أشمل سجل للحرف اليدوية العمانية وتطورها التاريخى

08:26 مساءً الجمعة 30 نوفمبر 2012
أشرف أبو اليزيد

أشرف أبو اليزيد

رئيس جمعية الصحفيين الآسيويين

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

فئات الحرف الرئيسية، صناعة الحلى الفضية والمصوغات الذهبية صناعة الخناجر والاسلحة التقليدية، الاشغال المعدنية ومنها النحاسيات، الاشغال الخشبية، المنسوجات، السلال، الجلديات، الفخاريات، واعمال التطريز

يمتد تاريخ الفن الحرفى فى عمان لعمق ضارب فى التاريخ ربما من أن هوى المحول الأول ليصوغ من الحجر أداه فيها من النفع مثل ما فيها من الفن تراث يمتد من الماضى إلى الحاضر مثلما يمتد من بوابة عمان إلى الشمال الشرقى وإلى الجنوب عبر جبال ووديان وصحراء وموانى ليصل إلى أقصى بقعة فى جنوب سلطنة عمان فى محافظة ظفار.

 ومثلت هذه الرحلة الابداعية حجر الاساس فى أشمل سجل للحرف اليدوية العمانية وتطورها التاريخى يصدر تقريبا . ويمثل هذا الكتاب السجل جزءا من مشروع توثيق تراث للحرف اليودية العمانية وهو برنامج بحثى مكثف خطط لانجازه  عبر جمع مادة علمية وموثقة، تؤكد على دور الفن ضمن سياق أكبر فى منطقة الخليج، مما يوفر مادة بحثية مصورة ومرجعية ليست فقط للسلطة بل ولشبة الجزيرة العربية ذاتها.

 وراء هذا الجهد البارز يقف راعى المشروع وصاحب المبادرة فى تنفيذه السيد شهاب بن طارق آل سعيد. مثلما يقف الباحثان الصديقان مارشا دور ونيل ريتشاردسون  والأهداف الرئيسية للمشروع كانت تأسيس هوية معترف بها عالميا للحرف اليدوية العمانية والاسهام فى اعادة الاعتبار للتراث والثقافة العمانية واضاءة الجهد الفنى الذى بذلة الحرفيون العمانيون على مدار التاريخ وبالمثل فتح أسواق جديدة لهؤلاء الحرفيين بعد أن كادت صناعتهم تنقرض؛ إما بسبب منافسة الأسواق الاسيوية الرخيصة التى تدمر هذا التراث أو بسبب عوامل النمو والتطور فى بلدان الخليج كافة ، الأمر الذى أخرج المنتجات الحرفية اليدوية من المنافسة أمام طوفان البضائع البديلة المستوردة .

 وقد اتيحت لى قراءة بعض فصول هذا العمل قبل نشره، وسيصدر الكتاب عن مركز لندن للدراسات العربية. وهو مكون من أربعة فصول يغطى أولها اتساع التأثير الجغرافى والاجتماعى والثقافى على فرادة الحرف العمانية ويناقش الفصل نفسه الأسس النفعية لهذه الحرف بل ويتوسع فى الاشارة إلى عناصر التصميم المستخدمة والتى تميز الحرفيين العمانيين عن سواهم، فمثلا عن التأثير القبلى فى التصميم الخاص بتلك المنتجات الحرفية يقول المؤلفان أنه (فى المجتمع العمانى حيث حددت القبائل وجه التاريخ مثلت الهوية عنصرا أاساسيا للثقافة اذا كان ارتداء ملبس بعينه أو زينة بذاتها أو استخدام أسلوب ما  فى حمل السلاح وسيلة مهمة فى الاعلان عن الهوية ولا تزال بعض التصميمات مرتبطة بجذورها القبلية ، وهو الأمر الذى يصيرإلى زوال شيئا فشيئا بعدما ذابت تلك الحدود الأولى).

 وفى الجزء الثانى من تلك الموسوعة الضخمة التى ستصدر فى جزأين، يحتفى المؤلفان بـ (حراس الماضى) وهم حملة مشعل الحرف التراثية على مر الزمن ولا يمكن تصور هذا الجزء دون الاشارة إلى الكم الهائل من الصور للحرفيين الاحياء الذى التقوا بالمؤلفين فى رحلتهم عبر المناطق النائية للوصول بالتوثيق إلى غايته. وفى هذا الجزء نقرأ بالتفصيل حول كل صناعة رئيسية سواء موادها الخام أو أدوات انتاجها أو تقنيات صناعتها وتصميماتها كما نجد توثيقا لمنتجيها وآليات الانساق الاجتماعية والبيئية المادية التى يعايشها هؤلاء الحرفيون.

 فى القسم الخاص بصناعة الفخار فى ظفار اترجم بعض السطور التى يجدها المؤلفان جديرة بالتوثيق (ان فخار ظفار مثل ارض البخور ذاتها تستطيع تميزه عن باقى فخار البلاد كلها سواء فى الشكل أو تقنيات الصناعة أم الصانع نفسه . ومع استمرار هذه الصناعة لا تزال الارض تشى بما تحتها بفضل المنقبين عن الأثار فى الحلة، وعين حمران، والبليد والمغسيل (أماكن تنقيبات أثرية فى محافظة ظفار) بشكل يؤكد استمرار استخدام طريقة الصناعة نفسها وموادها الخام بل وايقونات التصميم التى تعود للعالم 400 قبل الميلاد.

ويمتد هذا التشابه بين الموجودات الأثرية والمنتجات المحلية اليوم إلى التشابه فى نوع الطمى المستخدم، واعتماد وحدات بعينها لتصميم النقوش والدوائر والصبغ الأحمر كعناصر تزيينية تشبه المثلثات المقلوبة تفصل بينها النقاط .

 ويقول المؤلفان ان في قريتى الفخار طاقة ومرباط اللتين تقعان على الساحل الظفارى شمال مدينة صلالة حيث صيد السمك وسيلة لكسب العيش وجدا أن انشغال الرجال بصيد السمك يجعل من نساء مرباط وطاقة حرفيات ماهرات ويتخذن من صناعة الفخار احدى وسائلهن فى المشاركة. وهى مشاركة محصورة على الجنوب حيث أن صناعة الفخار فى الشمال هى مهنة الرجال.

 فى اطار الجهد التوثيقى يقدم المؤلفان مارشا دور وتيل ريتشاردسون قسما تصنيفيا للحرف العمانية يشتمل على فئات الحرف الرئيسية، صناعة الحلى الفضية والمصوغات الذهبية صناعة الخناجر والاسلحة التقليدية، الاشغال المعدنية ومنها النحاسيات، الاشغال الخشبية، المنسوجات، السلال، الجلديات، الفخاريات، واعمال التطريز، وقام بتصوير هذه المنتجات والحرفيين محمد على المعولى ، مستخدما ما أتاحته له وزارة التراث والثقافة. ومتحف بيت الزبير وجمعيات المرأة العمانية والمتحف الوطنى.

 وفى القسم الرابع والأخير يضع المؤلفان مستقبل هذه الحرف اليدوية على المحك. ويناقشان الخيارات المطروحة للنهوض بتلك الصناعات التى يشرف بعضها على الانقراض والدخول إلى زاوية النسيان والمتاحف. ويؤكدان على ضرورة اتاحة المنتجات الحرفية بشكل تجارى حتى تستمر وهو أمر يتصل بالحفاظ على الهوية العمانية عبر تراث لا يتصف بالعراقة وحسب، بل والتميز كذلك. واذا كان الكتاب الصادر بالانجليزية يقدم للعالم صورة هذا التاريخ الحى للصناعات الحرفية اليدوية فإن على العمانيين انفسهم تقع مسؤولية الحفاظ على هذا التراث.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات