كان يجب على الدولة قبل إعادة وزارة الاعلام ان تقوم بتمهيد التربة المهنية وتنقيتها من الاعشاب والحشائش والآفات الضارة وايضا المطبات كى تؤتى الخطوة ثمارها وتحقق اهدافها ونبتعد عن صراعات وتقاطعات لا طائل منها…
كان يحب إعلان تشكيل الهيئات والمجالس الاعلامية والصحفية قبل الاعلان عن الوزارة كى لا تكون هناك اى شبهة تدخل حكومى فى إختيار وتشكيل الهيئات المستقلة بنص الدستور والانتهاء من اعلان إختصاص كل منها فى مقابل إختصاص الوزير والوزارة وحدود التماس والتقاطع بينهم وآليات التعامل والتواصل والتخاطب…
اما وقد حدث ما حدث فان على الدولة وهيئاتها ووزيرها الخروج علينا بخريطة واضحة شفافة تحدد ملامح الاعلام والصحافة المصرية العام منها والخاص لان شكل الملكية والاستحواذ يحدد الى حد كبير شكل السياسة التحريرية للوسيلة فلم يعد ماسبيرو والصحافة القومية والشركات والاصول التابعة هم فقط المملوكين للشعب والدولة بل هناك عدد كبير من الصحف والقنوات والمواقع والاذاعات وشركات الانتاج ووكالات الاعلان مملوكة ايضا للدولة ويجب الاعلان عن تبعية تلك المؤسسات بحكم الملكية والسياسة الاعلامية للدولة وحدود المنافسة والاحتكار وكذلك الموقف من الاعلام والصحافة الخاصة وشكل التنظيم للمحتوى الالكترونى…
تحديد موقف وتبعية هيئة الاستعلامات وهل تعود لوزارة الاعلام ام تظل تبعيتها لرئاسة الجمهورية وكذلك كل الشركات التى كانت خاضعة لاتحاد الاذاعة والتليفزيون ما قبل الهيئة الوطنية للإعلام…
تحديد الاهداف الداخلية والخارجية التى ترسم ملامح سياسة اعلامية والادوات والوسائل المطلوبة مقارنة بالمشهد الاعلامى الاقليمى والدولى وساحات التنافس والمواجهة وهو ما يتطلب دراسة وتحليل قدرات واساليب واهداف المنافس او العدو…
تنقية المناخ الصحفى والاعلامى تشريعيا من كل ما يمس حرية الراى والتعبير ارتباطا بمصداقية الاجواء التى تعمل فيها تلك الوسائل لان اى رسالة اعلامية تخرج عن دولة صورتها الذهنية ترتبط بتقييد الحريات تؤثر على مصداقية الرسالة وتفسد وتفشل سياستها الاعلامية…
التخلص من كل تراكمات المراحل السابقة بالانتهاء من ملف هيكلة المؤسسات واعلان رؤية الدولة لمستقبلها واصدار تشريعات تقضى باسقاط ديونها التى لن تسدد واقعيا وننتهى من نغمة الخسائر والانتقال الى مرحلة الانفاق الرشيد الذى يرتبط باهداف ويخضع لرقابة الاجهزة الرقابية… بمعنى ادق وضع مفاهيم وأطر تحكم علاقة الدولة والبرلمان بالمؤسسات تمنحها القوة والدعم والمصداقية والتاثير والاستقلالية المهنية…
دور الوزير ليس التحدث باسم الدولة كما يروج البعض بل دوره هو وضع سياسات وأطر مهنية ويختار المتحدثين الذين يتحدثون باسم الدولة ومؤسساتها ووزاراتها وهيئاتها وينسق فى ما بينهم ويعمل على تفعيل قنوات تواصلهم مع المواطن وشرح برامج وخطط الحكومة والتسويق لانجازاتها وإشراك المواطن فى التحديات والمهام الوطنية…
دور الوزير ان يتولى التنسيق مع نظراءه العرب والافارقة فى وضع سياسات وقرارات تحدد ملامح التحرك الجماعى الرسمى للدول من خلال المنظمات الاقليمية والهيئات وايضا فى الاطار الثنائى بين مصر ودول دوائر الحركة المصرية بالتنسيق مع وزارة الخارجية وجهاز المخابرات العامة…
دور الوزير التنسيق مع الدبلوماسية العامة التى تقوم بها وزارة الخارجية والمسئولة عن الصورة الذهنية للدولة المصرية فى الخارج والتنسيق والتشاور فى الاهداف والوسائل واختيار شركات العلاقات العامة الخارجية التى تعمل على الصورة الذهنية فى الخارج وتروج لحماية مصالحنا الحيوية…

الشائعات من أهم أسلحة (الخداع) الشامل

إرتباطا بهذا الدور يجب على الوزير بالتنسيق مع وزارة الخارجية وهيئة الاستعلامات الاهتمام بان يتاح محتوى مراكز الدراسات والفكر والتحليل المصرية باللغات الاجنبية سدا لفراغ كبير فى المجال البحثى الدولى كى يكون متاحا ومتراكما امام الباحثين والجامعات ومراكز الدراسات ووسائل الاعلام والصحافة الدولية اذ ان جوهر دور الوزير هو وضع الرواية ووجهة النظر المصرية امام الجميع وبين الروايات الاخرى للاحداث والملفات والقضايا…
التنسيق يشمل صياغة خطاب ومصطلحات ومفاهيم للخطاب الرسمى للدولة المصرية ومؤسساتها الرسمية على شاكلة كتيبات “اسلوب العمل” المعمول بها فى المؤسسات الاعلامية والصحفية الكبرى توحيدا للمفاهيم ووضوح الخطاب والرؤى…
دور الوزير البعد عن الغوص والغرق فى تفاصيل تخص مؤسسات الاعلام وترك الامور الادارية للهيئات وكوادرها والبعد عن صراعات وظيفية بيروقراطية تبعده عن دور محلق يخدم اهداف اكبر… وهو ما يدعوه الى التاكيد قولا وفعلا على إستقلالية الهيئات دستوريا عن الحكومة خدمة لمصداقية الرسائل التى تصدر عن الوسائل التابعة لها…
وللحديث بقية…
جلال نصار
٢٣ ديسمبر ٢٠١٩م