إن الفلسفة من المكونات الأساسية للحضارة الصينية، ولا يمكن فصلها عن تكوين الشخصية الصينية. الفلسفة الصينية عميقة جدًاً، وأحيانًا تحتاج لنوع من الدراسة والتعمق لفهمها.

مفهوم اليين واليانغ هو مفهم خاص جدًا بالصين، وبالفلسفة الصينية تحديدًا، لأنه مرتبط بنظرة الصينيين القدماء للكون من حولهم، ويشير هذا المفهوم إلى أن كل الكائنات في الكون فيها قوتان أي طاقتان معاكسين. عادة ما يبسط شرح اليين واليانغ على أنهما قوتين مضادتين، ولكن في الواقع أنهما أكثر عمقًا من ذلك. يمكن أن نقول باختصار أن كل شىء من حولنا يحتوي على طاقتين معاكستين، بل ويتوازن باعتماد كل قوة منهما على الأخرى، وبتكميل كل منهما للأخرى.

 ويشار لليين واليانغ بأنهما الشمس والقمر، فوجودهما في أساسه يقوم على اعتماد كل منها على الآخر، فبدون الشمس لا يطلع القمر والعكس صحيح. وعادة ما يُرمز لليين واليانغ برسمة، قد يكون رآها كثيرون منا من قبل؛ وهي دائرة مقسومة إلى نصفين، أحدهما أبيض والآخر أسود، ونجد بداخل النصف الأسود نقطة بيضاء صغيرة، بينما بداخل الجزء الأبيض نقطة سوداء صغيرة.

وهذه الرسمة يطلق عليها اسم “تاي تـچي” أي وصول الشيء إلى أقصاه أو ذروته، ولكن على الرغم من تباين اليين واليانغ، فوجود كل منهما مشروط بجود الأخر، ومن المستحيل أن يبقى طرف منهما بمفرده، ويمكن أن نقول أنه تربطهما علاقة تكامل، واعتماد متبادل.
عرفت الصين مفهوم الين واليانغ منذ القدم، ولكن تم تناولهما ككلمتين قائمتين بذاتهما في عصر ممكلة چو، ومنذ ذلك الحين أخذ يتبلور معناهما ومفهومها لدى الفلاسفة الصينيين، حتى وصفوا علاقة التكامل والاعتماد المتبادل بينهما بأشكال شتى وطرق مختلفة، ومن ضمنها:” لا حياة بدون موت، ولا نور بدون ظلام”.

ووفقاً لرأي الصينيين القدماء فاليين واليانغ تجمعهما علاقة وحدة الضدين؛ ويتفاعل كل منهما مع الآخر، بل ويؤثر فيه ، وعلى الرغم من تضادهما إلا أن تواجدهما سويا يزيدهما انسجاماً ويعطيهما توازنا.
وتوضيحًا لذلك المعنى: يأتي الليل بنهاية النهار، والبرد بعد حر شديد، ولكل إنسان يوم يرحل فيه عن هذه الدنيا، حتى لو كان شديد الإعتناء بصحته.

Tweet