هويدا الهاشم … رقصت بالعصا كهربت الهواء، أنارت العتبات

07:34 صباحًا الإثنين 16 أغسطس 2021
اسماعيل فقيه

اسماعيل فقيه

شاعر وكاتب وصحافي من لبنان

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print
رسالة بيروت – إسماعيل فقيه

الراقصة الهائلة هويدا الهاشم وأكثر من فاتنة مُذهلة. مجنونة الجسد،رصينة العقل، وعيُ خصرها هندس الهواء وكهربه، أنار عتبات وعتبات.
انطلقت في مجال الرقص الشرقي عام 1985، واشتهرت بشكل أساسي في البرامج التلفزيونية، حتى أصبحت نجمة مطلوبة على كل المسارح. عرفت بمتابعتها الدراسة الجامعية على الرغم من عملها كراقصة، وبثقافتها الفنية الواسعة. عام 1986 أطلت مع الفنان “ستراك”، عازف الطبلة الشهير، على شاشة “المؤسسة اللبنانية للإرسال” وبدت كأنها تتحدى الطبلة بسرعة أدائها وخفتها.


عُرفت الهاشم بقدرتها على الرقص بالعصا. وأدخلت هذه “اللعبة” إلى عالم الرقص من بابه الواسع. كانت تعرف بأنها تحرك العصا بشكل دائري بمعدل 40 دورة في 10 ثوان، أي 4 دورات في الثانية، وهو تكنيك ذو حرفية عالية، خصوصاً أنها تمسك العصا من الطرف وليس الوسط. توارت الهاشم في أواخر التسعينات من دون أسباب واضحة، ونُسجت روايات عدة حول احتجابها وانتقالها للعيش في الخليج. ولكن وبعد غياب طويل، عادت الهاشم التي عرفت بـ”أسطورة الرقص الشرقي” للظهور، فأسست صفحة على Facebook، وظهرت على التلفاز معلنة عودتها.  
لا نبالغ إن قلنا إنّ هويدا الهاشم هي واحدة من أهم الراقصات اللواتي عرفهنّ تاريخ الرقص الشرقي في حقبة ذهبية من مجده كان فيها الرقص ضيفاً دائماً على السهرات التلفزيونية والبرامج الفنية وافتتاح أهم المهرجانات العربية.
«الراقصة الفنّانة» كما كان يعرَّف عنها، هي من القليلات اللواتي استطعن أن يُخرِجن الرقص من «مرابعه» الضيّقة إلى فضاءات أوسع من الجمال والرقي والدهشة.

لم تكن هويدا الهاشم راقصةً عاديةً مرّت على تاريخ التلفزيون وعصر الرقص الشرقي الحديث الذي تقاطع مع حقبة الحرب الأهلية في لبنان. يعيد اسمها إلى الأذهان أصداء قرع الطبول وصوت المزمار وإيقاعات الشرق تزرعها أيادي العازفين المجتهدة على الطبلة فتنطق من خصرها ومع كلّ حركةٍ من ذاك الجسد الميّاس المتمايل، راسمةً لوحات من شعرٍ وجمال.
كانت عيونٌ صغيرة تشاهد الشاشة بانشداد، في وقت كانت فيه معظم المدارس تقفِل بفعل الحرب والتقاتل المتقطّع. تطلُّ هويدا الهاشم فتخفق قلوب صغيرة وكبيرة على وقع الطبلة، وترفع تلفزيونات الحي صوتها، ليعلو فوق أصوات المدافع فيما الراقصة تولج في جولة تحدٍّ خاطفة للأنفاس بين خصرها وإيقاعات متسارعة متهادية حدّ الهذيان لتذوب معها مخاوف صغار الحيّ وكباره ويشدّهم الذهول إلى عالم من السحر ولو للحظات.


ولكنّ الراقصة-الحدث التي عرفت شهرة واسعة منذ أواسط الثمانينات، اختفت عن الأضواء في نهاية التسعينات، بقرار شخصي وظروف خاصّة إلى أن اتخذت أخيراً قرارها بالعودة إلى الجمهور والمسارح وأعقبتها بإطلالة تلفزيونية مميّزة ، قالت خلالها الكثير من العذوبة المدهشة.كانت أكثر من متعة الألم والجنون المقدس.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات