في تونس … رسمنا على القلب وجه الوطن

12:37 مساءً الجمعة 17 أكتوبر 2014
خالد سليمان

خالد سليمان

كاتب وناقد، ،مراسل صحفي، (آجا)، تونس

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

هناك بعيدا على شاطئ المتوسط حيث تقترب القارة من أوروبا ..” رسمنا على القلب وجه الوطن نخيلا و نيلا و شعبا أصيلا ” .. رسمنا وجه مصر العظيمة أمّ الدّنيا على القلوب و لم يشغلنا الخلد عنها حتّى تنازعنا أنفسنا في الخلد إليها .. ببساطة لأنّها ” وطن يعيش فينا لا وطن نعيش فيه ” .. صدحت القلوب قبل الحناجر باسمها المقدّس و لهجت الألسن بذكرها .. و كيف لا ؟! و هي بعد الدّين دين .

التحية العسكرية لقائد مصر، والقوات المسلحة

اجتمعت الجالية المصريّة في تونس مع الأحبّاء والأشقّاء التّونسيّين و العرب و الأجانب من ” حبايب مصر ” الذّين حلّوا ضيوفا كراما ليهنّئونا “بعيد نصر أكتوبر و عيد القوّات المسلّحة المصريّة  ” الذّي شاركنا الإحتفال به ممثّلون عن” الجيش التّونسي ” رفاق السلاح و شركاء نصر أكتوبر و كان ضمن من شرّفوا الإحتفال محاربون قدامى من القوّات التّونسيّة التّي شاركتنا في معركة الشّرف و عبور القناة وروت دمائهم أرض سيناء المقدّسة التّي أقسم بها المولى عزّ و جل و شرّفها بالذّكر في أكثر من موضع من القرآن الكريم .

 – كما حرصت نخبة من رموز المجتمع التونسي على الحضور من الوزراء و السياسيين و العسكريين و السفراء و أعضاء السلك الديبلوماسي .. و كان في مقدمة هؤلاء مرشحا الرئاسة ” الباجي قائد السبسي ” رئيس حزب نداء تونس و رئيس الوزراء الأسبق ؛ و ” كمال مرجان ” رئيس حزب المبادرة و الذي شغل من قبل عدة مناصب رفيعة كان آخرها وزارتي الدفاع و الخارجية .. فضلا عن عدد كبير من رموز الفن و الثقافة و الإعلام في تونس على رأسهم الأديب الكبير / عز الدين المدني و الإعلاميين أ / نبيل بن زكري و أ/ عبد الرزاق المرايحي و السيدة / سعيدة الزغبي خالد ..

بالإضافة لعدد كبير من البعثات الديبلوماسية من الدول الشقيقة و الصديقة و رموزهم البارزة المقيمة في تونس

 ظلّل الجمع الكبير من الحضور علم مصر الذّي اكتسى به سقف القاعة الكبرى التّي أقيم بها الإحتفال فيما تصدرالقاعة علمي مصر و تونس إلى جوار علم القوّات المسلّحة و أفرعها الرّئيسيّة التّي تعانقت كالبنيان المرصوص مطلّة على الرّكن الذّي يروي قصّة المصريين البواسل من عهد الفراعنة إلى اليوم .., و قد حرص العقيد أركان حرب / محمّد عزّت الملحق العسكري أن يكون كلّ فرد من الجالية المصريّة في تونس ممثّلا لقوّاتها المسلّحة و من أصحاب البيت الذّي دعا إلى الإحتفال ” جيش مصر البواسل ” .. بعد أن طلب كثير من الأشقّاء التّونسيين من أشقّائهم المصريين المشاركة في احتفال يفخر به كلّ العرب إعرابا منهم عن الحبّ و التّقدير لمصر و مكانتها و جيشها العظيم الذّي يعتبره الجميع في هذه الحقبة الحرجة جيش العرب جميعا وهي رسالة ذات مغزى عميق لقوم يعقلون ..

الكلمة المتميزة لملحق الدفاع المصري العقيد أركان حربمحمد عزت

بعد مراسم الإفتتاح التّي بدأت بالسّلامين الوطنيين المصري و التونسي .. كانت الكلمة المتميزة لملحق الدفاع المصري العقيد أركان حرب / محمد عزت التي حيا فيها الشعب المصري العظيم و أرواح شهداء مصر و صاحب قرار العبور الرئيس / محمد أنور السادات .. و لم يفته توجيه التحية لثورتي الشعب المصري في 25 يناير ضد الفساد من أجل حريته و كرامته الوطنية و العيش الكريم .. و الثورة المجيدة في 30 يونيو التي قام بها الشعب العظيم من أجل إسترداد ثورته التي اختطفتها فئة ضالة لم يكن شعب مصر الأبي ليسمح لها بذلك .. ؛ و لم يفته توجيه التحية للأشقاء العرب الذين ساندوا مصر في حرب أكتوبر و قدموا لها الدعم من خلال مشاركة جيوشهم ؛ و سرت بين أفراد الجالية المصرية في تونس نوستالجيا الفخار مع مقتطفات من الخطب التّاريخيّة لزعماء مصر , الرّاحل خالد الذّكر / جمال عبد النّاصر و قائد معركة العبور الرّئيس محمّد أنور السّادات .. التّي تذكّر بأيّام العزّة و الكبرياء مثل خطاب تأميم قناة السّويس و خطاب السّادات في 16 أكتوبر سنة 1973 و بيان العبور “رقم 7 ” .. ثم تم عرض فيلم وثائقي عن حرب أكتوبر 1973 بعنوان ” روح أكتوبر ” كما وزع على الحضور مطبوعا على إسطوانة مدمجة مع هدايا رمزية تبرز معالم الحضارة المصرية .. وكان المعرض الذي أظهر نماذج من منتجات القوات المسلحة محل تقدير من حضروا الإحتفال ؛ و اهتزّت أركان قاعة الإحتفال بالأغاني الوطنيّة فيما تبادل المصريّون التحيّة بشكل مبتكر قائلين لبعضهم ” تحيا مصر ” ثلاث مرّات مستعيدين لحظات العزّة مع زعيمهم البطل الرّئيس ” عبد الفتّاح السّيسي ” الإبن البار لمصر العظيمة و جيشها الباسل ليلتفّ الحضور بعد ذلك حول ” التّورتة ” التّي حملت علمي مصر و تونس حيث قام العقيد أركان حرب / محمّد عزّت رئيس مكتب الدّفاع و السّفير المصري بتونس أيمن مشرّفة مع ممثّلي وزارة الدّفاع التّونسيّة بالتّشارك في تدشينها لتنتهي مراسم الإفتتاح تزامنا مع الأغنية المفضّلة لدى المصريين مؤخّرا ” تسلم الأيادي .. تسلم يا جيش بلادي” .

لقاء الأقباط :

الأقباط هم أهل مصر الأصليون، من مسيحيين و مسلمين و كلّ الأجناس و الأعراق التّي وفدت إليهم من إغريق و فرس و رومان و عرب و صقالبة و ترك اختلطت بدمائهم و جيناتهم لتهضمهم ” المعدة الكبيرة ” التّي تدعى مصر و تمصّرهم تماما إلى حدّ أنّ العرب الذّين قدموا إلى مصر مع الفتح الإسلامي أطلق عليهم في الجزيرة العربيّة بعد أقلّ من عقدين المصريين ( راجع وقائع عهد الخليفة الثالث عثمان بن عفّان رضي الله عنه ) .. ومن ثمّ فقد ساد الجين المصري على سائر الجينات الأخرى .. ؛ و “القبطي” هو تمصيرالمصطلح اليوناني ” ايجبتوس ” الذّي أطلقوه على أهل مصر ..

و كان اللّقاء الحار بين الأقباط المسلمين و الأقباط المسيحيين في عيد نصرهم ممثّلا في ثلّة من الأخوات من بنات الكنيسة المصريّة اللائي يشرفن على عدّة مدارس للرّاهبات في تونس تتقدّمهنّ الأختان ” تيريز و كرما ” و كانت المفاجأة أنّ أولاهما تشرف على واحدة من أهمّ تلك المدارس في تونس ” جان دارك ” و أنّها تقيم هناك منذ 22 عاما جعلتها تحمل مشاعر محبّة فيّاضة لتونس و تألف العيش فيها .. ؛ وتحدثنا حول ” قرطاج ” التي كانت إحدى المدن الغربية الخمس التابعة للكرازة المرقسية و المدينة العظمى الإسكندرية ” الإسم التفصيلي للكنيسة الأرثوذكسية المصرية ” و هو ما لايعرفه كثير من الأشقاء في تونس ممن يعتقدون أن تاريخ المسيحية في تونس بدأ مع الرومان و الكنيسة الكاثوليكية ..

نسيجا واحدا عشنا في الوطن كلّ يعبد الإله الواحد على عقيدته و مذهبه في الكنيسة أو المسجد .. مثلما كنا كيانا واحدا في المعركة المشير أحمد إسماعيل و الفريق سعد الدين الشاذلي و المشير محمد عبد الغني الجمسي إلى جوار اللواء فؤاد عزيز غالي قائد الجيش الثاني الميداني .. و اللواء باقي زكي الذّي أذاب خط بارليف المنيع بمياه قناتنا التّي جرت فيها دماء المصريين قبل أن تجري فيها المياه .., كنّا أيضا كيانا واحدا نحتفل بنصرنا و الفخر الذّي حقّقناه معا يجمعنا حبّ مصر و جنودها البواسل و عندما دعتني الأخوات للتّواصل و الزّيارة أنا و الأسرة بشطرها التّونسي تذكّرت قول السيّد المسيح له المجد و عليه السّلام ” مبارك شعبي مصر ” .

مليون جنيه .. و الفول :

” مليون جنيه و نفسه تلعب على شقّة فول ” هكذا وصف المطرب الرّاحل     ” عزيز عثمان ” أو ” محمود بلالايكا ” الرّاحل العظيم ” نجيب الرّيحاني ” في أحداث فيلم ” لعبة الست ” .

 و هذا ما حدث معنا .. الفنّان الشعبي المصري المقيم بتونس ” أحمد أبو الوفا” الذّي أحيا فقرة شعبيّة بديعة خلال الإحتفال جمعت بين أغاني الجنوب و الدلتا و الذّكر بمصاحبة ” التنّورة ” و كاتب السّطور عندما سألني بلهفة عن          ” الكشري المصري ”  الذّي أشتاق إليه .., كان الكشري إلى جوار ” الفول المدمّس ” و الطعميّة ” و ” المحشي ” بمختلف أنواعه هو مقصد المصريين في البوفيه الفاخر .. إنّها ” ريحة البلاد ” كما يقول الأشقّاء في تونس و أكثر ما يتوق إلى مذاقه المصريّون في الغربة حتّى ولو لم يقتربوا من ” المليون جنيه ” التّي تحدّث عنها الرّاحل الظّريف الفنّان ” عزيز عثمان ” .

و لم ينس أقباط مصر المسلمون و المسيحيّون أن يشربوا نخب النّصر .. فتبادلوا أنخاب الكركديه و التّمرهندي و العرقسوس الذّي لم ينقصه سوى رنين الصّاجات النّحاسيّة الكبيرة التّى يجلجل بها باعة العرقسوس في شوارع مصر.

حتّى تلك الأنخاب اللّذيذة لاقت إعجاب الضّيوف خاصّة من الأشقّاء فتزاحموا عليها بعد أن لاقت رواجا لا يقلّ عن المأكولات الشعبيّة المصريّة و حلوى “لقمة القاضي” و ” بلح الشّام ” و ” أمّ علي ” التّي كان المصريّون يقدّمونها عندما ينتصرون على أعدائهم كما فعلت السيّدة التّي حملت تلك الحلوى اسمها .., فكان الختام الحلو لليلة جميلة شارك فيها ” حبايب مصر ” أقباطها مسيحيين و مسلمين فرحة النّصر .

             

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات