العملة الإفريقية الموحدة ومستقبلها في مواجهة اليورو

09:36 مساءً الأربعاء 28 نوفمبر 2012
فاطمة الزهراء حسن

فاطمة الزهراء حسن

مخرجة تليفزيونية، وكاتبة من مصر، مستشار شبكة أخبار المستقبل (آسيا إن)

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

الفرنك الإفريقي هو العملة الموحدة التي تستخدمها 14 دولة إفريقية تمتد من  السنغال على الساحل الغربي للقارة السمراء وحتى جمهورية إفريقيا الوسطى في قلب القارة وتتنوع منطقة تداول العملة الإفريقية الموحدة < C F A > بين بلدان تختلف إقتصاديا وسياسيا وثقافيا لتضم حوالي 123 مليون نسمة يتحدثون بمئات اللغات المتنوعة ويعتنقون ديانات مختلفة على غرار الإتحاد الأوروبي .

يرجع تاريخ الفرنك الإفريقي إلى المستعمرات الفرنسية في القارة السمراء وهي تشمل 12دولة كانت مستعمرات فرنسية ودولة غينيا بيساو التي كانت مستعمرة برتغالية وجمهورية غينيا الإستوائية وكانت مستعمرة إسبانية .

تشمل دول الفرنك الإفريقي في غرب إفريقيا وهي في معظمها دول زراعية ثمانية بلدان هي : بينين , بوركينافاسو , مالي , غينيا بيساو , كوت ديفوار, النيجر، السنغال , توجو , ويعتمد قانون العملة رمز ZOF في غرب إفريقيا .

أما دول وسط إفريقيا التي تستخدم العملة الإفريقية الموحدة وهي في معظمها دول غنية بالموارد الطبيعية  فهي : تشاد , الكونغو , الكاميرون , جمهورية إفريقيا الوسطى , غينيا الإستوائية والجابون , ويعتمد قانون العملة رمز ZAF >

ورغم كون الفرنك المتداول في وسط إفريقيا يساوي قيمة نظيره المتداول في غرب القارة إلا أنه لايمكن إستعمال أيا منهما في النطاق الجغرافي الآخر , مما يشكل تحديا كبيرا تسعى له دول الغرب والوسط الإفريقي حاليا وهو الأمر الذي سيشكل تحديا كبيرا وأرضية صلبة للفرنك الإفريقي في مواجهة اليورو الأوروبي , حيث يرجع المحللون الإقتصاديون قوة وإستمرار الفرنك الإفريقي إلى الإستعمار الفرنسي الذي أصدر هذه العملة قبل ستين عاما وما زالت باريس تدعمها بضمان سعر صرف ثابت تجاه اليورو , ولكن هذه العلاقة الإرتباطية بين العملتين الإفريقية والأوروبية الموحدتين يصب في مصلحة الفرنك الإفريقي في المقام الأول فإن بقاءه وإستمراره ليس مرهونا ببقاء اليورو نفسه والذي مضى على إصداره 13 عاما وتعاني دول عديدة في منطقة اليورور من التضخم وعجز الميزانية وتتخذ إجراءات تقشفية لتتمكن من الإستمرار   كاليونان وإسبانيا وإيطاليا .

إذ لو استمر اليورو في السقوط وتذبذب مستوى صرفه فلن تتجه الدول الإفريقية التي تتعامل بالفرنك الموحد إلى ربط عملتها باليورو لاسيما وأن أوروبا لم تعد الوجهة التجارية الأولى لإفريقيا : ففي عام 1995 كانت 49 %من صادرات دول وسط إفريقيا التي تتبنى الفرنك الموحد تتجه نحو أوروبا ولكن بحلول عام 2010 تراجعت النسبة إلى 32% ويرجع السبب في تراجع النسب إلى ظهور الصين كقوة عالمية إقتصادية وحضورها المكثف  في القارة السمراء  لاسيما في ظل الطلب الصيني المتزايد على الموارد الطبيعية الموجودة بكثرة في إفريقيا .

وقد ساهمت العملة الإفريقية الموحدة في تخفيف حدة التوترات داخل البلدان التي تتبناها وكان المثال الأبرز عام 2010 على خلفية الإنتجابات الرئاسية التي جرت في ساحل العاج عندما رفض الرئيس السابق < لوران جباجبو > الإعتراف بهزيمته في الإنتخابات ورفض تسليم السلطة للرئيس المنتخب الحالي <الحسن وتارا > حيث قام البنك المركزي في غرب إفريقيا بتجميد أصول النظام منع عليه الموارد المالية لشراء الولاءات مما عجل بسقوطه قبل أن تتسلمه المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي .

مازال الفرنك الإفريقي يحافظ على قيمته في مقابل العملة الأوروبية منذ عام 1999 حيث تحدد سعر الصرف حينها ب : 655.957 فرنك إفريقي مقابل 1 يورو , كما يحافظ ال CFA  الإفريقي على سعر صرف ثابت بالنسبة إلى اليورو على أساس أن البنك المركزي الفرنسي ووزارة الخزانة الفرنسية يضمنان إخضاعه للتبادل.

تمثل تجربة ال CFA  العملة الإفريقية الموحدة نموذجا إقتصاديا ناجحا فنجد بلدان تكتل شرق إفريقيا الذي يضم بلدان : أوغندا ,كينيا ,روندا ,تنزانيا وبورندي تسعي بقوة وإصرار إلى التكتل في إطار عملة موحدة .

كما سعت الدول الإفريقية الناطقة بالإنجليزية بإهتمام واضعة في إعتبارها التجربة الناحجة للعملة الموحدة الإفريقية وهي تفكر حاليا في إقرار  إطلاق عملة موحدة مع نهاية العقد الجاري أطلق عليها إسم < إيكو > .

تعيش إقتصاديا بلدان الفرنك الإفريقي الموحد إنتعاشا كبيرا وبالتالي أصبح الحديث عن جدوى وجود عملة إفر يقية موحدة أو أن وجودها وصمودها مرهون ببقاء اليورو قويا ومزدهرا  حديثا مغلوطا ومتحيزا في المقام الأول .

العملة الإفريقية تحقق حضورا كبيرا في الإقتصاد الإفريقي والعالمي مماعجل بإدراجها في بورصة الدار البيضاء مؤخرا كدليل جديد على قوتها وثقلها في مواجهة العملة الأوروبية الموحدة التي قد تطول معاناة الدول التي تقع في منطقتها في الإتحاد الأوروبي .

 

 

 

 

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات