بشـــير عيـَّـاد يطالبُ بعودةِ أمنِ الدولةِ والحرسِ الجامعي : رجالُ الشرطة بين سيولِ الدماء وتلاكيك جماعات أبو لَمَس !!!!

08:05 مساءً الإثنين 28 أبريل 2014
بشير عياد

بشير عياد

شاعر ، وناقد ، وكاتب ساخر ، يغني أشعاره كبار المطربين، له عدة كتب في نقد الشعر، متخصص في " أمّ كلثوم وشعرائها وملحنيها " .

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

من الممكن أن تكون لك ملاحظات على بعض رجال الشرطة وأدائهم  بما فيهم الوزير محمد إبراهيم شخصيًّا ، ولك الحقّ في أن تقول : كأن الثورة ما قامت ولا سقط شهداء ولا خلعنا مبارك وشركاه وعلى رأسهم وزير داخليته حبيب العادلي ، ولا تثريب عليك إن ضقت ذرعًا وصرخت بأعلى صوتك من هول هذا التسيّب الذي يضرب كلّ شوارعنا وتسكت عنه وزارة الداخلية ، ولا أعيب عليك إذا تمسّكت سيادتك بالشائعات القديمة التي تقول إن السيد الوزير كان إخوانيا وتحوّل مع موجة 30 يونيو عندما لم يجد مفرًّا من هذا الطوفان الشعبي الجارف الذي قوبلَ بوقفةٍ بطولية تليق بجيش مصر العظيم وأعرق جيوش الكرة الأرضية ، لك الحق في كل الشكوك والخيالات والهواجس والحقائق الثابتة التي تتصارع في رأسك وتكاد تنهش ما تبقّى من عقلك وصبرك وصمودك إن كان لديك شيء من كلّ هذا بعد كلّ الذي حدث ، وبعد كل الذي يحدثُ ، ولهذا ، وبسبب كلّ الذي حدث و”كل الذي يحدث ” فإنني لن أبالي بصراخِ المتشنّجينَ من قبائل “معاهم معاهم عليهم عليهم ” والسابحين مع كلّ موجة ، ولن أصغي لاتهاماتِ المتسكّعينَ على نواصي الفضائيّاتِ التي تحترفُ الإثارةَ وإشعالِ الفتنِ في كلّ اتجاه ، ولن أهتم بمرتزقةِ حقوقِ الإنسانِ فحقُّ مصرَ أولى بالرعاية ، وأحقُّ باهتمامي وخوفي وقلقي ، وأيّ عابرٍ في فضاء الانترنت أو في طيّاتِ الصحفِ التي تغيّر مكياجها وملابسها طبقًا لاتجاهِ الرياحِ السياسيّة أو الكتالوجات المستوردة من الغرب أو من الشرق ليسَ له عندي إلا التجاهل وكأنني لا أراه !

لماذا تخافُ وترتعدُ من أمنِ الدولةِ أو مجرّد ذكرها إذا كنتَ مواطنًا شريفًا ؟ إذا كنتَ تصرخُ منها ( إن كنتَ كاتبًا أو أديبًا أو إعلاميّا أو لاعبًا على كل الموجات ) فسوف أتهمك بأنك جرّبت لأنك كنت من أدواتها وكلابها وعِصِيِّها التي ضربت بها الأبرياء والشرفاءِ والذين أضيروا وأهينوا وتعذبوا وربما تشتتوا وتركوا ديارهم وأهليهم بسبب خسّتك ونذالتك وانسحاقِكَ من أجلِ منفعةٍ طارئةٍ ولو على جثثِ الآخرين ، أو لإشباعِ غريزتك وشهوتك الانتقاميّة وأمراضك النفسية وروحك الملبّدةِ بكلّ ما في ميراثِ النفاقِ والخنوعِ والتبعيّة ،وأسأل سيادتك : ما تفسير سيادتك أو إجاباتك على علامات الاستفهام الضخمة التي تسبح الآن في الساحة المصرية بعد “قبر” أمن الدولة وتناثر ملفاتها وتسجيلاتها وصناديقها السوداء تبع الأخ عبد الرحيم علي وشركاه أو أمثاله ؟ هل تنام سعيدا قرير العين مرتاح البال في هذه الحال الـ “سداح مداح ” بعد أن تحوّلت مصر إلى مفرخة جواسيس وخونة وكلاب ضالة وضباع جائعة ؟ هل احتفلت بانتصارك على جهاز أمن الدولة المجرم القاسي الظالم المستبد الغشوم المتعجرف وتناسيت ما تراه رأي العين من باعة جائلين يبيعون وطنك ومصرك العظيمة بالجملة والقطاعي ويعرضون شرفها وكرامتها في أسواق النخاسة الأمريكوتركإسرائيقطريّة ؟ هل هدأت روحك الشفافة المرهفة وأنت تغوص بقدميك وعينيك في بحار دماء إخوتك الأبرياء جرّاء المؤامرات التي لم نعد نستطيع أن نحصي أصحابها أو حائكيها ؟ هل تشعر بانتصارك الظافر بعد أن أصبح عدد الجواسيس والمتآمرين طرفنا أكثر من عدد المواطنين ؟ هنيئًا لحضرتك ، ونراك في الثورة التالية .

أمّا إذا كنتَ تُعارضُ وجود الحرس الجامعي داخلَ حرم الجامعة خصوصًا في ظلّ هذه المخاطر  التي تحيق بالعملية التعليمية وتكاد تنسف العام الدراسي ومعه سمعة الوطن والجامعات المصريّة ، فأنت إمّا طالب بليد يريد إلصاق تهمة فشله ورسوبه وخيبته بما يجري ، أو طالب بلطجي لا تعنيه الشهادة ولا العلم في شيء ، أو طالب بغبغان أبله يردد كلامًا مُعادًا وكلّ طموحه أن تُلتقط له بعض الصور ليضعها على صفحته على الفيس بوك ، وإمّا أنت ـ أستاذا كنت أو طالبًا ـ من المخربين التابعين للتنظيم الإرهابي وتعمل بكل بطولة ، وهمية ، لقتل كل بارقة أمل ، وقطع الطريق على الشرفاء الذين يحلمون بمستقبلٍ مشرقٍ يليقُ بدماءِ الشهداءِ وبأحلامِ البسطاء ، قطع الطريق على الذين جاءوا من أجل العلم جريمة تتعدّى حدود البلطجة وحدود الحرية وحدود الثورة ، ولا يصلح معها مراهم مدلكاتيّة حقوق الإنسان ، ولا اللبان المستعمل الذي يملأ أفواه أعضاء اتحادات الطلاب ويمضغونه بعنف وأداء تمثيلي في ساحات الجامعة أو في ساحات الفضائيات ، جريمة لا يمكن مقاومتها بتوسلات الأساتذة الطيبين أو تدخلات فرق الكشّافة في مدارس التعليم الأساسي المجاورة ، ما يحدثُ على أرض الجامعة لا يستحقّ فقط وجود  الحرس الجامعي وبشكلٍ ثابت ومكثّف ، بل يستوجب تدخّل قوات الشرطة في كلّ لحظة بلا استئذان أو انتظار لجس نبض قبائل حقوق الإنسان وأقاربهم ونسائبهم في الأقاليم والنجوع والكفور أو في الدول المجاورة وغير المجاورة ، أو قياس ردود فعل قوّات اتحاد الطلاب وأسلحتهم الفتّاكة من الكلام المعلب منتهي الصلاحية ، والشعارات الفارغة الصارخة التي يرددونها بلا فهم أو أدنى وعي ، الشرطة مُلزمة ـ وهذا شرط وجودها ومبرره ـ بمنع وقوع الجريمة ، فإن وقعت فالتدخل من أجل إيقاف نزيف الخسائر وتتبع المجرمين لتقديمهم إلى العدالة ، رجال الشرطة لا تنحصر اختصاصاتهم في تنظيم المرور بالشوارع التي لن ينجح إبليس في إعادة ضبطها والحال كما نرى ، وليست وظيفتهم الوقوف على الحياد والفرجة على المتناحرين والمتقاتلين والتصفيق للفائز ، ولا أن يتفرّجوا على المخربين ومُشعلي الحرائق ومدمّري مرافق الدولة وليصفّقوا لهم ويستسمحوهم في التقاط بعض الصور التذكاريّة معهم عقب كلّ نجاحٍ في قتل أو حرق أو تدمير ، بقوة القانون ـ في كل الدول المحترمة ـ يكون تدخل رجل الشرطة أسرع من البرق وبلا انتظار أو استئذان أو حساب المكاسب والخسائر وردود فعل وكالات الأنباء وأبواق الإعلام الارتزاقي ، وما نراه على أرض الجامعة يتعدّى كل حدود الخيال ويخرج بنا إلى مدارج جديدة في عالم الأساطير والخرافات ، هذه ليست غضبة لحظية أو انفعال طارئ من قِبَل بعض الطلاب المتعاطفين مع الإرهابية ( ولو كانوا على حقّ أو كانوا حسني النية أو كانوا من الجاهلين ) ما نراه يمثّل حربًا قذرة وجزءًا من الحرب الكبرى التي تُدارُ ضد الوطن ومستقبلنا وكرامتنا جميعا ، ولن يخرج منها فائز إلا الأعداء الذين نعمل ضدّنا نيابةً عنهم ، ونقدّم لهم ما لم يكونوا يحلمون به في عز يقظتهم ، وقد كنّا طلابًا ملتزمين ومجتهدين وعلى قدر المسؤولية ، وكان الحرس الجامعي يمثّل لنا ساترًا آمنا ونحن نفعل كل شيء داخل الحرم الجامعي ( كلية الحقوق ، جامعة الإسكندرية ، 1978ـ 1982م ) ، كانت الجماعات الإسلامية تملأ أركان الجامعة ، وكانت تمارس كل الأنشطة علنا بلا أي تحفظ ، وكنا نقف معهم تارة ، وضدهم تارة أخرى ، ومهما قيل من أن السادات هو الذي زرعهم فإن ما عشناه في جامعتنا ورأيناه رأي العين لا نذكر مرة واحدة تدخل فيها الحرس الجامعي لإعاقة مظاهرة أو فرض وصاية على الطلاب ، ولم يكن دورهم يتجاوز بوابات الجامعة إلا في حالات حدوث شغب أو انفلات بين مجموعة من الطلاب لأسباب تتعلق في تسعين بالمائة منها بالصراع على قلب زميلة أو عينيها !!

قامت الدنيا ولم تقعد بسبب التحرّش بدبابة بشرية في حقوق القاهرة ( وأنا ضد التحرّش بالطبع في الجامعة أو خارجها ) لكن هذه الدنيا التي لم تقعد على قرافيصها بعد ، لم تهتز لمناظر القتلى والشهداء من المواطنين ورجال الجيش والشرطة ، ولم تفزع لمشاهد الجنازات اليومية وصرخات الآباء والأمهات والأطفال الذين تيتموا ، لكنها تفزع ـ يا حرام ـ من مجرّد ذكر الحرس الجامعي من أجل وقف هذه المهازل التي زادت عن الحد !! القتل والتخريب والتدمير أهون عند هؤلاء من عودة الحرس الجامعي من أجل المساعدة في استمرار العام الدراسي ( الممزق ) إلى آخره !!

أطالب بعودة أمن الدولة بكل قسوته وغطرسته واستبداده وعنفه ، فنحن في معركة قذرة لا ينفع معها العفاف والنظافة والرقة والطبطبة ، وزمان قال أحد أقاربي:” اضرب المربوط يخاف السايب”، وللأسف أصبح السائبون فوق الحصر ، كما أنادي بعودة الحرس الجامعي فورا بل وتزويده بقوات إضافية لردع كل مَن تسوّل له نفسه أن يعطل دقيقة واحدة ويضيّعها على زملائه ، أو يقوم بقذف طوبة واحدة باتجاه نافذة أو عمود إنارة ، أما الشارع وما جرى له وما يجري فيه فليس لنا إلا الله الذي لا مفر من قضائه وقدره إلا إليه ….. والسلامُ عليكم ورحمة الله وبركاته !!

****

ـ  عن جريدة “فيتو “القاهريّة ، العدد 113، الثلاثاء 8 أبريل 2014م

ــ  البورتريه بريشة الفنان عماد عبد المقصود ، رسّام جريدة فيتو .

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات