الشاعر الرّاحل ميشال طراد … الصٌفاء العذب، الجنون المقدّس

10:14 صباحًا السبت 24 أبريل 2021
اسماعيل فقيه

اسماعيل فقيه

شاعر وكاتب وصحافي من لبنان

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

شاعر من خامة خاصة فريدة اسمه ميشال طراد ، لا يمكن وصفه بكل ما يمكن للغة أن تجود. ذلك أنه نبع شعري عذب ، مملكة جنون ، قدس أقداس الصّفاء والاناقة والرقي . شاعر ملك الغيم وما يحوطه ،فأعطى الحياة مجدا ، بلغته المرهفة.
ولد ميشال موسى متري طراد في بلدة زحلة البقاعية في 21 تشرين الأول (أكتوبر) 1912، وتوفي في 8 شباط (فبراير) 1998.

رسالة بيروت – إسماعيل فقيه


عاش طفولته بين زحلة وبعلبك وبلدة بسكنتا. وتعلّم في عدّة مدارس، بينها المدرسة الشّرقية في زحلة والفرير والجامعة الوطنية في عاليه، والكلية الأورثوذكسيّة في حمص بسورية. عمل مُدرّسًا لمدةٍ قصيرةٍ جدًا، ثم عُيِّن كاتبًا في دار الكتب الوطنية ببيروت، وبعدها موظفًا في المتحف الوطني اللبناني ومديرًا لهياكل بعلبك الأثرية لنحو ثلاثين عامًا.وقد لُقب بـ”العمود السابع”، وفي هذا اللقب الوسام إحالة على قلعة بعلبك بالأعمدة الستة.
سنة 1934 نشر قصيدة تحت عنوان “فرشة مفشكلة” (بالفصحى: سرير مبعثر)، ونشر في العام 1946 قصيدته “ليش” (بالفصحى: لماذا) في مجلة القيثارة، وواصل كتابة الشعر باللغة العامية، وهي لغة ”نابعة من القلب والروح، لغة الفم البسيطة الناعمة “، كما كان يحلو له أن يصفها.

كان يُردّد أنّ:
مجد الشعر عندي فوق كل مجدٍ.. كلّ ظل يزول إلاّ ظلّ الشّعر.
نبغ في لبنان عددٌ من “شعراء العامية”، كان طراد في طليعتهم. تُرجِمَت أشعاره الى عدة لغات إلى الفرنسية والإنكليزية والاسبانية.
ترك العديد من المؤلّفاتٍ الشعريّةً أبرزها: “جلنار” التي صدرت عام 1951 ورفعته إلى مصاف كبار الشعّراء. وله أيضًا: “دولاب”، “ليش؟”، “كاس ع شفاف الدّني”، “الغراب الأعور” و”عربيّي مخَلّعا”.
(نشاطه الأدبي والثقافي )
كتب طراد إلى جانب الشعر العامي العديد من المقالات النقدية الساخرة، إذ كانت له زاوية كان يحررها في جريدة “البلاد” التي كانت تصدر في الربع الثالث من القرن العشرين، في زحلة.
ميشال طراد رائد الشعر العامي اللبناني الحديث، ويردد الكثيرون قصائده التي غنتها فيروز ووديع الصافي ومارسيل خليفة من غير أن يعلموا أن صاحبها ظل وفيا للغة العامية طوال حياته.


عاش طراد “شاعرًا ومات شاعرًا، ولم يتقن في حياته أمرًا آخر سوى الشعر. وحين كان يتكلم على الشعر لم يكن يتكلم إلا شعرًا. فهو لم يعرف كيف ينظّر للشعر ولا للقصيدة التي كان يتقن صنعتها أيما إتقان.
لقي شعر طراد ترحيب العديد من الأدباء والشعراء في لبنان والعالم العربي، فالشاعر اللبناني الراحل سعيد عقل قدم الطبعة الأولى من ديوانه “جلنار”، وقد شبّه صاحب الديوان بـ”النجمة الجديدة”، وقال: “إنه كان على ثقة في أن ميشال طراد سوف يخلد”.
أما الشاعر اللبناني الراحل يوسف الخال فقد تبناه في مجلة شعر، إذ نشر فيها العديد من قصائده العامية بدءا من العدد الأول إذ كانت قصيدته الأولى بعنوان: “كزبي” (بالفصحى: كذبة) وكتب الخال عنه غير مقالة في المجلة. كذلك رحب الشاعر أدونيس به في مجلة مواقف في سبعينيات القرن العشرين. وظل طراد “هو هو، شاعرًا فريدًا وخلوقاً، ولم تأخذ الشيخوخة من همته الشعرية، فظل يكتب حتى الرمق الأخير. وكان أصدر قبل أشهر من رحيله ديواناً هو ديوانه الأخير وعنوانه “المركب التائه”.
جمع ميشال طراد بين السليقة والوعي الجمالي، وكان صاحب تجربة جعلته يتبوأ مركز الصدارة في الشعر العامي اللبناني. فقد أسس عالمًا قائمًا بذاته، عالمًا شعريًّا رحبا بمعجمه اللبناني والجمالي وبمفرداته الرنانة. وكم كان متأنقًا في صوغ الأبيات، لكن من غير تكلف. فهو يكتب ببساطة ودقة في الحين عينه، يستسلم للعفوية، لكن بفطنة العارف والمتمرس. وهكذا كان فنان القصيدة، يبنيها بمتانة من غير أن يفقدها جماليتها الساطعة. وفي أحيان تصبح القصيدة بين يديه قطعة موسيقية من شدة تناغمها، قطعة تنساب انسيابًا لطيفًا وهادئًا.
شاعر يحضر على مدار الوقت في حاضرنا، فأجمل الاغاني في الاذاعات من كلماته واشعاره. انه ميشال طراد الشاعر الذي لا يغيب مهما غيبه الزمن.
— نشر الشاعر ميشال طرد عدة دواوين شعرية، منها:

جلنار – 1951 – أعيد طبع الديوان غير مرة، منها: في العام 1978 ، و1992
دولاب – 1957 – و1993
ليش – 1964 – و2001

كاس ع شفاف الدني – 1972 – و2001
عربيي مخلعا – 1986
الغراب الأعور – 1986
عيد الشحادين – 1992
عيد الشحادين – 1992
وردي بإيد الريح – 1993
المركب التائه – 1997
أعادت دار لحد خاطر نشر جميع أعماله ضمن: سلسلة ميشال طراد.
(قصائد مغنّاة)
غنت السيدة فيروز العديد من قصائد طراد، منها: يا حنينه – قالولي كن، وجلنار، وتخمين، وبكوخنا يا بني، وأنت وأنا عم يسألونا كيف، وشادي
كذلك غنى وديع الصافي من كلماته: رح حلفك بالغصن يا عصفور..

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات