتى , فكل وسائل العهر التي تغنّت في إسمه المقدس قد ملّت الحديث, و من يومها يعض الذين لم يفنوا و لم يجدوا لحدا شاغرا على أيديهم, ليتهم إتخذوا مع الإله سبيلا, و علموا حينها أنهم لم يقدّروا خطيئة الشيطان – إن كان لنا أن نسميها خطيئة – و لم يحتذوا حذوه في براجماتيته و كيف يكر و يفر.

إبليس , الذي لم تعرف “نعم” إلى لسانه طريقا, عرفها..هو يدرك أنه لا جدوى من جثمانه إذا أراد يوما حياة, إبليس يدري أن الأرض التي إمتلأت حتى ضجت بالموتى لن تزهر, حسبها إبتلاع المزيد, و الموتى لاتهمهم الحياة. فظل هائما و عاد لوحدته السرمدية,و هو الذي عرف ضيفا جديدا عليها, تلك الغصة الممضة الساكنة في حلقه, تأبى الرحيل..يجتاح الأزقة بحثا عن ظل بعيدا عن نور الإله و عن ملائكته التي تمسح الأرض مسحا حتى تنزل رحمتها – المزعومة – على من لازال بهم قلب ينبض.. العروق تجف , و الحلوق تشققت جلودها إرضاء للسماء.

و أبانا يسبح الشعب بحمده و المعارضون من خيفته, و الثائرون تضمهم القبور سريعا, لا صوت يعلو فوق صوت الإله لإنه إن سقط فهوة الجحيم تنتظر الفرصة, لتبتلع الجميع, و يعرف إبليس حينها أنه سيكون أول المشنوقين, و ستبقى المشانق منصوبة طويلا, و ربما لن تكون هنالك قيامة أخرى.. إبليس أيها التعيس, الجحيم خلفك و الأب أمامك , و الهلاك مفرق الجبين,إبك..إبك كثيرا دع الأرض الميتة تتذوق دموعك, علها ترطب شفاهها بعد السنين العجاف, ربما لن تحضر تحطيم عرش الإله المُنصّب على رقاب الثكالى و أكتف الرعاع , لكنك سترسم الطريق إلى موته المحتم.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات