تدريس اللُّغَة العربية في المَرْحَلَة الابتدائِيّة | الحلقة الرَّابِعة | طرائق تدريس القَوَاعِد العَرَبِيّة

11:33 صباحًا الثلاثاء 9 أغسطس 2022
ازدهار جحا

ازدهار جحا

أستاذة اللغة العربية وآدابها. متخصصة في إعداد المحتوى الأكاديمي والبرامج التّعليمية للمدارس الابتدائية والإعدادية والثّانوية. خريجة الجامعة اللّبنانية، كلية الآداب والعلوم الإنسانية- الفرع الأول، 2007. الجنسية: لبنانية

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print
بقلم:ازدهار جحا

هناك طَرائِق كثيرة لتدريس القَوَاعِد وسوف نقتصر في البحث على أربع طَرائِق:

أولًا: الطَّريقَة القياسيّة: 

وتسمى أحيانًا طريقة القاعدة ثم الأمثلة. وتبدأ هذه الطَّريقَة بعرض القاعدة ثم تعرض الأمثلة بعد ذلك لتوضيح القاعدة. ومعنى هذا أن الذّهن ينتقل فيها من الكل إلى الجزء.

وتأتي فكرة القياس في هذه الطَّريقَة من حيث فهم التَّلاميذ للقاعدة ووضوحها في أذهانهم. ومن ثم يقيس المعلم أو التَّلاميذ الأمثلة الجديدة الغامضة على الأمثلة الأخرى الواضحة وتطبيق القاعدة عليها؛ وهذا يعني:

(أ)أنها تعوّد التَّلاميذ على الحفظ والمحاكاة العمياء.

(ب)عدم الاعتماد على النّفس والاستقلال في البحث. 

(ت)تضعِف فيهم القدرة على ابتكار والتّجديد. 

(ث)أنها تبدأ بالصَّعْب وتنتهي بالسّهل.

وقد هُجِرَت هذه الطَّريقَة بعد أن ثبت علميًّا أنها لا تكوِّن السُلُوك اللّغويّ السَّليم لدى التَّلاميذ.

ثانيًا: الطَّريقَة (الهَاربارتية): الطَّريقَة الاستنباطية +الاستقرائية


وتقوم هذه الطَّريقَة- التي هي مزيج من الطَّريقتين: الاستنباطية [الطَّريقَة الاستقرائية: تعتمد على الانتقال من الجزئيات إلى الكلّيات]، والاستقرائية [تعتمد على الانتقال من القضايا الكلية إلى الجزئيات] على البدء بالأمثلة، فتُشْرَح وتُنَاقَش، ثم تُستنبَط منها القاعدة. وعليها بنى (فريدريك هاربرت) خطواته الخمس المشهورة الَّتي لا يزال العديد منَّا يعتمد عليها إلى يومِنا هذا وهي:

(أ)المقدمة أو التَّمهيد: الغرض منها استثارة المعلومات السّابقة لدى الطّالب والتّشويق إلى الدَّرس الجديد.

(ب)العَرْض: عرض الأمثلة مرتّبة، ةتقدم الأمثلة و(الجزئيات) وتستخدم وسائل الإيضاح التي يحضرها المعلم. ومناقشة التَّلاميذ في معناها.

(ت)الرّبط  والموازنة، وتسمى: وفيها يربط المعلم مادة الدَّرس بغيرها مما سبقت دراسته ويوازن بينها. أو يوازن بين الكَلِمات الموجودة على اللّوح وغيرها، أو الجمل الموجودة ويرها ليستنتج الطّال فيما بعد نتائجه.

(ث)استنباط القاعدة: من خلال المناقشة والموازنة. ويشترك في استخدامها المعلم والتَّلاميذ وتكتب على السّبورة بلغة سهلة.

(ج)التّطبيق على القاعدة، وهذه الخطوة من الخطوات المهمة، وينبغي أن تتنوع صور التّطبيق.

مميزات هذه الطَّريقَة:

(أ)مشوقة ومثيرة للطّلاب.

(ب)تتيح الفرصة للطّلاب كي يفكروا ويستنتجوا ويتوصلوا إلى القاعدة.

(ت)تهتم بترتيب المعلومات في أذهان الطّلّاب.

(ث)تربط بين الخبرات السّابقة واللاحقة.

(ج)تدرب الطّلّاب على عملية مقارنة الحقائق وإظهار ما بينها من  علاقات.

عيوب الطَّريقَة (الهَاربارتية):

(أ)إنها بطيئة التَّعْليم. 

(ب)قلة مشاركة التَّلاميذ في الدَّرس؛ لأن [المعلم هو الذي يقدِّم للدّرس] ويوازن ويقارن بين أجزائة ويتولى صياغة الاستنتاج. 

(ت)تركيزها على العقل دون الجوانب الأخرى [كونها تركز على المادة والحقائق].

(ث)تهمل الدّوافع الدّاخلية للطّالب وكل ما يتعلق باستعداداته ونواحيه النّفسية والانفعالية.  

(ج)لا تراعي الفروق الفردية بين الطّلّاب.

 (ح)تعطيل قدرات المدرسين في التّجديد والابتكار.

[سمير يونس صلاح، سعد محمد الرَّشيدي: التّدريس العام وتدريس اللُّغَة العربية. الكويت، مكتبة الفلاح، ط2: 2005].


ثالِثًا: الطَّريقَة الحواريَّة: 


وتقوم في جوهرها على المناقشة واستثمار خبرات التَّلاميذ السَّابِقة لتوجيه نشاطهم نحو تحقيق هدف معين. ولا بد أن يعد الأستاذ الأَسْئِلَة إعدادًا جيدًا، ويراعي فيها الوضوح والتّسلسل والتَّرتيب وعدالة توزيعها على التَّلاميذ. 
عيوب الطَّريقَة الحواريَّة:

(أ)أنها تستغرق زمنًا طويلًا. 

(ب)تؤدي إلى الاستطراد والخروج عن الموضوع.

(ت)عدم قدرة بعض المعلمين على تنفيذها.

رابعًا: الطَّريقَة المعدّلة [الطَّريقَة الأفضل]


وتُسمى: (طريقة النّصوص التّكاملية)، وتسمى أيضًا: (طريقة الأساليب المتَّصلة)، وهي طريقة تكاد تجمع مزايا الطّرق السَّابِقة.

تبدأ بعرض نص متكامل يحمل في طياته توجيهًا، ويعالج النّص كما تعالج موضوعات القِراءَة، إذ يقرأ التَّلاميذ النّص قراءة صامتة، ثم يناقشهم المعلم، ويعالج الكَلِمات الصَّعْبة، ثم يقرأ التَّلاميذ قراءة جهرية، ثم تعالج هذه الأمثلة حسب الطَّريقَة الاستقرائية، يعتمد المعلم فيها على الحوار في الانتقال من مثال إلى آخر، حتى يستنتج التَّلاميذ قواعد الدَّرس فيصوغها المعلم بأسلوب سهل ويكتبها على السّبورة.

ولا شك أن هذه الطَّريقَة تعطي المعلم فرصة تدريس القَوَاعِد من خلال موضوعات القِراءَة والأَدَب والتَّعبير. وعن هذه الطَّريقَة، يتم مزج القَوَاعِد بالتّراكيب والتَّعبير الصّحيح والاستعمال والمران والتّكرار حتى تتكون الملَكَة اللّسانية.

ونحن نرى أن تعليم القَوَاعِد وفق الطَّريقَة يجاري تعليم اللُّغَة نفسها. ونرى أنها الطَّريقَة الفضلى لتحقيق الأهداف المرسومة للقواعد النَّحوية؛ لأنه يتم عن طريقها مزج القَوَاعِد بالتّراكيب وبالتَّعبير الصّحيح المؤدي إلى رسوخ اللُّغَة وأساليبها رسوخًا مقرونًا بخصائصها الإعرابية. 

خطوات السّير في درس القَوَاعِد:

وهي خطوات خمس تُنْسَب إلى الفيلسوف الألماني (يوحنا فردريك هربارت)– في الصورة على اليمين – وهي خطوات سليمة وحيدة لا يمكن الاسْتغناء عنها:

أولًا: التَّمهيد: وهو البوابة الَّتي يدخل منها كل من المعلم والتّلميذ إلى الدَّرس. والغرض منه: [جذب انتباه التّلميذ وتركيزه لتلقّي الموضوع الجديد وربط الموضوعات القديمة بالجديدة]. 

ومن أساليب التَّمهيد:

(أ) أسئلة في المعلومات السَّابِقة المتَّصلة بالدَّرس الجديد، ويراعي المعلم أن تكون الأَسْئِلَة قليلة، واضحة، ومشوقة. 

(ب) عرض الوسيلة المشوقة للدّرس الجديد. 
ثانيًا: العَرْض:

وهو من أهم مراحل الدَّرس، ويعرض المعلم النَّص على ورق مقوى أو على السّبورة أو عن طريق الكتاب، ويطلب من التَّلاميذ قراءة النّص قراءة صامِتة، ثم يناقشهم المعلم بعد ذلك، ويعالج الكَلِمات الصَّعْبة ثم يطلب من أحد التَّلاميذ قراءة النَّص قراءة جهرية. وبعد ذلك، يوجه المعلم إلى التَّلاميذ أسئلة في النّص تكون إجابتها الأمثلة الصّالحة للدّرس، ثم يدوِّن هذا الجُمَل على السّبورة ويجب على المدرس- في أثناء كتابة هذه الجمل- أن يحدد الكَلِمات الَّتي تربط بالقاعدة بأن يكتبها بلون مخالف حتى تكون بارزة أمام التَّلاميذ.

ويجب عليه أيضًا أن يضبط هذه الكَلِمات بالشَّكل، ثم يوجه المعلم طلابه إلى النَّظَر إلى هذه الكَلِمات ثم يبدأ معهم مناقشتها.

ثالِثًا: الموازنة والرَّبط:

وفيها يوازن المعلم بين الجزيئات أو الأمثلة ليدرك التَّلاميذ ما بينها من أوجه تشابه واختلاف، ومعرفة الصَّف   ات المشتركة والخاصة تمهيدًا لاستنباط الحكم العام (القاعدة). وتشمل الموازنة: (1) نوع الكَلِمَة،(2) المعنى الذي تفيده، (3) ضبط أواخرها. 

رابعًا: استنباط القاعدة: 

إذا نجح المعلِّم في الخطوات السَّابِقة، سهَّلَ على طلَّابه الوصول إلى القاعدة والحكم العام،

وعليهم أن يعبروا بأنفسِهم عن النَّتيجة الَّتي وصلوا إليها.

ولا ينبغي أن يقوم المعلِّمُ باسْتنباط القاعدة مِن دون إِشراك التَّلاميذ، أو يطالبهم بأن يأتوا بالقاعدة نصًّا كما في الكتاب؛ بل يكتفي منهم بعباراتٍ واضحة تؤدّي المعنى، ثم يقوم بتصحيح عباراتِهم التي تشكِّل القاعدة والتي عليه أن يخطَّها على اللَّوح.

خامسًا: التّطبيق:  

وهو الثَّمرة العملية للدَّرْس. وعن طريقها ترسخ القاعدة في أذهان التَّلاميذ. على أنّه من الخير ألَّا يُسْرِفَ المُعَلِّم في شرح القاعدة واستنباطها بحيث تستغرق الحصَّة كلَّها في شرح القاعدة؛ بل عليه أن ينتقل إلى التّطبيق بمجرد أن يطمئن إلى  فهم الطَّلبة. [والقَوَاعِد لا يكون لها الأثر المطلوب إلا بعد الإكثار من التّطبيق عليها]. ويراعى عند التّطبيق:  (أ) أن يتدرج من السّهل إلى الصَّعْب، (ب) أن تكون النُّصوص المختارة سهلة التّركيب، متنوعة، ولا تقتصر على وظيفتِها الإعرابية، بل تدعو التَّلاميذ إلى التّفكير. والتّطبيق، شفويًّا كان أَم كتابيًّا يفيد الطّالب فلا ينسى المعلومات، بل ترسخ في ذهنه.

من أخطاء بعض المعلمين في تدريس القَوَاعِد:

  • (1)          (أ)عدم التَّمهيد للدَّرْس والتَّشْويق له .

(ب)عدم التزام المتعلم والتَّلاميذ باللُّغَة العَرَبِيّة الفصحى في أثناء الدَّرس. 

(ت)عدم مراعاة المعلم لمستوى التَّلاميذ الذّهْنِيّ والعلمي، فيخوض في تفصيلات صعبة.

(ث)أن يطلبَ المعلِّم من الطُّلّاب حفظ القاعدة .

(ج)قلة التَّدريبات الشَّفوية والكتابية. 

(ح)اكتفاء المعلم بالأمثلة التَّقليدِيّة،  الَّتي لا تعطي ثروة لغوية ولا تقوي ذائقة الطّلّاب الأَدَبية.

(خ) أن يكون المعلِّم مُلْقِيًا فقط أو في غالب درسه وهو الذي يمهد ويعرض ويربط ويوازن ويستنتج والتَّلاميذ مُتَلَقّون.

(د) عدم استخدام المعلم وسائل متنوعة تجذب الطّفل .

(ذ) عدم ربط القَوَاعِد بفروع اللُّغَة العَرَبِيّة.

(ر)الاكتفاء بالتَّدريبات الكِتَابيَّة فقط دون الشَّفويّة .

(ز)عدم مطالبة التَّلاميذ بتصويب الخطإِ شفويًّا أو كتابيًّا. 

مكتبة الدِّراسة:

  • جزل، أرنلد (وآخرون): الطّفل من الخامسة إلى العاشرة. تر: عبد العزيز توفيق جاويد، راجعه: أحمد عبد السَّلام الكرداني، القاهرة، وزارة التَّرْبية والتَّعْليم بمصر، الألف كتاب (54)، ج1، 1956، ج2.
    • عبد العليم، إبراهيم: الموجه الفني لمدرّسي اللُّغَة العَرَبِيّة. مصر، دار المعارف، ط7: 1961.
    • غريب، روز:  (حديقة الأشعار للصّغار). بيروت، مكتبة المدرسة ودار الكتاب اللّبناني للطّباعة والنّشْر.
    • غريّب، روز: المحفوظات النّموذجية(للصّفوف الابتادائية). بيروت، مكتبة المدرسة ودار الكتاب اللُّبناني.
    • الفتلاوي، سهيلة: المدخل إلى التَّدريس. عمان، دار الشّروق، 2007.
    • كمال الدّين، يحيى مصطفى: محاضرات في مادة تقنيات  التَّعْليم ومهارات الاتِّصال. جامعة المجمعة.
    • كمال الدين، يحيى، مصطفى، (محاضرات في مادة تقنيات  التّعليم ومهارات الاتِّصال)
    • مونرو، ماريون: تنمية وعي القِراءَة، الاستعداد للقراءة وكيف ينشأ في البيت والمدرسة. تر: سامي ناشد، مراجعة وتقديم: عبد العزيز القوصي، القاهرة، دارالمَعْرِفَة، نشر هذا الكتاب مع مؤسسة فرانكلين للطِّباعة والنَّشْر، القاهرة- نيويورك، أغسطس، 1961 . 
    • نجيب، أحمد: فن الكِتابَة لِلأَطْفَالِ، دراسات في أدب الأَطْفال. مصر، دار الكاتب العَرَبِيّ للطِّباعة، 1968.
    • وهبة، مجدي: مُعْجَم مصطلحات الأَدَب، إنكليزي، فرنسي، عربي، مع مسردين للألفاظ الإفرنسية والعَرَبية. بيروت، مكتبة لبنان، 1974.
    • يعقوب، إميل؛ بركة، بسام؛ شيخاني، مي: قاموس المصطلحات اللّغويّة والأَدَبية، عربي- إنكليزي- فرنسي. بيروت، دار العلم للملايين، ط1، 1987.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات