أصدقاء الأشجار الكبرى

10:57 صباحًا الثلاثاء 28 سبتمبر 2021
أشرف أبو اليزيد

أشرف أبو اليزيد

رئيس جمعية الصحفيين الآسيويين

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

Big tree, little girl. Giant Forest, Sequoia National Park. CA by John Harvey


كثيرون منا ترتبط ذكرياتهم منذالصغر بالأشجار، وبالنسبة لأحجامنا؛ حين كنا صغارًا، فكل الأشجار كانت كبيرة. شجرة التوت التي هز الصاعد إليها غصنها فأرسل لنا حبات الشهد الملونات بالأحمر والقرمزي والأخضر، كما كنا نفعل في قرية (قرنفيل) القريبة من قها شمال القاهرة، ونسرع إلى الطلمبة لغسل ما جمعنا، والتهامه طازجا، وشجرة المدرسة التي طالما استخدمها الأشقياء المشاغبون للهروب من فوق سور العلم إلى طريق التسرب، وشجرة الدار التي كانت أكبر من ينصت للجالسين تحت ظلها، وغيرها من الأشجار،إن كانت على الزراعية أو فوق الطريق الأسفلتية، كأنها معجزة تتحدى الجرارات.

خلفنا في مدينة نصر بدأت الأشجار تختفي لتحل مكانها أعمدة مطفأة، وكأنها تنعي اللون الأخضر، وحين طال الأسفلت حديقة يطل عليها المبنى كتبت زوجتي حزنا على تلك المأساة، فهي تحب الكائنات الحية، تربي قطتين، وترى في الشجرة كائنا حيا لا يستحق الذبح، حتى لو كان صامتا لا حيلة له يتقبل مصيره الذي قرره له أعداء  الطبيعة.

من هنا، رأى فيسبوك أن يعرض عليها الانضمام إلى صفحة  الباحثين عن الأشجار الكبرى Big Tree Seekers –  لتصبح المخرجة التلفزيونية والكاتبة فاطمة الزهراء حسن عضوة نشطة، ولتدعوني إلى الانضمام، خاصة بعد زيارتنا إلى حديقة استثنائية التقطت فيه صورتها مع ابنتينا هدى وفدوى، بالبيت الروسي للثقافة في الأسكندرية.

من الأشجار الكبرى في البيت الروسي للثقافة في الأسكندرية، مصر

هذه المجموعة مكرسة لاكتشاف أكبر الأشجار من كل الأنواع حول العالم، فلا تزال العديد من أكبر الأشجار غير مكتشفة وهدفها هو جلب العديد من الأشجار البطل الجديدة. ود خصصت الصفحة  لاكتشاف وحماية وحفظ وتوثيق وتقدير أكبر الأشجار والغابات الأقدم، ويأتي ذلك عبر عرض حراس الأرض الرائعين في الصور، لذا لا تتردد في مشاركة الصور والمنشورات، طالما أنها في موضوع المجموعة  www.facebook.com/ancientforests.

كان انضمامي مشجعًّا، فصورتي الأولى تخطى المتفاعلين معها 1500 عضو، وأعادة نشرها أكثر من ثلاثمائة محب للأشجار الكبرى، وكانت بعنوان Sequoia national park  كانت لشجرة  سيكويا عملاقة ؛ تُعرف أيضًا باسم الخشب الأحمر العملاق، أو خشب سييرا الأحمر، أو خشب أحمر سييران، أو ويلينجتونيا أو ببساطة شجرة كبيرة – وهو   النوع الحي الوحيد في جنس Sequoiadendron، وواحد من ثلاثة أنواع من الأشجار الصنوبرية المعروفة باسم Redwoods، المصنفة في عائلة Cupressaceae في الفصيلة الفرعية Sequoioideae، جنبًا إلى جنب مع Sequoia sempervirens (خشب الساحل الأحمر) و Metasequoia glyptostroboides (خشب الفجر الأحمر). تعتبر عينات السيكويا العملاقة من أكبر الأشجار على وجه الأرض، وحسب (ويكبيديا) عادةً ما يشير الاستخدام الشائع لاسم سيكويا إلى Sequoiaadendron giganteum، والموجود بشكل طبيعي فقط في البساتين على المنحدرات الغربية لسلسلة جبال سييرا نيفادا في كاليفورنيا. وتم إدراج السيكويا العملاقة كأنواع مهددة بالانقراض من قبل IUCN، مع بقاء أقل من 80000 شجرة. منذ آخر تقييم لها على أنها من الأنواع المهددة بالانقراض في عام 2011، قُدر أن 10-14٪ أخرى من السكان قد دمرت (أو 7500-10600 شجرة ناضجة) خلال حريق القلعة لعام 2020 وحده – وهو حدث يُعزى إلى ظاهرة الاحتباس الحراري.   على الرغم من حجمها الكبير وتكيفها مع الحرائق، فقد أصبحت السكويات العملاقة مهددة بشدة من خلال مجموعة من أحمال الوقود الناتجة عن إخماد الحرائق، والتي تغذي الحرائق المدمرة للغاية التي يعززها الجفاف وتغير المناخ. أدت هذه الظروف إلى وفاة العديد من السكان في حرائق كبيرة في العقود الأخيرة. قد تكون الحروق الموصوفة لتقليل حمل الوقود المتاح أمرًا بالغ الأهمية لإنقاذ الأنواع.  

تم افتراض أصل اسم الجنس – في البداية في كتاب يوسمايت للكاتب يوشيا ويتني في عام 1868   – تكريما لسيكوياه (1767-1843)، وخلصت دراسة اشتقاقية نُشرت في عام 2012 إلى أن النمساوي ستيفن إل إندليشر مسؤول فعليًا عن الاسم. عالم اللغويات وعالم النبات، تقابل إندليشر الخبير في لغة الشيروكي بما في ذلك سيكوياه، الذي كان معجبًا به. لقد أدرك أيضًا أنه من قبيل الصدفة، يمكن وصف الجنس باللاتينية على أنه تسلسل (بمعنى أن يتبع) لأن عدد البذور لكل مخروط في الجنس المصنف حديثًا يتماشى مع التسلسل الرياضي مع الأجناس الأربعة الأخرى في الترتيب الفرعي. وهكذا صاغ إندليشر اسم “سيكويا” كوصف لجنس الشجرة وشرفًا للرجل الأصلي الذي كان معجبًا به.

كانت التعليقات مشجعة؛ كتبت فاطمة الزهراء “شجرة لها عظيم الاحترام”، وعلقت سيلفيا Sylvia Hirschberg Epton : “تخيلت نفسي أقف بين تلك الأشجار والطاقة المنبعثة منها قد أحاطت بي. شكرا لك”، أما David Holper  فذكرنا: ” عشرة بالمائة من السيكويا العملاقة في العالم احترقت العام الماضي. أنا سعيد بأن هذه الأشجار تتم حمايتها هذا العام، ولكن بالنظر إلى شدة الحرائق في الغرب، أعتقد أنها مسألة وقت فقط قبل أن نفقد معظم، إن لم يكن كل، هذه الأشجار.” أما  Maria Hopkins  فدونت الكلمات الآتية: “حقا عمل مذهل ورائع! هبة الطبيعة الأم لهذه الأشجار الجميلة!”

عناق عملاق لشجرة زيتون، إيطاليا، ورسولة الغابات، أمريكا، وشجرة الحياة، البحرين، وشجرة الساج، الهند

خارج مجال تلك الأشجار العملاقة، وتحت سماوات أخرى، سافرت إلى بلدان بها أشجار كبرى، إلى البحرين، حيث شجرة الحياة والاسم العلمي لها  Prosopis cineraria في صحراء البحرين على بعد 2 كم من جبل دخان، 30 كلم من العاصمة المنامة، كما نشرت صورة أخرى لي في كيرالا، جنوب الهند، الساج شجرة استوائية عملاقة زرتُ اليوم غابتها التاريخية المحمية ومتحفها المعاصر الموسوعي وهي سر صناعة سفن الجزيرة العربية في كيرالا …

كان البحث عن صور جديدة وسط غابة المصورين وعشاق الأشجار الكبرى أمرا ممتعا وصعبا، لكنه قادني إلى أمور طريفة وصفحات مدهشة، تسمي تشيريش نفسها رسولة الغابات، وهي تعرف شخصها بأنها ساحرة وشاعرة وكاتبة أغنيات وعاشقة للغابات، وبدون أن أذكر أنها ساحرة، كان أحد التعليقات (يا لها من ساحرة)!

أدعو القراء  إلى البحث عن صورهم للأشجار العملاقة لنحميها من الفناء، ونجدد الحب لها، باعتبارها رمزا للحياة والصمود على هذا الكوكب.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات