أئمة التطرف يورطون الدولة التونسية ويصمون الزّيتونة

07:26 مساءً الجمعة 18 يوليو 2014
خالد سليمان

خالد سليمان

كاتب وناقد، ،مراسل صحفي، (آجا)، تونس

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

صورة تعود لأكثر من القرن للطريق إلى الزيتونة

كالعادة في كل يوم جمعة قناة ” حنبعل ” التونسية تنقل شعائر صلاة الجمعة ليوم 18 يوليو ” الجمعة الثالثة ” من شهر رمضان المعظم .. إمام الجمعة يبدو زيتونيا من زيه و هو يحمل من يراه على حسن الظن به حيث دائما ما يصف الأشقاء في تونس الزيتونيين بالإعتدال .. لكن يبدو أن ثمة شيئا ما قد تبدل بحيث أصبح ذلك الوصف مخلا اللهم إن كان هناك من يستغل الزي الزيتوني ؟.. إذ فوجئ كل من يشاهد و يستمع إلى نقل شعائر صلاة الجمعة من قناة     ” حنبعل ” التونسية بالإمام يتطرق للحديث في شئون سورية وما يدور هناك منحازا لما يوصف بالمعارضة .. ثم يستطرد متحدثا عما وصفه “بالإنقلاب ” في مصر ؛ و في نهاية الخطبة يتحدث عن الأفذاذ في جيش مصر الذين إنتصروا في 1973 و يتمنى أن يعود ذلك الجيش بعد زوال ” الطاغية ” .. هكذا بوضوح يحرض الإمام على إغتيال أو إنقلاب أو حرب أهلية في مصر ؟!! ..

و بغض النظر عن توجهات قناة ” حنبعل ” و الأقوال و الشبهات التي تحوم حولها و حول ملاكها المختلفين منذ نشأتها ؛ هل يمكن التغاضي عن أن تونس التي يتحدث سياسيوها عن أنها النموذج الناجح الوحيد فيما يسمى الربيع العربي أصبحت دائمة التدخل في شئون الآخرين. كما حدث غير ذات مرة مع مصر و سورية .. ثم التذرع بأن تلك مواقف شخصية لا تمثل الدولة و هي ذريعة غير صحيحة إذ صدرت مثل هذه المواقف من مسئولين كبار منهم رئيس الدولة شخصيا ؛ و هل يمكن التغاضي عن أن الدولة التونسية أحدثت هيئة للإتصال السمعي البصري ” الهايكا ” منوط بها الإشراف على أداء المؤسسات الإعلامية .. فأين هي من تحريض العديد من المحطات التونسية الإذاعية و التلفزية إضافة للصحافة المكتوبة على الدول الأخرى و التدخل في شئونها ؟! ؛ و في ذات الصدد لابد من أن نتذكر تصريحات المسئولين في الحكومة التونسية و الساسة حول عدم  التوظيف السياسي للمساجد و تجريم ذلك الفعل فما بالنا بالتدخل السافر في شئون الدول الأخرى و التحريض عليها ؛ و كيف يصدر في تونس مثل هذا الخطاب في ذلك التوقيت الحرج الذي تعاني تونس فيه ويلات الإرهاب في أعقاب حادث إجرامي إستهدف الجيش الوطني التونسي و راح ضحيته عدد ليس بالقليل من الشهداء و الجرحى ؟ ..

سلام الحمام في ساحة الزيتونة

– ذلك السلوك المرفوض من إئمة التطرف يمكنه أن يجر الدولة التونسية إلى العديد من المتاعب هي في غنى عنها في مثل هذا الظرف منها على سبيل المثال أن تعد تونس مأوى و مصدّرا و معبرا للإرهاب و خطابه و هو ما يمكنها أن يجرها إلى مواجهات غير مأمونة العواقب و تستنزف الجهود التي تحتاجها الدولة في مرحلة بناء جمهوريتها الثانية بعد إنقضاء المرحلة الإنتقالية المرهقة و هو الأمر الذي يجب أن تنتبه إليه الحكومة التونسية و مسئولي الدولة .. فالأمر ليس مجرد خطبة جمعة لإمام متطرف يتدخل فيما لا يعنيه .. أو فصيل سياسي بعينه يرتبط بالتنظيم الدولي للإخوان و يرفع في مظاهراته أيا كان غرضها علامة ” رابعة ” و شعارات جماعة الإخوان الإرهابية و أعلامها مقحما نفسه في صراعات الآخرين حاملا مخاطر تدخل هؤلاء أيضا في الشأن التونسي .. طارحا التساؤل هل تحتمل تونس مثل تلك التدخلات و لماذا ؟ ؛ .. مثل هذه الأمور إنما هي قطع من الفسيفساء أو ” البازل ” تتجمع و تتجاور لتصنع صورة قبيحة لبلد عرف دائما بالوداعة و التطور و التسامح و السعي للحداثة و هي الصورة التي يرجوها كل وطني مخلص لبلاده و كل عاشق لتونس ..

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات