كنا هناك حيث شفاء المرء من الداء، و حضرة الأولياء، و القمم تعانق السحب و عنان السماء .. في زغوان الوادعة البيضاء .. تكاد أذنيك تسمع الإنشاد خارجا من مقام سيدى على عزوز .. ليطوف بمقام أحبائه و إخوته من الأولياء المتجاورين معه على قمم جبل زغوان.. سيدي مدين، و سيدى صالح بو قبرين القاطن في أكثر من موضع، لتعم بركتهم على أشجار غابات زغوان الرائعة و مغاورها الساحرة محملة بعطر نسرين رأس العين أو النسري كما يسمى هناك .. و بصحبتة عطور أعشاب الغابة البرية من زعتر و أكليل و ريحان و غيرها حاملة روائحها الزكية و الشفاء من كل داء ..

و لا يتوقف الأمر عند تلك الأعشاب فقط بل و زيوت أشجار ” الذرو ”  و غيرها مما يستعمل في التداوي و التجميل و العديد من الأغراض، و لا تقتصر منحة الخالق السخية لولاية زغوان التونسية ما تحويه جبالها الشامخة التى تتحدى قممها البيضاء تحليق النسور، لكنها أيضا تزخر بالوديان الغنية التي كانت تحمل المياه لقرطاج و تونس عبر الحنايا المهيبة التي تنتصب من زغوان إلى تونس و قرطاج، و الحقول العامرة بمختلف أنواع الخضروات و الفاكهة و ثروة حيوانية هائلة تنافس في جودتها و عطائها صنوبر غابات زغوان الذي تنافس رائحة أشجاره رائحة أشجار الكافور و أعشاب الغابة..

– لكن يبقى زهر “النسرين” أو ( النسري ) كما يطلق عليه هناك هو درة التاج ” الزغواني ” دون غيره من منتجات زغوان من زهور و أعشاب الغابة المقطرة أو التي تستخلص زيوتها مثل ماء الورد و الزهر إلى غير ذلك ..

و فضلا عن إستعمال ” النسرين ” أو ” النسري ” كمعطر و منكه للحلوى فهو يشتهر بفوائده الكبيرة لمرضى القلب .. في منافسة مشروعة مع عسل نحل زغوان الشهير بأنواعه المختلفة التي تحمل الرحيق المتعدد لغابات زغوان .. و كما جعل الله العسل ” فيه شفاء للناس ” وضع في ” النسرين – النسري ” شفاء للقلوب ..

و لا يمر العيد الصغير عقب شهر رمضان المعظم .. أو مناسبة سعيدة في تونس دون أن يتصدر الحلوى ( كعك الورقة ) المحشو بمفروم اللوز الزغواني المعجون بماء ” النسرين – النسري ” و الذي تنتج مدينة زغوان أفخر أنواعه الذي يمكن القول أنه خارج المنافسة مع أيا كان ..

– و ” النسرين – النسري ” المقطر في زغوان يعد من أهم مصادر الدخل في تلك المنطقة، و يعد غالي الثمن نسبيا في تونس لكنه سعره عالميا يعد زهيدا حيث يصل سعر اللتر منه إلى مائة دينار بالنسبة للأنواع الممتازة بما يعادل 35 دولار، كما يصل سعر الكيلو من ( كعك الورقة بالنسري ) إلى رقم يتراوح بين ال 35 : 50 دينار أي مايقرب 20 دولار تقريبا ..

– و بما أن ” النسري – النسرين ” درة تاج منتجات ” زغوان ” كما ذكرنا سلفا فإن مدينة ” زغوان ” تقيم في كل عام مهرجانا له يعرف بإسم ” مهرجان النسري ” يشترك فيه المجتمع المدني الزغواني بروافده مع مختلف وزارات الدولة و جهاتها المختصة و الولاية في إقامته ..

و قد شاركت شبكة أخبار المستقبل آسيا إن في إحتفالية حفل إختتام مهرجان النسري بولاية زغوان ضمن زيارة موسعة لعدة مناطق من الولاية ..، حيث بدأت فعاليات الحفل برعاية و مشاركة من عدة جهات تمثل الدولة في مقدمتها السيد/ محمد العش .. والي زغوان، و السيد/ سفيان ڨربوج .. مندوب الصناعات التقليدية بزغوان ..، و عن المجتمع المدني في “زغوان” السيد/أنيس بن سليمان .. رئيس جمعية مهرجان النسري، و السيد/ محمد إسكندر نصر الله ..، و قد تضمن الحفل  عرضا للأزياء و حفلا ساهرا و عدة نشاطات أخرى فصلها في تصريحه ” أنيس بن سليمان ” رئيس جمعية المهرجان*

Tweet