الخيال هو قمّة الإبداع

12:49 مساءً الأربعاء 22 فبراير 2023
مدونات

مدونات

مساهمات وكتابات المدونين

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

من الأستاذة فاطمة حامدي، تونس

  انقضى اليومُ كما تنقضي بقيّةٌ أيّامِ الأسبوع ،فلا جديدَ فيه  يذكرُ فالأيّام في قريتي تكرّر نفسها وتنقضي بطيئة  تاركة ملَلاً يسكن نفوسَنا الصّغيرةَ .  وقبل أن أخلدَ إلى النّوم أخذت جهاز الهاتف المحمول لأعدّل ساعة المنبّه فيه فلم أتعوّد بعد على الاستفاقة باكر لِأحضَرَ تحيّةَ العلم في المدرسة فقد حذّرنا المديرُ  من لا يكونُ في الموعد إيّاه  ويأتي متأخّر  لا يُقبل إلاّ بحضور وليّ أمره وأنّ باب المدرسة يُغلقُ قبل السّاعة الثّامنة بخمس دقائقَ،  ففي عطلة  الصيّف غالبا ما يطول بي السّهر فالمناسباتُ فيه كثيرةٌ  و لا أستفيقُ إلاّ عند الظّهيرة  . فلفتت انتباهي رسالة تصلني من صديق  ففتحتها وقرأت:

“(bimounasabati 2lyawm él3alami lillou8ati . tou9imou 5aden madinata al7ouroufi al3arabiyati 7aflen fela tata2a5arou 3anil7oudhouri )

 سُرِرْتُ بالدّعوة  فتلك مناسبةٌ  نلتقي فيها بخطّاطين وأدباء وشعراء  لم نلتق

بهم من قبل  ولكن نعرف صورهم فالشّيخ “قوقل”  لم يبخل  بها علينا .   2 ) (google)

 ولمّا حان الموعد  حضرت  في مدينة الحروف الّتي كانت متاخمة ( مجاورة ) للبحر  فاستقبلتني نسماتٌ مشبعة رطوبة  مائيّة ذات ملوحة  وتستطعمها الشّفاه و تعبق برائحة البحر وتفوح  فلاّ وياسمينا  وإكليلا وسعترا ، فمدينة ُالحروفِ تتوسّط مروجا خضراءَ شاسعةً و تحدُّها جبالٌ تسكنُها غابة كثيفة ظليلة  : أشجار سرو وصنوبر  وبلّوط  وفلّين  ملتفّة الأغصان تشتعل اخضرارا  تسكنها الطيّور تجري من تحتها الأوديةُ  . 

  وحين وصلت سبقني إلى مدينةِ الحروف  خطّاطون كانوا قد عرضوا لوحاتِهم .هي  لـوحاتٌ  فـنـيـةٌ تنطق بــمــفــرداتِ الجمالِ ،يلفّها سحرٌ وبهاءٌ وفتنهٌ   وأدباء هم أيضا  عرضوا ما ألّفوه  من كتب وقصص ورواياتٍ  ومسرحيّاتٍ. أمّا منصّةٌ الشّعراء فقد اعتلاها جَمْعٌ غفيرٌ ممّن اِحْتَرَفُوا نَظْمَ الشّعرِ  يتناوبون  ويتنافسون في مدح اللّغة العربيّة  .

ولم يخل الحفل من مشاركات الأطفال في ورشات عمل  يمارسون فيها   أنشطة متعدّدة ومتنوّعة تجمع بين الرّسم والإملاء والتّأليف  و في آخر الحفل ،ينال  الفائزون جوائز قيّمة .هم أطفال في مثل سنّي قد تراوحت أعمارهم بين عشر سنوات واثنى عشرة سنة .

    طفت في أرجاء المدينة  وكانت حروف اللّغة العربيّة  تغمرها الفرحةُ والبهجةُ والسّرورُ في عيدها وهي تعدّ الجوائز للفائزين  ، فقريبا تبدأ المسابقات وبعد ساعات قصيرة سيُعلًن عن أسماء الفائزين . وقرّرت حروف اللّغة أن تبدأ لجنة التّحكيم بتقييم مشاركات الأطفال . وخلال الفرز لاحظت اللّجنة أنّ جلّ الأعمال  تشكو من رداءة في الخطّ  وأخطاء في الرّسم  وتعثّرات في التّعبير  والتّركيب و لفت انتباهَها عملُ أحد الأطفال   لقد عبّر الطّفل عن فرحته بمشاركته اليوم في حفل عيد الحروف العربيّة فكتب فقرة يصف فيها  فرحته :

)Kam ana sa3idon elyawma 7aleta fara7in kabiratin ta8moroni fekam ene fa5ouron biki ya lo8atana el3arabiyati domti  bi 2elfa  5eirin  ya lou8ata 2 dhadi J    (

 3)  فأحدثت تلك الكتابات ضجّة و ضجرا و استاءت لجنة التّحكيم  المتكوّنة من نساء ورجال اختلفت أعمارهم وشعرت الجماعة بالإحراج، فماذا عساها تقول للحروف العربيّة في يوم عيدها.

   ولمّا سُئِل الأطفال عن رداءة  مشاركاتهم التّي تحرمهم من نيل جوائز قيّمة نزلت الأجوبةُ على أعضاء لجنة التّحكيم نزول الصّاعقة  فأجاب أحد الأطفال وكان من المشاركين في ورشة الإنتاج الكتابي  :” تحضرني الأفكار ولكن لا أملك العبارة  خلال الكتابة ”

 تقدّم آخرٌ وقال ” أنا خطّي رديء فكلّ الأقلام استعملتها  ولكن دون جدوى” و أضاف طفل ثالث  و كان من المشاركين في مسابقة الإملاء .:” أنا  لا أميّز بين كتابة( التّنوين وكتابة الإشباع ) و كذلك بين (تاء الإسم وتاء الفاعل) كما أخطئ في( رسم الهمزة ) ولا أميّز بين مَواطن   (ألف المدّ ومتى أكتب الألف المقصورة )  ولا أميّز( بين المضارع المنصوب والمضارع المجزوم  )”

  وتقدّم طفل آخر من المشاركين  و هو يحمل بين يديه لوحة رقميّة وقال       :” هذه اللّوحة الرّقمية تلازمني في كلَّ أوقات الفراغ  وقد تعوّدت على كتابة الرّسائل الإلكترونيّة مستعملا حروفا لاتينيّة وأرقاما و لقد تعوّدت عليها واستسهلتها “. وأضاف موجّها كلامه إلى أحد أعضاء لجنة التّحكيم وقال “أنت أيضا سيّدي الكريم  تستعمل الكتابة نفسها في رسائلك الإلكترونيّة  وإلاّ كيف فهمت الفقرة التّي كتبتها تحيّة  منّي للغة الضّاد ؟” تبادل أعضاء لجنة التّحكيم النظراتِ في ارتباك   ورنا صّمت ثقيل تخلّلته وشوشات وهمسات .

 وفي ركن آخر من الحديقة تجمّع الوافدون على الحفل في الأروقة حيث عرضت لوحات الخطّاطين  ورصّفت كتب الأدباء ودواوين الشّعراء  والحيرة تعلو الوجوه المصفرّة ….. لقد صارت اللّوحات  بدون رسومات  وأصبحت صفحات الكتب بيضاء : لقد هجرتها حروف الضّاد حين بلغها أمر الأطفال .  وعلت الأصوات  متسائلة مستنكرة مستغيثة  ..

4)  وطالت(وصلت)  الحيرة نفوس الأطفال وأصبح الجميع يسأل عن أسباب ما حصل فجأة.فتقّدم عضو من لجنة التّحكيم كي يعطي فكرة عمّا حدث ،عندها أصبح الأطفال في موقف لا يحسدون عليه، إذ حمّلتهم لجنه التّحكيم أمام جميع الحاضرين مسؤوليّة ما يحدث اليوم في عيد الحروف العربيّة فلم يتمالك الأطفال أنفسهم فمنهم من بدأ يغالب  دمعات تكاد تنهمر من عينيه  وآخرون ارتسمت على وجوههم  ملامح الحيرة والحزن. تقدّم أحد الأدباء من الأطفال محاولا  مآزرتهم   وقال مطمئنا: -“لا تنزعجوا كلّنا مسؤولون عمّا حدث اليوم و سنعمل  جميعُنا جاهدين على  مصالحة الحروف  ومراضاتها . ل  الكاتب مصطفى عزّوز “- سننشئ ورشات عمل ونتعاون على أن يتخطّى أطفالنا الصّعوبات الّتي لـقـَوْها فهم ورثـــتـــنــا وعليهم المحافظة على تلك الثّروة المكتوبة بحروف أقسم بها اللّه تعالى في سور  القرآن الكريم كما أقسم بالقلم و بما يسطرون ويكتبون وأمرنا بالقراءة الّتي لا تقلّ شأنا وقيمة عن العبادات المفروضة فالقراءة فعل ضروريّ 5) فهي تفتح لنا أبوابا قد لا تخطر لنا. ولذلك أنا سأساعد الأطفال الّذين لديهم صعوبات في التّعبير الكتابي  ، سأهديهم كلّ القصص التّي كتبتها للأطفال وسنقرؤها معا  وبعد قراءتها سأدرّبهم على كتابة القصص  وسأعطي جوائز قيّمة للفائزين . وسنزور المكتبات العموميّة  ومعارض الكتاب .وأضاف يقول”-أكيد هذا النّشاط سيتطلّب منّا جهدا كبيرا و وقتا طويلا ومن المؤكّد أنّه سيثمرُ وسيعطي أكله  “.أعجب الأديب محمود المسعدي بمبادرة  صديقه فتقدّم من الأطفال وقال وهو يشجّعهم على القراءة والكتابة ويحثّهم على الإبداع”:-أنتم أطفال من جيل غير جيلها  لم تعيشوا الفقر والحرمان في طلّ الاستعمار الفرنسيّ   أنتم جيل محظوظ توفّرت لكم  تكنولوجيا المعلومات  وانتم تتقنون التّعامل معها .وسائل علميّة حديثة  جعلت لكم العالم قرية صغيرة وقرّبت منكم المعلومة بالنّصّ والصّورة فاحرصوا على حسن استغلالها وحسن توظيفها واملأوا وطابكم بالعلوم ومن كلّ فنّ خذوا مقدارا(المحفوظات) كما عليكم أن تـثـقوا في قدراتكم فأنتم قادرون على الخلق والإبداع والإنشاء والابتكار. فحلّقوا بخيالاتكم في عوالم الخيال الرّحبة التّي لا تُحَدُّ لها رحابُ “(لا حدود لها ) 
.تقدّم أبو القاسم الشّابي  وألقى على مسمع الأطفال  بيته الشّهير “إذا الشّعب يوما أراد الحياة فلا بدّ أن يستجيب القدر” وأضاف يقول “-بالإرادة نستطيع تضليل الصّعوبات وتجاوزها وبالعزيمة نصنع المعجزات .بالحروف نسجت الشّعر ألوانا وبه تحدّيت المستعمر الفرنسي الظّالم المستبدّ ولقّنته درسا بأنّ الشّعب التّونسي يحبّ الحياة   ومتعلّق بأرضه  الّتي لن يفرّط في حبّة رمل من ترابها فالكلمات سلاح لمن أراد الغار(    من محفوظات )والكلمات نجوم ضياؤها الحكمة و العلم والفن والحبّ  والجمال  فاحفظوا أشعاري.لقد تركت لكم قصائد هي لوحات زخرفتها الحروف العربيّة.فحافظوا على موروثكم الثّقافي الّذي يشكّل هويّتكم ويميّزكم عن بقيّة الشّعوب. إرث ثقافيّ  تفخرون به وتعتزّون  كما تعتزّون يتاريخ بلدكم تونس الجميلة المتجذّرة في أعماق التّاريخ منذ أكثر من ثلاثة آلاف سنة بلادكم تونس السّلام تونس الحبّ تونس الجميلة ”

  أعجب العلاّمة ابن خلدون بخطاب أبي القاسم الشّابي وتقدّم من الأطفال وقال ” الخطّ العربي هو رسوم وأشكال حَرْفـِيّة   تدلّ على الكلمات المسموعة  الدّالّه  والمعبّرة على ما في النّفس الإنسانيّة (نفوس النّاس ) من معان و مشاعر، فالنّاس  6) يتخاطبون ويتواصلون  ويتفاهمون فيما بينهم باللّسان أمّا تاريخهم وحضارتهم  وعلومهم (الفيزياء  والطبّ والرّياضبات .وعلم الفلك …)  فقد وثّقوها  وحفظوها بالقلم  والكتابة . فالخطّ للقلم لسان”.  كان الأطفال يُصغُـون إلى محدّثيهم   وينصتون إليهم بكلّ انتباه  فكم فرحوا بهذه الإحاطة وهذا التّشجيع.

     و لم يخل الحفل من وسائل الإعلام المكتوبة (الصّحف) والمسموعة ( المذياع) والمرئيّة ( التلفزيون) التّي جاءت منذ ساعة مبكّرة من اليوم لتنقل أجواء الحفل إلى النّاس  و”تحدّثهم عن سراج الحروف المنير ” فتصير مدينة الحروف منارة  تشعّ”  

السيدة سعيدة الزغبي سليمان وبرنامجها الإذاعي ” حلو الكلام” باستضافة الدّكتور رضاء الماجري 
موضوع الحصّة تاريخ اللّه التونسيّة

 واندهش الإعلاميّون الحاضرون للحدث المفاجئ ولكن لم يبخلوا عن مساعدة الأطفال على الخروج من مشكلتهم .تقدّمت الإعلاميّة أمّ نورس وقالت “- أنا صحفيّة أشتغل في الإذاعة منذ سنوات عديدة  أقّدّم برنامجا باللّغة العربيّة الفصحى تحت عنوان “حلو الكلام” ومن حسن حظّ هؤلاء الأطفال  أحضرت معي تسجيلا لحصّة كانت بعنوان “تاريخ اللّغة التّونسيّة ” لأشارك به الحروف العربيّة فرحتها بالعيد ” ثمّ أخرجت من جيبها جهازا صغيرا وأسمعت الحاضرين ما سجّلته من عمل وانطلقت نبرات صوتها تسمعنا حديثا مشوّقا ومفيدا ” إنّ اللّغة التّونسيّة الّتي يتخاطب بها التّونسيّون و بها يتواصلون هي تراث حضاريّ وتاريخيّ جعل اللّغة التّونسيّة كلوحة من فسيفساء زيّنتها حضاراتٌ  شعوب عمّروا بلادنا قبلنا وتركوا لنا فيها آثارا معماريّة  وصناعات  وفلاحة وحرفا  ولغات،لقد مرّ ببلادنا تونس  البربر و الفينيقيون والقرطاجينيّون والبونيّون 7)فالـرّومان  والعرب  والأتراك والأندلسيّون  والفرنسيّون والمالطيون والإيطاليون .فالفضل يعود إلى الحروف العربيّة التّي دوّنت لنا(كتبت) هذا التّاريخ لتذكّرنا أنّ شخصيّة التّونسي  مزيج  بألوان تلك الحضارات فهي(شخصيّة التّونسي) بذلك التّنوّع  قادرة على قبول الآخر والتّعايش معه على اختلاف لونه أ و دينة بسلم وأمن ”  . ولمّا لفت انتباهها مدى اهتمام الأطفال لما يستمعون إليه وهم  متلهّفون إلى المعلومة وعدتهم باستضافتهم في أستوديو الإذاعة ليتحدّثوا عن ما ستحقّق إراداتهم وعزمهم على تخطّي صعوبات التّعلّم وتحسين نتائجهم في القراءة والكتابة  والتّعبير بمساعدة أدباء وكتّاب تونسييّن أحبّوهم  . فازداد الأطفال  بتلك  البشرى ثقة في نفوسهم  وعزما على تجاوز الصّعوبات وتخطّيها لتحقيق الأفضل وهم يتوقون إلى الخلق والإبداع     مرّ وقت طويل صار  يلتقي فيه الأطفال بالأدباء والشّعراء والخطّاطين يقرؤون ويكتبون وبدا الأطفال متحمّسين لقد لاحظوا استرسالا في قراءاتهم وجمالا في كتاباتهم  وحسنا في تعابيرهم .

8) وذات يوم بينما كان الأطفال  مستمتعين  بقراءة قصص كتبوها حلّقت فوق مدينة الحروف نوارس بيضاء تحسبها(تظنّها/ /تخالها) السّحب محدثة جلبة وكأنّ تلك ضوضاء التّي أحدثتها النّوارس  تنبىء بسرّ ، ثمّ غابت النّوارس فجأة  وغاصت في أعماق البحر القريب من مدينة الحروف  وأحسّ الأطفال بأنّ النّوارس ستعود لتحلّق من جديد  .  وما خاب ظنهم لقد عادت النّوارس لتحلّق من جديد  كانت عير بعيدة عنهم وكان كلّ طير يحمل في منقاره  صدفة  تتلألأ كأنّها قطعة ذهــب .ونوارس أخرى تنشد. وتعلّقت أبصار الأطفال بمشهد النّوارس  والصّدفات  وانطلق صوت من مدينة الحروف كأنّه يريد أن يفكّ رموز هذا اللّغز يقول: “أنا البحر الدرّ فيه كامن فهل سألوا الغوّاص عن صدفاتي ” 

فألقت النّوارس بالصّدفات التّي ظلّت تسبح في العلا وانشغل الأطفال يعدّون الصّدفات قال خليل –” إنّها ثمانية وعشرون صدفة ” وما كاد ينهي كلامه حتّى  تفتّحت تلك الصّدفات  وقد تربّع في كلّ صدفة حرف من الحروف العربيّة  وهو يشعّ ضياء ونورا .

 9) فتنفّس الأطفال الصّعداء وبدؤوا يهنّئون بعضهم البعض برجوع الحروف الى مدينتها بعد غياب طال, .أماّ تلك الحروف  وهي في عليائها تراها تتجمّع مشكّلة تيجانا و بدأت تقترب شيئا فشيئا والأطفال يتابعون حركتها في فضول حتّى استقرّ كلّ تاج  على رأس كلّ أديب وشاعر وخطّاط قضّى وقتا طويلا يعلّم أولئك الأطفال فنون القراءة  أو يقوّم أخطاءهم أو يصلح لغتهم . أدباء وشعراء وخطّاطون أحبّوا الحروف فأحبّتهم وانصاعت لهم (طاوعتهم) فبها  وثّقوا علما نافعا و ألّفوا قصصا ونظموا أشعارا  و زخرفوا لوحات فنيّة  ونقلوا علمهم إلى أطفال ليجعلوهم خير وريث لهم. أطفال  يرثون”ثروة  من حازها لا يعرف الإملاق و الإعسار “( المحفوظات) . وانطلقت الحناجر تشدو وتتغنّى محتفية ومحتفلة  بالحروف العربيّة   وبدأ الأطفال يتناوبون على مدح اللّغة العربيّة والتفاخر بها  .فاختار بعضهم إلقاء أبيات شعريّة  تمجّد اللّغة العربيّة  في حين تلا آخرون آيات قرآنيّة بدأت بالحروف 10العربية المقطّعة و أخرى  تأمر بالقراءة ( الأعلى)  ومعرفة قواعد اللّغة و علم البيان واختار آخرون  أن يكتبوا جملا قالها غير العرب الّذين عبّروا عن إعجابهم باللّغة العربيّة  . محاولين  في ذلك تطبيق  ما تعلّموه في حصص الخطّ مع من احترفوا فنّ الخطّ العرب،في حين تقدّمت  طفلة  توزّع على الحاضرين كعكا اتّخذ شكل  الحروف العربيّة  كان صديق آخر لها   تهديهم  صدارات  كتبت عليه الحروف العربيّة بالأحمر والأخضر وهي ألوان ترمز إلى الحياة والدّيمومة والاستمراريّة 

كانت الحروف  تتابع  أنشطة الأطفال المتنوّعة تغمرها الغبطة والبهجة والسّعادة والتّفاؤل ، لقد وثقت اليوم في قدرات هؤلاء الأطفال الّذين  يملكون كنوز الإبداع  فإنّهم عندما يجدون العناية 11والمتابعة يزدادون عطاء وإنشاء  وثقة في نفوسهم فهم كالنّبتة  الغضّة  الطّريّة كلّما وجدت عناية ، اشتدّ عودها وتضاعف إنتاجها عطاؤها. وفي آخر الحفل فاجأت الحروف الحاضرين بأن  قدّمت معجما الكترونيّا فريدا من نوعه وهو معجم عربي عربي  يتضمّن ثمانين ألف كلمة عربيّة كما يحتوي على دروس في  قواعد اللّغة .  لتعبّر لهم أنّ وسائل الاتّصال الحديثة  قيّمّة متى أحسنّا استثمارها واستعمالها

     فلو لم يخطئ الاطفال  ولو لم يتقبّل الادباء والشّعراء والخطّاطين اخطاء الاطفال  ولو لم يعملوا على مواجهة اخطاء الاطفال  لما تدارك الأطفال أخطاءهم   ولما عادت الحروف الى مدينتها ولما تمّ الاحتفال بالعيد فصدق من قال ” من اخطائنا نتعلّم ”  ” وفي ذلك يقول باحث مغربي يجب على المتعلّم أن يتعلّم  أنّ من حقّه  أن يخطئ ،وأنّ الخطأ ليس  محرّما ” فكثيرا من الحقائق العلميّة كانت نتيجة تصحيح لخطإ ، فالحطأ في عدم تقدير  أهميّة الخطأ”

عمل جماعي بمناسبه اليوم العالمي للّغة العربيّة تلامذة السّادسة “أ “و” ب” المدرسة الإبتدايّة والغ السّنة الدّراسيّة 2015-2016  معلّمة القسم السّيدة  فاطمة حامدي

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات