حواريَّةُ وجيه فانوس

09:56 صباحًا الخميس 9 مارس 2023
د. منى رسلان

د. منى رسلان

أُسْتَاذةُ النَّقْد الأَدَبِيّ المعاصر والمنهجيَّة فِي كليَّة الآدابِ والعُلومِ الإنسانيَّة في الجامعة اللبنانيَّة

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

وجدانيّة شعريّة كتبتها الدكتورة منى رسلان في أستاذها الكريم بعنوان:
«حواريَّةُ وجيه فانوس»

وجيه النَّاسِكُ في الصدى، ينسلُّ مُتأبِّطاً قلب أُمِّه
وهَّاجاً، ضيَّاءً
وكالنسيم يجيءُ نديَّاً
كالحُبِّ يسموُ نبيلاً
كاليراع الرَّضي
وجيهُنا، عزيزُ مسرَّاتنا وأحزاننا،
وجيهُنا صديقُنا الأمين، وظِلَّ الله في كينونة رجائنا..
يمضي مُواجهاً، مُقارِعاً، ممارِساً لفاعليَّته الوجوديَّة
نعم، يمضي، كعادته يمضي، سالكاً معارج الحياة، غير آبه
يمضي
تاركاً وراءه خيبات أزمنة تُقارع ماضويتها.
يمضي
ثمَّ يمضي مُؤسِّساً لتمايُزٍ ثقافيٍّ عُروبي…
نعم… يمضي بعِزَّة.. ويُدهِشُنا
وها إنَّ فُجائيَّة وجيه اللحظة، يستدعينا إلى عميق التفكُّر
وها إنَّ فُجائيّةُ وجيه الومضةُ، يخطُفُّنا من دهاليز قوقعنا، يدفعُنا نحو الرِحاب الأوسع.
إنَّها شعشعانيَّة وجيه المُخلص، يغرِسُها في جُذورِنا وطنية وعروبة، 
يُنعِشُ الأمل فينا
بلسماً للإنسانٍ، للأوطانِ، للحُرِّية والقضيَّةٍ.
**
وجيه فانوس بانورامي الثقافة،
كاريزماتكي المنابر،
سيّدَ مشهديّةِ الساعةِ ٥:٤٠ دقيقةً من صباحِ يومِ الأربِعاء ١٣ تموز /يونيو ٢٠٢٢.
فُجعتُ.. فُجِعنا،
تلاشيتُ وتلاشينا، ورويداً… رويداً تصبَّرنا.
فأنتَ الوجيه سرُّ الإلماحِ،
شيخ المُتصوِّفين،
بحكمة الأتقياء، المُثقَّف عروبيُّ الهُويَّة،
العَارِفُ بِفُنُونِ القَوْلِ واللغة، فأعطيت طُلاَّبِكَ وَمُرِيدِيكَ والمحافل والمنابر من شِغاف قلبك وعقلِكَ المُستنير ليُظهروا أفضل ما عندهم، وأنتَ المُفتخر بهم يَسِيرُونَ معك وإِلَى جَانبِك. أسمعُك في كُل هُنيهةٍ تُطِلُّ عليّنا هُنا ومن بين الجموع، بصوتُك الرخيم الحنون، مُعتزاً: «إنَّهم (هودي) أولادي، أنا مربيهم»؛ فتنبسطُ أساريرنا. إنَّه وجيهُنا، عضدُنا.
أنتَ يا (بيي) أبي وأُستاذي، أنتَ يا صديقي ومُعلّمي ومُرشدي، ويا ناصحي وسندي ومؤنسي وإنساني في هذه الرحلةِ الإنسانيةِ والثقافيّةِ وعيش الوجود، انطلاقاً من الجامعةِ اللبنانية -كلية الآداب- قسم اللغة العربية في الفرع الأوَّل؛ والتي امتدَّت طَوال ٣٣ سنةً ، والتي لن تنتهيَ.


**
هي حواريَّةُ ومضاتُك فانوسنا حيثُ
تقفُ ابتسامتُكَ على حافةِ الكلماتِ.. تُفتِّشُ في وُجوهِنا
عن بوح أقلامِنا، عن سكنٍ وسكينةٍ وطمأنينةٍ
عن وُريقاتِ تشريننا الحَالِم بالغدِ
عن قيمِ العدلِ في لبنان
عن وطنٍ أنتَ ارتضيتهُ لنا مُشرقاً، في زمنٍ ينهارُ فيه السّدُّ
فنُبصِرُ من هُناك ومِن هُنا وجهُك البهي يمتدُّ…
ويمتدُّ يُلامِس صوت الياسمين
ورياحين المدِّ
مدِّ عُروبتك لتغدو الإنسانيَّةُ أعظم أقدارِنا.
أيُّها الوجيهُ، لن تُغادرنا يوماً
أنت الفانوسُ المِضيّاءُ في عتمةِ أنفُسِنا
أنتَ المُجتهد، الغنيُّ المعرفي،
أنتَ المِضياف، المُرحِّب، الحاضنُ الخلوق؛
أنتَ وجيه فانوس المُغامِرُ المُعانِدُ، المُكابِدُ، والمُسانِد والمُجاهِدُ الأكبر،
المُعشوشِبُ بأطياف سحرٍ يسرحُ ويمرحُ
يشقى ويتعب
يبزرُ ويحصد،
ويجني عروقاً نابضةً بالعيش، بالفاعليَّة النضرة
أنتَ الوجيه فينا… أنتَ قبسٌ من محبَّة وحُب
أبعدُ من هذه الأزمنة، أوسعُ من مِداد قلبِكَ الشَّقي
الَّذي ما فَتِئ يُقارِع فينا وفيَّ سهام الوجد.
أنت أيُّها الحبيب
أنت وجيه فانوس يأخُذُني مِدادُهُ من اللحد إلى الانبلاج
جداول الرؤى
ضيا السُبُلِ
فأهتف للحُريَّةِ إيفاءً بعهدِكَ
فعلها… وجيه فانوس
وانتصر.
**

الدكتورة منى رسلان: أُسْتَاذةُ النَّقْد الأَدَبِيّ المعاصر والمنهجيَّة فِي كليَّة الآدابِ والعُلومِ الإنسانيَّة في الجامعة اللبنانيَّة

One Response to حواريَّةُ وجيه فانوس

  1. eman Bikai رد

    10 مارس, 2023 at 9:22 ص

    لم أرَ من قبلُ “معلِّمًا” نال محبة كل طلابه ومريديه، وثقة كل طلابه ومريديه مثلما نال أستاذُنا الدكتور وجيه فانوس، الذي قلتُ إن اسمَه يُحفَر بماء الذهب عَ “الحَوْر العتيق”.
    ولم أر مهتمًا بطلابه من خلال تأمل عيونهم، قبيل المحاضرة أو أثناءها أو بعدها، في محاولة منه لمسح ألمٍ جسدي أو نفسي أو اجتماعي كما اهتمامه.
    لطالما كان نصير الطلاب، يلجأون إليه واثقين بأنه لن يتهرب، أو يعتذر، أو يتراجع إن وعدَ، فكأنه قلب أمٍّ لا تولي اهتمامًا لابن دون آخر ، إلا إن كان مريضًا حتى يشفى، أو ضعيفًا حتى يقوى، أو مكسورًا حتى يُجبَر كسرُه.
    إن استُنصِر، كان صَموتًا، مصغيًا، حليمًا، هادئًا، يقلّب قضية المستنصِر به بتؤدة وتروٍّ وبذكاء نادر، ناظرًا إليها من كل الزوايا، وواجدًا لها حلًّا منطقيًّا، متزنًا، رفيقًا، آخذًا بعين الاعتبار كل التفاصيل التي تميز قضية عن أخرى، فلا حلَّ يشبه غيره، إلا من خلال إيلاء الاهتمام.
    كل تلامذته أولاده، اما أولادهم، فيعرّفهم بالقول: “فلان حفيدي أكاديميًّا”، وعلى هذا الأساس يتعامل معهم جميعًا.
    أما مَن كان مِن تلامذته طَموحًا، فلا يترك يده إلا حين يطمئن إلى وصوله إلى حيث يجب أن يصل.
    فإن لم يعرف الطريق، استدعاه، ورسمه له، وتابعه بالسؤال عنه دائمًا، وذكّره بأنه سوف يضع حول عنقه وسامًا إن وصلَ.
    ومن قال إنه لا يمد له يد المساعدة إن وصل؟
    إنه الراعي المسؤول، فعلًا لا قولًا، عن رعيته.
    ومِن رعاية هذا الذي نصّب نفسه، بالحب راعيًا، أن يهتم بطلابه أسريًّا، فيهتم بدقائق تفاصيل أسرهم، وخاصة بمن يحتاج إلى رعاية، كالأطفال أو كبار السن والمرضى، فيربت كتف طلابه أنِ: اهتمَّ يا هذا بشؤون صغارك أو مرضاك أو عجائزك، فهم- كما كان يردد- “فرحة البيت”!
    أما إن اكتشف من طلابه موهوبًا، فيهديه- كلما رآه- كلمة تقدير تذكّره أنه لم ينسَ أنه مبدع، ولن ينسى. ولا غرابة إن أهداك ريشة إن كنت رسامًا، وقلمًا إن كنت شاعرًا أو قاصًّا، و”كاسيت” إن كنت عازفًا أو صاحب صوت جميل، وثناءً يصلك عن طريق مباشر، أو عن طريق الآخرين الذين يتحدث عنك معهم.
    وستكون في قمة سعادتك إن اصطفاك، فأرسل لك قبيل نشر دراساته الغنية بالأدب والعلم والفن والسياسة، النابضة بشعور وطني ألِق واسعٍ حينًا، ومكثف آخر حتى تظن أنه هو بيروت، وبيروت هو، فلا يمكن أن تذكرها من دون أن تذكره، والعكس صحيح.
    وأخيرًا، لن تذكر هذا الاسم الجليل، من غير أن تتذكر أنه رجل لمّاح، فَكِهٌ، يخترع نكتة من هنا، وتعليقًا ساخرًا من هناك، ويضعها على طاولتك إن كنت قلقًا أو حزينًا، فتنسى سبب حزنك وتحس أن من المعيب أن تتعثر بمشاكل الحياة ولديك مما يضحكك الكثير، وما عليك الا ان تفتش عنه في تلافيف دماغك وثنايا روحك، فالحياة أجمل من أن نفسدها بالحزن.
    شكرًا دكتورة منى لأنك، كأستاذنا، تحفزين أقلامنا أن تكتب عن الضوء الذي أنار فعلًا لا قولًا، دروب طلابه، وما زال، حتى يخيل لي أننا أخذنا دوره وقت يذكّر دائمًا بأستاذه خليل حاوي، غير طالب منه الشكر، لأن للشكر عنده فلسفة يرددها عن أمه: “لا شكر على الحُب!”، لذا، فإنه تاركٌ في الكون عطر فكره وإنسانيته وتعاليمه السمحة.
    9/3/2023

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات