أبطال القرن 21 … الفائزون بجوائز مانهي

09:43 صباحًا الخميس 14 أغسطس 2014
  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

الفائزون على خشبة المسرح مع مجموعة من لجنة التحكيم التي ترأسها عميد جامعة دونجوك كيم هي أوك  (الصور بعدسة كيم بان)

وزعت في الجمهورية الكورية (كوريا الجنوبية) جوائز “مانهي” المرموقة في دورتها الثامنة عشرة، وذلك بمجمع إنچي الثقافي، في مقاطعة كونغ ون، بالقرب من قرية “مانهي” التي تحمل اسم الراهب والشاعر والمصلح الكوري هان يونغ أون (1879-1944)، واختار أن يوقع قصائده باسم مستعار هو “مانهي”.

وقد شمل الاحتفال عزف أوركسترالي صاحب عرض فيلم تسجيلي عن الفائزين بالجائزة للعام 2014، كما قدم مجموعة من مطربي الأوبرا، وراهبة كورية، مجموعة من الأغنيات التي تحمس لها الجمهور الكبير. وشمل تقديم الجوائز تسليم ثلاث شخصيات كورية لكل فائز درع الجائزة ووثيقة الفوز وباقة ورد.

في السلام منحت الجائزة لدار المشاركة الخاصة بالنساء الكوريات اللائي تعرضن للأذى الجنسي من قبل قوات الاحتلال الياباني لشبه الجزيرة الكورية، وعملت نساء المتعة للعسكرين، لصالح الجيش الياباني بالحرب العالمية الثانية، في عدة دول بينها كوريا الموحدة. ويقدر المؤرخون اعداد نساء المتعة 200000 من النساء الشابات. وقد صعدت المسرح سيدتان ممن كن بين هؤلاء النساء، لم تمنعهما شيخوختهما ومأساتهما من رسم ابتسامة تسامح وسعادة.

اشرف ابو اليزيد يتسلم درع جائزة مانهي في الادب للعام 2014

وفي الأدب فاز الشاعر والروائي المصري أشرف أبو اليزيد بالجائزة تقديرًا “لمنجزه في الشعر والرواية، ودوره في مد الجسور الثقافية بين الشعوب عبر الترجمة”. وكانت أولى روايات أشرف أبو اليزيد “شماوس” قد ترجمت إلى اللغة الكورية في 2008، كما تُرجمت مختارات من أشعاره إلى مجموعاتٍ صدرت باللغات الفارسية والتركية والإسبانية والإنجليزية. وأصدر أشرف أبو اليزيد 25 مؤلفا بين الإبداع الشعري والروائي والنقدي، كما كتب للطفل وترجم عدة أعمال من بينها حكايات شعبية كورية، وديوانين الأول للشاعر كو أون (ألف حياة وحياة) الذي حصل على الجائزة نفسها في ٢٩٨٨، والثاني للشاعر والراهب شو أو هيون ، بعنوان (قدِّيسٌ يُحلق بعيدًا) كما قدم للتلفزيون سلسلة من اللقاءات مع أيقونات الثقافات غير العربية في برنامجه (الآخر).
وفي كلمته عقب استلامه درع الجائزة قال أشرف أبو اليزيد الفائز بجائزة الأدب لهذا العام “لي فرحة مضاعفة بالفوز بهذه الجائزة المرموقة، لأنها تحمل اسم نموذج فذ لشخصية عظيمة؛ الشاعر والمصلح والمناضل الكوري هان يونغ أون، فهو شاعر الوطن والحب، الذي أعطى طاقة ملهمة لأمته وللإنسانية. وإذا كانت رسالة مانهي للعالم تحمل السلام، فأنا أحمل رسالة من وطني مصر، تؤكد أن التاريخ يصنعه هؤلاء الذين يحلمون بمستقبل أفضل لأوطانهم، مستقبل لا تصنعه الحروب التي تهدد الحياة وتقتل الروح. دعونا نكمل ما بدأه هان يونغ أون، سفراء محبة وسلام دون أن ننسى أن هناك حقا للوطن في الحرية والاستقلال، مثلما هناك حق للإنسان في السعادة والسلام”.

المخرج السينمائي محسن مخملباف، ودرع جائزة الفن

وبعد إعلان فوزه بالجائزة في فرع الفن شكر المخرج الإيراني محسن مخملباف في كلمته هيئة التحكيم التي اختارته فائزا هذا العام في فرع الفن. وقال إنه يشعر بالفخر لفوزه بجائزة حصل عليها المناضل الكبير نيلسون مانديلا، وهذا يعد تكريما لأعماله التي كرسها لخدمة القضايا الانسانية. وينتمي مخملباف إلى الموجة الجديدة في حركة السينما الإيرانية. وقد اختارت مجلة تايم فيلمه” قندهار ” باعتباره واحد من أفضل 100 فيلم على مدار تاريخ السينما . وفي عام 2006 كان عضوا في لجنة التحكيم في مهرجان البندقية السينمائي ، كما يعد مخملباف، وعائلته السينمائية ركائز رئيسية في السينما الإيرانية.

جدير بالذكر أن الجائزة في فروعها المختلفة فاز بها عدد من الحاصلين على جوائز نوبل، ففي الأدب فاز بها الكاتب النيجيري وول سوينكا (2005) والروائي الصيني مو يان (2011)، كما فازت الدكتورة شيرين عبادي بالجائزة في فرع السلام (2009). .

وفي الفن أيضاً فاز المفكر والخطاط يون يانغ هوي الذي يعد شخصية ثقافية محورية في شبه الجزيرة الكورية، وقد عمل كمدرس، وباحث، ومدرب فن، وأكمل ضمن أعماله الخطية كتبا باللغة الكورية هانغول، كما صمم الكثير من العلامات التجارية.

ومنحت جائزة خدمة المجتمع للمحامي الكوري لي سي جونج، أحد نشطاء المجتمع المدني وهو الجيل الأول محامي حقوق الإنسان، وكان له شأن كبير في حل قضايا حقوقية دولية منذ ١٩٧٠ ، كان أساس عمله الديمقراطية والشفافية عبر خطواته في القضايا السياسية والاقتصادية والبيئية.
وتمنح هذه الجائزة سنويا منذ ١٩٧٩ في السلام والأدب وخدمة المجتمع، كما أضيفت لها جائزة في الفن وجائزة خاصة لهذا العام للمشاركين في حملة المظروف الأصفر التي أسستها حركة يدا بيد للعمال المفصولين من شركة سيارات سانج يونج.

تكريم في متحف الاعلام

الشاعر والمخرج في متحف الراهب المناضل والمبدع مانهي

وتواصل تكريم ضيفي الجائزة من خارج كوريا – أبو اليزيد ومخملباف – في عدة مناسبات، كان أولها الاحتفال الذي أقيم في متحف الاعلام الذي أسسه ويديره كو ميومجين أحد أشهر مصوري كوريا الجنوبية، ويحمل اسم يونج وول، حيث عزفت نحو ٢٠ مقطوعة موسيقية، وحضر الاحتفال عمدة القرية وعدد من رجال الصحافة، ومؤسس جمعية الصحفيين الآسيويين لي سانج كي مع عدد من شباب متدربي الصحافة الجدد من الجزائر وبولندا وروسيا ومنغوليا وكوريا الجنوبية . واختتم الاحتفال الشعبي بإيقاد النار، وإطلاق بالونات تحمل رسائل من الحضور إلى سماء الغابة المتاخمة للقرية. كما استضافت احدى كنائس سيئول أمسية بعنوان الفيلم والقصيدة، أجاب فيها الشاعر اشرف ابو اليزيد والمخرج محسن مخملباف على أسئلة الحضور، الذين قدموا هداياهم، قبيل الأمسية ، التي اختتمت بعرض لمشاهد من فيلم (قندهار) وقراءة قصائد من دواوين أشرف أبو اليزيد. وكان من الطريف ما ذكره أحد الرهبان في كلمته بأن الكنيسة تستضيف مبدعين مسلمين منحا جائزة تديرها مؤسسة بوذية، ما يعد نموذجا مثاليا للعلاقة الواجبة بين الأديان.

ولد الراهب مانهي في مقاطعة تشونغ تشيونغ بكوريا الجنوبية، وقبل توسيمه راهبا انخرط في مقاومة نفوذ اليابان في بلاده، الذي بلغ ذروته في سنوات الاحتلال الياباني 1905-1945، وقد بدأ في عام الاحتلال نفسه سيرته كراهب بوذي في معبد بائيكدامسا على جبل سيوراك. ككاتب اجتماعي دعا مانهي لإصلاح البوذية الكورية، وتناول شعره مقاصد الوطنية والحب، ومن أكثر مجموعاته السياسية شهرة ما نشره في عام 1926 حول أفكار المساواة والحرية، وكان من ملهمي المقاومة السلبية غير العنيفة في حركة الاستقلال الكورية. وكان هان يونغ أون أحد 33 عضوا وقعوا في عام 1919 وثيقة تاريخية باعتبارهم ممثلي الشعب لإعلان الاستقلال الكوري من السيطرة الاستعمارية اليابانية، وارتبطت قصائده بالتأمل الفلسفي للطبيعة وأسرار التجربة الإنسانية.

تُمنح جائزة مانهي سنويا تقديرًا لاسم هذا الشاعر واسهامه الوطني والأدب والإصلاحي، حيث تجاوزت أفكاره المتفانية عن الحرية والمساواة والتقدم والسلام حدودها الضيقة لتصل إلى عامة الناس، وأضاءت للشعب الكوري الطريق إلى الحركات الديمقراطية والشعبية، كما أثرت أفكاره الأدب الكوري الحديث، مما جعله مصدر طاقة للشعب الكوري، وهو ما أسهم في 29 يونيو 1996، وبمناسبة مرور ربع قرن على وفاة مانهي، بإنشاء جمعية تعزيز وممارسة أفكاره تحمل اسمه وتكرم من أسهموا بأعمالهم في تكريس أفكار السلام والخير للإنسانية في كوريا والعالم، وتُمنح الجائزة في عدة فروع هي السلام، وخدمة المجتمع، والآداب والفنون.

وقد حظيت الجائزة بتغطية صحفية كبيرة، وكان عنوان جريدة تشوسون الأولى في كوريا مع صور الفائزين :” أبطال القرن الحادي والعشرين.”

وقد قام الشاعر والمخرج بزيارة موقع يجتمع به أهالي ضحايا العبارة الكورية سيوال، الذين تخطوا ٢٤٠ غريقا، وعشرة مفقودين، حيث قدما مواساتهما لوالد إحدى الصبايا التي غيبها الموت، وهو مضرب عن الطعام منذ ٣١ يوما، وقال، لقد رحلت ابنتي، لكنني اريد إصدار قانون يكفل حماية اطفال كوريا في المستقبل .

ولبى مخملباف وأبو اليزيد دعوة على العشاء بمطعم تقليدي أقامه الشاعر والراهب تشو أو هيون على شرف ضيفيه، وامتد الحوار حول الشعر والسينما وذكريات السفر، ومنح لي سانج كي اسمين بوذيين للضيفين، فكان نمر الغاب من نصيب أشرف أبو اليزيد، وتنين المحيط الاسم المختار لمحسن مخملباف. وقد وقع المبدعان على ٢٠٠ نسخة لمقالتين نشرتا لهما في (ماجازين إن) بمناسبة حصولهما على جائزة مانهي ، ستوزع لكبار الشخصيات في كوريا، منها رئيسة الجمهورية ومعارضتها، وكلاهما تحمل اسم بارك.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات