هذا الذي أسمعه، هو مزيج غير متجانس من قرع متواصل على باب منزلي ، وأحرف تتناغم من مصدر أنثوي …..
افتحي الباب …. افتحي الباب ….
ما ان أبادر الى فتحه ، حتى تقول لي : جارتي الحبيبة غادري المنزل بسرعة ، أخاف عليك …. لم أستطع النزول قبل اخبارك . ثمة هزة أرضية أخرى قادمة …. ثم بما يشبه الأناشيد المدرسية ، أنشدت لي : الجار للجار .
الصمت الذي يحوي بداخلي كل معاني الانبهار ، التساؤل جعلها تعتقد أنني ما زلت بحالة صدمة من الهزة الأرضية الصباحية .
ما بك ؟ اهدئي وانزلي ….
لم تعلم أنني كنت أزيل غلالة وراء غلالة . كل غلالة كانت تؤكد لي صحة توقعاتي ….لكنها قطعت كل هذا لتقول : أنا زمردة …. زمردة بصوت ذي أجراس متألقة …. ثم بما يشبه الهمس الثقيل …. أنا جارتك ام ابراهيم .
كيف أصبحت أم ابراهيم يا زمردة …..
لم أتمكن يوما من رؤية وجهك الجميل هذا بفعل الانحناءات والانكسارات في محياك . لم أتمكن يوما من سماع أجراسك هذه ولطالما حاولت أن أحظى بصباح خير أو مساء خير …. فقط بضع تمتمات تفيد بأن للهداية طريقا معروفا لمن يريد .
أم ابراهيم …. معذرة يا زمردة .
كيف استطعت بين هزة أرضية وأخرى أن تصبحي بستان ألوان في ملابسك هذه …. هذا الشال الأخضر الذي يحيط بالكتفين … هل كان مهملا في خزائنك ؟ من أين كل هذا السواد الذي كان يغلفك تغليفا محكما ؟ …. زمردة تودعني بل بالأحرى تتهادى على الدرج وهي تقول لي أو بالأحرى انها تؤكد لنفسها : لن أنتظر أحدا …. سأكون لوحدي في الخارج .
أقف على شرفة منزلي … لا أنوي النزول . لأرى أغلب الجيران في الخارج …. أرى صخور خلافاتهم قد بدأت تذوب على نار أحاديثهم . رائحة ود زكية بدأت تمشي على قدميها بين ابراهيم ، جورج ، هيثم، تمارا ، جوزيف ، تامر ، مؤمن ، سهى ، سوزان , سعيد ……
فناجين من القهوة على سور المنزل … تمتد يد زمردة لفنجان ثم يد أخرى تمتد الى الفنجان الآخر …. تطول رحلة الفناجين بين اليد والسور تتابعها نظراتي الى الحد المستطاع …. يتابعها قلبي بلا حدود ، قلبي يتابع نبضات نابضة ، ثم ابتسامات مبتسمة …. قلبي يتابع زمردة ….
زمردة أنت فوار قد جمل الدنيا . الأرض تتابع دورانها ….
وما زال للحديث بقية .
مؤسس جمعية الصحفيين الآسيويين، ناشر (آسيا إن)، كوريا الجنوبية
الرئيس الشرفي لجمعية الصحفيين الآسيويين، صحفي مخضرم من سنغافورة
روائية وقاصة من الكويت، فازت بجائزة الدولة التشجيعية، لها عمود أسبوعي في جريدة (الراي) الكويتية.
آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov
كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.