ذاكرة الترف النرجسى..حكايات عن نضال عرفات والمرأة الفلسطينية

11:12 صباحًا الأربعاء 23 أغسطس 2023
  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

عبر رحلة قص بديعة وسرد ممتع ولغة رصينة مرصعة بالجماليات والتشبيهات البلاغية وقوة اللسان العربى ترافق فيها النضال الثقافى مع النضال السياسي؛ تأخذنا د. حنان عواد الفلسطينية المقدسية من خلال صفحات كتابها » ذاكرة الترف النرجسى..قناديل على نافذة العمر « لتروى لنا ليس سيرتها فقط بل سيرة كل فلسطينى اختار أداة من أدوات الكفاح ضد المحتل الغاصب، فتنوعت تلك الأدوات ما بين كفاح مسلح، أو نضال دبلوماسى، أو نهوض ثقافى إبداعى عبّر عن الهوية الوطنية بأبعادها الفلسطينية والعربية والإنسانية، كما يقول الأديب الفلسطينى يحيى يخلف فى تقديمه للكتاب.

الأديبة الفلسطينية د.حنان عواد التى لُقبت بعاشقة الوطن وسفيرة الإنتفاضة عملت فى أكثر من منصب ومكان، لكن أهم تلك المناصب هو عملها مدير عام مكتب الرئيس الراحل ياسر عرفات، ومستشاره الثقافى، فضلا عن كونها عضو المجلس الوطنى الفلسطينى، ورئيس فرع فلسطين للرابطة الدولية للقلم، ومؤسس اِتحاد الكتاب الفلسطينيين بالأرض المحتلة.

لكن الحديث عن الكاتبة نفسها وعن مؤلفاتها ورحلاتها من أجل القضية المركزية لها ولكل فلسطين والعرب يطول شرحه، ذاك أن عواد اقتحمت مجالات عدة ناضلت فيها بالقلم تارة، وبالكلمة أخرى، وبالعلم تارة ثالثة، هى أديبة وشاعرة، جعلت القضية الفلسطينية شغلها الشاغل، تلقت تعليمها فى مدارس القدس، ثمّ جالت العواصم تنهل من جامعاتها أرقى الشهادات، من جامعة بيروت العربية، إلى جامعة الأزهر فى القاهرة، ثم جامعة أكسفورد فى لندن، وماكجيل بكندا، حيث حازت على درجتى الماجستير وتابعت دراستها لنيل الدكتوراة من الجّامعة نفسها. لتعود إلى الوطن لتكون عضوًا مؤسسًا فى جامعة القدس، ومحاضرة فى جامعة بير زيت.

والقارئ لهذه السيرة الممتعة عبر 490 صفحة من القطع المتوسط، يلاحظ بين ثناياها تجربة ارتحال وسفر، تستعرض عبر الصفحات تجارب عديدة ومحطات حياتية، نقلت وصفا جماليا لكل بلد زارته، وكل شخصية التقتها، وكل رئيس دولة تحدثت معه، عن فلسطين ونضال رجالها ونسائها، وعن أيقونة فلسطين الرئيس ياسر عرفات.

حفل توقيع كتاب الدكتورة حنان عواد “ذاكرة الترف النرجسي” بحضور الرفيق واصل أبو يوسف عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية. حنان عواد شاعرة من ذلك الجيل الذي جعل من الكتابة في زمن الاحتلال فعلاً نضالياً رغم كل الملاحقات. ابنة القدس وحارسة حكايات كثيرة مرت بها ومر بها العمر. في الكتاب السيرة لحظات مقدسية ومرور معبق بالحب لياسر عرفات وخليل الوزير ورفاق درب كثر. إنه التحام المثقف مع نضال شعبه.

على أن أهم تلك المحطات فى هذه السيرة هى تلك العلاقة المتينة مع الرئيس الراحل ياسر عرفات، حيث تقدم شهادة تاريخية لصمود الرئيس عرفات ونضال الشعب الفلسطينى العظيم، حتى لتشعر بأن الكتاب يكاد يكون سيرة ذاتية للرئيس عرفات على لسان حنان، فهى كانت لسانه فى المحافل السياسية والثقافية التى قرر الرئيس حضورها نيابة عنه وعن فلسطين. قادت حركة التضامن العالمى لمساندة الرئيس عرفات والشعب الفلسطينى، خاصة أيّام الحصار، وكانت بعد كل بلد تزوره تلتقى به وتقدم تقريرا له. ولعلك تلمح فى ثنايا الكتاب اهتماما عاما من الرئيس عرفات بكل أبناء فلسطين فى الداخل والخارج، كمن يريد رفع الظلم ونفى الاتهامات التى طالت فلسطينيى الداخل أو عرب 48، فكان دائما ما يردد لحنان «الثمانية وأربعين ياحنان» ، وظل أبو عمار يوصى على رجالات فلسطين التاريخيةّ، لم يتوقّف عن دعمهم ومساندتهم. ويرى أنهم البوصلة السياسية لفلسطين التّاريخيّة.

لكن أيام الحصار على الرئيس عرفات، كانت أكثر الأيام قسوة عليه وعلى محبيه، فكانت حين تجلس معه وقتها وتردد « لقد تخلى عنا الزعماء العرب» ، فيجيب: » إننّى أستند إلى شعبى الحر وأراهن على شعبى شعب الجبارين « وتصف سعادة الرئيس حين زاره وزير الخارجيّة المصرى أحمد ماهر، » وكأنهّ شعر بالأخوة والمساندة « .

كما تذكر لقاءها عددا من المفكرين وأصحاب الرأى والسياسيين البرتغاليين الداعمين للموقف الفلسطينى وعلى رأسهم الكاتب خوسيه ساراماجو، حيث رتبت مكالمة له مع الرئيس عرفات قال له ساراماجو فيها « إنه لشرف عظيم لى فى هذه اللحظات أن أخاطب الرّئيس ياسر عرفات رمز الكرامة والنضال والشجاعة، هذا القائد الأممى الّذى فجر الثوّرة ورسم معالم الدولة، يا أبا عمار، نحن معك وكلماتنا الملتزمة لأجلك».

وردا على اتهامات أوسلو والتفريط فى حقوق الفلسطينيين، يرد الرئيس على تلك الاتهامات لحنان بقوله «هل يعتقد أحد من الشعب الفلسطينى أننى يمكن أن أفرط بالحقوق؟ وهل يعتقد أحد بأنّه لو كانت هنالك خطوة إيجابية لمصلحة الشعب الفلسطينى، حتّى لو كانت لا تمثل طموحنا، يمكن أن أتقاعس عنها؟» كان أبو عمار يردد دائما مقولته الشهيرة: » وسيرفع شبل من أشبالنا علم فلسطين فوق مآذن وكنائس القدس » وكان خلال شهر رمضان يقضى وقتًا طويلًا فى قراءة القرآن. وحينما كانت تدق أجراس الميلاد، كان الرّئيس يفضى بمواقفه المعلنة والداعمة، استنادًا على الفهم الشمولى لوحدة الشّعب الفلسطينى، وكان دائمًا يحضر القداس بكوفيته المقدسية.

بقلم: محمد القزاز، الأهرام، مصر


اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات