ملاحظات علاء حجازي | 4 | اجتهاد

05:56 مساءً الأربعاء 11 مارس 2020
علاء حجازي

علاء حجازي

فنان تشكيلي من مصر

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

alaaرسم البطيخة بلبها
(إجتهاد)

وجدت ابني الأوسط مهتم بالرسم فأهتممت بفكرة كيفية توجيهه بالطريقة العلمية الصحيحة ولكني وجدت إظلام تام في رأسي ومن ثم دخلت مرحلة البحث وسؤال التربويين وقراءة معظم ما كتب عن الموهبة وتفاجأت كثيراً وصدمت أكثر ووصلت لقناعة واحدة وهي أن الموهبة في (الراس مش في الكراس) بمعنى اننا نخلط بين شيئين ونعتبرهم شئ واحد رغم إنفصالهما الواضح وهما التنفيذ والتفكير

اذن كيف نعرف الموهوب !

لنبدأ من شئ عادي جداً ويحدث بإستمرار بكليات ومعاهد الفنون وربما في المدارس أيضاً (أيام ما كان في مدارس) وهو أن هناك موديل يجلس في الأتيليه ومن ثم يلتف الجميع حوله ليرسموه وربما نجد من لا يجلس وسيظل حايص ولايص يلف حول الموديل وقد يجلس أو لا يجلس إطلاقاً في اليوم الأول وربما يظل يلف لأخر يوم ثم يجلس في مكان ما ويرسم وربما لن يكون أفضل المنفذين (الرسامين) ولكنه الموهوب الوحيد في الدفعة ربما .. لأنه لم يجلس كيفما اتفق ولا على حسب توفر المكان ولا يهتم بالتنفيذ الدقيق (لأنه قادم قادم بالتمرين) ولكنه يبحث عن الزاوية التي تتوافق مع فهمه للموضوع أو الصورة التي تتوافق مع وجهة نظره أو هواه وعندما يجدها ينطلق غير عابئ إلا بالدقة التي تقوي وجهة نظره فقط وتعبر عن فكره عن الموضوع فقط والتي عادة تكون خارج حسابات دقة الرسم المعتادة وتتوافق تماماً مع دقة التعبير عن مفهومه الذي قد يكون وقتها وفي مثل هذا السن مجرد الجمع بين موديل وفازة زهور أو إلتقاط جو المكان .. هنا نحن أمام موهبة دخلت الكلية لتتعلم طرق التنفيذ ويظهر ذلك بوضوح تام في وكالات الدعاية والإعلان حيث يوجد (مفكر) وهو عادة (الكرايتف) وعادة لا ينفذ بيده ويوجد فريق المنفذين (المصمم) وهم من ينفذ فكر المبدع .. والأول هو الأعلى سعر لأنه صاحب الليلة ونادر وفي المتوسط يكون واحد بين كل مائة ألف بحسب رصد من بحثوا في حكاية الموهبة وتقوم عليه الوكالة تقريباً والثاني عادي وسعره أقل وتستطيع الوكالة إستبداله ببساطة ..
النتيجة أن هناك فعلاً (موهبة) دماغية تسعي لتعلم طرق التنفيذ (اليدوية) التي بغيرها لن تستطيع التعبير عن نفسها ولو حدث وتعلم غير الموهوب فلن يخرج بأي حال عن التطوير المهني يعني ها يرسم كويس جداً وسنجد رسامين تفوقوا على رامبرانت من حيث الدقة والحرفية ولكنهم لم يصلوا لم وصل هو له وتحديد الموهبة في كل ما قرءته عنها من بحوث مرتبط إرتباط وثيق بالذكاء حيث يقيسوا ذكاء الطفل بعدة طرق غير مضمونة مائة بالمائة وإذا تخطى أرقام محددة بيعتبروه موهوب مادام ذكي وبيعقبوا على ذلك بأنه غير دقيق ولن تعرف الموهوب بكل هذه القياسات ولكنك تستطيع الإستدلال عليه بإنتاجه

محاولة تعريف مصطلح الموهبة بدقة وفي كل الأحوال لن تستدل عليه بصورة قاطعة

الكارثة
أننا في مصر نعتبر أن التنفيذ هو الموهبة !!!! ويظل الرسامين يحاولوا بجدية يأسة وأمام الكاميرات وفي كل أحاديثهم أن فلان بيرسم البطيخة بلبها (دا موهوب قووووووووي) في حين أن الحقيقة غير كده خالص
حكاية جانبية
كنت أشاهد صبي في الشارع عندما يمسك الكرة بقدميه لا تسقط منه إلا بمزاجه وعندما نلعب ونقوله تعالى العب في الفريق كان بيقول انا ما بأعرفش ألعب !!!!! ويكتفي بالفرجة أو الإنصراف

النتيجة النهائية
اجلس امام الكاميرات بقدر ما تستطيع وفي المنتديات وفي الحمامات العمومية واستخدم ما شئت من الأساليب لترسم وأعلم انك لن تنتج فن وانك بعيد كل البعد عن (الموهبة) وانك صنايعي تنفيذ ولا تملك أي مشروع فكري وسيمر عليك التاريخ دون إنتباه لتظل محصور داخل برواز محاولة اثبات انك منفذ تمام وبتعرف ترسم البطيخة بلبها

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات