شيخُ الجامـعِ الأزهــرِ وبابـا الكنيسةِ هُمــا الحـلّ!!

09:27 صباحًا الثلاثاء 29 أبريل 2014
بشير عياد

بشير عياد

شاعر ، وناقد ، وكاتب ساخر ، يغني أشعاره كبار المطربين، له عدة كتب في نقد الشعر، متخصص في " أمّ كلثوم وشعرائها وملحنيها " .

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

لا أرى له وجودًا على الإطلاق ، فإن كان موجودًا فليدلني أحدٌ عليه !! ولم أسمع عنها أو بها ، فإن كانت بالفعل على قيد الحياة وقدر الموقف فليخبرني أحدكم ماذا فعلت لكي أعتذر وأبدي الندم وأتعهد بعدم العودة إلى الخطأ أو سوء الظنّ !

الذي أعنيه هو السيّد وزير الخارجية الذي استبقاه السيد رئيس الوزراء لمبررات لا يعلمها إلا الله والراسخون في العلم ، ونحنُ نواجهُ تحدياتٍ قاسيةً وفي ظروف لا تقبل الهدوء والسير بالخطوة الرتيبة المعتادة .

 والتي أعنيها هي السفارات المصرية النائمة في العسل البرّاني والتابعة ـ إداريّا ـ للسيّد وزير الخارجية الذي استبقاه السيد رئيس الوزراء لمبررات لا يعلمها إلا الله والراسخون في العلم ، ونحنُ نواجهُ تحدياتٍ قاسيةً وفي ظروف لا تقبل الهدوء والسير بالخطوة الرتيبة المعتادة !!

 والحل ؟ أي ماذا نفعل في الوقت الراهن لكبح جماح المؤامرات الخارجية ، وعمليات غسيل المخ وتضليل الشعوب البريئة من أجل شلّ حركة مصر وثورتها التصحيحية الكبرى في ظلّ تلاشي دور وزير الخارجية وتوابعه ، وخروج الإعلام المصري كله ، عام وخاص ، من دائرة التأثير ومناطحة الإعلام المحرّض المغرض الكاذب ؟

 الحل في وجودهما معًا باعتبارهما رأسي عنصري الأمة ، وأعني بابا الكنيسة المصرية الأنبا تواضروس ، والإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر الدكتور أحمد الطيّب ، ولا أعني بـ” وجودهما ” معا تلك اللقاءات الباهتة التي بدأت منذ دخول الإسلام أرضنا الطيبة ، تلك التي تتمخّضُ دومًا عن التقاط بعض الصور المكررة ولكن بأشخاص آخرين ولأشخاص آخرين ، وإعادة كلّ الشعارات والحوارات القديمة بألسنة الآخرين الجدد ، وكلها تدور في الفلك الممل المزمن حول الوحدة الوطنية والماضي والحاضر والمستقبل وما بين بين ، اليومَ … أريدهما معا لينطلقا إلى الخارج كروحٍ واحدة ولكن في جسدينِ ، وبلسانٍ واحدٍ ولكنه مقسومٌ على اثنين ، أريد أن ينطلقا إلى العالم المضحوك عليه يدًا بيد وقدمًا على قدم ( كما يقولون ) فهما خلاصة البياض المصري الناصع ، ليقوما بغسيل الآثار الجانبية التي خلّفها عدم وجود وزير خارجية على قدر المسؤولية ، والغياب التام لدور السفارات المصرية التي رأت رئيسها المباشر ـ السيد الوزير الحاضر الغائب ـ رجلا معزولا عن اللحظةِ مكتفيًا بعقد اللقاءات الروتينيّة التي لم تقدّم شيئًا على الإطلاق ، غاب الرجل فغابت سفاراته ، ومثلما آثر السلامة ليظل في الظل بعيدًا عن لهيب المعارك الكبرى ، آثرت سفاراته السلامة واكتفت بمنح التأشيرات وترتيب الأوراق والصناديق من أجل الانتخابات المقبلة ، أما ما تدلقه الإرهابية في صحفِ العالم وتليفزيوناته وشوارعه ، فلا علاقة لوزير خارجيتنا به ، ولا دخل لسفرائنا به ، نحن نكتفي بالفرجة والامتعاض والدعاء على الإرهابية ومناصريها من أعداء الخارج في أمريكا وأوروبا وآسيا وأفريقيا بأن يدخلوا النار ويخلدوا فيها ويذوقوا العذاب الأليم جرّاء افتراءاتهم وكذبهم وتطاولهم على مصر وشعبها وجيشها العظيم ، لم ينزل وزير خارجيتنا خطوة واحدة في أية أرض مشتعلة بالغضب ضدنا ليقول للناس المغرر بهم والمضحوك عليهم : أنتم مغرر بكم ومضحوك عليكم ، كما لم يتحرّك سفيرٌ واحد نحو أي تجمّع ليقول للناس : اعذرونا ، إعلامنا كسيح وخارج الزمن ، ومذيعونا بلهاء فارغون يصرخون في عراء موحش ولا يفقهون ماذا يصنعون ، لم يعقد سفير واحد لقاء أو ندوة ليقول للناس إن الإعلام الأمريكي والأوروبي إعلام أعمى يمشي وراء الكتالوج السياسي القذر ويناقض كل الأعراف ومواثيق الشرف إرضاءً لعيون المايسترو الأحول باراك أوباما قاطن البيت الأسود الذي يقوم بتأليف سيناريوهات المستقبل ويضع خرائط تمزيق الدول وتشريد الشعوب وتوزيع التورتة على تابعيه شرقًا وغربًا ، لم ينزل وزير خارجيتنا الذي لا أعرف ماذا قدّم لمصر في وزارتيه ( الببلاوية والمحلبية ) ليفعل شيئا يطرف به عيني، توغّلت الجزيرة شرقا وغربا ، واشترت الجماعة صحفا وقنوات وإعلاميين ، ولعب أوباما وميركل وأردوغان والولد القطري أدوارهم ببراعة في ملاعب خالية من المنافسة ، تراجع المستثمرون والسائحون والمتعاطفون ، وأصبحت الثورة انقلابا في عُرف العامة والنخبة على السواء ، حتى أفريقيا التي كنا في يوم ما نمثل لها الرأس والقلب والروح والعقل ، تخلت عنا وراحت تصلي خلف أوباما طبقا للتوقيت المحلي لواشنطون وقبلتها البيت الأسود، وتجرّأت أثيوبيا لتلعب بمستقبلنا المائي علنا ولم نتحرّك قيد قطرة ، أوشكت أثيوبيا على الانتهاء من بناء سدّها ليسد الطريق على مستقبلنا كله ، ووزير خارجيتنا ما يزال يهرش ويقزقز اللب ليفكر بهدوء ربما في الوزارة الثالثة بعد الانتخابات الرئاسية !!

  لم يعد هناك من مفر من أن يقوم الكبيران بابا الكنيسة وشيخ الأزهر بجولة مكوكية حول العالم ، يدخلان الكنائس معا ، والمساجد معا  ، والتجمعات والمنتديات والجمعيات وأماكن لقاء الجاليات الموجودة بكل دولة ، يحملان معهما الفيديوهات التي توثّق الأعمال الإجرامية التي تقوم بها الإرهابية وفروعها في المحافظات ، يتولى شيخ الأزهر بلسانه السمح اللبق وباللغات الأجنبية التي يتقنها عرض حرائق الكنائس وتدميرها وتخريبها ، يتحدث رأس الإسلام عما جرى للكنائس وللمسيحيين الأبرياء الذين هم أشقاء المسلمين وشركاؤهم في كل ذرة من تراب الوطن ، وفي كل لحظة من تاريخه وحاضره ومستقبله ، ويتولى بابا الكنيسة المصرية شرح ما يحدث في الشوارع ورحاب الجامعة ، ويعرض فيديوهات التنكيل برجال الشرطة الأوفياء والتمثيل بجثثهم ، سيكون بوسع الكبيرين أن يدخلا كل الأماكن ، وأن يجذبا كل القلوب ، وأن يقنعا كل العقول إلا مَن أبى ووضع في قلبه وعقله صورة مصغّرة لأوباما الأحول ، أو أردوغان الأرعن ، أو الولد القطري المراهق الذي يبعثر دولارات دويلته من أجل خنق مصر وتصوير ثورتها انقلابا وجيشها النبيل البطل معتديا أثيما ، لا أريد لكبيري الأمة أن يذهبا في مظاهرات كذابة مثل التي قام بها كثيرون مولعون بالتصوير والظهور ، أريد لهما أن يطوفا العالم ورأساهما في عنان السماء ليقولا للخلقِ أجمع : جئنا نفتخر بشعبنا وجيشنا ووحدتنا الأبدية التي تعجز كل قوى الكون عن المساس بها ، ويقولا للأبرياء  المخدوعين : إعلامكم كاذب ومنقاد ، ورؤساؤكم وحكّامكم يقولون الشيء ويفعلون نقيضه ، يتحدثون عن الديموقراطية وكل منهم يحمل في قلبه صخر الاستبداد والديكتاتورية ، ويصرخون من أجل حقوق الإنسان وهم أول مَن ينتهكها ويعتدي عليها ، ويتغنون بمبادئ الحرية والمساواة والعدل ، وهم أظلمُ من مشى على قدم ودبّ على الأرض .

 لا أريد لعظيمينا أن يذهبا ليستعطفا أحدًا أو يتسولا استثمارًا أو سياحة من أجل الشعب الغلبان ذي البخت المايل ، أريد لهما أن يقولا للجميع إن مصر العظيمة لا ولن تنحني ، وإنها أقوى من كل التحديات وأكبر من كل المؤامرات ومن كل الخونة والطامعين والمتآمرين ، أريد منهما ولهما أن يذكّرا العالم أجمع بأن الشعب الذي عاش طوال تاريخه يصنع التاريخ والحضارة ويعلم الشعوب مبادئ الأخلاق والقيم من المستحيل أن يتحوّل في لحظة إلى ذئاب جائعة وعصابات للقتل والتدمير والتخريب ، الشعب الذي عاش يبني لا يمكن أن يرتد على نفسه وتاريخه وأصله ليهدم ويعيث في الأرض فسادا ، أريدهما أن يقولا للعالم : هذه مصر العظيمة ، من يحبها أهلا به وسنظل نقول لكم “ادخلوها بسلامٍ آمنين “، ومَن لا يحبها فعليه أن يكف لسانه وعينيه عنها فلسنا بحاجة إلى خيره أو شرّه ، كما أطمع أن يذهبا معا إلى أثيوبيا ربما لان لهما حديد العقول ، وربما يستطيعان تخفيف صدمة اللقاء السري إياه الذي كان منقولا على الهواء مباشرة ، لقاء مرسي العياط ومنتخب أنجر الفتّة الذي طالب بعض استراتيجييه بتخويف أثيوبيا وتهويشها بكم طائرة !! أريد منهما أن يقولا للأثيوبيين : لا يمكن أن نتخيل أن يتحول شريان حياتنا معا إلى سبب لموتنا وتناحرنا أو حتى مجرد الضغينة وبعض الكراهية …

 بوسع كبيري الأمة أن يفعلا الكثير ويحظيا بالتصديق والاحترام والتقدير ، ففي ظل غياب وزير الخارجية وتوابعه من السفارات المرفوعة من الخدمة ، وفي ظل موات الإعلام المصري بكل أشكاله ، وفي ظل خراب النخبة وفشلها ، لا يبقى أمامنا سواهما فهما الموثوق فيهما ليتكلما باسم الشعب الواحد لا باسم الدين أو الطائفة أو الأهل والعشيرة .

 كانا غائبين عن بالي تماما ، وجاءا في اقتراح من شقيقي الأكبر محمد في مكالمةٍ حزينة ، محمد ، المحامي ، الذي كان عضوا نشيطا باللجنة القانونية بحزب النور بالوجه البحري واستقال بعد 30 يونيو ـ ومعه عدد كبير من شباب العائلة ولم أكن أعرف ـ اعتراضا على أشياء لا أعرفها ، لكنه قال لي : إنهم أسوأ من الإخوان ، ويبدو أننا قد كُتب علينا الظلام : من وزارة الخارجية النائمة ، ووزارة الكهرباء المتهالكة ، والإعلام الميت ، والنخبة الفاسدة ، والأحزاب ذات الوجهين ومنها حزب النور ، ولم يبقَ أمامنا من أمل سوى رأسي الأمة ، البابا وشيخ الأزهر، فهل يفعلانها ؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــ عن جريدة ” فيتو ” القاهريّة ، العدد 114 ، الثلاثاء 15 أبريل 2014م

ـ الرسوم للفنان عماد عبد المقصود ، رسّام جريدة ” فيتو “

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات