الصين تقضي على احتكار الأدوية، فيتهمها الغرب بتزييفها

07:19 صباحًا الخميس 10 يناير 2013
  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

في إطار ما نشرته (الجارديان) البريطانية، وزعم الصحيفة وجود أدوية صينية مزيفة، كتبت إيمان جيانغ (بكين  ـ شينخوا) مقالا ذكرت فيه حججا مطولة حول سلامة الأدوية الصينية:

في ظل حرص الصين البالغ على تعزيز تعاونها الصحي والطبي مع أفريقيا سواء من خلال مساعدتها في تحسين نظم الرعاية الصحية و تدريب الأطباء وإمدادها بالأدوية اللازمة ، يبدو اتهام بعض وسائل الإعلام الغربية للصين مؤخرا ببيع أدوية مقلدة في أفريقيا أمرا عاريا تماما عن الصحة.

كان وابل الهجمات الموجهة ضد الصين قد بدأ عندما زعمت صحيفة  (الجارديان) البريطانية في أواخر ديسمبر الماضي بأن الصين تصدر كميات كبيرة من الأدوية المقلدة أو غير المطابقة للمواصفات الخاصة بعلاج الملاريا إلى كل من أوغندا وتنزانيا.

وردا على هذا، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية هوا تشون يينغ أن هذا الاتهام لا أساس له، مؤكدة أن الحكومة الصينية تجرى تعاونا حثيثا مع البلدان الأفريقية في المجال الطبي وتلعب دورا هاما في تعزيز الرعاية الصحية للشعوب الأفريقية.

— مزاعم كاذبة عن أدوية صينية مقلدة

ولفتت هوا إلى أن الجانب الصينى يولى دوما اهتماما كبيرا بسلامة الأدوية ، ويكافح بصرامة تصنيع وبيع الأدوية المقلدة، ويتمسك بتطبيق قواعد منظمة الصحة العالمية بشأن الأدوية المصدرة.

وفي إطار نفى هذه المزاعم ، أكد مدير قسم المعونة الأجنبية بوزارة التجارة الصينية تشو تشنغ هونغ أن “الأدوية الصينية المصدرة تخضع لعملية تفتيش صارمة في جميع مراحلها للحيلولة دون ظهور مشكلات من هذا القبيل”.

ويكشف التحقيق الذي أجرته وكالة أنباء ((شينخوا)) أن أدوية علاج الملاريا تدخل الأسواق الأفريقية عبر طريقتين: الأولي عبر المساعدات الاقتصادية والطبية التي تقدمها الحكومة الصينية للبلدان الأفريقية، والثانية عبر التجارة الخارجية، وهو ما يتطلب إدارة صارمة من الجانبين المورد والمتلقى.

وفى هذا الاطار ، ذكر روبرت موبيجي الصيدلى في مستشفى الصداقة الصينية – الأوغندية أن الأدوية الرئيسية المستخدمة في المستشفى صينية. وإن معظم الأوغنديين يفضلون الأدوية الصينية نظرا لفعاليتها الممتازة، مضيفا أن الأدوية الصينية جيدة ونطمئن لاستخدامها.

ودحضا للاتهامات ، يوضح التحقيق أن الأدوية الموجهة إلى الأسواق الخارجية لابد أن تسجل مسبقا في مصلحة الدولة للرقابة على الأغذية والعقاقير في الصين كي تحصل على تراخيص الانتاج ، ثم تجرى عملية الانتاج في مختبرات تحمل شهادات جودة. ولابد أن تحصل العقاقير قبل تصديرها على شهادة تسجيل وموافقة من بلد المقصد، وهى عملية صارمة وبالغة التعقيد.

وأكد مدير مكتب مكافحة الملاريا في تنزانيا محمد علي لمراسل شينخوا أن الشركات التنزانية المسجلة في البلاد تحصل على شهادة تصدير تكون سارية المفعول لمدة 5 سنوات، وإذا ما انتهت لابد من خضوعها لإجراءات التسجيل مرة أخرى، وبالتالي تحرص تلك الشركات على سلامة معاملاتها .

على صعيد آخر، أوضح الطبيب مكارثي بوروما الذي يعمل في مستشفى (برنارد) بمدينة كيب تاون بجنوب أفريقيا أنه زار بعض الدول الأفريقية الموبوءة بالملاريا، ووجد أن المرضى تتحسن حالتهم باستخدام دواء الأرتيميسينين الذي طورته الصين.

— أسباب عدة وراء عدم القضاء على الملاريا

كانت صحيفة الغارديان البريطانية قد قالت في خبرها أن سبب عدم القضاء على الملاريا هو الأدوية المقلدة الواردة من الصين.

بيد أن سونغ جيان بينغ الأستاذ في جامعة الطب الصيني التقليدي قال إن صعوبة القضاء على الملاريا ترجع في الأساس إلى أسباب بالغة التعقيد ومن بينها التخلف الاقتصادي في بعض البلدان الموبوءة بالملاريا وسوء الظروف الصحية وضعف نظم الوقاية والعلاج وعدم توافر الأدوية في المناطق الريفية، علاوة على عدم وجود استراتيجية وإجراءات عامة لاجتثاث المرض من جذوره.

وقد ذكر يوجولومو المسؤول البارز بمصلحة الأغذية والعقاقير التنزانية من جانبه أن السبب الحقيقى وراء عدم القضاء على الملاريا هو صعوبة مكافحة بعوضة الملاريا ، فيما أشار خبير في البرنامج الأفريقي لمكافحة الملاريا إلى أن الملاريا موجودة في أفريقيا بشكل عام والسبب الأساسي وراء العجز عن القضاء عليها هو فقر.

وقال كساندو مدير شركة ))هوا فانغ كه تاى(( المحدودة الصينية في تنزانيا إن الطقس في البلدان الأفريقية حارا جدا، لذلك يصعب على الشعوب الأفريقية القضاء على البعوض الذى يلعب دورا رئيسيا في انتشار الملاريا، وبالتالي ليست هناك ثمة علاقة بين دخول الأدوية الصينية أفريقيا وعدم إمكانية مكافحة الملاريا.

وتوضح الحقائق أن الملاريا انتشرت في الصين في الماضي. ومع التطور الاقتصادى والاجتماعى وتعزيز الإجراءات الوقائية والعلاجية، تخلصت الصين من تهديد الملاريا. ويرجع نجاحها في ذلك إلى استخدام أدوية فاعلة مثل الأرتيميسينين ونشر فرق متخصصة في علاج الملاريا في المناطق الموبوءة.

وذكر الأستاذ سونغ جيان بينغ أن الأدوية التي طورتها الصين لمكافحة الملاريا أنقذت الملايين في أفريقيا منذ دخولها القارة في أواخر تسعينات القرن الماضي، مؤكدا أن الأدوية الصينية تتمتع بميزات عدة ومنها الآثار الجانبية المحدودة والأسعار الزهيدة والفاعلية السريعة مقارنة بالدواء الغربي.

وقال كيساندو إنه منذ دخول أدوية علاج الملاريا الواردة من الصين إلى أفريقيا، أحرزت أفريقيا تقدما كبيرا في مكافحة المرض. فقبل عدة سنوات، شهدت تنزانيا وفاة أكثر من مائة ألف شخص بالملاريا. ولكن في العام الماضي، انخفض العدد إلى 25 ألف شخص، واضطلعت الأدوية الصينية بدور كبير في ذلك.

— لماذا الصين عرضة دوما للاتهامات من الغرب ؟

وردا على ما قالته  (الجارديان) بأن “هذه الأدوية رديئة الجودة شأنها شأن أجهزة محمول وملابس صنعت في الصين”، قالت سو لي نائبة مدير شركة ((قوى لين)) لانتاج الأدوية إن سوق الدواء في أفريقيا كانت تحتكره شركات غربية منتجاتها باهظة الثمن. ولكن ثمة تغيير حدث في الأعوام الأخيرة، إذ بدأت الشركات الصينية للصناعات الدوائية في تصدير أدوية بجودة ممتازة وأسعار رخيصة إلى أفريقيا وساعدت في تخفيف أزمة نقص الدواء. ولذا، لم يكن هناك مفر من أن تسحب الشركات الصينية البساط من تحت أقدام الشركات الغربية وتحتل منتجاتها حصة كبيرة في الأسواق الإفريقية .

وفي تفسيرها لهذا النقد، قالت مراسلة شينخوا السابقة فى لندن كانغ يى أن الغارديان صحيفة تشتهر بالأسلوب النقدي ومعظم قراءها من المثقفين والشباب، لهذا ليس من الغريب ان تنشر تقارير هجومية مثل “الأدوية المقلدة” لتجذب القراء في ظل المنافسة العنيفة بين وسائل الإعلام الورقية.

وتؤكد صحيفة ((إلجين جرابوير)) في جنوب أفريقيا إن مثل هذه التقارير تذكرنا بسلسلة من التقارير الإعلامية الغربية التي تعمد على تشويه صورة الصين، بما فيها اتهامها بنهب الموارد وتدمير البيئة الطبيعية في أفريقيا واتباع سياسة استعمارية جديدة في القارة السوداء، ومن ثم لا فرق بين هذا الاتهام وما سبقه.

وعلاوة على ذلك، ربما يرجع استهداف الغرب للصين في هذه المسألة إلى تصور شائع لكن غير دقيق في الغرب بأن الدعم السخى الذي تقدمه الصين لإفريقيا ينطوى عن” أجندة خفية”. ولكن هذا الاستنتاج المجحف والذى يشتم منه رائحة المصلحة يعكس عدم ارتياح الغرب للبراعة الاقتصادية المتنامية للصين وصعود وضعها الدولى وعلاقاتها الوثيقة بالدول الافريقية.

وقد أوضحت وزارة الصحة الأوغندية مؤخرا أن هذه التقارير أظهرت جليا للعيان مدى قلق الدول الغربية من وجود علاقات أوثق بين أفريقيا والصين، وأعربت عن أملها في استمرار توطيد التبادلات الأفريقية – الصينية في جميع القطاعات

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات