انتخابات الرئاسة التونسية … الموقف الغامض و مناورات البرلمان

08:59 صباحًا الجمعة 5 ديسمبر 2014
خالد سليمان

خالد سليمان

كاتب وناقد، ،مراسل صحفي، (آجا)، تونس

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

المرزوقي والسبسي … أين تجلس رئاسة تونس؟

على عكس من تسرعوا في التهليل لإنتصار ساحق لحزب ” حركة نداء تونس ” و حلفائه على حزب ” حركة النهضة ” و حلفائها .. رأينا أن حزب ” حركة نداء تونس ” رغم إنتصاره السياسي المبدئي إلا إنه لم يحقق أغلبية مريحة تكفل له قيادة السفينة التونسية خلال الخمس سنوات القادمة دون مضايقات سياسية أو مماحكات من المعارضة رغم إرتفاع عدد مقاعد ” نداء تونس ” إلى 88 مقعدا بدلا من 86 بعد إنضمام النائبين ” التوهامي العبدولي ” و ” أحمد الخصخوصي ” إلى حزب ” حركة نداء تونس ” ؛ و لم يكفل ما أطلق عليه التصويت العقابي من التونسيين لحركة النهضة و حلفائها داخل الترويكا الحاكمة وخارجها لمن حلوا محلهم في الإنتخابات البرلماني الأغلبية التي تحسم عملية التصويت في التشريعات الأساسية و من ثم إمتلك حزب حركة النهضة ذو ال 69 مقعدا برلمانيا و ما تبقى من حلفائه علاوة على الحلفاء الجدد ما أصبح يعرف ( بالثلث المعطل ) عقب الأزمة اللبنانية الشهيرة بين كتلتي 14 و 8 آذار .. و من ثم أصبح لدى حزب حركة النهضة ما يمكنه من المناورة السياسية بحيث يضمن عدم إقصائه من المعادلة السياسية التونسية كما حدث لبقية حركات الإسلام السياسي في مناطق أخرى .. و قد أكدحزب ” حركة النهضة ” براعته في تلك المناورات السياسية في الجولة الأولى من الإنتخابات الرئاسية عندما إصطفت قواعده وراء المرشح الرئاسي ” المنصف المرزوقي ” الذي ترشح مستقلا عن حزبه السابق ” المؤتمر ” الذي مني بهزيمة مؤلمة في الإنتخابات البرلمانية و لم يحصل إلا على ثلاثة مقاعد .. و رغم إعلان حركة النهضة حيادها في إنتخابات الرئاسة و ترك حرية الإختيار لقواعدها إلا أن الجميع كانوا يعلمون أنها ستلقي بثقلها وراء ” المنصف المرزوقي ” و هو ما تأكد عمليا عندما حصل ” المرزوقي ” على 33,43% مقابل 39,46% لمنافسه ” الباجي قائد السبسي ” و هي نسبة ليست بالمطمئنة أو البعيدة خصوصا بعد إنضمام الكتل التصويتية للمرشحين الأخرين لهذا المرشح أو ذاك .. و هو ما إستغله حزب ” حركة النهضة ” ليناور به من جديد ليضمن بقائه داخل دائرة الحكم بعد أن ضمن بقائه في المعادلة السياسية ..

لغز غياب المرزوقي عن مجلس نواب الشعب .. و سفر منصر المفاجئ :

من وجهة نظر بعض المحللين و المراقبين لم يكن خطاب التكليف بتشكيل الحكومة الذي أرسله ” المنصف المرزوقي ” بصفته رئيس الدولة إلى ” الباجي قائد السبسي ” بصفته رئيس حزب الأغلبية الفائز بالإنتخابات التشريعية سوى مناورة سياسية الهدف منها كشف أوراق حزب “نداء تونس” و توريطه سياسيا مع حلفائه في محاولة لخلخلة التحالفات السياسية لحزب ” حركة نداء تونس ” أو حتى ضربها من أجل التأثير على حظوظ ” الباجي قائد السبسي ” في الفوز بسباق الرئاسة .. وهي وجهة نظر لها وجاهتها بطبيعة الحال خاصة و أن الرئيس ” المنصف المرزوقي ” هو منافسه في سباق الرئاسة ؛ لكن وجهة النظر المخالفة و لها مؤيداتها القوية من الدستور و القانون تؤكد أن الدستور ينص على تكليف رئيس الجمهورية لرئيس حزب الأغلبية بتقديم تشكيل الحكومة و رئيسها في مدة لا تتجاوز الأسبوع .. و من ثم فلابد من إحترام الدستور و أن تبدأ الجمهورية الجديدة بمخالفته .. و بالتالي فكل من وجهتي النظر لها حجتها القوية .. ؛ و تجنبا للتصعيد السياسي الذي قد ينجم عنه عواقب وخيمة خاصة بعد صدور ردود فعل شديدة اللهجة ترى أن ” المرزوقي ” رئيسا مؤقتا وغير منتخب بشكل مباشر من الشعب بل إختاره المجلس الوطني التأسيسي و من ثم لا ينسحب عليه نص الدستور ..دعا الرباعي الراعي للحوار الوطني الرئيس ” المرزوقي ” لتأجيل ذلك الأمر إلى ما بعد الإنتخابات الرئاسية .. لكن يبدو أنه كان وراء الأكمة ما ورئها ..

– فما أن إنتهت أزمة تأجيل تشكيل الحكومة حتى بدأ تردد الأقاويل حول مفاوضات و مناورات سياسية بين حزبي ” حركة نداء تونس ” و ” حركة النهضة ” .. و كان يمكن قبول المسألة برمتها على أنها مجرد أقاويل .. لكن غياب الرئيس ” المرزوقي ” عن حضور الجلسة الأولى ” لمجلس نواب الشعب ” المنتخب حيث يتسلم السلطة التشريعية من المجلس الوطني التأسيسي السابق كان ملحوظا و صادما للرأي العام ؛ و صرح أكثر من مسئول في حملة ” المرزوقي ” الرئاسية أن الرئيس لم توجه إليه الدعوة للحضور .. فيما تواترت ردود من المجلس الوطني التأسيسي أنه لا يوجد قانونا ما يفرض عليه دعوة الرئيس إلى تلك الجلسة ؟!

فيما إلتزمت معظم الأطراف السياسية الصمت و هنا يمكن القول أنه في أغلب الظن أشتم ” المرزوقي ” رائحة تقارب و إتفاق بين         ” النهضة و النداء ” على حسابه .. و هو ما يفسر ما تردد عن سفر  ” عدنان منصر ” الناطق الرسمي باسم حملة ” المرزوقي ” الرئاسية عن سفره إلى ” تركيا ” طالبا وساطتها و وساطة أطراف دولية أخرى قد يكون منها ” التنظيم الدولي للإخوان ” من أجل ممارسة الضغوط على ” حركة النهضة ” و حزبها من أجل مساندة ” المرزوقي ” و وئد أي إتفاق محتمل مع حزب ” حركة نداء تونس ” ..

هل كانت واقعة النائب المزيف مناورة مقصودة :

في واقعة بالغة الغرابة و الطرافة معا قام أحد أعوان الأمن ” حسب تصريح نقابة أعوان الأمن ” بحلف اليمين الدستورية كنائب في مجلس نواب الشعب عن ” حزب المؤتمر ” بدلا من أحد أقاربه النائب الحقيقي و الذي تغيب عن حضور الجلسة الإفتتاحية الإجرائية لسبب غير مفهوم و عند حضوره متأخرا إنكشفت الواقعة برمتها .. ؛ و فيما صرح عون الأمن الذي تم ضبطه أن ” أبن عمه ” النائب هو الذي طلب منه أن يحل محله نظرا لأن سيتغيب أو يتأخر حسبما زعم .. فأن ” نقابة أعوان الأمن ” قد طالبت بطرده من الخدمة و إحالته للمحاكمة .. ؛ و بغض النظر عن صحة ملابسات الواقعة و مزاعم أطرافها فضلا عن غرابتها و طرافتها .. فإن الواقعة كانت دالة و بقوة عن خلل أو تواطئ ما في تأمين مجلس نواب الشعب .. و أن هذه الثغرة كان يمكن إستغلالها من قبل إحدى الجماعات الإجرامية أو الإرهابية و من ثم يجب أن لا تمر مرور الكرام دون تحقيق دقيق في كل ملابساتها و الغرض من ورائها .. و من الذي كان مستهدفا بالإحراج من خلال تلك الواقعة ؟ الحكومة ؟ أم الحكومة و معها أطراف أخرى ؟ هذا ما ستحمله الأيام القادمة الحبلى بالأحداث .. و سيتضح أكثر مع نتيجة الجولة الثانية و النهائية من إنتخابات الرئاسة و دلالاتها و التي ستؤثر على مستقبل تونس لفترة ليست بالقصيرة ..

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات