مغامرات فتيات وشباب “الهارلي” في لبنان

07:41 صباحًا السبت 26 أبريل 2014
غنى حليق

غنى حليق

كاتبة وصحفية من لبنان

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

الحرية، القوة، الرجولة، البحث عن المغامرة، الاتصال بالطبيعة… مشاعر ومعان كثيرة لا يمكن اختصارها أو ترجمتها بالنسبة إلى هواة قيادة دراجات “الهارلي دايفيدتسون” في لبنان. فقيادة الدراجات النارية بالنسبة لهم هي متعة وشغف خاص، إذ تختلف عن سائرها من الهوايات بأنها أسلوب حياة تعطي لممارسيها التغيير وتمنحهم الحرية وتخرجهم من الروتين وتدعوهم للتأمل  والانطلاق نحو حياة مليئة بالفرح والسعادة والهدوء. هي أسلوب حياة لا يمكن أن يشعر بها إلا من إختبرها وعاشها بكل تفاصيلها.

كلمة هارلي أو هارلي دايفيدسون قد لا تعني لبعض الناس شيئاً، فيما يخلط البعض الاخر منهم ما بين هواة قيادة الدراجات العادية وهواة قيادة “الهارلي”. كما تبدو كلمة “هارلي” مصطلح شبه غريب وغير مفهوم لشريحة أخرى من الناس.  التقينا صبايا وشباب نادي “الهارلي” في لبنان واجرينا معهم تحقيقاً عن هذه الهواية، وتحدثنا مع رئيس النادي السيد مروان طراف وبعض المنتسبين إليه، وتعرّفنا الى أبرز الدوافع والأسباب والظروف التي قادتهم نحو “الهارلي” وجعلتهم شغوفين بهذه الهواية.

رئيس النادي السيد مروان طراف

بحسب طراف تتواجد فرق “الهارلي دايفيدسون” في مختلف الدول العربية والغربية، وهي هواية يعود تاريخها للعام 1903، إذ نشأت في الولايات المتحدة الاميركية على يد مؤسس شركة الدراجات النارية هارلي دايفدسون وسُميت على أسمه. أما في لبنان فمن الصعب تحديد تاريخ وصول “الهارلي دايفيدسون” بشكل دقيق، ولكن يمكن القول أن السيد رافلي الخوري كان أول وكيل حصري لإستيراد وبيع الهارلي في لبنان منذ سبعين عاماً، وأن رجال الشرطة كانوا أول من استعملها، ولكن سوء الأحوال الاقتصادية والامنية في لبنان، والصورة السيئة التي كانت سائدة في الماضي عن مستعملي الدراجات وراكبيها كانت جميعها عوامل مساعدة لإقفال هذه الشركة العريقة.

بعد إقفال الشركة بقيت هواية “الهارلي دايفيدسون” في لبنان فترة طويلة من دون رعاية أو تنظيم، ولما عاد السيد مروان طراف من أميركا إلى لبنان منذ عدة سنوات، عمل على إعادة إحياء هذه الهواية وتنظيمها وجمع هواتها في نادٍ خاص، فأسس النادي اللبناني للدراجات والسياحة وشغل منصب رئيس النادي العالمي لاصحاب “الهارلي دايفيدسون” في لبنان والتابع لتجمع الهوك العالمي. يقول طراف: “لي مع دراجات “الهارلي” قصة طويلة، كانت بالنسبة لي حلم، وكنت كلما أشاهد رجال الدرك يركبونها يزيد تعلقي بها. في أميركا تعلمت قيادة هذه الدراجات وأصبحت من هواة هذه الرياضة، ولما عدت إلى لبنان حاولت إعادة إحيائها، فجمعت الدراجين وأسست نادي “الهارلي”  ونظمت نشاطاتها”.

يوجد في لبنان اكثر من 500 دراجة “هارلي” ولكن لا تستعمل جميعها بشكل فعلي على الطرقات وبحسب مصادر السيد مروان طراف يوجد 320 منتسب إلى نادي “الهارلي اللبناني” 27 منهم من النساء وتتراوح أعمارهم ما بين 30 و65 سنة. ينتمي هواة “الهارلي” إلى طبقات إجتماعية مختلفة، وأغلبهم يشغلون وظائف ومناصب مرموقة ، وتتنوع مهنتهم ما بين الطب والهندسة والتعليم والتجارة… يشارك في أغلب نشاطات النادي ما بين 100 و120 دراج ، ويخرجون في رحلات أسبوعية إلى مناطق مختلفة من لبنان، كما يشاركون في “الرايدات” التي تقام في مختلف الدول العربية والغربية.

وعن شروط الانتساب إلى نادي “الهارلي” في لبنان يقول طراف:”على المنتسب إستيفاء كامل المعاملات القانونية المتعلقة به وبالدراجة من رخصة قيادة الى أوراق ملكية وغيرها، بالاضافة إلى تعهده الالتزام بالقوانين والحفاظ على سلامته وسلامة الناس”. وبالنسبة لنشاطات الهارلي في لبنان يرى طراف أن لبنان أرض خصبة لممارسة هواية “الهارلي” بسبب تمتعه بطبيعة جميلة وطقس جيد وطرقات متنوعة. “الهارلي” هي ورياضة وأسلوب حياة يتم خلالها اكتشاف الطبيعة بطريقة مباشرة ، هي هواية كل مغامر وباحث عن رياضة جماعية وهذا ما يميزها عن غيرها”.

 ويتابع طراف: “جميع المنتسبين إلى نادي الهارلي يعرفون بعضهم البعض، ويتكاتفون لحل أي مشكلة قد تعترض أحدهم. نحن نتابع أدق التفاصيل التي تحدث مع الزملاء وخصوصاً خلال الرحلات.

ينزعج أغلب هواة  الهارلي من النظرة الخاطئة وغير المحترمة التي يأخذها بعض الناس عن قائدي الدراجات إذ يخلطون بين لصوص الدراجات وعصابات “البانك” وبين فرق “الهارلي” المحترمة. وفي هذا الصدد يقول مروان طراف:”منذ بداية انتشار نواد “الهارلي” في العالم مطلع التسعينيات بدأت تختفي عصابات “البانك”، وحل مكانها نواد “الهارلي” الفاعلة في المجتمع والتي تحرص على إنشاء جمعيات إنسانية. ويختم طراف حديثه بالقول:” تغيرت هوية مستعملي الدراجات النارية من مجرمين وقطاعي طرق إلى أطباء ومهندسين ومدراء بنوك…. وبالنسبة لمظهرهم الخارجي الذي يغلب عليه السترات الجلدية السوداء والأوشمة والأقنعة فهذا أمر يتعلق بالموضة وبمتطلبات الهواية وبالشكل الخارجي فقط، وليس له علاقة بسلوك اصحابها.

الهارلي .. اهتمام عائلي

ميسون حمود

ميسون امرأة متزوجة ولديها ثلاثة أولاد، وهي تمارس هواية ركوب دراجات “الهارلي” منذ عدة أشهر فقط.  تعرفت ميسون على هذه الهواية عبر زوجها الذي كان يتابع أخبار “الهارلي” عندما كانا يعيشا خارج الوطن، ولما عادا إلى لبنان واستقرا فيه انتسب الزوج إلى نادي “الهارلي”. كانت ميسون ترافق زوجها في كل رحلات النادي، وكانت تستمتع كثيراً بها، وهذا ما شجعها على الانتساب هي أيضاً إلى النادي، كما أن تشجيع زوجها لها دفعها لتعلم قيادة الدراجات وممارسة هذه الهواية.

تقول ميسون:”في البداية تشجعت وتحمست لقيادة الدراجة، ولما أشترى لي زوجي واحدة  ترددت وخفت من قيادتها بمفردي، وشعرت أن حماسي خف”. وتتابع “باع زوجي أول دراجة اشتراها لي ، وعندما شعر أنني تحمست لها مرة أخرى، أشترى لي واحدة غيرها مجدداً، وبت أقودها إلى جانبه في الرحلات ، واتنقل عليها كلما سمحت لي الفرصة، وبحسب ظروفي العائلية”. وتفيد ميسون أنهما، عندما يشاركان في الرحلات “الرايدات” يستمتعان كثيراً وخصوصاً أن أولادهما يرافقوهما، ويواكبوهما في باص مستقل ومخصص لعائلات الدراجين.

تشعر ميسون أن هواية قيادة دراجة “الهارلي”  كسرت الروتين الذي كانت تعيشه، وهي بالنسبة لها نوع من “التأمل”، معها تنسى همومها ومسؤولياتها وكل ما يقلقها. “إن الرحلات التي نقوم بها في الهواء الطلق تشعرني بالراحة والنشاط، وتجدد طاقتي وقدرتي على العطاء والتحمل”.

تتنقل ميسون على دراجها داخل المدينة، ولكنها ترتاح في قيادتها أكثر خارجها، بعيداً عن زحمة السير والضوضاء ومضايقات الناس وسياراتهم. تفضل ميسون القيادة مع فرق “الهارلي” لأن معها تشعر بالأمان والانضباط، إذ يقوم قائد المجموعة بتنظيم سير المشاركين ويرشدهم إلى المناطق والطرقات الأفضل والأجمل، ويكتشفون معاً الطبيعة والطرقات التي قلما يقصدها الناس في حياتهم اليومية.

لا تنزعج ميسون من نظرة الناس والمجتمع لها كقائدة دراجة، لأنها تحب هوايتها ومقتنعة بها، “بعض الناس تتجاوب معنا وتشجعنا، وتعرف أننا نختلف عن أولائك الذين يعرّضون حياتهم وحياة غيرهم للخطر. وهناك البعض من الذين ينزعجون منا ويحاولون التشويش علينا بسياراتهم وتصرفاتهم غير اللائقة”. تعترف ميسون أن بعض الناس يعجبون بها ويحاولون تصويرها، والبعض الآخر يستغربون هوايتها ويحاولون ازعاجها وإغلاق الطريق أمامها بسياراتهم، فتحاول الهرب منهم خوفاً على حياتها من صدمات سياراتهم.

تشعر ميسون بالحرية، والقوة خلال قيادة الدراجة، وترى لبنان والطبيعة بصورة مختلفة، صورة واضحة نقية لا حواجز ولا عوازل فيها. “جلت لبنان على الدراجة، وتعرفت على مناطق كثيرة فيه، “الهارلي” جعل حياتي أكثر سعادة ، وأعطاني الكثير، معه أشعر أنني أحقق ذاتي، انه أسلوب حياة ، وكسر لكل القيود.”

استعداد للمغامرة

ريا حمادة وزوجها نَمير حمادة

السيدة ريا حمادة من النساء المعجبات “بالهارلي” وهي كانت شغوفة بها منذ كانت تعيش مع عائلتها في كندا، إذ تأثرت بإثنين من أخوتها كانا يقودا دراجة هناك، وكانت تتنقل معهما عليها وتتبادل معهما أخبار الهارلي ، ورغم ذلك لم تتجرأ ريا على أخبار أهلها برغبتها في تعلم قيادة الدراجة واقتناء واحدة منها ، لأنها تعرف ردة فعلهم مسبقاً نحو هذه الهواية الخطرة.

تقول ريا :”فكرة “الهارلي ” لم تغب عن بالي ، وبقيت تراودني إلى أن عدت إلى لبنان وتعرفت على نمير زوجي الذي كان هو أيضاً شغوفاً بالهارلي. معه تعرفت على دراجات الهارلي، وانتسبت لناديها، وصرت أركب خلفه خلال رحلاتها داخل لبنان، ولما تزوجنا علمني على القيادة، وأهداني دراجة . كانت مفاجأة سارة بالنسبة لي، ولم أتوقع انني سأحقق هذا الحلم يوماً ما”.

إقتنت ريا دراجة هارلي، وكانت تقودها بالخفاء عن والدها، لأنها تعلم كم يخاف من هذه الهواية، تقول ريا:” كان ينصح زوجي بالتخلي عن دراجته، ولا يعلم أنني أقتني واحدة. أخفيت عنه هذا السر ما يقارب الثلاث سنوات، ولم أخبره إلا عندما شعرت أن أغلب الناس باتت تعرف بالموضوع إلا هو”. لم ينزعج والدي  كثيراً من الخبر لأنه، كما تقول، كان في سره يتباها بهواية صهره ويفاخر بها أمام الناس، فيما ينصحهم  بالتخلي عنها.

كان نمير معجباً “بالهارلي” ، وبسبب مصادفة وجود مكتبه في نفس مبنى وكالتها، تعرف عليها أكثر وبات من قادتها والمنتسبين إليها، يقول نمير :”جمعتني أنا وريا هواية واحدة، واكتشفناها معاً. لذا علمتها على دراجة صغيرة في البداية، ولما شعرت أنها متمكنة وأن بنيتها الجسدية قادرة على قيادة دراجة الهارلي فاجأتها بواحدة في أحد المناسبات”.

تتحدث ريا ونمير بسعادة وفخر عن مغامراتهما مع الهارلي، ويقولان أنهما يشعرا بسعادة كبيرة عندما يخرجان معا في رحلات النادي ويكون كل منهما على دراجته. يقول نمير:”القيادة إلى جانب ريا لها طعم خاص، لانني أشعر بالتناغم معها وبالفخر بها”. لا يخفي نمير أنه يشعر بالمتعة والحميمية عندما تركب ريا خلفة على الدراجة، ويرى أن لكل حالة متعتها وشعورها المختلف والخاص، لذا لا يحب الخروج في “ريدات” ما لم تكن ريا ترافقه “.

يحب نمير أن تتطور زوجته في قيادة الدراجة لانها شغوفة بها مثله، وهو لا يخاف عليها كثيراً منها لانه يعرف مدى تمكنها منها ، كما انه لا يغار عليها من كلام الناس أو نظرة المجتمع لها، “الناس يحبون الكلام والحشرية ولا بد وأن يتعودوا على مشاهدة السيدات اللواتي تقدن  الدراجات، كما علي أنا أيضاً التعود على فكرة أن الناس ستلاحق زوجتي وتحاول التفرج عليها وتصويرها، هاجسي الدائم حمايتها وتنبيهها من الطرقات الصعبة والخطرة “. ينزعج الزوجان من نظرة الناس لراكبي الدراجات، وخصوصاً أولئك الذين ينظرون إلى الدراجة وراكبيها كبعوضة، ويحاولون ازعاجهم.

لا يستعمل الزوجان الهارلي خلال حياتهم اليومية، لان حجمها كبير ويصعب قيادتها وركنها في المدينة، ولكن يستعملاها في سهراتهم ونزهاتهم ويجدا متعة بالتنقل بها في الجبال والمناطق الساحلية، والقرى . ويقولا أن قيادة الدراجة جميلة ورائعة صيفاً شتاءً ، ولكن في فصل الشتاء تزيد خطورة الانزلاق، ويصبح من الصعب الخروج برحلات جبلية ، لان البرد يكون قارساً ومزعجاً، وأن السترات الجلدية الواقية والقبعات الحديدية تحجب البرد عنهما وتخفف من أضرار الحوادث التي يتعرضا لها، ورغم ذلك يبقى الخطر موجوداً.

يعترف نمير بان شغف زوجته بالهارلي شجعه على الاستمرار بنفس الحماس، ولولاها لما تعلق بها إلى هذه الدرجة. أما ريا فتقول أن تعلقهما بالهارلي دفعهما للسفر في شهر العسل إلى أميركا والمشاركة في رحلات هارلي في  بوسطن. “كانت رحلة من العمر، اكتشفنا فيها أغلب مناطق المدينة على الدراجة”. تتابع ريا وتقول”غيّر الهارلي حياتي، وأخرجني من حالة الملل التي كنت أشعر بها عندما عدت إلى لبنان، فأنا لم أكن أعرف جميع مناطقه ، وكنت معتادة على نمط الحياة في كندا. مع الهارلي أكتشفت لبناني الآخر، وحياة مختلفة”.

تشعر ريا بالقوة والحرية والنفوذ والسيطرة عندما تقود الدراجة، وتطرب جداً لصوتها، وترتاح له كلما علا أكثر. تختم ريا حديثها بالقول :”عندما أكون على الدراجة ارتاح نفسياً، وأشعر بأنني أملك الحياة، وأقوم بما أريد”. كما يختم نمير بالقول :”الهارلي أسلوب حياة ، تنقله من عالم التوتر والضجيج والزحمة إلى عالم الفرح والحرية والطبيعة ، وأدعو جميع الناس الى تجربتها ليكتشفوا الفارق”.

الآنسة رنا عقيلي مع كاتبة التحقيق الصحفية غنى حليق

رنا عقيلي

 رنا عقيلي فتاة جامعية جميلة، تهوى المغامرة والأشياء الغريبة، تعرفت على الهارلي من أحد أصدقائها، وخلال فترة قصيرة تعلمت القيادة واشترت دراجة وانتسبت إلى نادي الهارلي. هي من أصغر المنتسبات إلى النادي، وعن تجربتها هذه تقول:” عندما صعدت أول مرة خلف صديقي على الدراجة شعرت بشيء يخطف الانفاس، بالحرية والسعادة، كماشعرت برغبة كبيرة باقتناء دراجة”. ترى رنا أن التنقل على الدراجة يختلف كثيراً عن التنقل بالسيارة، إذ يشعر راكب السيارة بالحبس والاختناق والحواجز بينه وبين الطبيعة ، فيما يشعر راكب الدراجة بالحرية والتواصل المباشر مع الطبيعة.

تعلمت رنا القيادة على دراجة صغيرة وبعدها اشترت هارلي، وكونها فتاة وحجمها صغير شعرت رنا عندما قادت الهارلي بأنها تملك الدنيا. لم تواجه رنا مشكلة مع أهلها في عملية اقتنائها دراجة هارلي، فوالدتها كانت دائما تنصحها باقتناء “سكوتر” للتنقل بها ، ولما شاهدت الهارلي صدمت بحجمها ووزنها، ولكن تعودت على الفكرة مع الوقت. تقول رنا “كل من حولي أحب الفكرة ، وتحمس لها. منهم من خاف علي ومنهم من شجعني”.

تشجع أصدقاء رنا لاقتناء دراجة بعد مشاهدتهم لها تقود دراجتها، وهم اليوم يجمعون المال للتماثل بها كما تقول. باتت رنا تعمل في وكالة الهارلي منذ أن اشترت دراجة  هارلي، واصبحت تعرف كل شيء عنها وعن أكسسواراتها، من أصغر برغي إلى أكبر قطعة. ترى رنا أن قائد الهارلي يمكنه أن يعدل في دراجته ويطورها كما يرغب، حتى تصبح تشبهه.

تعرف رنا أنها تتعرض لمضايقات كونها فتاة، كما تتعرض لمجاملات:”الكل يستوقفني ويسألني عن دراجتي، وهوايتي نساء وفتيات وشباب. بعضهم ينظر إلي بشكل إيجابي، ويبدي اعجابه وتشجيعه لي، فيما يحاول البعض الاخر التشويش علي وازعاجي”. تنزعج رنا من الاشخاص الذين يحاولون تعريض حياتها للخطر ، كالذين يحاولون تصويرها خلال قيادتهم لسياراتهم . لا تحب رنا إخفاء هويتها كفتاة لان من يحب ملاحقة الفتيات وازعاجهن يفعل ذلك إن كانت الفتاة على الدراجة أو خارجها.

تهتم رنا بأزياء الهارلي، كاهتمامها بدراجتها، وهي تتابع موضتها من سترات جلد وقلادات، واكسسوارت، وتحاول اقتنائها رغم ارتفاع سعرها. تقود رنا دراجتها في كل الفصول، وتلبس ما يناسبها ويقيها من برد الشتاء ومطره، وخطر الانزلاق في الايام الماطرة. هي تحظى باهتمام ورعاية جميع زملائها كونها أصغر عضو في النادي، وهذا يسعدها ويعطيها دفعاً أكبر للاستمرار معهم. الانتساب إلى الهارلي يكسبها صداقات ومعارف أكثر، والحديث مع شخص يقود هارلي بالنسبة لرنا متعه لا يعرفها إلا من هو شغوف بنفس الهواية.

تتمنى رنا في نهاية حديثها أن ينتبه الناس لقيادتهم، ويتقيدوا أكثر بقانون السير ، لأن أغلب التجاوزات تعرضهم وتعرض سواهم  للخطر.

حسن بدران

لحسن بدران قصة طويلة مع الدراجات، بدأت منذ كان عمره 11 عاماً، مما جعله شغوفاً بهذه الهواية، ولا يمكنه العيش من دونها. قبل قدوم وكالة الهارلي إلى لبنان كان يحلم باقتنائها، ولما بات لها ناد كان أول المنتسبين إليه هو وزوجته. لحسن ولدين، وهما يقودا الدراجات أيضاً، فالصبي  في عمر 13 يقود دراجة فيما أخته البالغة من العمر 11 عاما تقود سكوتر، وهما يرافقان والديهما في رحلاتهما.

وعن مدى السماح للأولاد بقيادة الدراجات أو ركوبها يقول حسن:” القانون يسمح للولد الذي تطال قدميه دعسة الدراجة الركوب عليها خلف السائق، ولا مشكلة في ذلك. نحن نحرص على سلامة الأولاد ونتقيد بقوانين الدراجات. أنا شجعت أولادي وسجلت ابني في مدرسة خاصة لتعليم قيادة الدراجات وهو اليوم يجيد القيادة”.

لا يحب حسن قيادة السيارات، وهو إذا اضطر لركوبها يترك زوجته تقود به. يشبه حسن الجلوس بالسيارة كالجلوس في حوض اسماك (اكواريوم). هو يعتمد على الدراجة في كل تنقلاته ، وفي جميع الفصول، فهي بالنسبة له توفر له نصف وقته، وتخلصة من عجقة السير الخانقة في المدينة ، وتجعله يشعر بالحرية وبجمال الطبيعة. تعلق حسن بالدراجة كتعلقه بعائلته وأكثر كما يقول، وهو لا يتمنى أن يأتي يوم يمنع فيه من قيادتها، لأنها جزء أساسي في حياته و يفضل الموت على الابتعاد عنها.

لا ينزعج حسن من الغبار الذي يعلق على ثيابه بسبب الدراجة، ولا من البرد والشتاء وسباب الناس له بسببها، لأن حسناتها أكثر من سيئاتها، فهي عرفته على لبنان وطبيعته الجميلة، وجعلته يشعر بحرية وقوة ويرى الطبيعه والحياة بمنظار مختلف.  يقول حسن:”من يخرج معنا لا يشعر بأنه يعيش في لبنان ، ويرى المشاهد الطبيعية بشكل أفضل. نحن ننزل الوديان ونصعد الجبال، ونستقبل طرقات قلما يرتادها الناس، نحاول اكتشاف كل ما حولنا ، والاستمتاع بالهواء الطلق وكل ما حولنا”.

يتبوأ حسن في نادي الهارلي مركز قائد فريق، وهو ينظم الرحلات ويشرف على جميع برامجها من الألف إلى الياء. يقرر مكان الرحلة ويعاين الطرقات مسبقاً، ويتعاقد مع المطاعم والاستراحات المقررة ، وينظم طريقة سير الدراجات على الطرقات وترتيب الدراجين فيها . وهو يقول:” عادة يسير قائد الرحلة في الأمام ويتبعه قائد الفريق والدراجون . فيما يواكب مسعفان مؤخرة  الموكب، ويساعدان أي شخص يتعرض لمشكلة. كما يرافقنا خلال الرحلة  “مارشل” لتأمين مفارق الطرق حتى لا نعرض حياتنا وحياة غيرنا للخطر”.

يشعر حسن بالفرح عندما ينظم رحلة ناجحة، لأنه يستمتع بها مع أصدقائه وعائلته الصغير والكبيرة.  يتراوح عدد الدراجين خلال الرحلة ما  بين 80 و100 . وهم لا يحبون السير السريع خلال الرحلات، لأنها تعيق عملية  تمتعهم بالطبيعة، وتزعج المرافقين لهم. وتبلغ سرعتهم على الطرقات الواسعة 80 كلم، فيما تكون في القرى 40 كلم .

يختم حسن حديثه بالقول ان ما يميز لبنان عن غيره من الدول هو تنوع طرقاته ، وجمال طبيعته، وهذا ما يجعل أغلب هواة الهارلي يقصدونه. “الجميل في طرقات لبنان أننا نمر خلال الرحلة والواحدة في 500 منعطف، فيما تخلو أغلب طرقات الدول العربية من هذه الميزة بسبب طبيعتها الصحراوية”.

مازن حجازي

مازن حجازي شاب في 26 من عمره، منذ صغره وهو مولع بالهارلي ومتابع لأخبارها، بدأ قيادة الدراجة العادية  في عمر 16 ، ولما بلغ 21 من العمر حقق حلمه واشترى دراجة هارلي، وانتسب إلى ناديها. يقول مازن :غيرت الهارلي حياتي، وقلبتها رأساً على عقب. هي تختلف عن الدراجة العادية بكونها نمط حياة. جميع الناس يمكنهم قيادة الدراجة، فيما قيادة الهارلي تعني تغيير السلوك والملبس، واسلوب الحياة والعادات”. ويتابع مازن:” نحن مثلاً نلبس اللون الأسود تحاشياً للغبار وليس وليس لسببٍ آخر، كما أننا نلبس السترات الجلدية للوقاية من البرد والهواء وللتخفيف من أضرار الحوادث التي نتعرض لها”.

 يعترف مازن أن الهارلي في لبنان يختلف عن الهارلي في باقي الدول العربية، وأن هناك فارقاً ما بين هارلي العرب وهارلي الأجانب. “لكل ثقافته وأسلوبه بالحياة. في الدول العربية لا يوجد فتيات هارلي. وتختلف طرقاتنا عن طرقاتهم، إذ يغلب عليها الطابع الصحراوي الذي يدخلك في الروتين خلال القيادة، ولا يعطيك الخبرة اللازمة في القيادة، لذا أرى أننا في لبنان لنا قدرة في القيادة أكثر منهم “.

شارك مازن في رايدات خارج لبنان، وقاد دراجته مسافات طويلة، ” شاركت في  رحلة إلى الاردن، وقدت دراجتي إلى جانب 30 دراجاً، مررنا بسوريا، ووصلنا إلى العقبة، وهناك التقينا بفرق هارلي من جميع الدول العربية  والاجنبية، كانت تجربة رائعة، من بعدها لم تعد الرحلات الداخلية تقنعني. قطعت مسافات طويلة ما بين لبنان وسوريا والأردن ،جبال وصحراء وبساتين وتعلمت خلالها كيف أتصرف خلال الرحلات الطويلة وماذا اتبضع “.

لا يتنقل مازن كباقي رفاقه بدراجة الهارلي خلال النهار بسبب كبر حجمها، وهو يستعملها خلال الرحلات والسهرات وفي نهاية الأسبوع فقط. يرى مازن أن لكل دراجة مميزاتها الخاصة التي تعكس شخصية صاحبها، فأنا مثلاً أفضل الكروم والألوان في دراجتي ، وأحب الأحجام الكبيرة، لأنها تشعرني بالقوة والحماية”.

يتقيد مازن بكل قواعد الهارلي، ويفخر بالنظام والانضباط الذي يتقيد به جميع أعضاء النادي،  فشرب الكحول من الممنوعات لا بل من المحرمات خلال القياة، كما الالتزام بخط السير وعدم التجاوز  من أدبياتهم.

الانتساب إلى نادي الهارلي بحسب مازن يكسب الشخص  صداقات وعلاقات اجتماعية، ويساعده في شتى المجالات بسبب تنوع اختصاصات المنتسبين إليه. يقول مازن:” نحن نلتقي بشكل دائم ونتبادل الافكار والاراء، ونتواصل بشكل دائم”. يشارك اعضاء الهارلي بعضهم البعض في الافراح والاحزان، وهم يعيشون كعائلة واحدة ويتابعون أخبار بعض باستمرار.

لمازن خطيبة وهو يحب أن تشاركه ركوب الدراجة دائماً، إلا انه لا يحب أن تتعلم خطيبته وتستقل دراجة بمفردها. “لا أحبها أن تقود الدراجة لأنني أخاف عليها من المجتمع، وما قد تتعرض له من أخطار”. مازن الذي لا يرضى أن تقود خطيبته الدراجة ، لا يرى مانعاً ان يعتنق أولاده في  المستقبل هذه المهنة، وهو مستعد لتشجيعهم على ذلك. بالنسبة له لا يجوز لفتاة ناعمة أن تمارس هواية خطرة، وتتعرض لمواقف مزعجة.

قيادة الدراجة تشعر مازن بالفرح، فيما يشعره صوتها بانه يسمع سيمفونية جميلة، وهو يستطيع ان يميز ما بين صوت الهارلي وبين أي دراجة أخرى. يقول مازن:”نستطيع أن نعرف بعضنا من أصوات الدراجات، ولكل دراجة صوتها المميز”. مازن شغوف بكل ما يتعلق بالهارلي من صوت وثياب ورموز  ويرصد لهذه الهواية مصروفا خاصاً،  ويدعو كل الشباب الذين يحبون الدراجات الى تجربة الهارلي لأنها ستغير حياتهم نحو الأفضل.

غنى حليق في صورة للذكرى

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات