مقاطعة “تشنغ- تشونغ – الجنوبية” بكوريا الجنوبية

10:06 صباحًا الأحد 2 مايو 2021
د. حسن حميدة

د. حسن حميدة

الدكتور حسن حميدة كاتب لأدب الأطفال واستشاري تغذية في المحافل العلمية الألمانية

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

عرفت مقاطعة تشنغ-تشونغ-الجنوبية في فترة الاحتلال الياباني لشبه الجزيرة الكورية بمقاطعة “تشوسي-نان”، وذلك منذ العام 1910، حيث أصبحت من بعد واحدة من مقاطعات كوريا الجنوبية الثمانية، وهذا مباشرة بعد تقسيم شبه الجزيرة الكورية إلى دولتين في العام 1945. تقع المقاطعة في الجزء الجنوبي الغربي من شبه الجزيرة الكورية، وتبلغ مساحتها الكلية حوالي 8.204 كيلومترات مربعة، ويبلغ تعدادها السكاني حوالي 2.059.871 نسمة. وبناء على دخل الفرد فيها، تعتبر تشنغ-تشونغ-الجنوبية من أغنى المقاطعات في كوريا الجنوبية. الشيء الذي يبين بأنها من المقاطعات الأكثر نموا في شبه الجزيرة الكورية، والشيء الذي يضمن لهذه المقاطعة بأن تتبوأ مقاما مرموقا بين المقاطعات الكورية، ونموها في القرن الحادي والعشرين. هذا خصوصا بفضل الطفرات التي تحدث فيها في عدة مجالات بالمقاطعة، كالاقتصاد والزراعة والتصنيع وتحديث البيئة المحيطة بالإنسان.

 يخصص ثلث مساحة مقاطعة تشنغ-تشونغ-الجنوبية للزراعة، بجانب المنتجات البحرية ذات الأهمية الغذائية الكبيرة في كوريا الجنوبية. كما أن هناك مساحة لا بأس بها في المقاطعة، خصصت لإنتاج الملح البحري عن طريق التبخر الشمسي. زيادة على ذلك يأتي دور مقاطعة تشنغ-تشونغ-الجنوبية في أعمال المناجم، كمناجم استخلاص الفحم الحجري، والذي خفض استعماله في السنوات الأخيرة، ومناجم المعادن النفيسة كالفضة والذهب.

لعبت مقاطعة تشنغ-تشونغ-الجنوبية في السنوات الأخيرة دورا هاما في اكتسابها طاقة المستقبل من مصادر بديلة غير الفحم الحجري. الشيء الذي توجها لتكون في العام 2018 المقاطعة الكورية الجنوبية الأولى، وكأول عضو آسيوي نشط للحد من تأثيرات الانحباس الحراري الناتج عن استخدام وتأثير الطاقة القديمة، التي ينتج عنها التلوث البيئي على المدى البعيد. وبهذا تعتبر مقاطعة تشنغ-تشونغ-الجنوبية من المقاطعات المواكبة لاحتياجات الإنسان العصري، ومثالا يتتذى به في مواكبة الجديد، مع المحافظة على القديم، متمثلا في التنوع الطبيعي بكل أشكاله، من صحة البيئة ونقاء التربة والماء والهواء.

من معالم المقاطعة تشنغ-تشونغ-الجنوبية الشهيرة، شموخ جبل جيريونج بارتفاع 845 مترا كأبرز المرتفعات فيها، كما يوجد بها منتزه ترفيهي بخواص جيولوجية وصخرية نادرة. بل هناك أيضا عدد من المعابد البوذية القديمة، من ضمنها معبد جوانجشوك- سا، والذي يضم من بين مقتنياته التاريخية أكبر تمثال لبوذا على الاطلاق في كوريا الجنوبية. وتوجد فيها أيضا حديقة تايان البحرية، التي يرجع تاريخ إنشاؤها للعام 1978. كما توجد بالمقاطعة الشواطيء البحرية النظيفة، والتي أسست في العام 1966، لتتيح الفرصة للزوار من كل أنحاء كوريا الجنوبية بغرض الاستجمام. وتهتم مقاطعة تشنغ-تشونغ-الجنوبية بالجانب البيئي لحد بعيد فيما يخص عالم النباتات والأشجار. الشيء الذي تمثل في زراعة ما يقرب عن حوالي 14.000 نوع من النباتات النادرة فيها، أو المهددة بالانقراض. وهذا حفاظا على التنوع النباتي، ودعما لتطور البيئة فيها. هذه الخطوة الإيجابية تمثل إقتداءا وتذكارا بملك كوريا العظيم “الملك سايجونغ”، الذي كان تاريخيا ملكا محب للطبيعة وتنوع النباتات والأشجار في عهده.

تعتبر مقاطعة تشنغ-تشونغ-الجنوبية، المقاطعة الكورية الوحيدة التي يربطها مترو الأنفاق الرابط بالعاصمة الكورية الجنوبية “سيول”. الشيء الذي ييسر أمر الوصول إليها في فترة زمنية لا تتعدى الثلاثين دقيقة. والشيء الذي يجعل منها مركزا إستراتيجيا مهما، بارتباطها المباشر بأكبر مدن البلاد. وتوجد بمقاطعة تشنغ-تشونغ-الجنوبية ثلاث جامعات، وهي جامعة كونغجو الوطنية، جامعة غونغجو الوطنية للتعليم، وجامعة كوريا الوطنية للتراث الثقافي. الشيء الذي يجعل منها مركزا أكاديميا مهما، وهذا بوجود مكتباتها الجامعية الغنية بالمراجع الموثقة. بل منارة معرفية حديثة للتعليم العالي والتدريب، وإنتقاء المعلومات والتثقيف الاجتماعي على النطاقين المحلي والعالمي.

لقرب مقاطعة تشنغ-تشونغ-الجنوبية من العاصمة الكورية الجنوبية “سيول”، قررت الحكومة الكورية في العام 2007 إنشاء جزء من المقاطعة، أطلق عليه اسم “دايجيون”. والتي توجد بها مدينة سايجونغ الحديثة، وذات الحكم الذاتي. سميت سايجونغ على الملك الكوري المحبوب “الملك سايجونغ”، تخليدا لذكراه، وتذكيرا بعدله بين أفراد حاشيته. الملك الكوري الذي وضع لمسة ساحرة على مملكته، تجسمت في اهتمامه بالزراعة وتأمين الغذاء لأهل مملكته، وحبه للمحافظة على البيئة المحيطة به وبحاشيته، وحبه لجمال الطبيعة الكورية. من المقرر أن تكون المدينة السعيدة “سايجونغ” العاصمة المستقبلية البديلة للعاصمة “سيول”. والآن تمثل سايجونغ ومنذ العام 2015، المركز الإداري للسياسة الكورية بجانب العاصمة ذات العشرة ملايين نسمة “سيول”. وهذا بوجود 36 وزارة ووكالة حكومية فيها، بما في ذلك مكتب رئيس الوزراء.

هناك مؤشرات تبين تكلفة المدينة السعيدة “سايجونغ”، والتي بلغت حوالي 20 مليار دولار أمريكي لتخطيطها وبناءها الأولي. ومن المقرر أن يكتمل العمل في بناءها كليا في العام 2030 بنهاية أهداف التنمية المستدامة الموصى بها عالميا من منظمة الأمم المتحدة. وبحلول العام 2030، سوف تستقبل مدينة سايجونغ أو مدينة المستقبل حوالي 500.000 نسمة من السكان. وبه يمكن تحقيق هدف تخفيف الضغط السكاني العالي على العاصمة الكورية “سيول” لبعض الشي. هذا خصوصا على المسؤولين الذين يقومون بأمر إدارة الحكم في الدولة يوميا، وتحت ظروف سفر وترحال شاقين وسط ازدحام الطرق والمركبات.

يحكم مقاطعة تشنغ-تشونغ-الجنوبية حاليا السيد يانغ سيونغ جو ومنذ العام 2018. ويعتبر السيد الحاكم يانغ سيونغ جو، رجل حقوقي وقانوني مختص بدرجة الماجستير في الشؤون القضائية من جامعة يسونغكيونكوان، وجامعة دنكوك بكوريا الجنوبية. عمل السيد يانغ سيونغ جو بعد دراسته الجامعية بالمحاماة، كما ساهم بخبرته القانونية المتميزة في وضع قانون مدينة دونجنام. زيادة على ذلك يأتي تمثيله لحزب منجوو الكوري لأربعة دورات برلمانية متتالية. وهذا بجانب شغله لمنصب رئيس رؤساء اللجان الفرعية للحزب وجمعيته الوطنية. ويتميز السيد الحاكم باهتمامه المتميز بشؤون الأسرة في مقاطعة تشنغ-تشونغ-الجنوبية، كمقاطعة حديثة ومثالية، تلبي كنموذج متطلبات الإنسان البيئية في شبه الجزيرة الكورية.

 E-Mail: hassan_humeida@yahoo.de

د. حسن حميدة – كييل – ألمانيا

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات