ورشة الزيتون: 35 عامًا من الأحلام

08:50 صباحًا الأحد 30 مارس 2014
شعبان يوسف

شعبان يوسف

شاعر من مصر

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

تحتفل ورشة الزيتون بمرور 35 عامًا على تأسيسها، وقد كاتبتُ الشاعر الصديق شعبان يوسف (الصورة على اليمين) لكي يدوِّن شهادته، في (آسيا إن) التي بدأها بقوله: أخص صديقى العزيز الشاعر والمترجم أشرف أبو اليزيد بهذه الشهادة ، على اليسار لحظات من الورشة، لأبناء الثقافة المصرية، ولقطات لا تنسى: أعلاها على اليمين الشاعر الكبير سيد حجاب في ندوة ورشة الزيتون الأدبية الاثنين 30 أبريل 2012 ، ومناقشة أحد أعمال الروائية ابتهال سالم، وحلمي النمنم متحدثا، وسومية التركي، أشهر موثقة للورشة بالصور، وتتوسط المجموعة صورة جماعية بمعظم حضور ندوة مناقشة الشاعر الكوري تشو أو هيون في ديوانه الذي ترجمه أشرف أبو اليزيد : قديس يحلق بعيدًا

فى صيف عام 1979 كناغارقين فى التحضير لانتخابات مجلس الشعب،وكنت أبحث عن شخص جماهيرى يصلح لهذه الانتخابات، وكذلك يستطيع أن يتبنى البرنامج الوطنى الديمقراطى الذى كنت أتبناه مع فصيل سياسى يسارى،وبحكم موقعى الجغرافى،ذهبت إلى حزب التجمع الوطنى التقدمى الوحدوى الذى يقع على أطراف ضاحية الزيتون ،وهناك قابلت مجموعة من الساسة الذين ينتمون لقيادة الحزب،وعلى رأسهم الدكتور فخرى لبيب الكاتب والمترجم والمناضل القوى ذو التاريخ العريق فى المقاومة،وكان هناك آخرون مثل الدكتور سمير فياض وآخرون،وكانت المناقشة ساخنة إلى حد بعيد،وشاركت فى المناقشة بشكل ما،إذ كان ذلك الأمر مسموحا به للمناقشة الجماهيرية،وكان صديقنا صلاح الدجوى هو الذى وقع عليه اختيارنا للنزول للانتخابات ليحمل برنامجنا،وبعيدا عن كل هذا الذى لا يعنى شيئا سوى أنه مناسبة للالتقاء بالدكتور فخرى لبيب الكاتب والأديب والمترجم الذى كان قد نقل إلى العربية الجزء الأول من رباعية الاسكندرية للكاتب الانجليزي داريل “جوستين”،ونشرها فى دار المعارف عام 1969،قبل أن يترجمها كاملة،وينشرها بمعاونة الكاتب يوسف القعيد فى دار سعاد الصباح،وكان لفخرى لبيب بعض قصص منشورة فى الصحف،وبعض دراسات أدبية عن جاك لندن وغيره، ورغم خلافنا السياسى آنذاك،إلا أننا توحدنا على أرضية الثقافة والأدب والفن،حيث أن فخرى لبيب رغم انحيازه الأيديولوجى الحاد، إلا أنه يتمتع بحس ديمقراطى عميق،هذا الحس الذى يذهب إلى كافة طرق الحوار،وكان هذا الوقت بالتحديد ذروة استشراس السلطة الساداتية، وكان المثقفون قد أقاموا أنشطتهم وكراريسهم الأدبية خارج أروقة السلطة،وكان حزب التجمع فى ذلك الوقت هو أقرب النماذج القادرة على أن تتبنى ثقافة وطنية تقدمية ديمقراطية.

وبالفعل شرعنا فورا فى تنظيم ندوات ثقافية،وشارك معنا فى ذلك جمع من المثقفين مثل الكتاب فتحى امبابى وسلوى بكر ونهاد أبوالعينين وشوقى الكردى وسهام بيومى وآخرين،وكان الشيخ إمام رحمه الله يشاركنا فى بعض الأمسيات والاجتماعات،وكانت له ملاحظات شديدة الذكاءوالوطنية والتجرد،وكانت هناك عقبة كئود، وهى أن المثقفين اعتادوا على عقد الندوات فى وسط العاصمة،وكانت المقاهى فى ذلك الوقت تلعب دورا مهما،فكان الناقد الكبير ابراهيم فتحى يعقد نوة كل يوم أحد فى مقهى على بابا،وكان يحضرها جمع من الكتاب والمثقفين مثل الدكتورة هناء سليمان والمترجم الراحل سعد الفيشاوى،والمفكر الراحل عاطف أحمد وغيرهم،بالإضافة إلى مثقفين عرب كانوا حريصين على هذه الندوة،وكان نجيب محفوظ يلتقى بكتّاب جيل الستينيات فى مقهى ريش يوم الجمعة،وعلى رأسهم الراحلون ابراهيم منصور وابراهيم أصلان،وكذلك سعيد الكفراوى وعبده جبير وجميل عطية ابراهيم وغيرهم،وكان أتيليه القاهرة يعقد ندوته يوم الثلاثاء،هذا عدا مقهى ايزافيتش ومقهى أسترا ومقهى زهرة البستان وغيرها من المقاهى التى كانت تعتبر منابر مفتوحة دائمة للقاء المثقفين،وكانت كل هذه المقاهى تقع وسط العاصمة،لذلك كان من الصعب أن يقتنع المثقفون بالذهاب إلى مكان متطرف جغرافيا لإقامة نشاط ثقافى.

من ألبوم الذكريات، صورة عمرها أكثر من 15 سنة، وتعليق الشاعر شعبان على الصورة: كانت بمناسبة ندوة للشاعرة ميسون صقر فى ورشة الزيتون (عندما كنا نعلق لوحات على الحائط) والأصدقاء فى الصورة من اليسار هم ( الكاتبة عفاف السيد والشاعر أشرف أبو اليزيد والكاتبة والمترجمة سهير فهمى والشاعرة فاطمة ناعوت والشاعرة ميسون صقر والكاتب الصحفى مصطفى عبدالله والشاعر عماد الغزالى والكاتب ابراهيم عبد المجيد ، أما الشخص اللى فى الآخر ده فأنا لا أتذكره )شكرا للعزيز جدا الشاعر والتشكيلى والكاتب الصحفى الصديق أشرف أبو اليزيد الذى يذكرنا دوما بأيام مازالت دافئة ، زما زال عطرها يفوح (ردت الكاتبة عفاف السيد على التعليق : صديقي شعبان …مش انا اللي ف الصورة اساسا ومش عارفاها مين !!……بس ياريت كنت معاكم .صحبة جميلة فعلا ….!!! …شكلكم جميل اوي !!

ولكن الدأب والجدية التى بدت بهما نشاطات الندوة،كانت عنصرا جاذبا للحضور،وفى البداية أطلقنا على تجمعنا هذا اسم “النادى الأدبى”،وبدأنا ندعو الكتاب والمثقفين لإقامة أمسيات شعرية وقصصية، وبدأت الحركة تدب،وكان الشعراء حلمى سالم ورفعت سلام ومحمود نسيم وجمال القصاص ومحمود الشاذلى وغيرهم،أول من لبوا إقامة أمسيا شعرية،وعلى هامش هذه الأمسيات كان الشيخ إمام ينشد بعض أغانيه الوطنية،وكذلك كان يوسف القعيد ويوسف أبورية وسلوى بكر يقيمون أمسيات قصصية،وبعد ذلك بدأنا نعقد ندوات للمناقشة بعيدة عن فكرة الأمسيات،وكانت فى ذلك الوقت تنتشرمجلات الماستر المستقلة،فرحنا نناقش هذه المجلات ومستقبلها وتوجهاتها،فدعونا سيد البحراوى الذى كان يشرف على مجلة خطوة مع يحيى الطاهر عبدالله،ومحمد ابراهيم مبروك الذى كان يصدر مجلة النديم،وفيما بعد أقمنا ندوة لمجلة “الثقافة الوطنية”التى كان يصدرها صلاح عيسى وفريد زهران،وبهذه الندوات بدأت عجلة النادى تعمل،حتى أن حدثت واقعة الاعتقال الشهيرة فى 5 سبتمبر عام 1981 لكافة أطراف الثقافة الوطنية المصرية،وكان ذلك جنونا،وكان فخرى لبيب ضمن المعتقلين،وتقريبا توقفت الأنشطة فى أمكان كثيرة،ولكننا لم تتوقف ندوتنا، وبعدها بشهر فى 6أكتوبر وقع اغتيال السادات،وأعتقد أن خيوط العملية السياسية ارتبكت كثيرا لفترة ليست بالقصيرة،ورغم أننا فى عقد الثمانينيات عقدنا ندوات حية وفاعلة وذات تأثير واضح،إلا أن ارتباكات ما لحقت بالنشاط،إذ شهدت الندوة صراعات أيديولوجية ليس مجال طرحها الآن،وهذه الصراعات عطلت بجدارة الانتظام الطبيعى للندوات،وبصراحة كان الدكتور فخرى لبيب دائم الإلحاح فى أهمية وضرورة الاستمرار،بعد أن ذهب جميع من كانوا معنا فى لحظة البداية،وتركونا بعد عام تماما،ولم يظهروا إلا فيما بعد أن رسّخت الورشة اسمها وفاعليتها فى الوسط الثقافى المصر والعربى.

شعبان يوسف: فى عام 2003 بدأنا فى إصدار مجلة باسم الورشة،وأصدرنا ثلاثة أعداد خاصة

وفى أغسطس 1991رحل يوسف ادريس،وكان ذلك حدثا مدويا،فاجتمعنا ونحن عاقدون العزم على الاستمرار مرة أخرى،وكلنا حماس كبير لهذا الاستمرار من أجل ثقافة بعيدة عن كل شروط التمويل التى كانت قد استشرت وتشعبت،ولا يعنى ذلك أننى أدين الأنشطة الممولة،ولكننى كنت أنظر للعمل الثقافى نظرة أخرى،وعقدنا ندوة عن الراحل يوسف ادريس حضرها الرحل عبد العظيم أنيس والراحلة لطيفة الزيات والدكتورة فريال غزول وآخرون،واستبدلنا اسم النادى ب”ورشة يوسف ادريس للإبداع والنقد”،وبدأنا مرة أخرى نقيم ندوات وأمسيات،وكان حماس الحضور قد دبت فيه الحيوية،وأذكر أن عامى 1991و1992 شهدا حوارات ساخنة مع الشعراء حسن طلب وحلمى سالم وماجد يوسف وفريد أبوسعدة ووليد مكنير وغيرهم، وكذلك حوارت شبيهة مع الكتاب جمال الغيطانى ويوسف القعيد وابراهيم أصلان وجميل عطية ابراهيم وادوار الخراط وسليمان فياض وصنع الله ابراهيم وبهاء طاهر وغيرهم،وقد أصدرت كتابا خاصا بشهادات الشعراء عن المجلس الأعلى للثقافة،وضمنته دراسات نقدية عن شعراء السبعينيات،وظهر فى هذه المرحلة نقاد شاركونا طويلا،وعملوا على إثراء نشاط الورشة بشكل كبير،وعلى رأسهم الدكتور صالح سليمان والدكتور فتحى أبو العينين والناقد ابراهيم فتحى والدكتور سيد البحراوى والناقد فاضل الأسود وغيرهم،وفى منتصف التسعينيات عقدنا ندوة للكاتب السورى نبيل سليمان،وكانت جماعة “نصوص 90” قد عقدت ندوة أخرى فى مركز الهناجر للنص ذاته الذى ناقشناه وكان أحد محررى جريدة أخبار الأدب يغطى الندوتين،فكتب عنوانا للتغطية يقول :”نبيل سليمان بين الزيتونيين والتسعينيين”ومنذ ذلك الوقت ترسخ اسم ورشة الزيتون على ندوتنا،وأشهد أن جريدة أخبار الأدب لعبت دورا كبيرا فى التعريف بنا بقيادة الكاتب جمال الغيطانى، كما أن تلك الرعاية الإخبارية لم نشهدها من أخبار الأدب بعد أن ترك الغيطانى الجريدة،وكذلك كان الكاتب الصحفى الراحل مجدى حسنين يغطى تغطيات وافية فى جريدة القدس التى تصدر من لندن،وأعتقد أن جريدة أخبار الأدب قامت بالتعريف بنا مصريا، وجريدة القدس بواسطة مجدى حسنين قامت بالتعريف بنا عربيا،وقبل هذين المنبرين،كنت أوّثق كافة الندوات بجهاز تسجيل وكاميرا يخصانى،ومازلت أحتفظ بعبق هذه الأيام عبر الصور والتسجيلات الصوتية لكل هؤلاء،وكذلك كنت أقوم بتغطية بعض الندوات فى مجلة الثقافة الجديدة عندما كان يشرف عليها الناقد السينمائى على أبو شادى،قبل أى صحف ومجلات أخرى، ومنذ ذلك التاريخ لم تتوقف أنشطة الورشة التى راحت تعقد مؤتمرات عن حرية الإبداع والتراث والمصادرات،بالإضافة إلى مؤتمرات خاصة بكتاب راحلين مثل صلاح عبد الصبور ويوسف ادريس ويحى الطاهر عبدالله وأمل دنقل وغالب هلسا،كذلك عقدنا مؤتمرا عام 1999بمنسبة مرور ثمانين عاما على ثورة 1919 كان عنوانه “الخيال والثقافة والوطن”وشارك فيه نخبة من المثقفين والباحثين المصريين منهم عماد أبوغازى ومحمد بدوى وسيد البحراوى وخليل كلفت وبيومى قنديل،وقدم الباحث اليابانى إيجى ناجاساوا بحثا عنوانه”الطفل الذى رأى ثورة 1919” وترجم هذا البحث خليل كلفت،وكان من وحى مذكرات الدكتور سيد عويس الذى ولد عام 1913وشهد ثورة 1919 وهو طفل فى السادسة من عمره، وكان إيجى يعمل كملحق ثقافى فى السفارة اليابانية فى القاهرة،وله إسهامات عديدة فى التعامل مع الثقافة المصرية. وشهدت الورشة منذ ذلك التاريخ حيوية يعرفها جميع المثقفين المصريين،وهم أجدر منى بالطبع للتحدث عنها،ولم تقتصر ندوتنا على المصريين فقط،بل ناقشنا مبدعين وكتاباعربا كثيرين مثل محمد الفيتورى وبثينة خضر مكى وأبكر آدم اسماعيل وعفيف اسماعيل وغيرهم،و ريم قيس كبة وعلى الشلاة ومنعم الفقير وعاية طالب ونجاة ياسين ونجاة عبدالله وبثينة الناصرى ونبيل سليمان وموسى حوامدة وحسين درويش وصلاح الدين بوجاه والمتوكل طه وسمر يزبك ورجب أبو سرّية وميسون صقر وهدى النعيمى وآخرين، وكان قد شاركنا فى مناقشة ومتابعة كتابات كل هؤلاء فى المرحلة الألفية الجديد نقاد وفدوا على الورشة،وعلى رأسهم شيرين أبو النجا وهويدا صالح وصلاح السروى وحسين حمودة وهيثم الحاج على ومحمود ومصطفى الضبع ومدحت وشريف الجيار وسيد الوكيل وعمر شهريار ويسرى عبدالله وآخرون،وفى عام 2003 بدأنا فى إصدار مجلة باسم الورشة،وأصدرنا ثلاثة أعداد خاصة عن أعمال كل من نجوى شعبان ومحمد ابراهيم طه وحمدى أبو جليل،ولكننا توقفنا للأزمات المالية التى عاقت دون استمرار المجلة،ولكننا أصدرنا فيما بعد مطبوعات روائية وقصصية،على أن يتحمل مؤلفوها تكاليف الإصدار،حتى وصلنا إلى هذه المرحلة الزمنية بعد خمسة وثلاثين عاما من العمل الجاد والمخلص،وأفخر بوجود فريق يعمل بحيوية وإخلاص،ويستطيع هذا الفريق أن يدير النشاط دونى،وبجهود ذاتية لا تحتاج إلى أموال،فقط فإن المكان قد يحتاج إلى ترميمات كى يكون مكانا صالحا وجيدا للمارسة الثقافية،وبالطبع هناك أشياء ناقصة مثل مكتبة للورشة،وأعتقد أن كل ذلك ممكنا فى ظل إخلاص فريق العمل الرائع الذى يدير نشاط الورشة بجدية وحماس وإخلاص،ولا ينتظر أدنى مقابل سوى إنتاج القيمة الإيجابية،لتحريك الحياة الثقافية المصرية والعربية بعيدا عن ادعاءات وافتراءت من هنا وهناك،أرجو أن أكون أظهرت جانبا ما من تاريخ الورشة،ويغفر لى الأصدقاء أى سهو قد أكون وقعت فيه.

One Response to ورشة الزيتون: 35 عامًا من الأحلام

  1. Mostafa labib رد

    20 أغسطس, 2016 at 10:25 م

    الاستاذ شعبان يوسف .. تحياتي لك شخصيا ، وتقديري لنشاطك الادبي والثقافي المتنوع والباهر ، واتمنى لك دوام التوفيق في هذا النشاط البنّاء . ارجو الاتصال على الفيس بوك ، لأنني اود التبرع بمجموعة كبيرة من الكتب من مكتبتي ، لمكتبة الورشة
    مع اطيب التمنيات

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات