إحسان في صدري

08:12 صباحًا الخميس 30 يناير 2014
محمود قاسم

محمود قاسم

ناقد وروائي من مصر، رائد في أدب الأطفال، تولى مسئوليات صحفية عديدة في مؤسسة دار الهلال، كتب عشرات الموسوعات السينمائية والأدبية، فضلا عن ترجمته لعدد من روائع الأدب الفرنسي.

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

كثير من الناس يصابون باليأس عندما يجدون نجاحاتهم وقد التقطها الآخرون , وفازوا بها بشكل ملحوظ فنالوا المناصب والجاه والمال , اما هم فكل ما حصدوه هو طعم الحصرم. يحدث هذا كثيرا من حولنا وربما تكون أنت أحد الذين ضن عليك واحد ممن حولك أن تكون موهوبا , فراح يكيل لك الكراهية والمكائد حيا أو ميتا.

في واحدة من أهم روايات الكاتب الراحل إحسان عبد القدوس” شئ في صدري” عبر الكاتب عن هذه العلاقات  الشائكة من خلال الشخصية الرئيسة حسين باشا شاكر , احد أبرز رجال الحكم فيما قبل ثورة يوليو , وفي مقدمة الرواية كتب المؤلف عبارته الشهيرة التي تعتبر شعارا, أو مدخلا للرواية:  “كل انسان في صدره شئ يحاسبه ..يعذبه ويفرحه..شئ اسمه الضمير”.

إحسان عبد القدوس

قرأ المصريون هذه الرواية قبل سنوات طويلة من نشر المسرحية المشهورة ” أماديوس” تأليف بيتر شافر حول العلاقة بين ساليري الموسيقار الرسمي للملك وبين الموسيقار الشاب الموهوب موتسارت, فساليري يكن كراهية لاتحتمل للموسيقار الشاب , ويحاول اسكات الحانه , وقد قرأنا هذه المسرحية مترجمة الي اللغة العربية . كما شاهدناها فيلما  حائزا علي العديد من جوائز الأوسكار من اخراج ميلوش فورمان بعد أن قرأنا وشاهدنا ” شئ في صدري” بأكثر من معالجة.

كاتبنا المصري عزف علي وتر مهم جدا حين جعل من حسين باشا شاكر رجلا يمتلك المزيد من الكراهية لصديق شبابه محمد أفندي, فراح ينتقم منه حيا وميتا, وخاصة بعد رحيله حيث سعي الي الانتقام من اسرته في صورة ابنة محمد أفندي وأرملته, لقد تفوق محمد أفندي دوما علي زميله الذي فاز بالمناصب والمكانة بينما لم ينل الأفندي الا اقل ما يستحق, اهم ما في الرواية هو وجهها السياسي, فالباشا رجل صاحب سلطة يتعاون مع الاستعمار البريطاني , وهو بسلطانه قادر علي السيطرة علي كافة من يحوطونه عدا محمد أفندي , فالرجل لم يستطع أن يمسك بخصمه  أو ينال منه وهو علي قيد الحياة

عندما مات محمد أفندي فان الباشا لم يهدأ ولم يشعر بالارتياح , فوجه خصمه ماثل له دوما وكلماته ترن في أذنه, لذا سعي الي القنص منه من خلال اسرة الرجل الشريف الراحل فيأتي الي قصرة بابنته القاصر, والزوجة التي سرعان ماتقع في غوايته , الا ان ابنة محمد افندي التي تحمل جيناته تتصرف ازاء الباشا علي طريقة أبيها , كأنه لم يمت بعد , ما يزيد شراسة الباشا لاذلال افراد الأسرة من خلال الشاب الذي ترتبط به الابنة

هذا العمل استمعنا اليه في الاذاعة من بطولة حسين رياض , ثم تأخر انتاجه في السينما الي أن قدمه لنا كمال الشيخ في عام 1971, بعد أن تحول من اخراج الأفلام البوليسية التي جعلت النقاد يطلقون عليه  هيتشكوك الشرق, الا ان تجاربه مع الروايات المصرية رفعت كثيرا من أسهمه وتفرغ منذ 1962 للأدب المصري فقدم ” اللص والكلاب” ,” الرجل الذي فقد ظله” وميرامار” وغروب وشروق” و” بئر الحرمان” وغيرها , وقد اهتم المخرج كعادته بالاستعانة بالنجوم الكبار كي يكونوا في أحسن حالاتهم في الأدوار التي يسندها اليهم , وقد بدا رشدي أباظة متفهما للدور , علما بأن موراي ابراهام الذي قام بدور ساليري قد فاز بالأوسكار , وكان اباظة في حاجة الي تكريم , حيث ان هناك أدوارا بعينها تستخرج من ممثليها أفضل مالديهم،   وهكذا فعل رشدي اباظة الذي اخرج أفضل الكراهية التي في قلب حسين باشا ما أسكن المؤلف دوما في قلوبنا وصدورنا.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات