رواية (الأثير) للدكتورة إيمان بقاعي: عودة إلى بَيْروت “حديقة العَرَب المُطِلَّة على أوروبا”

11:08 صباحًا الجمعة 24 فبراير 2023
د. أحلام بيضون

د. أحلام بيضون

أستاذة القانون الدّولي في الجامعة اللُّبنانية. كاتبة وشاعرة وفنانة تشكيليَّة

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print
د. أحلام بيضون

أخذتني رواية الكاتبة الدكتورة  (إيمان بقاعي) الجديدة، (الأثير) في جولة عكسية، فعشت أجواء الحرب الأهلية بأهوالها، وآثارها من جديد، فكنت أجول مع بطلة القصة وبرفقة (أثيرها)، على أحياء بَيْروت وأماكنها التي ترتبط بذاكرة اللّبنانيين، ذاكرةَ ما قبل الحرب، حين كانت بَيْروت، حديقة العرب المطلّة على أوروبا، حين كانت مقاهيها تعجّ بالإعلاميين والمفكرين والأدباء والسِّياسيين الفارِّين من بلادهم بسبب الملاحقة.

ذكرتّنا الكاتبة بشوارع بَيْروت وأسواقها، وبيوتها التراثية.

لم تكن تلك الذكرى دون أثر، فهي تشعرنا بالأسف والحسرة، على بلد أضاعه القائمون عليه بسبب غبائهم وجُبْنِهم وخوفهم من التَّغيير، أو من الوقوف بشجاعة في وجه الخارج المتربِّص بذلك البلد.

كم كانت تلك الحرب عبثية وظالمة، وكم أشقَتْ من بَشَر، وشرَّدت من أناس عن بيوتهم، وهجَّرت آخرين، ربما لن يفكروا أبدا بالإياب.

استعرضت (إيمان بقاعي) في روايتها كل أجواء الحرب الأهلية وانعكاساتها، ومرّت بنا على جامعاتها، ومكتباتها، وحياة الطّلاب، من خلال عرضها لتلك القصة الرُّومنسية بين أستاذ وطالبته، وكيف أن تلك العلاقة هي عبارة عن مزيج من الصَّداقة والاشتياق، وساقتنا معها كي نعرف بدايات القصة، بعد أن بدأت بنهايتها، حين عادت البطلة بعد انقطاع لتلتقي ببطلها، بعد انقطاع دام لسنوات، دون استئذان، ودون معرفتها لسبب مبين لحدوث ذلك.

رواية الكاتبة (الأثير)، زاخرة بالمشاعر الإنسانية، بدءًا بالحنين للمنازل المهجورة، واستذكار سكانها، مرورًا بالحنين للمدينة وأحيائها العامرة، وصولًا إلى ما اصطلح (اللُّبنانيون) على تسميته “الزمن الجميل”، حيث كانت تعمر عاصمة (لبنان) (بَيْروت) بألوان البهجة وترفل بأشكال الحضارة، وانتقالًا إلى المشاعر الإنسانية بمعناها الضَّيق الذي يتسع بقدر ما يحتضن من معانٍ وخيال.

لقد لامسْنَا تلك العلاقة الخجولة، المزينة بمسحة من الرٌّومنسية، التي تواجه صعوبات في الخروج إلى حيّز الواقع المعاش، فتبقى أحلامًا وخيالًا، وتضيع بين معاني الصَّداقة والشَّغف والحنين، ولا تجد منفذًا للانطلاق، فتبقى حبيسة النفوس الكريمة، والخيال المعطاء، ويبقى متنفسها الوحيد التَّعبير من خلال عبارات تضعف أو تكتمل بأداء المعنى المقصود وفقًا لقدرة الكاتب في تبليغ ذلك.

ولا شكّ أن الأستاذة الجامعية (إيمان بقاعي)، المتخصصة باللُّغة والأدب، والتي لها باعٌ طويل في كتابة القصص، والمشاركة في وضع المعاجم اللغوية، هي خير من بإمكانه تبليغ المعنى المراد بأقل كلام ممكن.

                                                                    د. أحلام بيضون : أستاذة القانون الدّولي في الجامعة اللُّبنانية. كاتبة وشاعرة وفنانة تشكيليَّة.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات