بشير عيـَّــاد يشتري مصّاصة وكيس بوظو لأمير قطر، ويقول له: الــزمْ حـــدودك ياض ، والعَبْ مع مَنْ هُم في مثلِ سنّك!!!

09:33 صباحًا الجمعة 25 أبريل 2014
بشير عياد

بشير عياد

شاعر ، وناقد ، وكاتب ساخر ، يغني أشعاره كبار المطربين، له عدة كتب في نقد الشعر، متخصص في " أمّ كلثوم وشعرائها وملحنيها " .

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

كانَ صغيرًا جدًّا وفي حجمِهِ الطبيعيِّ إلى الدرجةِ التي تجعلُهُ لا يُرى بالعينِ المجرّدةِ ، لولا أنْ كانَ يرتدي جلبابًا واسِعًا فضفاضًا يلفتُ الانتباهَ ويجعلُكَ تراهُ بعد تدقيقٍ وعناء ، وكانَ الموقفُ كلُّهُ واسِعًا عليهِ إذ وجدَ نفسَهُ ـ فجأةً ـ بينَ الكبارِ في الوقتِ الذي كانَ مشغولا فيهِ بالتفكيرِ في التهام كيس بوظو أو لحس مصّاصةٍ تعطيهِ بعضًا من المتعةِ الخياليةِ التي تناسبُ أمثاله .

ذهبَ تميم بن حمد ، حاكم ـ لا مؤاخذة ـ قطر ، إلى القمةِ العربيّةِ بدولةِ الكويتِ الشقيقةِ منتفخًا متطاوسًا ممتلئًا غرورًا وكِبرًا وعجرفةً إذ صدّقَ ما كتبتْهُ الصحافةُ القطريةُ قُبيلَ القمّةِ من أنّ ” الشعوب العربية تترقب اجتماع القمة العربية الخامس والعشرين في دولة الكويت الشقيقة، وهي ـ كما هي العادة في كل اجتماع ـ يحدوها الأمل بأن يلتم شمل هذه الأمة المشتتة، والتي أصبح لا يجمعها إلا عاملا الدين واللغة ، بينما قلوبهم شتى منذ زمن بعيد ولم يتفقوا مرة واحدة على أمر واحدٍ بالإجماع منذ نشأة المنظمة عام 1945 .،،،…. و مع هذا فإنه قد يكون هناك بصيصٌ من الأمل في سمو الأمير “تميم بن حمد” في جعل الأمة تسير نحو طريق الوحدة والتكامل والقوة….” إلخ إلخ إلخ ، هكذا يجعلُ الإعلامُ من النملةِ فيلا أو أسدًا هصورا ، فتصدّق النملة أنها فيل أو أسدٌ هصورٌ وتتصرّفُ بهذا المنطق ومن هذا المنطلق !!
هذا الفسل المغرور الذي جلسَ أمام الكبار في تلك القمّة مادَّا قدمه مع رفع ساقه إلى الأعلى إلى الدرجة التي أظهرت حذاءه وكأنه يقلّبُه في وجوه الحاضرين والمشاهدين عبر شاشات التليفزيون ، وبكل هذا الجهل والتعالي وعدم مراعاة أبسط قواعد البروتوكول في مثل هذه الملتقيات التي تجمع الكبار … كيف للمذكور أن يجمع قلوب العرب التي أصبحت شتّى ، وأنْ يجعل الأمة تسير نحو طريق الوحدة والتكامل والقوة ، طبقًا لما فشرته صحيفة “الشرق “القطرية التي ستتخصص قريبًا في الفشر بدلا من النشر؟ . ربما يجهل المذكور قواعد البروتوكول وطرق التعامل مع الكبار في المؤتمرات أو الملتقيات المفتوحة والمنقولة على الهواء ، لأنه تعلّم على يد أمّه وليس على أيدي متخصصين ، وهناك بونٌ شاسع بين تربية المواطن على أيدي المتخصصين وتربيته على أيدي الحريم ، فما بالنا إذا أصبح ذلك المواطن حاكما لبلاده ( ولو بالسرقة والعقوق والنكران والانقلاب على أبيه الذي لم يُحسن تربيته ) تلكَ البلاد المنكوبة بالمستبدين والجهلة وكاتمي الأنفاس !! فإن رضيَ شعبُهُ بهِ مثلما رضينا نحن بالأسوأ منه ممن كانوا أكثر جهلا وأشد استبدادا وغطرسة وغرورا ، فكيف له أن يتجاهل أخلاق القرية العربية ويتصرّف بجلافة لم تعرفها كتب التاريخ المعاصر ولا أحداثُه المسجّلة !! كيف للمذكور أن يفتتح القمة ، ثم يسلّم رئاسة الدورة الجديدة لأمير الكويت ، ويجلس منشغلا بعباءته وجلبابه وحذائه ، ثم ينصرف من القاعة فور انتهاء أمير الكويت من إلقاء كلمته ، ولا ينتظر لكي يستمع إلى بقية كلمات الرؤساء والملوك ورؤساء الوفود ، كما لم يكتفِ بذلك ، بل غادر الكويت عائدًا إلى القفص الذي يعيشُ فيه تحت مسمّى دولة ، ولم يتحمّل الغياب لأكثر من ذلك فقد كان في أشد الاحتياج إلى الرضعة ، ولم يشبع نهمه كل ما توفّر له من أكياس شيبسي وبوظو ومصّاصات ، هذا الطفل المعجزة الذي رشّحته صحف الفشر التي أخذت مثلها الأعلى من صحف الستينيات تبعنا ( لن أقول : وما أدراكم ما الستينيات ) لكي يجمع قلوب العرب التي أصبحت شتّى ، وأن يجعل الأمة تسير نحو طريق الوحدة والتكامل والقوة … بالله عليكم كيف سيفعل ذلك ويحقق كل أحلامنا من المحيط إلى الخليج ومن الخليج إلى المحيط ( رايح جاي ) وهو لا يحترم الكبار ولا يعرف أبسط قواعد البروتوكول ، ولا يملك صبرًا على الجلوس مع الكبار ليتعلّم منهم الأدبَ والحكمة ، ويأخذ بعض الدروس المجانية التي تختلف عن الدروس الأخرى التي دفعت فيها الست موزا والدته دم قلب الشعب القطري المغلوب على أمره ؟
هذا الولد الذي يحملُ تراثًا هائلا من قيم الخسة والهوان والعقوق ، وكأنه جاءَ ـ في المقام الأوّل ـ ليخلّص ثأرَ جدّهِ من أبيه ، فقد انقلبَ أبوهُ على جدّهِ وسرقَ منه قصر الحكم في الدوحةِ متناسيًا ضريبةَ العقوقِ والجحودِ والنكرانِ ومتغافلا عن ميراثِ الذنبِ والألمِ و كما تدينُ تُدان ، جاءَ تميم برعايةِ المكر الحريمي المتمثّلِ في شخص والدته موزا ، وبحياكتِها وقبضتِها الحديديةِ أزاحت ـ مع بنيها ـ زوجها / أباهم عن كرسي عرشِ تلكَ الدويلةِ التي لو عطسَ أحدُهم فيها لانتقلت العدوى إلى كلِّ سكانِها الذين يقلّ عددهم عن عدد التلاميذ الذين يهربونَ في الفسحةِ من مدارس التعليم الأساسي !! هل يستطيع ـ وهو يحمل كل هذه الجينات القذرة وكل هذا الميراث الرخيص ـ أن يجالسَ الكبار ، ثم يتخطّى ذلك إلى جمع قلوبهم التي أصبحت شتّى ، وأن يجعل الأمة تسير نحو طريق الوحدة والتكامل والقوة ؟ يا بلوتي السودة !!! لقد ذهب إلى القمة ليتقيّأ كلّ هذه الأحقاد وعُقد النقص والدونية في وجوه الكبار وشعوبهم ثم يعود إلى حضن أمّه، ذهب ليقول لهم لا كبارَ اليوم فالعصرُ عصرُ الأقزام والخونة والمنسحقين تحت بيادة العم سام ورفيقه كوهين ، أما غير ذلك فلا ، والغريب الذي ينافس أعتى المسرحيات الكوميدية أن يتحدّث هذا الفتى في كلمته عن قضية فلسطين ، كيف للذئب أن يحرس الغنم ؟ إنه ، وأمّه وأباه المخلوع المنزوع الأظافر والأنياب ـ وأشياء أخرى ـ الآن ، الرعاة الرسميون للوجود الأمريكوصهيوني على الساحة العربية ، هم حرّاس الأطماع الإسرائيلية ، والمنفّذون الأمناء لكلّ المؤامرات والمخططات النتنياهو أوبامية من أجل محو اسم فلسطين من الوجود وإلى الأبد ، وعلى يد أمه وأبيه وقبل أن يسطو على الحكم ، تمت عملية وأد القضية بالتواطؤ مع جماعة الإخوان الإرهابية في شخص الرئيس الكارتوني المعزول مرسي العيّاط ، ومع الحمساويين الذين اكتشفنا أن عدوّهم الأول هو الجيش المصري ومن ورائه الشعب المصري وليس جيش العدو المحتل الكذا كذا ، على أيدي حمد وموزا والعياط وآل حماس أصبحت فلسطين في خبر كان ، وأصبح الأهم منها هو تمزيق مصر التي نزفت قلبها وشبابها وأموالها من أجل فلسطين وقضيتها ، وفي نهاية المطاف ، وعندما تنقلب الآية ، يأتي طفل مراهق ليتكلّم عن القضية وبلده ـ بالكامل ـ ليست سوى معسكر أمريكي مفتوح فيه كلّ ما لذّ وطاب من أحدث الأسلحة التي ما تم تكديسها في هذه الدويلة من أجل حماية الست موزا وزوجها وعيالها ، ولكن من أجل تخويف العرب وإرهابهم وإظهار العين الحمراء لهم حتى لا يتحدثوا عن القضية أو يرفعوا أصواتهم وإسرائيل نائمة فيقلقوها وهي في منتصف الحُلم !! وبالرغم من هذه الترسانة الأمريكانية ، يلوح سؤال استراتيجي في غاية الأهمية : لماذا تعاقدت قطر ، بعد القمة مباشرة ، على شراء طائرات وأسلحة متنوّعة بما قيمته ثلاثة وعشرون مليار دولار ؟ هل سيستخدمونها في أفراحهم وحفلات ختان الأطفال ، وبدلا من إطلاق الأعيرة النارية سيفجّرون القنابل وربما الرؤوس النووية؟

ابن موزا في كلمته يهمز ويلمز ويرمي مصر من خلف حجاب ، وآهٍ لو كان الشيخ زايد ( يرحمه الله ) بين الحاضرين ، لقام وسفخه بالقلم على قفاه وطالبه بالتأدّب واحترام المقام عندما يلفظ باسم مصر ، وآهٍ لو كان صدّام حسين بينهم ، لأسرع إليه وبصق في وجهه ثم داس رأسه بالحذاء قبل أن يُفرغ فيه طلقات مسدسه بالكامل ، صدّام حسين الذي وقف قبل أكثر من ثلاثين عامًا وقال بأعلى صوته : حتى قطر تتطاول على مصر باسم القضية الفلسطينية !! مصر التي قدّمت من الشهداء أكثر من تعداد قطر من أجل القضية الفلسطينية ..يأتي حكام قطر ويتطاولون عليها ؟
واللافت للنظر والمثير للأتربة والميكروبات .. هو انحراف المذكور في كلمته ( التي ربّما كتبها له بن جودة ، مع الاعتذار لباسم يوسف ) ليتحدث عن أحبابه وأهله وعشيرته بما يثلجُ صدورهم ويفضح انقلابنا ـ نحن المصريين ـ عليهم ، فيقول : “.. ولا يجوز أيها الأخوة أن ندمغ بالإرهاب طوائف كاملة ، أو نلصقه بكل من يختلف معنا سياسيا. فشأن ذلك أن يعمّم الإرهاب بدل أن يعزله. كما لا يليق أن يتهم كل من يفشل في الحفاظ على الوحدة الوطنية دولاً عربية أخرى بدعم الإرهاب في بلده.”، ولن أعلق ، احتراما للقارئ ولأخلاق القرية المصرية ، وأجدني لا أجد ما أقوله للمذكور إلا : إلزم حدودك ياض ، كما أجدني مضطرّا إلى أنْ أرفع اقتراحا إلى مجلس جامعة الدول العربيّة بأن تكون مؤتمرات القمة المقبلة كلها للكبار فقط .!!
*****

ـ عن العدد رقم 112 من جريدة “فيتو ” القاهريّة ، الثلاثاء 1 أبريل 2014م

ـ البورتريه بريشة الفنان عماد عبد المقصود ، رسّام جريدة فيتو

 

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات