طهران: ندوة شعرية دولية من أجل السلام

12:40 صباحًا الأحد 14 مارس 2021
أشرف أبو اليزيد

أشرف أبو اليزيد

رئيس جمعية الصحفيين الآسيويين

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

قبل نحو ثماني سنوات زرت طهران، قادما من الكويت، لحضور معرض طهران الدولي للكتاب، الذي صادف صدور ترجمة أول مختاراتي للفارسية نقلتها البروفيسورة نسرين شكيبي ممتاز، ونشرتها دار أفراز.

وكان من بين برنامج الزيارة متحف الثورة الإسلامية والدفاع المقدس، الذي كان مغلقا في يوم إجازته، إلا أن مضيفنا اتصل هاتفيا بالمسؤولين ففتح المتحف الذي لم يعرض للحرب العراقية _ الإيرانية وحسب، وإنما قدم للزائرين رحلة إلى عالم المحاربين الإيرانيين وضحاياهم من الجنود، والأسر التي وقفت عند المحطات بانتظار عودتهم إلى منازلهم، أو عودة جثامينهم.

حين عبرت جسرا ساد اللون  الأبيض حوله، وهبطت من سمائه أسماء الشهداء، قلت إن هذا الجسر يصل العابرين بالسماء حيث الأرواح التي صعدت لخالقها.

هذا الأسبوع، استضاف متحف الثورة الإسلامية والدفاع المقدس أول ندوة عبر الإنترنت بعنوان “الكفاح من أجل السلام”، كاستجابة لحالة COVID وتماشياً مع المهرجانات والمؤتمرات الشعرية السابقة التي قامت على فكرة تبادل الخبرات شعرا وأدبا عن الحرب و سلام.

كانت المهرجانات سابقًا تكز على 8 سنوات من الدفاع الإيراني، ولكن مع تغيير نماذج العقل البشري بعد كل حرب، و مرور ما يقرب من ثلاثة عقود على نهاية حالة الحرب، بدا من الضروري إقامة مهرجان دولي.

من ناحية أخرى، نظرًا لأن جميع الدول كانت متورطة بطريقة ما في الحرب وفق مواقفها، بدا من اللازم السعي لتحقيق السلام في جميع أنحاء العالم عبر بوابة طريق الأدب.

بعد الكلمات الافتتاحية، بدأ تقديم كل شاعر، بحوار قصير على الهواء، ثم يعرض المنظمون شريطا مصورا (فيديو) لقصيدة مسجلة تم إرسالها سلفا.

قرأت راتي ساكسينا، الهند، قصيدة بعنوان (أطفال ما بعد الحرب):

انفجار البارود

يصبح لهوا مثل الألعاب النارية

وثقوب الطلقات النارية

تبدأ بالرقص مثل كرات زجاجية

يتحول كل جرح إلى زهرة

تتفتح العيون على الدم المتساقط

بعد الحرب

يقشر الأطفال الموت

مثل الجلد الميت

وبعمق داخلي

جالسة قرب جدار الخوف

تنام الإنسانية

وسط الزحام الصخري

تنمو القسوة مثل العشب

تمر بالحرب

أما الأطفال

فينسون طفولتهم فجأة

وقرأت في الفيديو قصيدتي ” شَـارعٌ في القـَاهِرة”  وفي الحوار القصير استعدت ذكرى زيارتي للمتحف.

تقول القصيدة:

الرَّجُلُ العائِدُ في إجَازتِه القصيرة..

ليسَ لديْهِ سِوى يَوْمَين؛

يَوْمٌ يَصِلُ..

يَوْمٌ يتهيَّأ للرحيل!

يَوْمٌ يَراهَا فيَبْكِي

يَوْمٌ تبْكِي وَهْو يُودِّعُهَا..

يَوْمٌ يَفتحُ للأصدقاءِ ذراعَيْه 

يَوْمٌ يَضمُّ السَّراب.

يَوْمٌ يَحْكِي لهُمْ عَن الحَرْبِ

يَوْمٌ يَحْكون له عن ضحاياها.

يَوْمٌ للحياة..

ثم يوم لموتٍ طويل!

الرَّجُلُ العائِدُ في إجَازتِه القصيرة يَتذكَّرُ:

عندما قامتِ الحربُ

كيف وضعوا على عينيه علامات التصويب،

وسدوا بفوهات الدبابات فمه،

ومات دون أن يشم رائحة البارود.

الرَّجُلُ العائِدُ في إجَازتِه القصيرة..

يستقبله شَارعٌ في القاهرة،

ورصيفان،

يسكب بينهما رمل الجسد المتصحر في غربته،

يحسب الأوراق التي احترقت في المعَاركِ الخاسِرة

تحتَ أعمدةِ النور والنار.

الرَّجُلُ العائِدُ في إجَازتِه القصيرة..

يشبه هذا الشارع حين يمر به موكب الحزن

فلا يترك غير وقع الألم..

شَارعٌ في القاهرة

لمْ تعبرْهُ المَرَاكبُ وَالروحُ منذ ألْفَي عَامٍ

جفتْ الأشجارُ فيْهِ والناسُ

واختلط الطين بالعظام

لكنه يظلُّ يشبهُ نهرًا

كما تشبه الحياة الموت!

الرَّجُلُ العائِدُ في إجَازتِه القصيرة:

مثل شَارع في القاهرة

تطل عليه شرفة اليأس

ترقصُ النكباتُ داخله

تغوصُ أقدامهن في الدِّمَاءِ والجثثِ التي

نامَتْ في قلبه بعدَ أنْ أدتْ دورَها

في نشراتِ الأنباء!

الرَّجُلُ العائِدُ في إجَازتِه القصيرة:

يقلبُ الفؤادَ والبصرَ

في راحةِ الكفِّ بينَ مَدِينتيْن

رَسَمَتهُمَا السَّنوات

من رمال وريح ويَسْألُ:

كَمْ نكبة تكفي؟”

بعد كل شريط فيديو، يتم قراءة القصيدة المشاركة والمصورة مترجمة إلى اللغة الفارسية. وقالت إدارة المهرجان الشعري إنه ستتم طباعة ونشر القصائد التي تم تلاوتها باللغات العربية والفارسية والهندية والإسبانية والإنجليزية والألمانية في هذه الندوة عبر الإنترنت في شكل كتاب كإصدار تذكاري للحدث.

وشارك في فعالية الشعر من أجل السلام في طهران كل من أشرف أبو اليزيد (مصر)، جوانا بوركهارت (الأرجنتين)، توبياس بوركهارت (ألمانيا)، راتي ساكسينا، مهدي باقر خان، عزيز مهدي، على أصغر الحيدري (الهند)، ومن إيران عبد الجبار كاكايي، أحمد نادمي، حسين إسرافيلي، رضا إسماعيلي، عباس باقري، محسن راهجردي، حميد رضا شكار سري، أفشين علا، ومصطفى محدثي.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات