انتصرت تونس … ولكن!

07:46 صباحًا الثلاثاء 28 أكتوبر 2014
خالد سليمان

خالد سليمان

كاتب وناقد، ،مراسل صحفي، (آجا)، تونس

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

جندية تونسية تحرس مركز إقتراع، ونظرة ذات مغزى من ناخب نهضوي

انتصرت الدولة الوطنية التونسية و أهم مقوماتها الشعب .. الدولة و عمودها الفقري الجيش و المؤسسة الأمنية الذي وضع صدور أكثر من ثمانين ألف رجل و إمرأة تنتمي إليهما في مواجهة التهديدات التي تواجهها تونس و شعبها و أولها الإرهاب و داعميه .. و يأتي على رأس هذا العمود الفقري مؤسسة القضاء التي لابد أن يأتي دورها بعد أن تضع الإنتخابات أوزارها التي نتمنى أن تكون قليلة حتى لا تعاني الدولة التونسية منعطفات خطرة جديدة …

تجلى إنتصار التونسيين عندمااختاروا الحفاظ على الدولة الوطنية المدنية بعيدا عن أوهام و أحلام أكل عليها الدهر و شرب منذ ما يقرب من قرن مضى ؛ و لم يعد يجدي مع شعب يحظى بنسبة مرتفعة من التعليم الحديث عن خلافة و خليفة يشبه عمر بن الخطاب أو حتى هارون الرشيد .. فلكل زمان سياقه ؛ كما لم يعد ينطلي على شعب تونس نفاق أحزاب ترتدي ثوب المدنية فيما هي مستعدة لبيعه لأقرب قوة تحمل مشروع قروسطي يتضاد مع ما يدعونه مقابل ما يعطى لهم من فتات السلطة .. نعم أنتصر شعب تونس عندما دافع عن وجود بلاده و خشي عليها من الضياع .. نعم صوت قطاع ليس بالقليل تصويتا عقابيا للترويكا و أعطى أغلبية أصواته لحزب حركة نداء تونس التي كان فوزها كاسحا خاصة في المناطق الحضرية رغم إدعاءات خصومها بأنها ستعيد إنتاج أنظمة قديمة و هو ما يلقي على عاتق حزب حركة نداء تونس حملا ثقيلا لو كانوا يعلمون .. فهذا الشعب الذكي إلى حد المكر و الدهاء قد خدع جميع القوى السياسية بما فيها نداء تونس و أوهمهم أنه عازف عن التصويت ليفاجئ الجميع بهبوطه بكثافة و في آخر وقت بنسبة بلغت 66% ليصوت لحماية مكتسباته و كانت حركته مباغته خاصة في قطاع جيل الآباء و الأمهات دفاعا عن مستقبل أولادهم و كانت المرأة كعادتها فاعلة و في مقدمة الصفوف .. و ما فعلته المرأة في تونس و قبلها في مصر أمر يجب أن يتوقف أمامه طويلا علماء الإجتماع .. و على من يتصور أن المرأة في الغرب أفضل مراجعة نفسه بالنظر إلى الحقول و المصانع و حتى المنازل .. كان الإقبال رائعا و كانت المؤشرات واضحة لكل ذي عينين لكننا تباطئنا في النقل والتحليل على شبكة أخبار المستقبل آسيا إن عن عمد لأسباب بعضها خارج عن إرادتنا و أهمها إحترام مدونة السلوك التي أصدرتها ” الهيئة العليا المستقلة للإنتخابات ” و التي تلزمنا أن نحترم الصمت الإنتخابي حتى إعلان النتائج من خلالها و ثاني هذه الأسباب الخارجة عن إرادتنا تعديل ” هيئة الإنتخابات ” لمواعيد مؤتمراتها الصحفية عدة مرات خلال اليوم حتى بات الأمر عبثيا و تسبب في الإرهاق الشديد لكثير من الصحفيين و الإعلامين ؛ و ثالث هذه الأسباب قد يكون شخصيا إذا أننا نعاني حتى كتابة السطور من الرسائل الإلكترونية و رسائل الجوال الورادة من الهيئة و التي تردنا باللغة الفرنسية رغم إعتراضنا على ذلك أكثر من مرة و وعد موظفو الهيئة بإصلاح الأمر .. لكننا أدركنا عبثية الشكوى و الإعتراض إذ أننا نجد السيد ” رئيس الهيئة ” و أعضائها كثيرا ما يستخدمون المصطلحات الفرنسية و هو أمر مستغرب من ” هيئة دستورية ” حرصت أن توزع علينا نسخ من الدستور التونسي الجديد و الذي تذكر إحدى مواده أن تونس ” لغتها العربية ” .. و ربما إحترزنا لو كنا في فرنسا و إصطحبنا مترجم أو أخذنا دورة تعليمة مكثفة .. ؛ أما عن الأسباب الخاضعة لإرادتنا فكان على رأسها متابعة الموقف المفاجئ حيث لاحظنا و قبل إنتهاء عملية التصويت أن الأطراف التي وقفت على حافة الخسارة بدأت تتصرف بإنفعال شديد يصل إلى مستوى التهديد و الإبتزاز السياسي أحيانا

بجوار الملصقات الانتخابية في تونس، بعدسة حسن دريدي،أ.ب

منذ إنتهاء عملية التصويت و ربما قبلها بقليل قامت الكثير من وسائل الإعلام التونسية و العالمية بنشر و إذاعة مؤشرات أولية لنتائج الإنتخابات صدرت عن منظمات المجتمع المدني التي تراقب الإنتخابات و تتابعها و مراكز سبر الأراء ؛ و رغم إستنكار هيئة الإنتخابات و الهيئة العليا المستقلة للإعلام السمعي البصري “هايكا ” و إعلانها بأنها ستلاحق من يقوم بذلك قضائيا إلا أن ذلك السلوك الإعلامي إستمر محليا و دوليا ؛ و بعد أن كانت المؤشرات تحمل أنباء فوز كبير لحزب حركة نداء تونس في البداية .. أخذت الأنباء التالية تحمل أنباء مضطردة بتقلص الفارق بينها و بين حزب حركة النهضة بإنتظام ؛ فيما بدأت أصوات تجأر بالتشكيك في سلامة عملية الإقتراع .. ؛ و لا يمكن التغاضي عن حادث ظهور السفير الأمريكي في تونس أمس في دائرة ” نهج مرسيليا ” بوسط العاصمة و هتاف المواطنون ضد ” ديقاج .. أي بره ” و هتافهم ضد الولايات المتحدة و قطر و تركيا و أن تونس حرة …

حراسة المستقبل

و بغض النظر عن كون هذا التصرف من حق السفير الامريكي أم لا إلا أنه من المؤكد أنه يعرف حالة الإحتقان التي يمر بها المجتمع التونسي و العربي بسبب الدعم الأمريكي لتيار الإسلام السياسي و من المؤكد أيضا أن تصرف السفير الأمريكي يحمل الكثير من الصلف و الإستفزاز ؛ و من ثم فحين تتأجل مؤتمرات الهيئة العليا للإنتخابات أكثر من مرة يوم الأثنين 27 أكتوبر و يتضارب الحديث عن النتائج و تستمر حالة الضبابية الإعلامية و عزف كل وسيلة إعلام على الوتر الذي تحب أن تسري الشائعات حول محاصصات و ضغوط دولية إلخ و هو ما يفسد الإنتصار الكبير لإرادة شعب يحب بلاده و يسعى لبقاء دولته المدنية ..

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات