إن في مصر قضاة (2)

01:20 مساءً الخميس 13 ديسمبر 2012
خالد سليمان

خالد سليمان

كاتب وناقد، ،مراسل صحفي، (آجا)، تونس

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

كتبت بالأمس عن المستشار الجليل ” محمود حمزة ” ” هكذا علمنى أبى رحمه الله رحمة واسعة .. أن أصف أمثال هؤلاء الرجال” .. وكنت سعيدا أن أجد بارقة أمل فى ظلام جماعة ” الإخوان ” الحالك الذى غشي مصر فى غفلة من أهلها و غفلاتهم كبيرة و مذهلة على قدر عظمتهم المعجزة ؛ و كنت أترنح فى الغربة تحت و طأة ضربات ” القدر” التى ربما كانت معبرة بصدق يفوق موسيقى العبقرى “بيتهوفن ” فى سيمفونيته الخالدة التى تحمل ذات الأسم .. ” ضربات القدر ” ؛ و كأنما نتبادل اللكمات و الركلات المتوحشة مع الأحداث كمصارعين يتقاتلان حتى الموت ؛ لكن الحق العادل جل وعلا دائما ما يجعل للحق على الأرض صيحات و للعدل عليها صولات و جولات ترهب الظالم و ترعبه ربما يرعوى و يرتدع قبل أن تأتيه الضربة القاضية لا يعلم من أين جاءته ؛ و إذا بمحكمة القضاء الإدارى ” مجلس الدولة ” توجه صفعة قضائية جديدة و قاسية للرئيس المشكوك فى شرعيته ” محمد مرسى العياط ” فتحكم ببطلان قرار تعيين النائب العام الجديد … و من هنا نتأكد أن ما بني على باطل فهو باطل ؛ لقد عين النائب العام بعد إعلان دستوري غير شرعي لا حق للرئيس فى إصداره تعدى فيه على الدستور و القانون الذى أقسم على إحترامهما ثم حنث و صام ” ثلاثا” كما صرح نائب الرئيس .. مغتصبا لسلطة التشريع ليتغول بعد ذلك على القضاء و ينتهك إستقلاليته ؛ سيتبجح أنصار “مرسى ” من الإرهابيين و “أولاد أبو إسماعيل ” المستعدين لذبح الإعلام بعد العجول و الخراف و الجمال التى ذبحوها و إلتهموها إلتهام الضواري فى مشهد مقزز يندى له جبين الحضارة .. سيتبجح هؤلاء ويقولون أنه رئيس شرعي منتخب و يتناسون أن شرعيته أصبحت محل شك منذ لحظة حنثه بالقسم و إنتهاكه لما عاهد عليه شعبه و إنتخبه على أساسه ؛ يشاركه فى تلك المسؤولية أركان نظامه الذين يكرسون له إغتصاب الدولة المصرية المدنية و من مهدوا له الطريق قبلهم ؛ أصبح دور الإدارة الأمريكية فى التدخل فى العالم العربى واضحا و إتضحت معالم ما أطلق عليه كذبا ” ربيع عربى ” .. إقرأوا يا سيدات و يا سادة مقال ” المازري حداد” آخر سفراء تونس فى الأمم المتحدة فى نظام “بن على ” و الذى إستقال طوعا من منصبه قبل أن يقيله أحد يوم 15 يناير ” جانفى ” بعد رحيل ” بن على ” بيوم واحد .. ؛ توجه لإصدقائه الأمريكان الذين واجههم بقوله ” لا تقولوا لى أنكم بعيدون عما حدث .. لماذا فعلتم ذلك ببلادى الجميلة ؟ .. لماذا فعلتم ذلك ببلاد صديقكم بورقيبة ؟ ” .. ؛ ويروى كيف إستبقهم ” ساركوزى ” إلى “ليبيا ” فعاقبوه بإسقاطه فى الإنتخابات إلخ … ما يعنينا هو الفوضى التى تسعى إليها الإدارة الأمريكية و تطلق عليها ” الفوضى الخلاقة ” ؛ تلك الفوضى التى تلعب فيها جماعات الإسلام السياسى دور رأس الحربة التى ستنفذ مخططات الحروب الأهلية و التقسيم و إعادة صياغة الخريطة كما تشتهى الولايات المتحدة و دولة الكيان الصهيونى .. يحدث ذلك فى كل بلدان ما أطلقوا عليه كذبا “الربيع العربى” .. بما فى ذلك “سورية ” لا يمكننا الإدعاء أن الأنظمة السابقة لم تكن فاسدة أو ديكتاتورية .. لكنها أمتلكت على الأقل حدّا أدنى من الوطنية و الإيمان بمؤسسات الوطن بعيدا عن أحلام الإمبراطورية و الخلافة و اليوتوبيا التى يعد بها زعماء جماعات الإسلام السياسى البسطاء زاعمين أنها آتية عبر “تطبيق الشريعة” و إتباع منهج السلف .. فيما يقترضون بالربا الفاحش من صندوق النقد الدولى كما فعل ” محمد مرسى العياط ” و غيره ؛ و يكرسون لحكم عسكرى فاشى يقود البلاد حتما نحو التقسيم .. لم يستمع إلى صوت القضاة أو المعارضة أو الشعب بمسلميه و مسيحييه ؛ فيما تعزف الإدارة الأمريكية لحن المرتزقة الذين أرسلتهم إلى سورية و تعوي بأغنية إمارة القاعدة فى ” مالى ” .. و كأنها لا تسمع أوترى ما يحدث فيما سارعت من قبل بالتصريح و التهديد ,ألا يؤكد ذلك ضلوعها فى المؤامرة
– هؤلاء القضاة الأجلاء ظل الله على الأرض صفعوا الطغاة بحكم تاريخي جديد .. و صفعونا نحن أيضا ربما لنتذكر أنه رغم قوة الولايات المتحدة و دعمها لعصابات الإرهاب بأسم الإسلام .. إلا أن الأمر كله ليس مرهونا بإرادتهم لكنه مرهون بإرادة الله ذو العزة و الجبروت الذى لا يقبل أن ينازعه فى ملكه أحد حتى و إن كانت الإدارة الأمريكية وبارونات الإرهاب ..
إن الله حق .. و تعلمناها كابرا عن كابر أن ” الحكم عنوان الحقيقة ” و الحقيقة هى مفتاح باب الحق جل وعلا و هو آخر حصن يلوذ به المصريون مسحيين و مسلمين .. و لله رجاله بين قضاة مصر الأجلاء .. عمار يا مصر .. إن فى مصر قضاة .. إن فى مصر رجال إرادتهم من إرادة الله منهم ” من قضى نحبه و منهم من ينتظر و ما بدلوا تبديلا” ..
…………………………………….
ملحوظة : لأننا مصريون لا ننسى .. فلنترحم جميعا على روح رئيس المحكمة الدستورية العليا فى عصر مبارك المستشار الجليل عطر السيرة ” عوض المر ” الذى وقف كالطود الشامخ أمام جبروته و توفي متأثرا بنزيف في المخ من ضغط المواجهات مع النظام بعد معاناة طويلة مع المرض؛ و لنترحم أيضا على روح الزميل الحسينى أبوضيف الذى إستشهد متأثرا بجراحه على يد ميليشيات الإخوان المسلمين و نسأل الله أن يمثل بين يديه مرشد الإخوان و مرسي و جماعتهم وفى أعناقهم دمائه الزكية آمين

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات