مركز تنويرة الثقافي

09:06 صباحًا الأحد 13 ديسمبر 2020
أشرف البولاقي

أشرف البولاقي

شاعر وناقد مصري، يعمل مديرًا لقِسم الثقافة العامة بفرع ثقافة قنا

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

المقال ضمن سلسلة عنونها كاتبها بالمشهد الأدبي والثقافي في قنا، وخصها بالتدوينة رقم 15

في منتصف تسعينيات القرن الماضي، تقريبًا، كانت (أمل هاشم) قاصةً واعدة، تشارك في ندوات الحركة الثقافية بالمحافظة، وتنشرقصصَها هنا وهناك، وكانت مهتمة بالشأن الثقافي العام، ممتلئةً بأسئلة الحياة والوجود والإبداع وقضايا المرأة، وبمرور الوقت انطفأتجذوتها الإبداعية، وتركت القلمَ والكتابة، لكنها لم تترك الفعلَ الثقافي، ولم تتخلَّ عن همومها الإنسانية وأشواقِها نحو عالمٍ أفضل.

أمل هاشم

وبعد أن أقامت في القاهرة فترةً من الوقت، وشاركت في أحداث ثورة يناير، عادت إلى قنا تحلم بغدٍ جديد يشرق في صعيد مصر، وظلتتفكر حتى تَفتّق ذهنها عن تأسيس وإنشاء مركز ثقافي يهتم بتنمية مهارات الفنون التشكيلية، وفنون المسرح والتمثيل، وفنون الأدبوالموسيقى، فكان أن خرج مركز (تنويرة الثقافي) إلى الوجود عام 2014 بجهودها الخاصة والذاتية، ويقع المركز منذ إنشائه حتى الآن فيشارعٍ قريبٍ من مقر قصر ثقافة قنا .. ولا أعرف – على المستوى الشخصي – كيف تنهض أمل هاشم بمسؤولية مركز كبير كهذا يتطلب دعمًاوتمويلا للاستمرار، فهناك إيجار للمكان، وهناك مرتّبات للعاملين، وهناك تكاليف صيانة .. وما إلى ذلك، ولا أكاد أشك لحظة واحدة أنهاكمديرة ومسؤولة عن المركز، تعاني في كل ذلك معاناة شديدة، فهي وحدَها التي تقوم عليه، ولا أذكر أن المحافظة التفتت إليها مثلا، ولا مدتالجامعة يدًا، ولا قام راعٍ أو مستثمرٌ ما بدعمِها أو بتمويل نشاطٍ عندها.

كان افتتاح المركز وبدء نشاطِه حدثًا كبيرًا، واستطاع أن يضيف للمشهد مزيدًا من الحيوية والنشاط بفضل إخلاص مديرته والعاملين معها، وتنوعت نشاطاته الفنية والثقافية، وكثرت الوِرش الفنية لتنمية مهارات الفنون المختلفة، خاصةً لدى الأطفال، وعَقَد المركز عددًا من الندوات النقدية والثقافية التي لم تقتصر على فنون الأدب فقط، لكنها تجاوزته إلى هموم المجتمع وقضاياه الفكرية، واستضاف عددًا من المبدعينوالمثقفين من القاهرة ومختلف محافظات مصر .. وأذكر أن مؤتمر إقليم جنوب الصعيد الثقافي قام بتكريم أمل هاشم، في إحدى دوراتهالقريبة، باعتبارها ناشطة ثقافية في الجنوب … لكن بمرور الوقت، ومع كثرة الضغوط الاقتصادية (فيما أظن) وربما بسبب فتور البعض، بدأنشاط المركز يتراجع شيئًا فشيئًا، وخَفتت أضواؤه!

كان المركز – وما يزال – يعمل بدون مجلس أمناء، أو مجلس إدارة، تديره صاحِبته مستعينةً بنصيحةٍ مِن هنا أو هناك، حاولتْ أن تنشيءداخل المكان ناديًا للأدب يشرف عليه أديبٌ أو مثقف، لكن ظروفًا كثيرة فيما يبدو حالت دون استمرار المشرفين أو الندوة، كان كل شيء يأتيكيفما اتفق، بل إن عددًا من الأدباء والمثقفين اكتفوا بمتابعة المركز ونشاطاته من بعيد.

وفي تصوري أن حاضر المركز ومستقبله أمامهما ثلاثة احتمالات، الاحتمال الأول أن يغلق بمرور الوقت؛ بسبب الصعوبات المادية التيتواجِهه، الاحتمال الثاني أن يستمر كما هو الآن فقيرًا إلى الأدباء والمثقفين الذين يبخلون عليه بالدعم والمساندة والحضور، الاحتمال الأخيرأن تحدث معجزة ويلتفت إليه راعٍ أو رعاة، أو أن يجد دعمًا أو تمويلاً مِن أيٍ من المؤسسات الحكومية أو منظمات المجتمع المدني المانحة،بشرط أن تحاول مديرته تجديد وابتكار أنشطة وفعاليات غير تقليدية.

من مشروعات تنويرة الثقافية (طالعين رحلة)

وسيظل دعم الأدباء والمثقفين بالحضور والمشاركة أكبر حافز لاستمرار المركز، صحيح أنه لا يمنح مكافآت، لكنه يمنح (المكانَ) وهو عزيزٌ جدًافي بلادنا، فإذا أضفنا أن المركز خاص وأهلي، بمعنى أنه لا يخضع للبيروقراطية الوظيفية الحكومية التي نعاني منها جميعًا، أدركنا أنه كنزيمكن استثماره ثقافيًا .. لكن يبدو أن أحلامَنا شيء، وواقِعَنا شيءٌ آخر!

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات