الضّلِّيـلُ الطائـرُ: الشيخُ الترانزيتي، زعيمُ المتاجرين بالدين!

01:04 مساءً الإثنين 12 مايو 2014
بشير عياد

بشير عياد

شاعر ، وناقد ، وكاتب ساخر ، يغني أشعاره كبار المطربين، له عدة كتب في نقد الشعر، متخصص في " أمّ كلثوم وشعرائها وملحنيها " .

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

وهذا واحدٌ من الذين تعفَّفْتُ عن مجرّدِ ذكرِ أسمائهم ( ولن أذكر اسمه تعففا ) ، وتحاشيتُ الكتابةَ عنهُ ارتفاعًا لا هروبا ، واكتفيتُ بما ينالُهُ من احتقارٍ عام يتجدد مع تجدد الثواني ، غيرَ أنني تورّطتُ في الكتابةِ عن الذينَ يجاورونهُ في أرضِ المعاركِ القذرةِ التي تُدارُ ضد مصرَ ومستقبلها ، أعني أولئكَ الذين مرّوا على هذه السطورِ مثل هيكلِ وتابعيهِ ، أو هيفاء وهبي وشبيهاتِها من المدسوساتِ على فنّ السينما ، وجميعُهم سواء ، ورؤوس حِرابٍ مسممة مدببة تتنافسُ على الحُلم المصريّ وتتسابقُ لاغتياله ، ويا لسوءِ الطالعِ عندما يوضعُ كلّ هؤلاء في سلّةٍ واحدة ، ونرى الواقع أكبرَ من نكتة ، وأضخمَ من خيال ، غير أنهم لا يدركون أنهم غبارٌ في غبار ، أو “عابرونَ في كلامٍ عابرٍ ” كوصفِ الشاعر الكبير محمود درويش للصهاينةِ المحتلّين الذين استطاعوا إغواء الكثيرين منا ليعملوا ضدنا نيابة عنهم ، وليتفرّغ العدو كل مساء ليتعب ويخطئ في العدّ وهو يحصي عدد قتلانا الذين سقطوا برصاصنا وغدرنا ، ثم يشربَ نخبَ انتصاره المجاني ، وينام قرير العين آمنا مطمئنا ، ليستيقظ في الصباح التالي منتشيًا مسرورًا ، ويجلسَ ليتابعَ المسلسل الدموي ويبدأ العدّ والإحصاء ..!!

القرضاوي، بورتريه بريشة الفنان عماد عبد المقصود ، رسّام جريدة فيتــو 

  الشيخُ الطائرُ ،الداعية الترانزيتي ، تاجر الدين المتجوّل ، رأسُ الغيّ والإفسادِ ، وزعيمُ الضلالِ والضّالينَ والمُضلِّلينَ ، وكبيرُ المُقامرينَ بالدينِ ربّما على مرّ التاريخِ الإسلاميِّ كلِّه ، فقد طالَ بهِ العُمرُ وبلغَ أرذلَهُ  في عصرِ التقدّمِ التكنولوجي وثورةِ الاتصالاتِ ، وأصبحت بوتيكاتُهُ وفروعها تنتشر في العالمينِ …الواقعيّ .. في الصحفِ والكتبِ والإذاعةِ والتليفزيون وعلى منابر المساجدِ وفي الندوات والمؤتمرات ، والافتراضيّ … أي على شبكةِ الانترنت التي تئنُّ من هولِ قيئِهِ وأكاذيبِهِ سواء أكانَ ما يستفرغه في الصفحات التي تعمل باسمه وتحت إشرافه مباشرة ، أو المجاري العامة التي يطفحُ فيها ما يُنقَلُ عنه من جيوش المتحالفين معه وشركائه في الخيانة والتآمرِ ، أو من آلاف المغيّبينَ الذين أغراهم بريق بلاغته وبراعته في استخدام الدين كواجهةٍ أو عباءةٍ يتخفّى فيها ، ومن خلالها يدسّ السُّمَّ في العسلِ ، ويملأُ عقولَ الملايين بالأضاليلِ والخرافات ، وهو ـ من الأصل ـ إنسانٌ يحملُ قدرًا كبيرًا من تُراثِ العبوديّة ، وللأسف ليست العبودية الشريفة لله الواحد الأحد الذي يتاجر بدينه القويم ولا يستحي ولا يرمش له جفن ، ولكن عبودية الذل والانسحاق على أعتاب السلاطين من أجل المال والمنافع الدنيوية ، وواأسفاه على رجلٍ يبلغُ الثامنة والثمانين من عمره ، ويصرُّ على أن يظلّ خادمًا لشرور شيطانة قطر ، وأن يوظّف الدين بقرآنه وسنّته الشريفة لخدمة أغراض غير شريفة ، وهو يعلم تمام العلم واليقين ، أن الحيّة الرقطاء أو الشيطانة القطرية موزا  التي تؤويه ، هي رأسُ الفتن في المنطقة ، وهي القائد الحقيقي لدويلة قطر ، وهي المحمية بأمريكا وإسرائيل وحلفائهما من أجل تنفيذ الكتالوجات التي يرسمونها لتفتيت الأمّة العربيّة التي تفتت وتمزّقت بالفعل وتناثرت أشلاؤها على نواصي الزمن ، وبرغم كلّ الدماء التي تلطخ ثوب موزا ويديها وتنزّ من لحيةِ الشيخ الضليل الجائع ، فإنها لا تهدأ ولا تنطفئ نيران الغل في قلبها الأسود ، ولا يكف لسانه السليط عن لحس أعتابها وترديد ما يُذكي النيران والفتن في كل البقاع التي تريدها وما تأمره بالنباح عليها ،  يقطع الشيخ المتصابي السنتميترات الأخيرة في حياته ( فلن يعيش أكثر مما عاش ) ، ولا يريد أن يتوب أو يعمل شيئًا لآخرته ، إنه عبد دنياه ودناياها ، جُبلت روحه على الطمع ، ويحمل بين جنبيه نفسًا منقوعة في صديد الغل والكراهية ، تلك الكراهية التي زرعت الظلام في قلبه وعينيه ودفعته إلى تحويل لسانة إلى ولاعة تضرم النيران في كلّ الخريطة العربيّة من محيطها إلى خليجها ، إرضاءً لامرأة محسوبة بالخطأ على صنف النساء ، صنيعة إسرائيل وأمريكا ، والعصا التي تضرب مَن يريدون ، هي التي تحكم ، وهي التي تتحكّم ، وأول الذين ينخّونَ أمامها ذلك الشيخ المصرقطرائيلي هذا ، الذي لا أعرف من أين يأتي بكل هذه الكراهية لمصر وشعبها ، ويفعل المستحيل هو وتابعوه وعصابته لاستعداء العالم ضدها ، وهي أبقى منه ومن أعدائنا المتربصين بنا ونعرفهم ونحفظ أسماءهم واحدًا واحدًا وإن كانوا دولا عظمى ، ستظل مصر أمّ البلاد ـ بتعبير سيّدنا نوح عليه السلام ـ وأمّ الدنيا ، بتعبير كل الأجانب الأوفياء الصادقين الذين لم يخونوا ضمائرهم ولم يتاجروا مع سفّاكي الدماء وناهبي الشعوب وقاتلي مستقبلهم .

  كانَ يومًا مُلبّدًا بالسواد عندما جاء الشيخُ الضّلِّيل ليصلي الجمعة الأولى بعد خلع حسني مبارك في ميدان التحرير ( 18 فبراير 2011م ) ، يومها كنا أبرياء غارقين في البياض ، وكنا نظنّ أننا عبرنا إلى المستقبل وقفزنا خمسمائة عام إلى الأمام ، لم يشعر أحدنا أنّ هذا الإمام الذي ألقى خطبة الجمعة ثم أَمَّ المصلين يحمل قلبين ووجهين ولسانين ، وأنّ بداخله شيطانا رجيمًا وجاء مرتديا وجه الثعلب الذي خلّده أمير الشعراء أحمد شوقي ، جاء الثعبان الأملس يزحف في ميدان التحرير ويدلك مشاعر المسلمين والمسيحيين معًا ، فاغرورقت أعيننا بالدمع ، وقلنا : جاءَ الحقُّ وزهقَ الباطلُ ، وعاد الرجلُ المظلومُ ليكونَ أول صوت يرتفع بخطبة جمعة النصر في ميدان العزة والكرامة ، وقلنا إن الثورة ردّت إليه اعتباره وصفعت ظالميه وظالمينا ، ولفرط براءتنا وسذاجتنا مارسنا طقوس الفرحة والنشوة كلما صعد إلى منبر الجامع الأزهر ليُلقي خطبة جمعةٍ من بعد جمعة ، ولم نكن نتخيّل أنّ المذكور مبعوث العناية القطريّة من أجل قراءة الملعب من قلب الملعب وليس من المدرجات أو من خلال شاشات التلفاز ، جاء الثعبان الأملس ليقع على وكر نظرائه الذين سطوا على الثورة واقتنصوها بتواطؤ طنطاوي أو بضعفه ( وأصرّ على ذلك إلى أن يثبت العكس ) ، وعندما تكشّفت الأمور شيئًا فشيئًا برزت أطماع الأهل والعشيرة في أخونة المؤسسات الكبرى وتفكيك الدولة وإنهاكها ، ويبدو أنهم كانوا يمهدون الطريق أمام الشيخ الضلّيل ليكون شيخا للجامع الأزهر ، ولنناديه بـ “الإمام الأكبر” ، ولكن خاب مسعاهم ، وسقطت مطامعهم تحت أقدام الشعب الثائر الذي انتفض كالبركان في الثلاثين من يونيو 2012 وأسقطهم وأنهى أسطورتهم الوهمية إلى الأبد ، ولقسوة الصدمة على شيخ منصر المقامرين بالدين ، انطلق يعوي ليل نهار من مكمنهِ القطريّ ، ويحرّضُ ضد الجيش المصري ويستعدي جيوش العالم ( الحر ) لتتدخل في مصر وتقتل المصريين من أجل رئيس خائن ومتواطئ ومسخ وهزؤ لم يكن يصلح لإدارة فرن بلدي وليس دولة بحجم مصر ، سنة واحدة تحت الاحتلال الإخواني أعادتنا مئات السنين إلى الوراء ، ومزّقت الوطن شرّ ممزق ، وزرعت الفُرقة في كلّ البيوت وليس في الشوارع فقط ، سنة واحدة بذرت بذور الشر في تربة المستقبل ، وملأت قلوبنا بالقلق على أحفاد أحفادنا وليس على أبنائنا أو على أنفسنا ، سنة واحدة كانت كافية لكشف هذا الهراء وتعرية عورات المتشدقين بالدين والذين نصّبوا أنفسهم وكلاء عن الله جل جلاله وهم المنافقون الكاذبون وقود جهنم وحطبها ، سرقوا الثورة ، وركبوا الإعلام ، ودجّنوا الكثيرين وحولوهم إلى كتاكيت تزقو في ضعفٍ ومهانة ومذلة ، وراحوا يفسدون كل شيء في أرض الوطن ، وظل رأس الأفعى القطرائيلي في مقدمة سائقيهم ومحرّضيهم .

  النار اليونيوية واليوليوية التي التهمت أحلام هؤلاء لم تنطفئ ولن تهدأ أبدا ، غير أنها تلفح العجوز المتصابي في أماكن حسّاسة من جسده الميت ، فيهب كالمفزوع ليصرخ ضد الجيش المصري والمصريين ، وكلما رأى دولة تشهد الحق وتقول : مصر ، انفجر فيها وثار عليها ، وكلما جاع ألقمته موزا جزرة من جزراتها ليسب السعودية والإمارات والكويت والبحرين لأنّ زعماء تلك الدول الشقيقة وشعوبها الشريفة العربية الحقّة وقفوا مع الثورة المصرية والحق المصري ، وبسبب عوائه المستمر وقفت علاقة قطرائيل بدول الخليج الكبرى على المحك ، وأصبح الشرط الأهم لكي تعود العلاقات إلى مسارها الطبيعي أن يرحل هذا اللاجئ أو النائح المأجور عن سماء الخليج ، وهاهو يتأرجح في الهواء الطلق ولن يجد أرضا تقبله ، ليكون عبرة لكل خائن ، ويكون عظة ودرسا لكل من يجرؤ على التجارة بالدين والوطن ، نزف عمره في خدمة السلاطين وأطماعهم ، ووظف الدين لمسح جوخ الأقزام والقرود ، وخبّأ الدينارات والريالات والدولارات في لحيته ، وفتح أبواب الضلال أمام الملايين ، وظلت مصر عدوه الأول ، ويحمل لها البُغض والكراهية والغل ، بينما يحمل كل المودة لإسرائيل وأهلها ، وإذا لفحه عابر سبيل وقال له : ماذا عن علاقاتك المشبوهة بالحاخامات إياهم ؟ يقول : إنه حوار الأديان يا ولدي !! ولماذا تئن وتتوجع لمجرد رؤية بيادة عسكري مصري أطهر منك وأشرف وأشجع ؟ يقول : الانقلاب الذي أطاح بالأحرار !! انقلاب في عينك يا كذّاب يا أخرق ، إن كنت لم تسمع ولم ترَ فالأجدرُ بك أن تخرس والأولى لك ألا تتكلم باسم الدين ولا تتفوّه بآية كريمة بلسانك الكذوب المطرّز بنيران الفتن ، أنت آخر من يتكلم باسم الدين ، وآخر من يتكلم باسم الوطن ، وآخر من يتحدث عن الشرف والحريّة ، أما القضاء المصري الذي لا تُعجبك أحكامه ضد زملائك ودُفعتك ، فهو في انتظارك ليعيد تهذيبك وإصلاحك وتعليمك مبادئ الشرف والحرية والوطنية ، وإن كنت رجلا تعال لترى ، لكنك أدمنت العبودية وسبحت في ماء المذلة ، وأدمنت حصد المال نظير تنازلك عن كتاب الله وسُنّة رسوله ، وبيعك وطنيتك وكرامتك بالجرام حتى لم يبقَ منك شيء .

 شيءٌ مُرٌّ على النفسِ أن نرى لحيةً تتحوّل إلى ممسحة أحذية ، وأية أحذية !! وأن نرى لسانا يتحدث بكتاب الله وسُنة رسوله فيسكب فيهما أنجس القول ، وما أصعب أن ترى رجلا يزحف في السنتيمترات الأخيرة من حياته ويصر على الكذب والنفاق وجمع الأموال التي ستكون وقودا يُحمى عليه به في نار جهنم ، ويصعب على الواحد منا أن يراه طائرا حائرا ولا أحد يقبل به بعدما أصبح عبئًا على كاهل دولة صغيرة اسمها قطر ، ولا أدري أي أرض ستقبله ميّتًا ولا تتقيّأ وتلفظ جثته في العراء !!

************

بشـــيـر عيـَّـاد  يتجـرَّعُ ما يأنفُ منهُ ، لكنّها الضرورة !!!    :الضّلِّيــلُ الطائــرُ: الشيخُ الترانزيتي ، زعيمُ المتاجرين بالدين..!!

 عن جريدة  ” فيتــو ” القاهريّة ،العدد 117 ، الثلاثاء 6 مايو 2014م

ـ البورتريه بريشة الفنان عماد عبد المقصود ، رسّام جريدة فيتـــــــــــو

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات