هاليو … رواية مصرية عن الفن الكورى لعلا سمير الشربينى

09:18 صباحًا الإثنين 11 مايو 2020
  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

قراءة للناقدة الباحثة  والشاعرة والقاصة منار حسن فتح الباب

صدرت مؤخرا رواية (هاليو) للقاصة والمترجمة والرسامة والإعلامية علا سمير الشربينى عن سلسلة روايات مصرية، والتي تلقى انتشارا واسعا من قبل الشباب وعرفت بتقديمها لإنتاج الكبار مثل دكتور نبيل فاروق والراحل الدكتور أحمدخالد توفيق ..

1A0264C0-C360-4381-A25A-65CEB5BC549A(هاليو) هو نوع من الفن الكورى الذى وصل إلى العالمية .. تدور الرواية حول الفتاة الوحيدة (سماء) التى تعشق الهاليوبجنون ولم تنسجم مع اى وظيفة عملت فيها اذ هى بعيدة عن هواياتها وحبها للتلحين وعزف الكمان ..تهيم عشقابالمسلسلات الدرامية الكورية على شاشة الأنترنت .. وتعجب بالبطل السينمائى الكورى جو جى سوب الكورى مفتولالعضلات فهو المؤدى لأدوار الأكشن دون دوبلير والذي تعشقه الجميلات ويحببن اغانيه الساحرة وهو المخلص للفقراءمن براثن من يستضعفهم ويذلهم ويظلمهم ..

تتابع (سماء) عن كثب وفى غيبة عن العالم الخارجى أفلام النجم ومواعيد وأماكن تصويرها فى كل العالم وموضوعاتهاوتفاصيلها ومؤتمراته الصحفية وحفلاته المختلفة وصوره على مواقع السوشيا ميديا الشخصية الفنية .. والتى لهاهالة براقة وله الملايين من المعجبين عبر القارات ..

تعيش سماء مع والدتها حيث اغترب والدها فى دولة خليجية وتبلغ سن الخامسة والثلاثين دون زواج .. فهى لا تؤمنبزواج الصالونات التقليدى وترغب فى شاب يحتويها وجدانيا ويحب هواياتها ويشبعها عقليا .. تجد متعتها الوحيدةفى سحر بلاد  شرق اسيا الجنوبية ولغتها فتتعلمها فى مركز متخصص ..حتى لتفيدها فى رحلة الى سول عاصمةكوريا .. وتتجرأ بالسفر وحدها الى هناك كى تلقى نجمها المفضل / الأسطورة وجها لوجه .. وبعد ان تعلم ان سفارةكوريا تسهل فى اجراءات  تأشيرة الدخول للسائح ..

تستفيدالمؤلفة من عالم ادب الرحلة فى وصف معالم سول والموروثات الشعبية الكورية التى تتمثل فى مأكولات مميزةتستعمل المواد الزراعية والأولية والأعشاب والتى تختلف عن  مأكولات العولمة السريعة ومأكولات الشرق مما هو فىمصر .. تعيش عالما ساحرا من التجوال والرفرفة كروح فنانة تتوق الى المعرفة والاستكشاف والتذوق فتدمج ما قراتهوشاهدته بواقع حقيقى كان فى عدادالآحلام ..

ذلك الواقع الذى طالما عبرت عنه والدتها عندما  أبدت دهشتها من الأسماء والوجوه المتشابهة للآسيويين .. وكأن ليسهناك مايميزهم ..

فكيف اغرمت بهم سماء ؟؟ تجيب صفحات  الرواية عن هذا السؤال ..

يسيرالسرد وفق النمط التقليدى لتتابع الأزمنةلكن الراوى تتعدد أصواتهفهو بين ضمير الأنا او الشخصية الرئيسية سماء  وبين الراوى العليم باحداث الراوية والشخوص ..

ويفاجئنا السرد أن هدف سماء من  الرحلة  لم يتحقق الا جزء بسيط منه ذلك ان حفل النجم الكورى الشهير قد الغى قبلساعات قصيرة من موعده .. حيث حدثت واقعة انتحار صديق النجم الممثل الشهير والذى تخصص فى ادوار الشر ..بأنشنق نفسه فى مسكنه .. ولم تفد محاولات النجم (جو جى سوب) فى إنقاذه من الآكتئاب حتى بعد عرض المساعدة الماديةله ..ذلك أن شبت فضيحة عالمية للمنتحر بأنه تحرش بفناة شابة ..ولم يستطع أن يثبت براءته .. فانصرفت عنه شركاتالأنتاج وافلس وتكاثرت عليه ديونه وخسر سمعته الأخلاقية وحب الجمهور له .. وصار وحيدا منعزلا .. والأمر لم يعدمجرد وشاية من ممثل آخر زميل له اضمرت فيه الغيرة الرغبة فى التدمير والآنتقام .. بات كأنه استحوذ على دور شريرفى الواقع لا فى الأفلام .. وباتت لعبة النجومية مجرد وهم زائل  قد يؤدى  الى الهلاك فى ظل تنافس ميديا إنتاج الآفلامالسينمائية ..

من هنا شددت الشركة المتعاقدة مع النجم الكورى جو سى سوب على حركته وتتبع كل أنفاسه حفاظا على شعبيتهوشهرته وثروته وثروتهم ..

الا أن النجم يفاجأ يوما بهدية من معجبة وسط عشرات من الهدايا وكروت الإعجاب والورود هى علبة فرعونية رقيقةوأنيقة داخلها لحن موسيقى عذب هو مزيج من الموسيقى  الكورية والفرعونية .. فيتيم شوقا الى لقاء مؤلفة اللحنالمصرية كما هو فى عنوانها المسجلوينتظر إكمال عمله السينمائى فى دبى ليهرع الى المطار ويهرب الى القاهرةبحثا عنها .. وهو يخطط للأتفاق معها على اغنية تجمعهما ..

يتحرر من أغلال النجومية وسجنها ويتنفس عبير الحرية كأنسان لا نجم .. تحرر من الالتزامات  الفنية وقياس الوزنباستمرار والنظام الغذائى الصارم والمواعيد والصحفيين ومدير انتاجه الذى يتابعه كظله ومطاردة المعجبين فى كل مكان.. ويلتقى سماء فى منزلها بعد وصوله فى سيارة أجرة .. إلا ان حقيبته  تختطف بكل ما فيها .. ولا يستطيع إبلاغالسفارة الكورية أنه فى إجازة سرية  بالقاهرة وإلا سيعود إلى كوريا .. فيعيش دون جواز  سفر أو هوية فى منزل سماءويتعرف على عالم مصر الساحر سياحيا .. يشارك أسرتها فى الطعام  الشعبى والأعمال المنزلية كانسان بسيط وينحنىلوالدتها احتراما ..

375CCBD4-6EF6-4D72-984D-A53A2E583B49لا تخلو احداث (سماء) من الآحلام فى اليقظة والنوم ..وتستطيع المؤلفة باقتدار سردى ان تغزل حكاية عشق سماء للنجمالكورى وإخفائها لجواز سفره بعد عثور الشرطة عليه كى لا يسافر ويتركها وحيدة بعدما نهلت من لحظات السعادةللمرة الأولى من حياتها كما أرجعت إليه ثقته أنه إنسان حر الإرادة ..

تحكى سماء روايتها للصديقة الألمانية (جيزلا) والتى تمثل عشق المرأة الغربية للحياة فى مصر موطن ذكريات حبهاالأول ..زوجها  الراحل .. والتى تسامح  أولاده على انهم حرموها من الميراث إكراما لوفائها له .. لكن (سماء) تنجح مع(جو جى سوب) فى إرجاع حقها  الشرعى فى شقة الزوجية حيث تلتحم بذكرياتها فلا تهجر مصر ..

وبعد أن يعود النجم الكورى إلى موطنه ليلتزم بعقد شركة الإنتاج يستعيد لحظاته مع (سماء) .. ويقرر الزواج بها وهناتحدث مفاجآت ..

تنتقد الرواية دور المراكز الثقافية فى دول العالم اذ لا تقوم بجهد كافٍ  من أجل التقارب الثقافى بين  الشعوب، وتقدمرسالة سامية هي كون الفن هو وسيلة للتواصل الاجتماعى والإنسانى والعاطفى بين الشعوب ..

وتحث المؤلفة الشباب على التمسك بالحلم فقد ينقلب الى واقع .. وعدم الاستسلام لسخرية البعض من هواية ما .. فقدتفصح تلك الهواية عن الذات والتحقق وتشع بالنجاح .. وقد تتعطل الفتاة عن الزواج التقليدى حتى تجد من ينسجممعها فى أية لحظةالمهم ألا تنجرف فى وهم الآستقرار ..وتعيش حياة مظلمة مع شخص تتنازعه الأمراض النفسيةالمؤلمة للغير ..كما ظهر فى شخصية (مجدى) بالرواية ..  اما الشهرة فهى تلك  القيمة المغلفة بوهم أسطورى لا نعلمحقيقته  ودواخله النفسية والآجتماعية وقيودها .. فنحن نملك من الوجدان والألفة و الإرادة والبساطة ما يجعلنا نجوماأيضا فى حياتنا اليومية ولكن ليس بالمفهوم الشائع ..

رواية (هاليو) هى رواية تدعو لحب الحياة والأنسان فى جوهره بعيدا عن النمطية الجاهزة .. تمجد الفتاة  المصريةوثقافتها وفنها .. وتدمج مصر وكوريا فى وحدة إنسانية لا تنضب عناصرها الحية فى الذاكرة ..

 

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات