بيان الأمانة العامة للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب حولَ سدّ النهضة

10:04 مساءً الجمعة 28 مايو 2021
  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

يعلن الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب الذي يمثل آلاف الكتاب والأدباء والنقاد والمفكرين في أرجاء العالم العربي كافة من المحيطِ إلى الخليج في ثماني عشرةَ مؤسسة ثقافية كبرى في ثماني عشرةَ دولة عربية، وقوفَه الكاملَ غيرَ المشروط مع موقف دولتي مصرَ والسودان، داعمًا الخياراتِ المتاحةَ لهما للمحافظةِ على الأمنِ القومي المائي العربي في أخطرِ تهديدٍ تعرض له منذ عقودٍ طويلة.

وإذ يؤكد الاتحاد العام للأدباء والكتابِ العرب قوة العلاقات التاريخية والممتدة بين الشعب العربي والشعب الأثيوبي، وهو شعبٌ صديق تربُطُه بشعوبِ الدولِ العربية وبالشمالِ الأفريقي بخاصة عَلاقاتٌ عميقةٌ وممتدة تقومُ على الاحترام والمحبةِ والتقديرِ المتبادلِ على مرّ تاريخِ المنطقة، فإنه يحذّرُ من خطورةِ أيةِ خَياراتِ بديلةٍ متاحةٍ خارج مائدةِ التفاوض، لأنّها ستكونُ مغامرةً بمصالحِ الأطرافِ جميعًا.

كما يؤكدُ الاتحادُ العام للأدباء والكتابِ العرب أن استمرارَ المفاوضات بحسنِ نيةِ دولتي المصب وعلى مدارِ عشرِ سنوات! يدلُ دلالةً واضحةً، لا تقبلُ العكسً، على توافرِ الإرادةِ الحقيقيةِ لمصرَ والسودان للوصول إلى اتفاقٍ عادلٍ وملزمٍ يحافظُ على الحقوق التاريخية لشعبيهِما، ويضعُ في اعتبارِه الاتفاقاتِ الدوليةَ السابقةَ حولَ هذه الحقوق، على نحو يمنحُهُما حقَّهَما في أمنِهِما المائي بحِصَصٍ مائيةٍ لا تشكُل خطرًا جسيمًا علي شعبيهِما، ومن خلال اتفاقٍ مُلزِمٍ لقواعدِ الملءِ والتشغيلِ، وعلى نحو يخفف من أثر الأخطارِ الوشيكةِ، او الأضرار المحتملة على دولتي المصب.

إن ما تحوكُه الكِياناتُ والدولُ التي تقفُ من وراءِ هذا “التعنتِ التفاوضي” لفرضِ الأمرِ الواقع، لن يكونَ فخًّا لمصرَ والسودان اللذينِ أكدا ثوابتَهما على نحوٍ واضحٍ، بل إنه لا يزيدُ على كونِهِ اختيارًا مصيريًّا مرت به شعوبُنا على مرّ تاريخِها الطويل عشراتِ المرات، وأثبتتْ دائمًا من خلالِ اختياراتِها القائمةِ على الحقِ والعدلِ والإرادةِ والعزةِ والكرامةِ قدرتَها على حمايةِ أمنِها القومي على المستوياتِ كافة، وهذا ما تؤكدُه الآن وَحدةُ الإرادتينِ المصريةِ والسودانيةِ، في مصيرهِما المشترك. وفي تأكيدِ أهمِّ ثابتٍ لديهما وهو التفاوض للوصولِ إلى وضعٍ آمن لا يهددُ استقرارَ المنطقةِ على أيّ نحو، وهذا ما لا يمكنُ تحقيقُه دونَ توافرِ حسنِ النيةِ والإرداةِ للأطرافِ كافة، لأنه لا تفاوض إلى ما لا نهاية من جهة، ولا تفاوض وَفقَ سياقٍ يفرضُ فيه أحدُ الأطرافِ الأمرَ الواقعَ، أو يتعسفُ بالانفرادِ بالقرارِ من جهةٍ أخرى. 

ومن موقعِهِ الثقافي والفكري، يدعو الاتحادُ العام للأدباءِ والكتاب العرب إلى ضرورةِ تفعيلِ “اتفاقيةِ الدفاعِ العربيِ المشترك والتعاونِ الاقتصادي”، ويرى أن هناك ضرورةً لعقد اجتماعٍ طارئٍ لجامعةٍ الدول العربيةِ لإعلان موقفٍ واضحٍ ضد أي مساسٍ مجحفٍ بحقِّ شعبيّ مصرَ والسودان في أمنِهِما المائي، وفي الحياةِ الكريمةِ المطمئنةِ لشعبيهما.

وإذ يدعو الاتحادُ العامُ للأدباءِ والكتاب العرب الشعبَ الأثيوبيَ الصديقَ إلى السعي إلى الوصولِ إلى حلٍّ عادلٍ لقضيةِ سدّ النهضةِ التي تمثلُ في جوهرها لبَّ الحياةِ لهذه الدول، فإنه يؤكدُ أن الاحتكامَ إلى الاتفاقياتِ الدوليةِ والمواثيقِ الثابتةِ والحقوقِ التاريخيةِ لدولتي المصبِّ هو حجرُ الزاويةِ في أي اتفاق يتمُّ الوصولُ إليه في هذه المشكلة، ويؤكدُ الاتحادُ العام في هذا الصدد أن التهديدَ من طرفٍ واحدٍ، أو التماديَ في تجاوزِ المواثيقِ والأعرافِ، أو القفزَ على كثيرٍ من الثوابتِ التي تحكُمُها العَلاقاتُ الدوليةُ، لا يخدمُ هذه القضيةَ، لذلك فإن الاتحاد العام يُهيبُ بالأطراف كلها، لاسيما الطرفُ الأثيوبي، بأن يتمسكوا بالحرصِ على الحلِّ السلمي للقضيةِ بما يحافظُ على الحقوقِ المشروعةِ لدول المنطقةِ كلِّها، وعلى رأسِها الاتفاقُ على قواعدَ ملزمةٍ بملءِ السدِّ وتشغيلِه، مع المحافظة على الحصصِ المائيةِ التاريخية لدولتي المصب، مصرَ والسودان..

ويناشدُ الاتحادُ العام للأدباء والكتاب العرب منظماتِ المجتمعِ الدوليِ المدنيةَ، ورموزَ الثقافةِ والفكرِ والأدبِ، والاحزابَ السياسيةَ في دولِ العالمِ كافة، التي يهُمّها استقرارَ هذه المنطقةِ، دعمَ الموقفِ العادلِ الذي يراعي حقوقَ مصرَ والسودان من خلال قواعدَ قانونيةٍ ملزمةٍ لملءِ السدِّ وتشغيلِهِ، وعلى نحو يؤمّن استحقاقاتِ الجانبِ الأثيوبي دونَ تعسفٍ، أو ظلمٍ يقعُ على الحصصِ المائيةِ لدولِ المصبّ، وذلكَ بوصفِهِم جميعًا شركاءَ في هذه الاتفاقيةِ، وسيكونونَ شركاءَ في مشاريعِ تنميةٍ مستقبليةٍ ومستدامة بينهم فيما بعد. كما يوجهُ الأدباءُ والمفكرونَ والكتابُ العرب نداءَهم إلى القوى المحبةِ للعدلِ والسلامِ كافة، والقوى السياسيةِ في هذه الأقطارِ، والدولِ الصديقةِ من حولنا، ومن المحيطِ الإفريقي بخاصة، من أجل السعي للوصول إلى حلٍّ عادل وآمن يجنبُ هذه المنطقةَ الحساسةَ ويلاتِ الصراع، وهو الهدفُ الذي ينبغي أن يسعى الجميعُ إلى تحقيقِه.

ليكنِ العدلُ اختيارَنا، والسلامُ مصيرَنا..

د. علاء عبد الهادي

الأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب

رئيس النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر

صدر اليوم الخميس، بتاريخ 22- 4- 2021، بمقر الأمانة العامة للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب

الزمالك ـ القاهرة

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات