فنانو “الغرافتي” في لبنان : أشباح على جدران المدينة … شعارات ورسومات تخاطب أبناء الشارع

09:36 صباحًا الأربعاء 9 أبريل 2014
غنى حليق

غنى حليق

كاتبة وصحفية من لبنان

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

كثُرت في الفترة الأخيرة ظاهرة فن الغرافتي في مدينة بيروت وخصوصاً في منطقة الحمراء، وبات المتجول في شوارعها يقرأ ويشاهد العديد من الرسومات والعبارات التي تترجم حالة سياسية أو إجتماعية أو حتى عاطفية معينة. البحث عن فناني الغرافتي في بيروت كالبحث عن أشباح، إذ تنتشر رسوماتهم وأفكارهم بين ليلة وضحاها على أغلب الجدران العامة ، فيما تغيب تواقيعهم ووجوههم، لا أحد يعرفهم ، ولا حتى يراهم وهم يرسمون أو يخطّون. هم ينفذون كل أعمالهم في فترة ما بعد منتصف الليل، ويفاجئون السلطات الرسمية وسكان المدينة بجدارياتهم وإحتجاجاتهم. جدران المدينة باتت متنفسهم ووسيلتهم الوحيدة لمخاطبة الناس، و(بخاخ) الألوان وبعض الريش والأقلام عدتهم. بعض الناس يتهمهم بالمخربين، والبعض الآخر يقّدر أعمالهم ويعترف بفنهم وأفكارهم.

بحثنا عن فناني الغرافتي في لبنان وخارجه، وحاولنا الكشف عن هوية بعضهم والاطلاع على أفكارهم وأساليبهم وتقنياتهم. من هم؟ لماذا يختبأون، ومما يخافون ؟ ما هي هواجسم وتطلعاتهم؟ ولماذا باتت جدران المدينة متنفسهم الوحيد؟

الأخوان عمر ومحمد قباني المعروفان باسم “أشكمان”

  • الأخوان عمر ومحمد قباني المعروفان باسم “أشكمان”/ الحيطان تنادينالنحررها من آثار الحرب

محمد وعمر المعروفان باسم “أشكمان”( توأم) يمارسان منذ أكثر من عشر سنوات فن”الهيب هوب” بالعربي ويقدمان كل ما ينبثق عنه من أغاني “الراب” ورقصات “البريك دانس” و”دي دجي” وفن الغرافتي… وهما  اليوم من  أهم الأسماء العروفة التي تمارس هذا الفن في  لبنان. ويرى عمر أن أغاني الراب وفن الغرافتي هما عامودين أساسيين من أعمدة فن “الهيب هوب”، وأنه مع أخيه محمد أتقنا هذا الفن وكانا من أوائل المبتكرين فيه،وقدما هذا الفن باللغة العربية في لبنان.

أما بالنسبة لفن الغرافتي والذي هو محور اهتمامنا وتحقيقنا، فيُجمع الأخوان “أشكمان”على أن اهتمامهما بهذا الفن بدأ منذ صغرهما، إذ كان يلفت انتباههما رسومات وشعارات الأحزاب أثناء الحرب الأهلية اللبنانية التي كانت تملأ جدران مدينة بيروت. وكانا كلما قصدا مدرستهما وعادا منها يشاهدان هذه الكتابات والرسومات ويحاولان اكتشاف تقنياتها. ويرى محمد أن هذه الكتابات كانت تشوه المدينة لأنها كانت تنفذ بطريقة عشوائية وبدائية ورغم ذلك كانت تعجبهما وتلفت انتباههما. ويؤكد عمر أنه كان لكل حزب أو جهة معينة أسلوبه الخاص بالتعبير على الجدران، وأنه كان بمقدورهما أن يفرّقا ذلك بالرغم من بدائية العمل وتقنيات تنفيذه.

تعلّق عمر وتوأمه محمد بمراقبة رسومات الجدران وكتاباتها وحبهما لفن “الهيب هوب” دفعهما لدراسة “الغرافيك ديزاين”، ولابتكار أسلوب خاص بهما في فن الغرافتي. يقول عمر:” بدأنا بالغرافتي مع الحرف اللاتيني، ولما لاحظنا أن الحرف العربي لم يستعمل بعد في لبنان مع الغرافتي فكرنا باستغلاله بطريقة فنيه، وعملنا على تطوير الخط الكوفي حتى يتماشى مع الكتابات التي ننفذها على الجدران، ووجدنا بعد فترة أننا نقوم بعمل جمالي مميز تطور معنا مع الوقت وبات يلفت انتباه العديد من الناس والمهتمين وأهل الاختصاص”.

ويلفت محمد إلى أن ما كانا يقومان به على جدران الشوارع لفت انتباه القيمين على قسم الفنون في كل من الجامعة الأميركية في بيروت (AUB)  والجامعة الأميركية اللبنانية (LAU) ونقلهما من رسومات الشارع إلى إقامة ورش عمل لتدريب طلاب هاتين الجامعتين على الغرافتي باللغة العربية، وهذا الأمر أشعرهما بالفخر والفرح بعملهما وبلغتهما العربية.

وعن السبب الأساسي الذي دفعهما إلى اللجوء إلى فن الغرافتي على جدران مدينة بيروت بالذات يقول عمر:”نحن من جيل الحرب، كنا نشاهد مدينتنا مشوهة، وأغلب جدرانها ،إما مثقوبة بفعل الرصاص أو مغطاة ببقايا الصور أو الإعلانات الفنية أو السياسية الممزقة. كان هذا المشهد يستفزنا، ويدفعنا لترميم الجدران المثقوبة وتنظيفها من بقايا الصوروالإعلانات ومن ثم الرسم عليها وتجميلها وبث رسالة إجتماعية هادفة عبرها إلى الناس”.

حب الأخوين محمد وعمر لمدينتهما بيروت ولفن الغرافتي في نفس الوقت، جعلهما يقرّران  تخصيص كل يوم أحد لإعادة ترميم وتجميل حائط من حيطان مدينة بيروت. يقول محمد”سمعت الحيطان تناديني ، تقول لي حرّرني من الصور الممزقة ومن آثار بنادق الحرب البشعة”. يشعر محمد وعمر بالمتعة خلال قيامهما بالرسم على الجدران، وخصوصاً أنهما يوجّهان رسائل اجتماعية معينة عبر رسوماتهما وكتابتهما، وهما يحرصان أن يهدف كل رسم ينفذانه إلى توجيه رسالة اجتماعية معينة. من أبرز هذه الرسائل :”الشارع إلنا (إي للناس ولأهل المدينة وليس لحملة السلاح)، فرّق تسد، غزة في قلبي، الحجر في بلدك لإلك ولولدك…”.هما يعبران عن رأي الأغلبية الصامتة كما يقولان، وكل شعاراتهما لا لون لها ولا طائفة.

يعترف الأخوان محمد وعمر أن أغلب الناس تظن أن رسامي الغرافتي ينطلقون بأعمالهم للتّخريب، ولكنهما يؤكدان العكس “نحن لسنا كذلك لأننا نقوم بإصلاح الجدران وتجميلها على نفقتنا الخاصة وبعكس من يلصق الصور والاعلانات”. أما بالنسبة لهدفهما من الرسم على جدران الشوارع، فيقولان :”مدينتنا تقدم لنا جدرانها مجاناً ودون رقابة، وتقول لناأكتبا شيئاً واحمياني”. لا يخاف محمد وعمر من ملاحقة بلدية بيروت لهما لأنهما يرسمانعلى جدران المدينة من دون إذن مسبق منها، وهما يقولان: “نحن معروفان ويمكنها ملاحقتنا قضائياً، علماّ أننا ندفع من مالنا الخاص لتجميل الجدران، وعلى البلدية أن تدفع لنا بدل أن تلاحقنا وتغرّمنا.”

أغلب الناس والمارة يشجعون محمد وعمر على عملهما، وحتى رجال الأمن لا يتعرضوا لهما، ورغم ذلك هما لا يرغبان بالحصول على موافقة مسبقة للرسم على حائط عام لأن جمال الغرافتي ولذته، كما يقولان، تكمن في تنفيذه خلسة ودون إذن مسبق. وعن تقنيات الغرافتي التي يعتمدانها الأخوان “أشكمان” يقول محمد:”مازلنا نستعمل أسلوب الرش في عملنا ، وهي تقنية حرفية صعبة تحتاج إلى خبرة في العمل وتنتمي إلى المدرسة القديمة”. ويضيف عمر:”نحن نعمل في الغرافتي على الخط العربي ونطوره لأننا خطاطان محترفان، ونحاول دائماً البحث عن كل جديد في عملنا.

وعن المناطق التي يرسمان فيها ، يقولان :” نرسم في بيروت كلها، ومنطقة الحمراء ملعبنا، لا نختار منطقة محددة، بل نلبي كل حائط مشوه ينادينا “. يحرص الأخوان “أشكمان” على الرسم على الجدران العامة، ولا ينفذان أي عمل على جدار خاص إلا إذا طلب منهما صاحب الجدار شخصياً الرسم عليه. كما أنهما يعملان على إنهاء جداريتهما في يوم واحد، إذ يستغرق أي رسم معهما ما بين خمس وتسع ساعات وبحسب حجم الجدار.

الاخوان “أشكمان” دخلا عالم الشهرة في لبنان والعالم بسبب تميزهما في فن الغرافتيوفن الهيب هوب ، إذ صور عنهما أفلام وثائقية كثيرة واستضافتهما أشهر المحطات الفضائية والمحلية وأبرزها : CNN والعربية والجزيرة والمستقبل والجديد… كما كتبت عنهما صحف عالمية ومحلية كثيرة أبرزها “الواشنطن بوست” ، كما زارهما المصور والصحفيهنري شلفن وإضطلع على أعمالهما وكتب عن تجربتهما في كتابه الجديد الذي يتناول فيه فن الغرافتي في العالم.

لقد أطلق الأخوان عمر ومحمد على نفسيهما إسم “أشكمان” لما في هذه الكلمة من معانخاصة: هي مصطلح فرنسي من عهد الانتداب حفظه الناس وطوعوه بلغتهم وبات يُمثّل صورة ثقافية مختلطة منبثقة عن لغة الشارع، “الأشكمان” يعمل عادة على أخذ الغازات السامة وطردها إلى خارج السيارة، وهما يعملا بنفس التقنية في المجتمع ولكن الفرق كما يقولان أننا (دوبل أشكمان) لأننا توأم.

يرى الأخوان “أشكمان” أن تاريخ فن الغرافتي قديم جداً ويعود لما قبل التاريخ، إذ تشهد رسومات الكهوف ورموزها على وجوده، كما تشهد الحضارة الفرعونية والأغريقية والرومانيةعلى أهميته، وقد تطور هذا الفن عبر الزمن وعاد وظهر في الستينيات في نيويورك وبإلهام من موسيقى الهيب هوب. ويضيفان:” يستخدم الغارفتي غالباً لإيصال رسالة سياسية أو إجتماعية وشكل من أشكال الدعاية ، ويستخدم بخاخ البوية في الرسوم كما يستخدم أقلام خاصة للتوقيع، وأغطية معينة للتحكم في مساحة الرش وشكل بقعة البخاخ” . هو فن حر وشامل ويخاطب الناس بطريقة مباشرة، ولهذا سيبقى الأخوان “أشكمان” ،كما قالا ، يمارسان هذا الفن حتى لا يبقى حائط مشوه أو رمادي في بيروت.

يختم الأخوان أشكمان حديثهما بالقول :”نحن  لا ننقل الأخبار كأهل الصحافة، ولسناأصحاب جريدة ولكن لدينا جدران كثيرة، وإذا كان عنوان مقالة الصحافي 50 سم ، فعنوان آرائنا وأفكارنا مساحتة 50 متراً ولهذه الأسباب سنبقى مع الغرافتي

  • علي فخري/ الغرافتي أوصلني إلى السجن

أشتهر اسم علي فخري وكشف النقاب عن أسمه كفنان غرافتي بعد اعتقاله هو وزميله الناشط الإجتماعي خضر سلامة من قبل الجيش اللبناني، إذ تم اعتقالهما أثناء قيامهما برش أحد الشعارات السياسية “ستانسل” على جدان مدينة بيروت، وأجري التحقيق معهما واحتجزا مدة ثلاثة أيام بتهمتي القيام بعمل سياسي وتشويه الأماكن العامة. أسقطتعنهما مؤخراً التهمة السياسية، ومازالت تهمة القيام بتشوية الأماكن العامة عالقة في المحاكمة.

يقول  علي أنه ورفاقة ينشطون اجتماعياً وسياسياً وليسوا فنانين غرافتيين تقنياً لانهم ينفذون أعمال “الستانسل” أي الغرافتي المكتوب أو المرسوم خدمة لأهدافهم الإجتماعية والسياسية. وأن التقنية التي يعتمدوها “الستانسل” تختلف عن تقنية الكتابة أو الرسم المباشر على الجدران، إذ يصمم الرسم أو الشعار على الكومبيوتر ومن ثم يطبع على صفائح خاصة ويفرغ ليصار بعدها إلى رشه على الجدران بأعداد كثيرة.

بنظر علي أي شخص يمكنه أن يقوم بعمل الغرافتي، لأن مروحة هذا العمل واسعة ومتنوعة ما بين دوافع سياسية واجتماعية وحتى عاطفية ، إذ يمكن لشخص أن يعبّر عن احتجاجه على النظام أو الغلاء ، كما يمكنه التعبير عن حبه لفتاة أحلامه… وبالنسبة له ولرفيقه خضر هما يمارسان الغرافتي “الستانسل” السياسي والاجتماعي ، علماً أنهما كناشطيناجتماعيين لا ينتميان لأي جهة سياسية أو حزبية معينة، ما يدفعهما للكتابة والتعبير والأحتجاج وجع الناس ومعاناتهم . “يمكننا أن نتناول ربطة الخبز في شعاراتنا، كما يمكننا أن ادانة الإغتصاب أو العنصرية … وذلك بحسب الحملة التي نتبناها”.

يقول علي أن الغرافتي هو نوع من أنواع الإحتجاج المدني نبرزه على الجدران ، وهو عمل ممارس ومتعارف عليه في جميع دول العالم، هو لغة أهل الشارع، يكتب في الشارع ويخاطب أهله. ويضيف هو اعلان مجاني غير خاضع للرقابة وممكن نشره في العديد من الأماكن الحساسة والمؤثرة ، كما انه أكثر تأثيراً من أي اعلان في جريدة أو تلفزيون أو أي وسيلة إعلانية أخرى. يعترف علي أنهما كناشطين حقوقيين اعتمدا هذه الوسيلة بعدماأغلقت في وجههما جميع الوسائل الإعلامية من جرائد وتلفزيونات وإذاعات بسبب الإنقسام السياسي الحاد في لبنان. “أنا كمواطن لست مع هذا الطرف ولا مع ذاك ، يهمني الشأنالعام وأريد توعية الناس إلى أمور معينة، لذا أتواصل معهم بشكل مباشر عبر الغرافتي “. فبنظر علي الجريدة ممكن قراءتها مرة في اليوم ، ونشرة الأخبار ممكن سماعها مرتين …ولكن “الستانسل” إعلان متواصل طوال اليوم.

  • حرب الغرافتي

يمارس علي ورفاقة أعمال الغرافتي في الليل حتى لا يتم الكشف عن هويتهم وإعتقالهم، وعادة لا يجب أن يستغرق تنفيذ العمل على أي حائط أكثر من عشرة ثوان تحسباً لأي ملاحقة من قبل الدولة أو أي جهة تعارض ما يتم نشره. يقول علي:”نكون بحالة توتر شديد عندما ننفذ العمل، ونحاول بشتى الوسائل أن لا يرانا أحد ، لذا نقوم بأغلب أعمالنا ما بين الساعة الثالثة ليلاً و الخامسة فجراً. لقد تعرضنا لملاحقات عدة بسبب الغرافتي، كما تعرضنا ونتعرض للتهديد والضرب بسببه من قبل جهات حزبية وسياسية”.

علي ورفاقه من المؤمنين بقضيتهم الإجتماعية  وبقدر إيمانهم كما يقول ينجزون العمل ويصرون على نشره في جميع شوارع المدنية. يعترف علي أن كل فريق يسيطر في المدينة يحاول السيطرة على الجدران التابعة لمنطقته، ولهذا تدور معارك (غرافيتية) على الجدران لإثبات الوجود والسيطرة على بعض الجدران الحساسة في بيروت. “في الفترة الأخيرة اشتدت حرب الغرافتي وبات كل فريق يلغي شعار الفريق الآخر ويضع شعاره  مكانه”.

يعلن علي أنه ورفيقه خضر هما من النشطاء الإجتماعيين يهمهما مصلحة البلد ومستقبله، وانهما نذرا حياتهما للعمل الاجتماعي والسياسي وتمسكا بهذا النذر أكثر بعد إعتقالهما ، “أنا جزء من حراك ولا يمكنني أن أرى تجاوزات تحصل في بلدي وأقف صامتا”. ويرى علي أن أعمال الغرافتي في لبنان أصبحت من معالم المدينة وخصوصاً في منطقة الحمراء، “تعودنا على بعض الشعارات وبعضها أصبح علامة تجارية”.

لا يقبل علي الإفصاح عن أسماء الفنانين الغرافيتيين الذين يساعدونه حرصاً عليهم وعلى مصلحتنا  من الملاحقة، إلا انه يؤكد أن هؤلاء طلاب جامعات، شباب وشابات آمنوا بالعمل الإجتماعي وبفن الغرفتي كوسيلة للتعبير وأتقنوا عملهم ويستحقون التقدير عليه. لا يرى علي في فن الغرافتي تشويه للمدينة لأنه يحمل رسالة موجعة أكثر مما يشوه، ورغم ذلك يقول :”عادة يحرص فنانو الغرافتي على دراسة الرسم والكتابات وتنفيذها بشكل لائق بعيداً عن الخراب والتشويه، وهم يدرسون ألوان الجدران والتقنيات الللازمة التي يمكن أن تبرز العمل وتظهره ، وبحسب ما يتناسب مع الوقت الممكن للتنفيذ”.

يؤكد علي أنه ورفاقه يحترمون الأملاك الخاص ولا يقتربون منها مهما كان موقعها مغري واستراتيجي بالنسبة لهم. ويختم حديثة بالقول :”نحن نستعمل الاملاك العامة ونعرف أن للبلدية الحق بملاحقتنا  ولكن ليس لدينا خيار آخر، نحن لا نتحدى الدولة ولكن نطلب منها إعطاءنا فسحة للتعبير بحرية”.

 

ربيع العدواني

  • ربيع العدوني / مكناس – المغرب :الأول في شمال افريقا بفن الغرافتي

بدأت قصة ربيع مع فن الغرافتي صدفة عندما كان في سن التاسعة عشرة، إذ كان فناناً تشكيلياً في تلك الفترة، يتابع الكتب والمجلات الفنية ويضطلع على كل جدد في عالم الرسموالفن التشكيلي، ولما قرأ أحد الكتب التي تتناول فن الغرفتي ومختلف تقنياته وأنواعه أعجب بهذا الفن وقرر أن يصبح من رواده .

لقد أختار ربيع هذا الفن لأن فيه أسلوباً جديداً معبراً وحراً وعاماً، وبإمكان جميع الناس بمختلف طبقاتهم الإجتماعية والثقافية الاضطلاع عليه . يرى ربيع أن فن الغرافتي هو فن الطباعة والكتابة والرسم على الجدران ، وله تقنياته وأساليبه المختلفة عن الرسم على القماش والورق واللوحات الصغيرة، هو يمنح صاحبه الحرية بالتعبير ويحرره من الأماكن المغلقة. ويضيف على فنان الغرافتي أن يكون ملماً بتقنيات الكتابة وفنون الرسم، وهو فنيتميز بأسلوب يجعل الفنان يخرج عن المألوف و يعطيه نظرة مختلفة تمكنه من العمل على مساحات كبيرة وبأشكال جد متنوعة.

أما فيما يتعلق بالمواد المستعملة في هذا الفن يقول ربيع :”يمكن استعمال أنواع عديدة من الدهانات والصباغات في فن الغرافتي ، وأشهرها بخاخات الألوان “. يحاول ربيع استعمال كل الوسائل الممكنة لاظهار هذا الفن وإيصال رسالته.

لم يكن ربيع يتوقع أن أعماله الغارفيتية ستشتهر بهذه السرعة وتلقى اعجاب الناس في المغرب العربي، ولهذا كان يرسم على الجدران خلسة ومن دون إذن مسبق من الدولة، ولكن وبعد أن بات الجميع في المغرب يتحدث عن رسوماته وكتابات الغرافيتية ، أعلن عن اسمه وكشف عن شخصيته

خلال سنوات قليلة أصبح ربيع من أشهر الرسامين الغرافتيين في المغرب وشمال افريقيا، وبات اسمه متداولاً بين الناس في المغرب العربي بسبب تميزه بفن الغرافتي هناك، وبات يتلقى العديد من إتصالات التهنئة ورسائل الاعجاب بفنه، كما بات له موقع خاص على الأنترنت. يقول ربيع :”أغلب الناس التي تشاهد رسوماتي على الجدران تبدي اهتمامها واعجابها بها، وتتلقى رسالة التضامن والأحترام التي أدعو اليها “. ربيع من الأشخاص المتبنين لثقافة تقبل الآخر واحترام مبادئه ، ويحاول في كل رسم من رسوماته إيصال هذه الرسالة بأسلوب مختلف ، ويتمنى أن يصل صوته إلى كل الناس وكل المسؤولين.

يفضل ربيع الرسم في مناطق استراتيجية وعلى مساحات كبيرة حتى يتثنى لكل الناس رؤية أعماله، ويتمنى أن يكون أول من يرسم على أكبر مساحة ممكنة في العالم ، ويدخل اسمه التاريخ من باب فن الغرافتي.

الغرافتي تشعر ربيع بالمتعة والفرح والسرور، وخصوصاً أن اسمه بات معروفاً بفضلها كونه أول من أطلق وأسس لهذا الفن في المغرب . وأخيراً يتمنى ربيع على رواد هذا الفن الاهتمام به أكثر وجعله هادفاً وأكثر موضوعية .

 

3 Responses to فنانو “الغرافتي” في لبنان : أشباح على جدران المدينة … شعارات ورسومات تخاطب أبناء الشارع

  1. karima رد

    10 أبريل, 2014 at 3:41 م

    ربيع العدوني

    الله يرحمهُ و يغفر له و يجعل مثواه جنة الرحمن ياربَ

    • GhinaM رد

      11 أبريل, 2014 at 11:42 ص

      من المؤسف والمفجع وفاة الفنان ربيع العدواني في حادث سير مؤلم هذا الاسبوع اسكنه الله فسيح جنانه ورحمه الله

  2. karim رد

    21 أبريل, 2014 at 3:44 م

    الله يرحمهُ و يغفر له و يجعل مثواه جنة الرحمن ياربَ

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات