الأفيون في أفغانستان بين طالبان والأمريكان

02:51 مساءً الخميس 3 أبريل 2014
أحمد محمد حسن

أحمد محمد حسن

كاتب ومخرج بالتليفزيون المصري، القاهرة

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

جمهورية أفغانستان الإسلامية دولة تقع في آسيا الوسطى تحدها من الشمال طاجيكستان وأوزباكستان وتركمانستان ، وتحدها إيران من الغرب والصين من الشرق فيما تحدها باكستان من الجنوب وتُعتبر أفغانستان إحدى نقاط الإتصال القديمة لطريق الحرير والهجرات البشرية السابقة وتلك الدولة ذات موقع جيوسترتيجي تربط شرق وغرب وجنوب ووسط آسيا ، وعاصمتها كابول .

تحتل أفغانستان المرتبة الأولى عالمياً في زراعة الأفيون الذي يُشكّل لسهولة زرعه وحفظه وتسويقه الزراعة الأمثل في هذا البلد وقد ارتفع انتاج الأفيون في أفغانستان إلى مستوى قياسي جديد مما دعا الأمم المتحدة إلى التحذير من تنامي الزراعة والإتجار بالمواد الأفيونية الأفغانية مما يُشكل تهديدات خطيرة على الصحة العامة والأمن الدوليين .

وقال مدير مكتب الأمم المتحدة في كابول (جون لوك ليماهيو) أن من المُرجح أن يشهد انتاج الأفيون ارتفاعاً مرة أخرى الفترةالمقبلة في ظل حالة عدم اليقين التي تحيط بانسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان والإنتخابات الرئاسية المقررة عام 2014 كما أشار ليماهيو إلى أن الأمر قد يتطلب ما بين 10 و 15 سنة للتعامل مع أزمة الأفيون في أفغانستان .

تنتج أفغانستان أكثر من 90% من الأفيون على صعيد العالم ويُذكر أن معظم حالات الإرتفاع في الإنتاج سُجلت في أقليم (هلمند) حيث يستعد الجنود البريطانيون للرحيل ، وكان من ضمن الأسباب الرئيسية لإرسال الجنود البريطانيين إلى أفغانستان القضاء على زراعة الأفيون .

وتجارة الأفيون في أفغانستان تعد دليلاً مهماً على عبثية السياسة الأمريكية الدولية وغطرستها الأحادية حيث قامت الولايات المتحدة من خلال أجهزتها الإستخباراتية بدعم وتشجيع زراعة الأفيون في أفغانستان أثناء حرب المجاهدين مع الإتحاد السوفيتي كوسيلة مباشرة ورخيصة لتوفير الدعم المالي لهذه الحرب وبعد خروج الإتحاد السوفيتي من أفغانستان واختلاف المجاهدين مع السياسات الأمريكية تحول أصدقاء الأمس إلى أعداء اليوم والغد .

وكانت حركة طالبان قد قامت بتحريم انتاج الأفيون وزراعة الخشخاش بعد توليها الحكم الذي أعقب هزيمة السوفييت في أفغانستان ولكن طالبان تُشجع الناس اليوم على زراعة الأفيون لأنها تستفيد من حاصلات الأفيون في حربها ضد الحكومة ، واقتصاد المخدرات هذا يوفر لطالبان المال الكافي لشراء السلاح والسيطرة على المحافظات التي تزرع الأفيون من خلال حماية المزارعين من استراتيجيات القضاء على المخدرات .

نما اقتصاد المخدرات وتطور في أفغانستان بعد انسحاب روسيا والحرب الأهلية بين فرق المجاهدين المتعددة التي شهدتها أفغانستان مما وفر البنى التحتية للتنقل والإتصالات والأسلحة والحماية اللازمة التي تحتاج إليها تلك الفرق والجماعات المتعددة لبسط سيطرتهم كل على منطقته .

ويقول جون لوك ليماهيو مدير مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة في أفغانستان ” في زمن الحرب أو الإضطرابات الأفيون هو أفضل محصول زراعي ” ، ويشرح قائلاً  “يأتي تجار الأفيون إلى المزرعة ويوفرون البذور ويدفعون النفقات ثم يعودون عند الحصاد في الوقت الذي يطرح تسويق الخضار أو القمح مشاكل بسبب بُعد الأسواق ومخاطر الطرق كما أن الأفيون يتطلب كميات قليلة من مياه الري مقارنة بالقمح ويُدر عائدات زادت في العام 2010 بأربعة أضعاف عن عائدات القمح أكبر محاصيل البلاد ” .

بدأت عملية زراعة الأفيون في العام 1979 على يد الفصائل المسلحة التي كانت تحارب الإتحاد السوفيتي وباتت هذه الزراعة في أفغانستان اليوم تشكل 90% من الإنتاج العالمي للأفيون ولم تُفلح سياسة مكافحة زراعة الأفيون التي أطلقتها السلطات الأفغانية قبل سنوات عدة بالتعاون مع حلفائها الغربيين في تحقيق نتائج ذات أهمية وتنتج ولايتا قندهار وهلمند معقِلا المتمردين الإسلاميين وحدهما 74% من الأفيون الأفغاني وتعاني تلك المناطق من ضعف نفوذ السلطات لصالح عناصر طالبان التي تشجع الناس اليوم على زراعة الأفيون لأنها تستفيد من حاصلات الأفيون في حربها ضد الحكومة والمزارعون يدفعون لهم أيضاً أتاوة وتبرعات .

وكانت القوات الأمريكية بعد اجتياحها لأفغانستان قد تلقت أوامر نوعية تقضي بغض الطرف وتجاهل الخشخاش والأفيون والهيروين إذا ما اكتشفوا ذلك أثناء القيام بالدوريات ، بل إن أحد مساعدي وزير الدفاع الأمريكي كان قد اشتكى من أن وزير الدفاع رامسفيلد لم يكن يريد أن يجعل من محاربة المخدرات أحد المهام الكبيرة للجيش الأمريكي .

وما بين حركة طالبان التي هي نفسها منظمة من صناعة وكالة (السي آي ايه) تبدو محاولات إقناع المزارعين بالتخلي عن زراعة المخدرات والتوجه نحو زراعة المحاصيل المشروعة ستعرقلها المكاسب الكبيرة المتأتية من زراعة المخدرات .

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات