كتبت بالأمس عن المستشار الجليل ” محمود حمزة ” ” هكذا علمنى أبى رحمه الله رحمة واسعة .. أن أصف أمثال هؤلاء الرجال” .. وكنت سعيدا أن أجد بارقة أمل فى ظلام جماعة ” الإخوان ” الحالك الذى غشي مصر فى غفلة من أهلها و غفلاتهم كبيرة و مذهلة على قدر عظمتهم المعجزة ؛ و كنت أترنح فى الغربة تحت و طأة ضربات ” القدر” التى ربما كانت معبرة بصدق يفوق موسيقى العبقرى “بيتهوفن ” فى سيمفونيته الخالدة التى تحمل ذات الأسم .. ” ضربات القدر ” ؛ و كأنما نتبادل اللكمات و الركلات المتوحشة مع الأحداث كمصارعين يتقاتلان حتى الموت ؛ لكن الحق العادل جل وعلا دائما ما يجعل للحق على الأرض صيحات و للعدل عليها صولات و جولات ترهب الظالم و ترعبه ربما يرعوى و يرتدع قبل أن تأتيه الضربة القاضية لا يعلم من أين جاءته ؛ و إذا بمحكمة القضاء الإدارى ” مجلس الدولة ” توجه صفعة قضائية جديدة و قاسية للرئيس المشكوك فى شرعيته ” محمد مرسى العياط ” فتحكم ببطلان قرار تعيين النائب العام الجديد … و من هنا نتأكد أن ما بني على باطل فهو باطل ؛ لقد عين النائب العام بعد إعلان دستوري غير شرعي لا حق للرئيس فى إصداره تعدى فيه على الدستور و القانون الذى أقسم على إحترامهما ثم حنث و صام ” ثلاثا” كما صرح نائب الرئيس .. مغتصبا لسلطة التشريع ليتغول بعد ذلك على القضاء و ينتهك إستقلاليته ؛ سيتبجح أنصار “مرسى ” من الإرهابيين و “أولاد أبو إسماعيل ” المستعدين لذبح الإعلام بعد العجول و الخراف و الجمال التى ذبحوها و إلتهموها إلتهام الضواري فى مشهد مقزز يندى له جبين الحضارة .. سيتبجح هؤلاء ويقولون أنه رئيس شرعي منتخب و يتناسون أن شرعيته أصبحت محل شك منذ لحظة حنثه بالقسم و إنتهاكه لما عاهد عليه شعبه و إنتخبه على أساسه ؛ يشاركه فى تلك المسؤولية أركان نظامه الذين يكرسون له إغتصاب الدولة المصرية المدنية و من مهدوا له الطريق قبلهم ؛ أصبح دور الإدارة الأمريكية فى التدخل فى العالم العربى واضحا و إتضحت معالم ما أطلق عليه كذبا ” ربيع عربى ” .. إقرأوا يا سيدات و يا سادة مقال ” المازري حداد” آخر سفراء تونس فى الأمم المتحدة فى نظام “بن على ” و الذى إستقال طوعا من منصبه قبل أن يقيله أحد يوم 15 يناير ” جانفى ” بعد رحيل ” بن على ” بيوم واحد .. ؛ توجه لإصدقائه الأمريكان الذين واجههم بقوله ” لا تقولوا لى أنكم بعيدون عما حدث .. لماذا فعلتم ذلك ببلادى الجميلة ؟ .. لماذا فعلتم ذلك ببلاد صديقكم بورقيبة ؟ ” .. ؛ ويروى كيف إستبقهم ” ساركوزى ” إلى “ليبيا ” فعاقبوه بإسقاطه فى الإنتخابات إلخ … ما يعنينا هو الفوضى التى تسعى إليها الإدارة الأمريكية و تطلق عليها ” الفوضى الخلاقة ” ؛ تلك الفوضى التى تلعب فيها جماعات الإسلام السياسى دور رأس الحربة التى ستنفذ مخططات الحروب الأهلية و التقسيم و إعادة صياغة الخريطة كما تشتهى الولايات المتحدة و دولة الكيان الصهيونى .. يحدث ذلك فى كل بلدان ما أطلقوا عليه كذبا “الربيع العربى” .. بما فى ذلك “سورية ” لا يمكننا الإدعاء أن الأنظمة السابقة لم تكن فاسدة أو ديكتاتورية .. لكنها أمتلكت على الأقل حدّا أدنى من الوطنية و الإيمان بمؤسسات الوطن بعيدا عن أحلام الإمبراطورية و الخلافة و اليوتوبيا التى يعد بها زعماء جماعات الإسلام السياسى البسطاء زاعمين أنها آتية عبر “تطبيق الشريعة” و إتباع منهج السلف .. فيما يقترضون بالربا الفاحش من صندوق النقد الدولى كما فعل ” محمد مرسى العياط ” و غيره ؛ و يكرسون لحكم عسكرى فاشى يقود البلاد حتما نحو التقسيم .. لم يستمع إلى صوت القضاة أو المعارضة أو الشعب بمسلميه و مسيحييه ؛ فيما تعزف الإدارة الأمريكية لحن المرتزقة الذين أرسلتهم إلى سورية و تعوي بأغنية إمارة القاعدة فى ” مالى ” .. و كأنها لا تسمع أوترى ما يحدث فيما سارعت من قبل بالتصريح و التهديد ,ألا يؤكد ذلك ضلوعها فى المؤامرة
– هؤلاء القضاة الأجلاء ظل الله على الأرض صفعوا الطغاة بحكم تاريخي جديد .. و صفعونا نحن أيضا ربما لنتذكر أنه رغم قوة الولايات المتحدة و دعمها لعصابات الإرهاب بأسم الإسلام .. إلا أن الأمر كله ليس مرهونا بإرادتهم لكنه مرهون بإرادة الله ذو العزة و الجبروت الذى لا يقبل أن ينازعه فى ملكه أحد حتى و إن كانت الإدارة الأمريكية وبارونات الإرهاب ..
إن الله حق .. و تعلمناها كابرا عن كابر أن ” الحكم عنوان الحقيقة ” و الحقيقة هى مفتاح باب الحق جل وعلا و هو آخر حصن يلوذ به المصريون مسحيين و مسلمين .. و لله رجاله بين قضاة مصر الأجلاء .. عمار يا مصر .. إن فى مصر قضاة .. إن فى مصر رجال إرادتهم من إرادة الله منهم ” من قضى نحبه و منهم من ينتظر و ما بدلوا تبديلا” ..
…………………………………….
ملحوظة : لأننا مصريون لا ننسى .. فلنترحم جميعا على روح رئيس المحكمة الدستورية العليا فى عصر مبارك المستشار الجليل عطر السيرة ” عوض المر ” الذى وقف كالطود الشامخ أمام جبروته و توفي متأثرا بنزيف في المخ من ضغط المواجهات مع النظام بعد معاناة طويلة مع المرض؛ و لنترحم أيضا على روح الزميل الحسينى أبوضيف الذى إستشهد متأثرا بجراحه على يد ميليشيات الإخوان المسلمين و نسأل الله أن يمثل بين يديه مرشد الإخوان و مرسي و جماعتهم وفى أعناقهم دمائه الزكية آمين
مؤسس جمعية الصحفيين الآسيويين، ناشر (آسيا إن)، كوريا الجنوبية
الرئيس الشرفي لجمعية الصحفيين الآسيويين، صحفي مخضرم من سنغافورة
روائية وقاصة من الكويت، فازت بجائزة الدولة التشجيعية، لها عمود أسبوعي في جريدة (الراي) الكويتية.
آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov
كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.