وهذا واحدٌ من الذين تعفَّفْتُ عن مجرّدِ ذكرِ أسمائهم ( ولن أذكر اسمه تعففا ) ، وتحاشيتُ الكتابةَ عنهُ ارتفاعًا لا هروبا ، واكتفيتُ بما ينالُهُ من احتقارٍ عام يتجدد مع تجدد الثواني ، غيرَ أنني تورّطتُ في الكتابةِ عن الذينَ يجاورونهُ في أرضِ المعاركِ القذرةِ التي تُدارُ ضد مصرَ ومستقبلها ، أعني أولئكَ الذين مرّوا على هذه السطورِ مثل هيكلِ وتابعيهِ ، أو هيفاء وهبي وشبيهاتِها من المدسوساتِ على فنّ السينما ، وجميعُهم سواء ، ورؤوس حِرابٍ مسممة مدببة تتنافسُ على الحُلم المصريّ وتتسابقُ لاغتياله ، ويا لسوءِ الطالعِ عندما يوضعُ كلّ هؤلاء في سلّةٍ واحدة ، ونرى الواقع أكبرَ من نكتة ، وأضخمَ من خيال ، غير أنهم لا يدركون أنهم غبارٌ في غبار ، أو “عابرونَ في كلامٍ عابرٍ ” كوصفِ الشاعر الكبير محمود درويش للصهاينةِ المحتلّين الذين استطاعوا إغواء الكثيرين منا ليعملوا ضدنا نيابة عنهم ، وليتفرّغ العدو كل مساء ليتعب ويخطئ في العدّ وهو يحصي عدد قتلانا الذين سقطوا برصاصنا وغدرنا ، ثم يشربَ نخبَ انتصاره المجاني ، وينام قرير العين آمنا مطمئنا ، ليستيقظ في الصباح التالي منتشيًا مسرورًا ، ويجلسَ ليتابعَ المسلسل الدموي ويبدأ العدّ والإحصاء ..!!
الشيخُ الطائرُ ،الداعية الترانزيتي ، تاجر الدين المتجوّل ، رأسُ الغيّ والإفسادِ ، وزعيمُ الضلالِ والضّالينَ والمُضلِّلينَ ، وكبيرُ المُقامرينَ بالدينِ ربّما على مرّ التاريخِ الإسلاميِّ كلِّه ، فقد طالَ بهِ العُمرُ وبلغَ أرذلَهُ في عصرِ التقدّمِ التكنولوجي وثورةِ الاتصالاتِ ، وأصبحت بوتيكاتُهُ وفروعها تنتشر في العالمينِ …الواقعيّ .. في الصحفِ والكتبِ والإذاعةِ والتليفزيون وعلى منابر المساجدِ وفي الندوات والمؤتمرات ، والافتراضيّ … أي على شبكةِ الانترنت التي تئنُّ من هولِ قيئِهِ وأكاذيبِهِ سواء أكانَ ما يستفرغه في الصفحات التي تعمل باسمه وتحت إشرافه مباشرة ، أو المجاري العامة التي يطفحُ فيها ما يُنقَلُ عنه من جيوش المتحالفين معه وشركائه في الخيانة والتآمرِ ، أو من آلاف المغيّبينَ الذين أغراهم بريق بلاغته وبراعته في استخدام الدين كواجهةٍ أو عباءةٍ يتخفّى فيها ، ومن خلالها يدسّ السُّمَّ في العسلِ ، ويملأُ عقولَ الملايين بالأضاليلِ والخرافات ، وهو ـ من الأصل ـ إنسانٌ يحملُ قدرًا كبيرًا من تُراثِ العبوديّة ، وللأسف ليست العبودية الشريفة لله الواحد الأحد الذي يتاجر بدينه القويم ولا يستحي ولا يرمش له جفن ، ولكن عبودية الذل والانسحاق على أعتاب السلاطين من أجل المال والمنافع الدنيوية ، وواأسفاه على رجلٍ يبلغُ الثامنة والثمانين من عمره ، ويصرُّ على أن يظلّ خادمًا لشرور شيطانة قطر ، وأن يوظّف الدين بقرآنه وسنّته الشريفة لخدمة أغراض غير شريفة ، وهو يعلم تمام العلم واليقين ، أن الحيّة الرقطاء أو الشيطانة القطرية موزا التي تؤويه ، هي رأسُ الفتن في المنطقة ، وهي القائد الحقيقي لدويلة قطر ، وهي المحمية بأمريكا وإسرائيل وحلفائهما من أجل تنفيذ الكتالوجات التي يرسمونها لتفتيت الأمّة العربيّة التي تفتت وتمزّقت بالفعل وتناثرت أشلاؤها على نواصي الزمن ، وبرغم كلّ الدماء التي تلطخ ثوب موزا ويديها وتنزّ من لحيةِ الشيخ الضليل الجائع ، فإنها لا تهدأ ولا تنطفئ نيران الغل في قلبها الأسود ، ولا يكف لسانه السليط عن لحس أعتابها وترديد ما يُذكي النيران والفتن في كل البقاع التي تريدها وما تأمره بالنباح عليها ، يقطع الشيخ المتصابي السنتميترات الأخيرة في حياته ( فلن يعيش أكثر مما عاش ) ، ولا يريد أن يتوب أو يعمل شيئًا لآخرته ، إنه عبد دنياه ودناياها ، جُبلت روحه على الطمع ، ويحمل بين جنبيه نفسًا منقوعة في صديد الغل والكراهية ، تلك الكراهية التي زرعت الظلام في قلبه وعينيه ودفعته إلى تحويل لسانة إلى ولاعة تضرم النيران في كلّ الخريطة العربيّة من محيطها إلى خليجها ، إرضاءً لامرأة محسوبة بالخطأ على صنف النساء ، صنيعة إسرائيل وأمريكا ، والعصا التي تضرب مَن يريدون ، هي التي تحكم ، وهي التي تتحكّم ، وأول الذين ينخّونَ أمامها ذلك الشيخ المصرقطرائيلي هذا ، الذي لا أعرف من أين يأتي بكل هذه الكراهية لمصر وشعبها ، ويفعل المستحيل هو وتابعوه وعصابته لاستعداء العالم ضدها ، وهي أبقى منه ومن أعدائنا المتربصين بنا ونعرفهم ونحفظ أسماءهم واحدًا واحدًا وإن كانوا دولا عظمى ، ستظل مصر أمّ البلاد ـ بتعبير سيّدنا نوح عليه السلام ـ وأمّ الدنيا ، بتعبير كل الأجانب الأوفياء الصادقين الذين لم يخونوا ضمائرهم ولم يتاجروا مع سفّاكي الدماء وناهبي الشعوب وقاتلي مستقبلهم .
كانَ يومًا مُلبّدًا بالسواد عندما جاء الشيخُ الضّلِّيل ليصلي الجمعة الأولى بعد خلع حسني مبارك في ميدان التحرير ( 18 فبراير 2011م ) ، يومها كنا أبرياء غارقين في البياض ، وكنا نظنّ أننا عبرنا إلى المستقبل وقفزنا خمسمائة عام إلى الأمام ، لم يشعر أحدنا أنّ هذا الإمام الذي ألقى خطبة الجمعة ثم أَمَّ المصلين يحمل قلبين ووجهين ولسانين ، وأنّ بداخله شيطانا رجيمًا وجاء مرتديا وجه الثعلب الذي خلّده أمير الشعراء أحمد شوقي ، جاء الثعبان الأملس يزحف في ميدان التحرير ويدلك مشاعر المسلمين والمسيحيين معًا ، فاغرورقت أعيننا بالدمع ، وقلنا : جاءَ الحقُّ وزهقَ الباطلُ ، وعاد الرجلُ المظلومُ ليكونَ أول صوت يرتفع بخطبة جمعة النصر في ميدان العزة والكرامة ، وقلنا إن الثورة ردّت إليه اعتباره وصفعت ظالميه وظالمينا ، ولفرط براءتنا وسذاجتنا مارسنا طقوس الفرحة والنشوة كلما صعد إلى منبر الجامع الأزهر ليُلقي خطبة جمعةٍ من بعد جمعة ، ولم نكن نتخيّل أنّ المذكور مبعوث العناية القطريّة من أجل قراءة الملعب من قلب الملعب وليس من المدرجات أو من خلال شاشات التلفاز ، جاء الثعبان الأملس ليقع على وكر نظرائه الذين سطوا على الثورة واقتنصوها بتواطؤ طنطاوي أو بضعفه ( وأصرّ على ذلك إلى أن يثبت العكس ) ، وعندما تكشّفت الأمور شيئًا فشيئًا برزت أطماع الأهل والعشيرة في أخونة المؤسسات الكبرى وتفكيك الدولة وإنهاكها ، ويبدو أنهم كانوا يمهدون الطريق أمام الشيخ الضلّيل ليكون شيخا للجامع الأزهر ، ولنناديه بـ “الإمام الأكبر” ، ولكن خاب مسعاهم ، وسقطت مطامعهم تحت أقدام الشعب الثائر الذي انتفض كالبركان في الثلاثين من يونيو 2012 وأسقطهم وأنهى أسطورتهم الوهمية إلى الأبد ، ولقسوة الصدمة على شيخ منصر المقامرين بالدين ، انطلق يعوي ليل نهار من مكمنهِ القطريّ ، ويحرّضُ ضد الجيش المصري ويستعدي جيوش العالم ( الحر ) لتتدخل في مصر وتقتل المصريين من أجل رئيس خائن ومتواطئ ومسخ وهزؤ لم يكن يصلح لإدارة فرن بلدي وليس دولة بحجم مصر ، سنة واحدة تحت الاحتلال الإخواني أعادتنا مئات السنين إلى الوراء ، ومزّقت الوطن شرّ ممزق ، وزرعت الفُرقة في كلّ البيوت وليس في الشوارع فقط ، سنة واحدة بذرت بذور الشر في تربة المستقبل ، وملأت قلوبنا بالقلق على أحفاد أحفادنا وليس على أبنائنا أو على أنفسنا ، سنة واحدة كانت كافية لكشف هذا الهراء وتعرية عورات المتشدقين بالدين والذين نصّبوا أنفسهم وكلاء عن الله جل جلاله وهم المنافقون الكاذبون وقود جهنم وحطبها ، سرقوا الثورة ، وركبوا الإعلام ، ودجّنوا الكثيرين وحولوهم إلى كتاكيت تزقو في ضعفٍ ومهانة ومذلة ، وراحوا يفسدون كل شيء في أرض الوطن ، وظل رأس الأفعى القطرائيلي في مقدمة سائقيهم ومحرّضيهم .
النار اليونيوية واليوليوية التي التهمت أحلام هؤلاء لم تنطفئ ولن تهدأ أبدا ، غير أنها تلفح العجوز المتصابي في أماكن حسّاسة من جسده الميت ، فيهب كالمفزوع ليصرخ ضد الجيش المصري والمصريين ، وكلما رأى دولة تشهد الحق وتقول : مصر ، انفجر فيها وثار عليها ، وكلما جاع ألقمته موزا جزرة من جزراتها ليسب السعودية والإمارات والكويت والبحرين لأنّ زعماء تلك الدول الشقيقة وشعوبها الشريفة العربية الحقّة وقفوا مع الثورة المصرية والحق المصري ، وبسبب عوائه المستمر وقفت علاقة قطرائيل بدول الخليج الكبرى على المحك ، وأصبح الشرط الأهم لكي تعود العلاقات إلى مسارها الطبيعي أن يرحل هذا اللاجئ أو النائح المأجور عن سماء الخليج ، وهاهو يتأرجح في الهواء الطلق ولن يجد أرضا تقبله ، ليكون عبرة لكل خائن ، ويكون عظة ودرسا لكل من يجرؤ على التجارة بالدين والوطن ، نزف عمره في خدمة السلاطين وأطماعهم ، ووظف الدين لمسح جوخ الأقزام والقرود ، وخبّأ الدينارات والريالات والدولارات في لحيته ، وفتح أبواب الضلال أمام الملايين ، وظلت مصر عدوه الأول ، ويحمل لها البُغض والكراهية والغل ، بينما يحمل كل المودة لإسرائيل وأهلها ، وإذا لفحه عابر سبيل وقال له : ماذا عن علاقاتك المشبوهة بالحاخامات إياهم ؟ يقول : إنه حوار الأديان يا ولدي !! ولماذا تئن وتتوجع لمجرد رؤية بيادة عسكري مصري أطهر منك وأشرف وأشجع ؟ يقول : الانقلاب الذي أطاح بالأحرار !! انقلاب في عينك يا كذّاب يا أخرق ، إن كنت لم تسمع ولم ترَ فالأجدرُ بك أن تخرس والأولى لك ألا تتكلم باسم الدين ولا تتفوّه بآية كريمة بلسانك الكذوب المطرّز بنيران الفتن ، أنت آخر من يتكلم باسم الدين ، وآخر من يتكلم باسم الوطن ، وآخر من يتحدث عن الشرف والحريّة ، أما القضاء المصري الذي لا تُعجبك أحكامه ضد زملائك ودُفعتك ، فهو في انتظارك ليعيد تهذيبك وإصلاحك وتعليمك مبادئ الشرف والحرية والوطنية ، وإن كنت رجلا تعال لترى ، لكنك أدمنت العبودية وسبحت في ماء المذلة ، وأدمنت حصد المال نظير تنازلك عن كتاب الله وسُنّة رسوله ، وبيعك وطنيتك وكرامتك بالجرام حتى لم يبقَ منك شيء .
شيءٌ مُرٌّ على النفسِ أن نرى لحيةً تتحوّل إلى ممسحة أحذية ، وأية أحذية !! وأن نرى لسانا يتحدث بكتاب الله وسُنة رسوله فيسكب فيهما أنجس القول ، وما أصعب أن ترى رجلا يزحف في السنتيمترات الأخيرة من حياته ويصر على الكذب والنفاق وجمع الأموال التي ستكون وقودا يُحمى عليه به في نار جهنم ، ويصعب على الواحد منا أن يراه طائرا حائرا ولا أحد يقبل به بعدما أصبح عبئًا على كاهل دولة صغيرة اسمها قطر ، ولا أدري أي أرض ستقبله ميّتًا ولا تتقيّأ وتلفظ جثته في العراء !!
************
بشـــيـر عيـَّـاد يتجـرَّعُ ما يأنفُ منهُ ، لكنّها الضرورة !!! :الضّلِّيــلُ الطائــرُ: الشيخُ الترانزيتي ، زعيمُ المتاجرين بالدين..!!
ـ البورتريه بريشة الفنان عماد عبد المقصود ، رسّام جريدة فيتـــــــــــو
مؤسس جمعية الصحفيين الآسيويين، ناشر (آسيا إن)، كوريا الجنوبية
الرئيس الشرفي لجمعية الصحفيين الآسيويين، صحفي مخضرم من سنغافورة
روائية وقاصة من الكويت، فازت بجائزة الدولة التشجيعية، لها عمود أسبوعي في جريدة (الراي) الكويتية.
آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov
كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.