تاريخ مصر المعاصر وعبث الإعلام

06:56 مساءً الجمعة 25 أبريل 2014
فاطمة الزهراء حسن

فاطمة الزهراء حسن

مخرجة تليفزيونية، وكاتبة من مصر، مستشار شبكة أخبار المستقبل (آسيا إن)

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

مبارك يرفع علم مصر فوق آخر جزء محرر من سيناء

قضيتُ سنواتٍ طوالا من حياتي في دراسة الإعلام بجامعة القاهرة قبل أن أعمل في قطاع النيل للقنوات المتخصصة ومازلت، وقد شغلتني الإجابة عن سؤالٍ مُحيٍّر ومتصل بما قبله وما سيأتي من بعده كمواطنة تحيا على أرض هذا الوطن قبل أن أكون دارسة وعاملة في هذا الحقل: لماذا يتجاهل الإعلام المصري عامًة والحكومي بشكل خاص دور الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك في ذكرى استعادة أرض سيناء والموافق ليوم 25 ابريل/نيسان من كل عام؟؟؟؟ هل هكذا نُعلّم الأجيال الناشئة تاريخهم المعاصر؟؟ هل بهذه الطريقة البدائية نُعاقب الرجل؟

وعندما نحكي لأبنائنا وبناتنا عن عيد تحرير سيناء ماذا نقول؟؟!!

ليست هذه هي المرة الأولى التي يتبع فيها الإعلام هكذا سياسةفقد تكرر الموقف ذاته من الإعلام الرسمي تجاه الرجل في ذكرى انتصارات اكتوبر من العام الماضي وكأن مبارك لم يكن بطل من أبطال أكتوبر في سلاح الطيران والذي أعاد الجيش تأسيسه بعد هزيمة يونيو1967 فقد سافر مبارك إلى الإتحاد السوفيتي وقتئذ لإعادة بناء القوات الجوية وتخريج دفعات مؤهلة لتكون على جاهزية عالية لخوض الحرب ضد العدو الصهيوني المُغتصب.

مبارك، وسط أبنائه من طلبة القوات الجوية

25ابريل/نيسان هو اليوم الذي استردت فيه مصر أرض سيناء كاملة بعد انسحاب آخر جندي اسرائيلي منها وذلك تطبيقا لبنود اتفاقية كامب ديفيد التي وقعها الرئيس المصري الراحل أنور السادات مع الطرف الإسرائيلي 1979والتي دفع حياته ثمنًا لها حيث اغتالته يد الإرهاب في يوم العبور العظيم 1981 ,أي قبل موعد الإنسحاب بستة أشهر,وهنا تولى مبارك زمام الأمور في البلاد بحكم وضعه كنائب للرئيس, فهو من تسلّم أرض سيناء ورفع العلم المصري على ترابها في يوم مشهود في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي وهو يوم 25 ابريل/نيسان , فنجد البرامج التسجيلية والأغاني الوطنية والمؤرخين والإعلاميين يحتفلون بالنصر والكرامة واسترداد التراب الغالي بصور وتسجيلات لحرب العبور وخطب السادات !!!! ولكن أين احتفالات مصر بذكرى 25 ابريل 1982؟ من كان يحكم مصر آنذاك؟ من الذي استلم الأرض ورفع العلم ؟؟ لا توجد إجابة واحدة!!

أما اليوم وقد تبدلت الأحوال في مصر المحروسة بعد قيام ثورتي 25يناير/كانون ثاني 2011, 30 يونيو/حزيران2013, فلابد أن نذكر أن مبارك قد رفض الهروب خارج البلاد وفضّل السجن على مغادرة الوطن, وتتم الآن محاكمته على قضايا مازالت منظورة في المحاكم, وليس المجال هنا لذكر أن محمد مرسي الرئيس المعزول والذي تولى رئاسة مصر 30/6/2012 -المنتمي لجماعة الإخوان الإرهابية- يُحاكم بتهم تصل الى الخيانة العُظمى وقد تم عزله بثورة شعبية قادها الجيش المصري الباسل,فكان الأجدر أن تعود الأمور إلى نِصابها ويتم سرد التاريخ بحياد وموضوعية ,أما أن تحل ذكرى استعادة سيناء ويتجاهل الإعلام المصري الرسمي بصورة فجة وغير مقبولة 30 عاما من تاريخ الوطن فهذا خارج العقل والمنطق .

تماما كما حدث في ذكرى استعادة طابا آخر بُقعة مُحتلة من أرض سيناء بفضل إصرار مصر ورجالها البواسل من العسكريين والقانونيين على اللجوء إلى التحكيم الدولي الذي حكم بأحقية مصر في كامل ترابها الوطني وقام مبارك برفع العلم المصري على طابا في 19مارس/آذار 1989 , وقد تكرر نفس السيناريو وسيستمر طالما غابت الرؤية وتداخلت المصالح وسطّر صفحات التاريخ أناس غلّبوا أهواءهم وتوجهاتهم على مستقبل الوطن وعلى روح الانتماء التي نحاول أن نغرسها في عقول ووجدان أبنائنا ليتعلموا الدرس ويقرأوا النشيد ويقفوا تحية للعلم وتقديرا لرجال خدموا الوطن , منهم من أخطأ ومنهم من تعثّر ولكن قيمة الوطن وكرامته تظل فضيلة لا تُمس ولا تقبل الجدال والمزايدات.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات